تقارير وتحليلات

لماذا نجحت كوريا الشمالية في امتلاك أسلحة نووية بينما فشل العراق وليبيا؟

 

استطاعت كوريا الشمالية الحصول علي السلاح النووي علي الرغم من كونها بلد فقير ومفروض عليها عقوبات دولية، في حين فشلت دول أخري في الحصول علي التقنية النووية مثل العراق وليبيا رغم السعي الدائم لامتلاكه.

زعيم كوريا تفوق على صدام والقذافي

وبحسب صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية ان هناك 3 عوامل أساسية لنجاح كوريا الشمالية، وكان العامل الأول أن “الرئيس كيم جونج أون” جعل الحصول على السلاح النووي من أولي أولوياته، وعمل علي إعادة توجيه الموارد إلي مشروع الصواريخ وعزز العلوم كأولوية رئيسية للنظام.

وعلى النقيض من ذلك، أظهرت أبحاث أن صدام حسين في العراق ومعمر القذافي في ليبيا لم يضعا الحصول علي سلاح نووي كأولوية لهما ولم يضعا خطة متسقة للحصول علي تقنية نووية.

وأشارت الصحيفة إلي أن غزو صدام حسين للكويت في عام 1990، أثر سلبا على مشروعه النووي الذي كان يتقدم نحو تصنيع أسلحة نووية، ولفت الأنتباه إليه ولو لم يكن قام بغزو الكويت كان من الممكن أن يتغير الموقف وتتغاضى الولايات المتحدة عما يحدث، وحينها كان صدام سيحصل على قنبلة نووية منتصف التسعينات.

بينما كان نهج القذافي في برنامج الأسلحة النووية متناقضا علي نحو مماثل، مما يعكس الانقسامات طويلة الأمد داخل النظام الليبي بشأن ما إذا كانت الأسلحة النووية أولوية ضرورية أو ذات مغزى، وطوال التسعينات تابع القذافي مشروع السلاح النووي.

ولكن القذافي وجد نفسه مخيرا ما بين تحسين العلاقات الثنائية مع الولايات المتحدة ام التخلي عن برنامج الأسلحة النووية، وتخلي عن التقنية النووية كجزء من صفقة مع الولايات المتحدة وبريطانيا في اواخر عام 2003، وكان ذلك قرار مصيري وأشار إليه مسؤولون كوريون شماليون في كثير من الأحيان حيث دعمت الولايات المتحدة وحلف الناتو الثورة التي أطاحت بالنظام الليبي في عام 2011.

الزعيم الشاب خالف والده

ولفتت الصحيفة إلي أن الزعيم الشاب  كيم جونج أون خرج عن نهج والده كيم جونج إيل، وخالف سياسته تماما فيما بتعلق بالبرنامج النووي.

فالزعيم الأب كان يميل أحيانا إلى التفاوض مع الولايات المتحدة ومهادنتها بصورة ما، وأوقف بالفعل البرنامج النووي خلال التسعينات كجزء من الاطار المتفق عليه اذا تم التفاوض مع واشنطن.

ونوهت الصحيفة إلي العامل الثاني الذي جعل بيونج يانج تمتلك السلاح النووي، وهو حماية كيم جونج اون للعلماء رغم حملات التطهير التي أجراها في جميع مؤسسات الدولة، وإخضاع جميع المؤسسات الرئيسية تحت سيطرته، ومنح العلماء امتيازات حصرية أكثرمن بينها حصص غذائية أفضل وشقق جديدة.

صدام والقذافي لم يهتموا بعلمائهم

في حين سمح صدام حسين اعضاء حزب البعث بالإطاحة بالعلماء الغير بعثيين من البرنامج، ورغم ذلك حاول منح العلماء العراقيين النوويين امتيازات رغم الاقتصاد العراقي المقيد حينها.

وكان القذافي يتبع نهجا نقيضا لذلك، اعطي العلماء رواتب قليلة وفرض عليهم الخدمة في القوات المسلحة مثل اي مواطن آخر، وكان البرنامج النووي يتنافس مع القطاعات الاخري في ليبيا مثل تنافسه مع قطاع النفط، ولم يرغب القذافي ان يستثمر في التعليم العالي في مجال العلوم والتكنولوجيا لأنه اعتبره مصدر رئيسي لمعارضة النظام، ولم يحصل برنامج الأسلحة علي اي تقدم.

برامج كورية محلية لتطوير الصواريخ

وأضافت الصحيفة إن العامل الثالث لنجاح كيم جونج اون هو اعتماده علي الذات، ووضعت كوريا الشمالية مخططها لانتاج الأسلحة النووية والصواريخ محليا، عملت بيونج يانج علي تطويرالطاقة النووية محليا بعد ما الصين خفضت دعمها، وأتاح ذلك لعلمائه بأخذ خبرة قيمة ومهد الطريق لنهج اكثر طموحا للأسلحة النووية، وعملت كوريا الشمالية علي تطوير الصواريخ الباليستية التي تقدمت بشكل كبير في عام 2017.

واتخذ القذافي نهج معاكس واستعان بمصادر خارجية لشراء التكنولوجيا الرئيسية بدلا من تطوير القدرات داخل بلاده، وتعرض الليبيون للخداع عندما اشتروا معدات قديمة لتصنيع الأسلحة النووية ولكن كانت مشكلتهم الرئيسية ان مواردهم المحلية غير كافية.

تكنولوجيا صدام لم تكن فعالة

بينما أمر صدام حسين علمائه ببدء برنامج الأسلحة النووية بعد الهجوم الإسرائيلي علي المفاعل النووي في عام 1981، وأمرهم بتبني التقنيات التي يمكنهم إتقانها وتجنب التماس المساعدة الخارجية التي قد تنبه العالم الخارجي، واعتمدوا علي تكنولوجيات قديمة كانت غير فعالة بطرق عديدة، وبعد عدة سنوات من التجربة والخطأ، بدأ العراقيون يحرزون تقدما، لكن الجهود توقفت مع غزو الكويت.

ورآت الصحيفة أنه يتعين على الدول التي تضطر إلى الاعتماد على نفسها أن تبدأ بتكنولوجيات دون المستوى الأمثل، ولكنها على المدى الطويل تكون أفضل استعدادا للنجاح من الدول التي تقطعها من خلال شراء التكنولوجيا النووية.

وفي حين تواجه الأنظمة الاستبدادية التي تسعى إلى الأسلحة النووية عقبات خطيرة، لا سيما إذا كانت مؤسسات الدولة ضعيفة، فإن القادة يختارون استراتيجيات مختلفة للتصدي لتلك التحديات، ومن الواضح لماذا نجحت كوريا الشمالية في الحصول علي السلاح النووي بينما فشلت ليبيا والعراق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى