منوعات

الكشف عن تصميم لأكبر مسكن تحت الماء في العالم.. مختبر للعلماء لاكتشاف أسرار المحيطات

كَشَفَ كل من فابيان كوستو البحَّار والرائد في مجال حماية المحيطات، وإيف بيهار، وهو مُصمِّم صناعي، عن تصميم “بروتيوس”، المختبر النموذجي الذي يمتد على مساحة 4 آلاف قدم مربعة (371 متراً مربعاً)، على عمق ستين قدماً (نحو 21 متراً) تحت سطح بحر الكاريبي، والذي سيتموقع تحت الماء قبالة ساحل جزيرة كوراساو، كما يعتبر أكبر محطةٍ بحثيةٍ ومسكنٍ تحت الماء في العالم.

وفق تقرير لشبكة CNN البريطانية، الخميس 23 يوليو/تموز 2020، سيوفِّر مسكناً للعلماء والباحثين من أنحاء العالم لدراسة المحيط، من تأثيرات التغيُّر المناخي والحياة البحرية الجديدة إلى التقدُّم في المجال الطبي.

تصميم فريد: ويتضمَّن مختبر “بروتيوس”، المُصمَّم على هيئة هيكلٍ دائري من طابقين ويستند إلى ركائز مُثبَّتة في قاع المحيط، معامل ومساكن شخصية، وممراتٍ، ونوافذ ناتئة، ومسبحاً يمكن للغوَّاصين الوصول إلى قاع المحيط نفسه من خلاله.

سيكون المختبر، المُزوَّد بطاقة الرياح والطاقة الشمسية، وتحويل الطاقة الحرارية للمحيط، أيضاً بمثابة أول صوبةٍ تحت الماء من أجل زراعة الطعام، إضافةً إلى كونه منشأةً لإنتاج مقاطع الفيديو.

يهدف مختبر “بروتيوس” إلى أن يكون نسخةً تحت مائية من محطة الفضاء الدولية (ISS)، حيث بإمكان الهيئات الحكومية والعلماء والقطاع الخاص التعاون بروح المعرفة الجماعية بصرف النظر عن الحدود الفاصلة بينهم.

كشف أسرار الأعماق: قال كوستو في مكالمةٍ بالفيديو مع بيهار: “إن استكشاف المحيطات أهم ألف مرة من استكشاف الفضاء؛ من أجل بقائنا -هكذا بهذا الغرض الأناني- ومن أجل مسيرنا إلى المستقبل”. وأضاف: “إنه نظامنا لدعم الحياة. إنه سبب وجودنا نفسه في المقام الأول”.

يُعَدُّ التصميم المكشوف عنه حديثاً الخطوةَ الأخيرة في هذا المشروع الطموح. ووفقاً لكوستو، سيستغرق الأمر ثلاثة أعوام حتى يكتمل تنصيب “بروتيوس”، رغم أن جائحة فيروس كورونا المُستجَد قد تسبَّبَت في تأجيل المشروع.

ورغم أن المحيطات تُشكِّل 71% من سطح الأرض، فإن الإدارة الوطنية الأمريكية للمحيطات والغلاف الجوي تقدِّر أن البشر استكشفوا نحو 5% فقط من بحار العالم، فيما لم يرسموا خرائط إلا لـ20% منها فقط.

كما يحظى استكشاف الفضاء باهتمامٍ وتمويلٍ أكبر من استكشاف البحار، وهو الأمر الذي يأمل كوستو معالجته بتنفيذ مشروع “بروتيوس”. ويقول كوستو إن بمقدور المنشآت المُتموقعة في محيطاتٍ مختلفة أن تحذِّر من التسونامي والأعاصير. وبإمكان هذه المنشآت أيضاً ريادة أبحاثٍ طموحة في الاستدامة البيئية والطاقة والروبوتات.

وتسمح المساكن تحت الماء للعلماء بالغوص في المحيط على نحوٍ متواصل بالنهار وفي الليل دون الحاجة إلى ساعاتٍ من تخفيف الضغط بين المرة والأخرى. ومثل روَّاد الفضاء، يمكن للغوَّاصين أن يمكثوا تحت الماء لأيامٍ أو أسابيع في كلِّ مرة.

رؤية مستقبلية: وفي الوقت الحالي، فإن المستوطنة الوحيدة الموجودة تحت الماء هي “أكواريوس”، التي تقع على مساحة 400 قدم مربعة (37 متراً مربعاً) في سلسلة جزر فلوريدا كيز المرجانية، وقد قضى كوستو 31 يوماً في عام 2014 مع غوَّاصيها. وفي عام 2013، أنقذت جامعة فلوريدا الدولية محطة أكواريوس، التي صُمِّمَت في عام 1986، وهي مملوكة للإدارة الوطنية الأمريكية للمحيطات والغلاف الجوي، من أن تُهجَر تماماً بعد أن فقدت الإدارة التمويل الحكومي للمحطة.

وجاء كوستو من عائلةٍ مولعةٍ باستكشاف المحيطات، فهو ابن مخرج الأفلام الوثائقية جان مايكل كوستو، وحفيد المستكشف وعالم البيئة ومخرج الأفلام الوثائقية أيضاً مايكل إيف كوستو. ويُعَدُّ المشروع جهداً مشتركاً بين مركز فابيان كوستو للمعرفة بالمحيطات وشركة Fuseproject للتصميمات المملوكة لبيهار، علاوة على شركائهما الذين يتضمَّنون جامعتي نورث إيسترن وروتجرز الأمريكيَّتين.

ورغم تركيزه على أبحاث المحيطات، يقول كوستو إنه “مؤيِّدٌ كبيرٌ لاستكشاف الفضاء”، مشيراً إلى أن كليهما متشابه في طبيعته. وتتطلَّب البعثات، سواء إلى المحيطات أو الفضاء، من البشر أن يكونوا في عزلةٍ تامة، وفي ظلِّ ظروفٍ لا تُحتَمَل. ولهذا، فإن تصميم بيهار، الذي بمقدوره أن يستضيف 12 شخصاً، يركِّز على سلامة هؤلاء الأشخاص، علاوة على القدرات العلمية والتكنولوجية، وضمن ذلك مناطق الترفيه والنوافذ المُصمَّمة للسماح بأكبر قدرٍ من الضوء لدخول المختبر.

يقول بيهار عن شركة Fuseproject: “عمِلنا في الآونة الأخيرة على كثير من بيئات الأحياء الصغيرة، وعمِلنا على أثاثٍ من روبوتات يناسب الشقق صغيرة المساحة”. ويضيف: “أعتقد أننا نفهم جيداً كيف نصنع تصميماتٍ في بيئاتٍ تُفرَض عليها كثير من القيود. وبيئة المحيطات مختلفةٌ تماماً”.

ويتابع قائلاً: “أردنا أن نكون مختلفين ومُلهِمين ومُتطلِّعين إلى المستقبل. لذا أخذنا نطَّلِع على كلِّ شيءٍ؛ من الخيال العلمي إلى الإسكان النموذجي في الفنادق اليابانية”. ومن المُستهدَف أيضاً أن يعكس التصميم الحياة في المحيطات، بتصميمه المُستلهَم من الشعاب المرجانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى