تقارير وتحليلات

الكشف عن جوهر صفقة القرن وسط مخاوف فلسطينية من تبنيها

كشف أخيراً عن جوهر “صفقة القرن” القائم على استبدال الحل السياسي للصراع الفلسطيني العربي الإسرائيلي بحل اقتصادي.

بيد أن ما يقلق الفلسطينيين مدى تجاوب الدول العربية مع هذه الخطة المرفوضة وفرص فرضها، خاصة بعد ما أبدت دول عربية ذات وزن مؤشرات على التطبيع في مؤتمر “وارسو”.

وبدأت الولايات المتحدة بتسويق خطتها التي تعرف باسم “صفقة القرن” بعقد مؤتمر “وارسو”، ثم أعقبها الاسبوع الجاري جولة لمهندسي الصفقة صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، جاريد كوشنر، و مبعوث الإدارة الأمريكية للسلام، جيسون غرينبلات، الى عُمان والبحرين والإمارات العربية الثلاثاء، بالاضافة الى تركيا، والسعودية.

ووفق ما رشح عن كوشنر، وتقارير إعلامية أمريكية فإن الحل سيكون اقتصاديا، وحكم ذاتيا موسعا في غزة ومناطق “أ” بالضفة الغربية مع إسقاط القدس عاصمة للدولة الفلسطينية وإسقاط حق العودة مقابل تعويضا سخيا لبعض اللاجئين الفلسطينيين في الأردن ولبنان، ومصر. وستعلن الصفقة بشكل علني عقب الانتخابات الإسرائيلية في 9 أبريل/نيسان المقبل.

ويرفض الفلسطينيون الذين يواجهون ضغوطا مالية وسياسية كبيرة عقب مقاطعتهم للادارة الامريكية الصفقة لتجاهلها أسس الحل العادل للقضية الفلسطينية المبنية على اقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس وحق اللاجئين بالعودة.

وبالرغم من المخاوف الداخلية الفلسطينية تجاه بعض الدول العربية، فإن الفلسطينيين يعولون على الدول العربية والأوروبية لإسقاط الصفقة، خاصة بعد الموقف الواضح للقمة العربية الاوروبية التي عقدت الثلاثاء، الماضي في مصر، وأكدت القمة في بيانها الختامي على حل الدولتين لحل الصرع الفلسطيني الإسرائيلي وفقاً لكافة قرارات الأمم المتحدة، بوصفه السبيل الواقعي الوحيد لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي الذي بدأ عام 1967 بما يشمل القدس الشرقية.وهو ما أشاد به أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، ووصفها بـ “التاريخية”.

وقال عريقات في تصريح رسمي: “إن القمة العربية الأوروبية كانت “تاريخية والقضية الفلسطينية كانت القضية المحورية خلال أعمالها”، وأضاف أن “الخروج في بيان ختامي حول فلسطين بهذه الصيغة وهذا الإجماع يعتبر بياناً تاريخياً لأنه إقرار بكامل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، والقمة أكدت أن أي خطة تأتي خارج الإطار الدولي والشرعي سيكون مصيرها الفشل” في إشارة إلى صفقة القرن الأميركية.

وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، الدكتور واصل ابو يوسف، في حديث مع “القدس العربي” : ” إن ما سرب عن أفكار للصفقة القرن يتماشى مع ما تحاول الولايات المتحدة فرضه على الأرض بهدف تصفية القضية الفلسطينية وخاصة قضية القدس وشطب حق العودة”.

وأوضح أن كوشنر يحاول رشوة الدول العربية خاصة الدول المستضيفة للاجئين الفلسطينيين لتسويق الحل الاقتصادي بدلا من الحل السياسي، لكن هناك موقف عربي واعي وثابت بالرغم من الضغوط الأمريكية ومحاولتها جلب الدول العربية الى مؤتمر “وارسو” للتطبيع، بان جوهر الحل في المنطقة قائم على حل عادل للقضية الفلسطينية ودون ذلك لن يكون استقرار بالمنطقة.

و اعرب عن اسفه بقيام دول عربية بالتطبيع المجاني مع اسرائيل بدلا من محاصرتها ودفعها نحو اعطاء الفلسطينيين حقوقهم، وهو ما يعطي مؤشر ايجابي للامريكان للمضي بالصفقة.

من جهته، قال المحلل السياسي، هاني حبيب، في حديث مع “القدس العربي” ان بداية طرح الصفقة بدأ مع مؤتمر “وارسو”، الذي كان بالأساس هدفه الترويج لهذه الافكار وتسويقها ماليا وسياسيا، حيث جرى اطلاع المشاركين على أفكار الصفقة، وفي حينها تم تحديد جولة المستشارين جاريد كوشنر غرينبلات إلى المنطقة لجلب التمويل العربي والدعم السياسي لها.

وبين أن الصفقة تغيب جوهر القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي المتمثل بالجوهر السياسي وتستبدله بحلول ترقيعية وإنسانية على شكل دعم اقتصادي.

وبين أن الادارة الأمريكية تراهن على الدول الخليجية لتنفيذ الصفقة التي على ما يبدو ابدت تقبلا لهذه الفكرة وبدأت بخطوات تطبيعية خاصة بعد حديث الرئيس الامريكي ان بعض هذه الدول لن تصمد اسبوعا بدون دعم الولايات المتحدة الأمريكية لذلك هذه الدول تشعر بضرورة أن تكون ضمن هذه الصفقة وتوفر لها الغطاء المالي والسياسي.

وأشار إلى أن السلطة الفلسطينية ستواجه ضغوطا مالية وسياسية كبيرة في المرحلة المقبلة، حيث يندرج رفض السلطة تسلم أموال الضرائب المنقوصة من إسرائيل في اطار الموقف السياسي لمواجهة الحلول الاقتصادية ومواجهة صفقة القرن. وتابع السلطة ستكون ضعيفة أمام مواجهة هذه الاستحقاقات نتيجة ضعفها وضعف الوحدة الوطنية.

ويرى المحلل السياسي، عماد غياظة، في حديث مع “القدس العربي” أن المؤشرات تشير الى ان الخطة الامريكية بصيغتها المطروحة تلاقي قبولا عربيا وان كان الموقف العلني لها يتماشى مع الموقف الفلسطيني الرافض”.

مضيفا ” المعطل الرئيسي للصفقة القرن، هو الرئيس محمود عباس وهو ما اشار اليه بشكل واضح قبل بضعة أيام الرئيس السابق للمكتب السياسي لحركة حماس، خالد مشعل، حين قال استغرب الهجوم على عباس وهو من يصد صفقة القرن، و واهم من يعول على دور عربي وتركي لتعطيل الصفقة”.

و يرى غياظة أن نجاح الصفقة وفشلها يندرج بشكل أساسي على ما تفرزه الانتخابات الإسرائيلية وعلى ضوء ذلك سيتم تحديد اذا ما سيتم طرح الصفقة او الغائها، فاذا عاد نتنياهو وائتلافه الى الحكم سنكون أمام فرص أكبر لفرض الصفقة.

وبين أن الفلسطينيين يعولون على الموقف الأوروبي الرافض للصفقة وهو ما تجلى بالقمة العربية الاوروبية، اضافة الى دعمهم وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” بـ 60 مليون يورو، لكن الموقف الأوروبي لن يكون متقدما أكثر إذا ما كان هناك تجاوب عربي مع الصفقة وفي ظل الضغوط الامريكية على أوروبا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى