الشأن العربي

مقترحات من الرئاسة التونسية للمساواة في الإرث، وعدم تجريم المثلية الجنسية

عرضت اللجنة الرئاسية، المكلفة منذ صيف 2017 النظر في ملف الحريات بتونس، الأربعاء 20 يونيو 2018، أمام الصحفيين، مقترحاتها بشأن إصلاحات اجتماعية واسعة وغير مسبوقة، تتناول خصوصاً المساواة في الإرث، وعدم تجريم المثلية الجنسية، وإلغاء عقوبة الإعدام.

وشكَّل الرئيس التونسي، الباجي قايد السبسي، في أغسطس 2017، “لجنة الحريات الفردية والمساواة”، التي ضمت مجموعة من الخبراء؛ لإعداد مقترحات إصلاحات اجتماعية تنسجم مع ما ورد في دستور الجمهورية الثانية (2014) على صعيد الحريات الفردية.

ونشرت اللجنة في 8 يونيو/حزيران 2018، تقريرها الذي بدأ يثير الجدل من حوله، وجاء في 230 صفحة، متضمناً مقترحات لتنقيح المبادئ المستلهمة من الشريعة الإسلامية والمعتمدة في الدول العربية والإسلامية ومشاريع قوانين جاهزة، لإحالتها على البرلمان.

هل هو مشروع ثوري؟

وقالت رئيسة اللجنة بشرى بالحاج حميدة، في مؤتمر صحفي خُصِّص لعرض التقرير: “هذا مشروع ثوري ولكل التونسيين”، داعية لتنظيم نقاش حوله، يضم علماء الاجتماع والمختصين في العلوم السياسية وعلماء النفس والمختصين في العلوم الدينية.

وأضافت: “آمل أن يتم الإعلان يوم 13 أغسطس/آب 2018 (العيد الوطني للمرأة)” عن هذه المبادرة التشريعية.

ولم تحدد اللجنة جدولاً زمنياً للمسار الذي سيسلكه التقرير الذي تم تقديمه للرئيس الباجي قايد السبسي.

بدورها، دعت الناطقة الرسمية باسم رئاسة الجمهورية، سعيدة قراش، إلى “نقاش هادئ من دون فوضى وغضب”، يتناول مضمون التقرير.

وأشادت مجموعة من منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان بهذه المقترحات، في حين وصفها ائتلاف جمعيات دينية، مساء الثلاثاء 19 يونيو/حزيران 2018، بأنها “إرهاب فكري”.

وأبدى مراقبون تخوُّفهم من توظيفها في الانتخابات التشريعية والرئاسية المقررة في 2019، في وضع اقتصادي وسياسي متوتر.

وتركَّز عمل اللجنة على محورين؛ هما: التمييز بين المرأة والرجل، والانتهاكات التي تتعرض لها الحريات الفردية.

وطرح معدُّو التقرير بدائل لإصلاحات شائكة غير مسبوقة تتعلق بالمساواة في الإرث.

وتضمَّن التقرير مقترح قانون يقوم على مبدأ المساواة بين الجنسين، وحرية تقسيم الإرث بين المرأة والرجل؛ والأبناء والبنات؛ والأب والأم؛ والزوجين.

“الرفاه” لكل فرد

وتُبين رئيسة اللجنة، بشرى بالحاج حميدة، أن الإصلاحات تهدف إلى جلب “الرفاه لكل فرد”، معتبرة أن “الحرية لا تقل أهمية عن الخبز”.

وتؤكد المحامية، في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية، أن التقرير يفتح المجال أمام التونسيين “لمناقشة مواضيع في العمق”.

كما اقتُرح خياران آخران؛ إما الحرية الكاملة للأبوين في التقسيم، وفي حال وجود خلاف يضمن القانون المقترح للمرأة حق المطالبة بالمساواة.

وقوانين الإرث التونسية القائمة مستمدة من تعاليم الإسلام، وهو دين الدولة بموجب الدستور. وتنص هذه القوانين، في بعض الحالات، على أن ترث المرأة نصف ما يرثه الرجل.

ومن المواضيع الحساسة الأخرى التي تطرق إليها التقرير، إلغاء مدة العِدّة بالنسبة للمطلقات والأرامل، اللاتي يردن الزواج من جديد، وينص مقترح اللجنة في هذا الصدد، وفي خطوة أولى، على إلغاء هذه المُدة في حالتي فقدان الزوج أو وفاته قبل عملية البناء.

كما تضمنت المقترحات إلغاء عقوبة الإعدام أو اقتصار تطبيقها على الجرائم التي أدت إلى الموت، إضافة إلى عدم تجريم المثلية الجنسية وحذف الفصل الـ230 من المجلة الجزائية والذي يجرّم السلوك المثلي، واستبعاد العمل بالفحص الشرجي.

ويُنظر إلى تونس على أنها البلد العربي الرائد في مجال دعم حقوق المرأة. كما يُعتبر عمل اللجنة ترجمةً لرغبة الرئيس الباجي قايد السبسي في ترك بصمة تاريخية تماشياً مع منهج أول رئيس لتونس الحبيب بورقيبة، الذي عمل على تطوير دور المرأة في المجتمع.

“أهداف انتخابية”

ودعا التحالف المدني، المكون من 30 منظمة غير حكومية من بينها الرابطة التونسية لحقوق الإنسان وجمعية النساء الديمقراطيات ومحامون بلا حدود، رئيس الجمهورية إلى “تكريس التطلّعات التي حفّزها تقرير اللجنة، وذلك بمتابعة توصياته وتقديم مبادرات تشريعية مطابقة لكونية وترابط وشمولية وعدم تجزئة حقوق الإنسان، ومجسّدة للمساواة التامة والفعلية”.

غير أن تنسيقية منظمات دينية عبرت عن احتجاجها بخصوص ما ورد في التقرير.

ويقول الإمام والعضو في “التنسيقية الوطنية للدفاع عن القرآن والدستور والتنمية العادلة” صبري عبد الغاني، إن “هذا إرهاب فكري للقضاء على الدين والأخلاق والقيم”.

ويؤكد الإمام أن لهذه الإصلاحات “أهدافاً انتخابية، ويريدون بها استمالة الاتحاد الأوروبي، وتمثل خطراً على وجود المجتمع التونسي؛ حتى نكون دون قيم وأخلاق ودون ضوابط”.

ويضيف عبد الغاني، في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية: “الشرع فيه آيات غير قابلة للتأويل مثل آيات التوريث، جاءت قطعية في القرآن لا يجوز الاجتهاد فيها”.

ويمثِّل بطؤ المسار التشريعي في البلاد واقتراب المواعيد الانتخابية تحديات تواجه تفعيل مقترحات التقرير.

ويُعبر الباحث في العلوم السياسية حمزة المؤدب عن خوف من أن يتم “توظيف هذه المقترحات الجيدة والتقدُّمية من قِبل المحافظين” في حملاتهم الانتخابية التشريعية والرئاسية في 2019.

ويتابع: “في المقابل، سنشهد مزايدات من معادة الإسلام والتقدمية”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى