تقارير وتحليلات

حماس تجمع التبرعات بالبيتكوين

في أول نداء من نوعه، دعت كتائب عز الدين القسام (الجناح العسكري لحركة حماس)، مؤيديها حول العالم، لتقديم الدعم المالي لها من خلال عملة «بيتكوين» الرقمية الافتراضية.

وهذه المرة الأولى التي توجّه فيها كتائب القسام نداءً لدعمها مالياً عبر عملة رقمية، في مؤشّر إلى صعوبات تواجهها في التمويل، حسبما ذكرت وكالة فرانس برس.

وكتب أبو عبيدة، الناطق باسم القسام، في تغريدة نشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، الثلاثاء 29 يناير 2019 «ندعو كل محبي المقاومة وداعمي قضيتنا العادلة لدعم المقاومة مالياً من خلال عملة البيتكوين عبر الآليات التي سنعلن عنها قريباً»، دون إعطاء مزيد من التفاصيل».

وقال إن «العدو الصهيوني يحارب المقاومة من خلال محاولة قطع الدعم عنها بكل السبل»، مؤكداً أن «محبي المقاومة في كل العالم يحاربون هذه المحاولات الصهيونية ويسعون لإيجاد كافة سبل الدعم الممكنة».

إيران ممول رئيسي لكتائب القسام دوماً، فما دفع الحركة لهذا النداء؟

وتتلقى القسام أموالاً من جهات مختلفة غير معلومة، وتحصل على دعم مالي منتظم من إيران، وفق ما أعلن مسؤولون في حماس خلال مناسبات عدة.

وكان مسؤول بالحركة قد ذكر لوكالة فرانس برس أنّ إيران تقدّم ملايين الدولارات سنوياً للقسام.

وأفادت تقارير سابقة بأن حماس تتلقى تمويلها الأكبر من جماعة الإخوان المسلمين، حيث يعتبرها البعض امتداداً للإخوان في غزة، كما يعتقد أنها تتلقى أيضاً دعماً من منظمات خيرية إسلامية في أوروبا.

كتائب القسام تلجأ لطلب التبرعات عبر البيتكوين/

ولكن الربيع العربي شكل مأزقاً  لحماس، خاصة على المستوى المالي.

فبسبب موقفها من النظام السوري فقدت حماس الدعم السوري، والإيراني، وكذلك الوفاق مع حزب الله اللبناني، كما ترجح تقارير صحفية أن الحلفاء الجدد لحماس لم يعوضوا التبرعات الإيرانية بنفس القدر.

ولكن يعتقد أن الدعم الإيراني قد عاد مؤخراً، ولكن ليس بنفس القوة السابقة.

وفي احتفال سابق بذكرى تأسيسها، تحدث أبوعبيدة، المتحدث باسم كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري للحركة.

وقال إن الحركة تتلقى دعماً من شخصيات ومؤسسات ودول، ووجه الشكر لإيران على دعم حماس بالمال والسلاح، بالإضافة إلى دعم دول عربية وإسلامية على رأسها تركيا وقطر.

وهي تتعرض لحصار حتى من أقرب المقربين

ولكن تدفق الأموال لحماس أمر لم تسكت عنه الحكومة الإسرائيلية ولا الإدارة الأمريكية، ولا حتى السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، وراح ثلاثتهم يلاحقون أرصدة حماس البنكية كل بطريقته.

وحسب تقديرات قديمة لجهاز الشاباك الإسرائيلي، ميزانية حماس لعام 2010 كالتالي:

– 200 مليون دولار سنويّاً لتغطية النفقات الحكومية.

– 50 مليون دولار سنويّاً للأنشطة المدنية للحركة.

-40 مليون دولار سنويّاً لصالح الجناح العسكري.

وتمتلك القسام منظومة سلاح وصواريخ استخدمتها بضرب مدن إسرائيلية مثل تل أبيب، في مواجهات عسكرية عدّة.

ولا تفصح حماس عن عدد عناصرها العسكريين، لكنّ مصادر ترجّح أنّ عدد أفراد القسام يزيد على 20 ألفاً، حسب فرانس برس.

هل البيتكوين هو الحل حقاً؟

البيتكوين هي عملة رقمية ظهرت للعلن أول مرة في عام 2009، من قبل شخصية غامضة تدعى ساتوشي ناكاموتو، الذي لا تزال هويته الحقيقية مجهولة ولا يعرف أحد إلى الآن إن كان شخصاً أو مجموعة أشخاص أو كياناً منظماً مثل دولة أو منظمة.

ويعتقد أن الفكرة بدأت عام 2008 وقت حدوث الأزمة المالية وانهيار العديد من المؤسسات والمصارف المالية والاستثمارية.

إذ ظهر هذا الشخص المجهول المعروف باسم ساتوشي ناكاموتو في أوساط الإنترنت، بورقة عمل يشرح فيها عن عملة رقمية مشفرة cryptocurrency سماها bitcoin كبديل للعملة الورقية الحالية ووضع بروتوكول التعامل في أبحاثه.

وحسب تقرير لصحيفة “الجارديان” البريطانية، فإن كريغ رايت، وهو أكاديمي أسترالي، قد يكون المخترع السري للبيتكوين، ولكن أياً كان مبتكرها فإن العملة الآن أكبر من منشئها، الذي لم يتدخل في أمورها منذ عام 2010، وخاصة أن الإدارة اللامركزية هي صلب عمل البيتكوين.

وللبيتكوين أعداد محدودة، حيث لا يتجاوز عدد عملات البيتكوين التي يمكن سكّها 21 مليوناً.

ولهذه الأسباب يكاد يكون من المستحيل تعقبها

ولأنها في الأساس ليست عملة ورقية، تحتوي كل عملة رقمية على رقم خاص وتشفير معين، تدعمها تقنية تسمى blockchain والتي بمفهوم مبسط عبارة عن جدول الحسابات الخاص لكل العمليات المحاسبية من تداول للعملة الرقمية.

وما يترتب عليه من تغيير في القيمة والتحويل من شخص إلى آخر منذ أول تعامل بها، وتستمر في تسجيل كل معاملة قائمة، وتحتفظ بهذه المعلومات التاريخية ولا تزول من جدول الحسابات.

والبيتكوين عكس العملات التقليدية، حيث لا يوجد بنك مركزي أو دولة قومية أو سلطة نظامية تدعمها أو تتحكم فيها، الأمر الذي يجعل تتبعها صعباً من أي جهة، خاصة في ظل عمليات التشفير المعقدة التي تخضع لها، والتي تستهلك كمية كبيرة من الطاقة.

إسماعيل هنية

ويدعي مؤيدو البيتكوين أنها أكثر استقراراً من العملات التقليدية التابعة للحكومات، نظراً لأن البنوك المركزية تستطيع أن تطبع المال للتحكم في قيمتها.

مع هذا فالبيتكوين عملة شديدة التقلب، فقد تضاعفت قيمة العملة عدة أضعاف في عام 2017، لتصل إلى 19.783دولار، في شهر ديسمبر/كانون الثاني 2017، قبل أن تنخفض قيمتها انخفاضاً حاداً نهاية العام الفائت وبداية العام الحالي 2018.

وبالفعل هي تلقى إقبالاً في غزة

ويقول صاحب شركة للصرافة في غزة إنّ القطاع يشهد «في الآونة الأخيرة إقبالاً كبيراً على هذه العملات، وبالأخص عملة البيتكوين».

ويعاني القطاع حصاراً كاملاً وتدقيقاً في التحويلات المالية من إسرائيل والسلطة الفلسطينية والولايات المتحدة.

بالإضافة لذلك عززت مصر رقابتها على الأنفاق، خاصة بعد عزل الرئيس محمد مرسي الذي كان ينظر له أنه متعاطف مع حماس، بالنظر للخلفية الإسلامية المشتركة.

هل تنجح حماس في اختراق الحصار بالعملات المشفرة؟

البيتكوين والعملات الرقمية كلها صنعت من أجل هذه المعاملات.

هكذا يقول لـ «عربي بوست» خبير ألماني متخصص في علوم البيانات والذكاء الاصطناعي.

وأضاف الخبير ذو الأصول العربية «أنه في مثل هذه المعاملات، فإن المتبرع يقوم بإنشاء حساب على الإنترنت للبيتكوين ويرسل التحويل المالي إلى حساب متلقي التبرع».

لايعرف عدد أعضاء القسام، ولكن هناك تقديرات تتحدث عن 20 ألفاً

وحول إمكانية اكتشاف إسرائيل أو الدول الغربية  لهذه المعاملات.

قال إن عملية اكتشاف حساب المتبرع يكاد يكون مستحيلاً، نظراً لعملية التشفير المعقدة عبر البلوك تشين، والأمر يستلزم متابعة كل معاملات البيتكوين على الإنترنت وهذا أشبه بمستحيل.

وأضاف أن ألمانيا، تجري جهوداً لمحاولة متابعة الأنشطة المشبوهة بالبيتكوين، وتوصلوا إلى نتائج محدودة.

ولكن هناك نقطة ضعف واحدة يحتمل اكتشاف التبرع خلالها

وأوضح الخبير أن نقطة الضعف التي يمكن عندها  اكتشاف هذه التعاملات، هي عند تحويل الأموال من حساب البيتكوين من المتبرع على الإنترنت إلى حساب مصرفي لتسييل عملة البيتكوين وتحويلها لدولار أو أي عملة أخرى.

ولفت إلى أن عملية الاكتشاف يمكن أن تتم في الحساب المصرفي، ولكن في هذه الحالة يتم اكتشاف متلقي التبرع وليس المُتبرع.

وقال إن مما يزيد من جاذبية البيتكوين حالياً لمثل هذه التحويلات أنها تشهد استقراراً نسبياً، مقارنة بالصعود والمضاربات الهائلة التي شهدها خلال الفترة الماضية.

ولكن حالياً تدور قيمة البيتكوين الواحد منذ بداية شهر يناير 2019 حول 3400 دولار.

هل يعني ذلك أن الإسرائيليين يمكنهم كشف التبرعات الموجهة لحماس؟

وحول إمكانية أن يستطيع الإسرائيليون رصد هذه التعاملات.. قال إن هذا أمر صعب للغاية، مشيراً إلى أن هناك دولاً منعت تعاملات البيتكوين، وأخرى تحاول تنظيمها، ولكن الأمر صعب.

وأضاف: «بمنتهى البساطة، مادام هناك إنترنت في غزة، فإنه يمكن تحويل بيتكوين إليها، ومن ثم يمكن تحويل البيتكوين لدولار أو عملات أخرى».

وقال إن جزءاً من التعاملات غير  الشرعية على الـDEEP WEB تتم عبر البيتكوين وغيرها من العملات المشفرة، ولكن أيضاً هناك تعاملات عادية وشرعية تتم على  شبكة الإنترنت العادية، تتم باستخدام العملات المشفرة، مما يزيد صعوبة وقفها أو متابعتها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى