تقارير وتحليلات

وزير الدفاع العراقي يثير جدلاً بعد تصريحات حول علاقة السنّة بتنظيم «الدولة»

أثار تصريح لوزير الدفاع العراقي، جمعة عناد، أشار فيه إلى أن تنظيم «الدولة الإسلامية» هو تنظيم «سنّي متطرف نشأ 80 في المئة منه في المناطق الغربية والشمالية»، موجة انتقاد سنّي حادة، رافقتها اتهامات بدعم «مخطط» لتصفية القضية الوطنية و«المقاومة الشريفة» لأهل المناطق الغربية، رغم تبريرات الوزير الجديد أن تصريحه «اقتطع من سياقه العام».
وكان عناد، قال خلال مقابلة تلفزيونية إن «تنظيم الدولة تنظيم سني متطرف، ونشأ 80 في المئة منه في المناطق الغربية والشمالية، وتحديداً المحافظات التي سقطت بيد داعش، وتحليلي كقائد عسكري ومقاتل في الميدان. هم اختاروا المناطق القريبة من أهلهم ليحصلوا على إسناد».
وأضاف أن «غالبيتهم محليون ويتواجدون في المناطق التي يسكنون فيها سابقا لتأمين مواد القتال والأرزاق والمعلومات، وهذا من خلال التجربة، وقسم منهم لم يرغبوا بالخروج إلى سوريا بعد تحرير مدينة الموصل كونهم محليين واختاروا المناطق الصحراوية التي تساعدهم على الاختباء».
تصريحات الوزير العراقي الذي شغل مناصب قائد عمليات صلاح الدين، ثم قائد القوات البرية، ويحمل رتبة فريق ركن، واجهت ردّاً من مجلس عشائر الأنبار «المتصدية للإرهاب».

أفكار غريبة

وقال المجلس في بيان صحافي، إنه «تلقينا، وبكل أسف، تصريحات لا مسؤولة وأفكار غريبة عن قيم ومبادئ الشعب العراقي، لوزير الدفاع جمعة عناد وهو يتهم أهل الغربية باتهامات باطلة، وإن دلت على شيء فإنما تدل على أن الرجل غارق حتى أذنيه في دعم مخطط تصفية القضية الوطنية، والمقاومة الشريفة، لأهل الغربية، والذين وقفوا بكل فخر، وشرف، واعتزاز بالدفاع عن محافظتهم والتي بقيت صامدة وعصية بوجه الإرهاب العالمي، المتمثل بداعش وأخواتها، كما في أقضية، حديثة، والبغدادي، والخالدية، والحبانية، والعامرية (عامرية الفلوجة) وتم دفع آلاف الشهداء والجرحى».
وأضاف البيان: «لدينا رسالتان ننتظر الإجابة عليها، الأولى موجهة لوزير الدفاع، وهي: هل تعلم أن حماية المواطن هي مسؤولية الدولة أم لا؟. نطالبك إن كنت صاحب قرار بفتح تحقيق عاجل وعادل عن مجزرة سبايكر؟. هل تستطيع فتح تحقيق عن أسباب سقوط ثلاث محافظات بيد الإرهاب العالمي داعش، وانسحاب ما لا يقل عن 6 فرق عسكرية، وقيادات الشرطة الاتحادية والمحلية؟. وفتح تحقيق عن أسباب تسليم الترسانة العسكرية لداعش ومن المتسبب بذلك؟. و فتح تحقيق عن مصير المغيبين وبيان مصيرهم؟. هل أهل الغربية مسؤولون عن الإرهاب العالمي في سوريا، واليمن، ومصر، وليبيا، والسودان، وأفغانستان، أم أنك غير مطلع ؟».
ولفت المجلس أنه «ينتظر الرد من وزير الدفاع».
أما رسالة مجلس عشائر الأنبار الأخرى للرئاسات الثلاث فهي: «إحقاقا للحق وإكراما لدماء شهداء العراق عموما رحمهم الله، نطالبكم بتشكيل لجان تحقيقية تأخذ على عاتقها، التمعن بتصريحات وزير الدفاع اللامسؤولة بإلقاء التهم الباطلة وإقالته، هذا من جانب، والجانب الثاني أخذ النقاط أعلاه الموجهة لوزير الدفاع على محمل الجد وفتح اللجان التحقيقية بها ومحاسبة المقصرين».
ردود الفعل على تصريحات الوزير، دفعت الأخير إلى إصدار بيان صحافي منتصف ليلة الاثنين/ الثلاثاء، جاء فيه: تداولت وسائل إعلام مرئية ومكتوبة، فضلا عن وسائل التواصل الاجتماعي، تصريحا منسوبا لنا مفاده أن (داعش تنظيم سني متطرف ومقاتليه 80٪ من أهالي الغربية).
وبيّن الوزير وفقاً للبيان، إن «هذا التصريح قد اقتطع من سياقه العام، وكان القصد من قوله نقل الصورة النمطية المبنية على أحكام فكرية مسبقة لغرض مناقشتها ومعالجتها»، مؤكداً: «إننا نؤمن إيمانا تاماً أن الإرهاب لا يمكن أن يختصر في دين معين أو مذهب معين أو منطقة بذاتها، فهذا التنظيم يعبر عن إيديولوجية عابرة للحدود ونتاج لفكر متطرف».
وأشار إلى أن «أبناء العراق قد عبروا عن رفض هذا الفكر المتطرف وفي مقدمتهم عشائر وأبناء الغربية الكرام، وهنا لا بد لي من التوضيح حيث فُهم من كلامنا أن المقصود بأبناء الغربية هم أبناء محافظة الأنبار الكرام وهذا غير صحيح مطلقا، لأن الدارج من الكلام لدى جميع العراقيين أن أبناء الغربية هم أبناء وعشائر جميع المحافظات التي اجتاحتها فلول داعش الإرهابي، والذين كانوا يدا بيد مع قوات الجيش والقوات الأمنية في محاربة هذا التنظيم وأخرجه من التراب العراقي الطاهر».

 

وأعرب، عن أمله من وسائل الإعلام «توخي الدقة والحذر في نقل التصريحات وعدم اقتطاعها من سياقها العام بما يلحق الضرر على الصالح العام».
وتأكيداً على كلام الوزير، أصدرت وزارة الدفاع العراقية أيضاً بياناً صحافياً جاء فيه: «خلال لقاء وزير الدفاع السيد جمعة عناد على شاشة قناة الشرقية وحديثه عن التنظيمات الإرهابية في المحافظات التي سيطرت عليها بعد أحداث (10 يونيو 2014) قصد السيد الوزير إلى أن نسبة 80 في المئة من عناصر داعش كانوا يتواجدون في تلك المحافظات بعد أن غرر بهم من قبل عصابات داعش»، مبيناً ان «العشائر العربية الأصيلة هم من قاتلوا وتصدوا للإرهاب وأعطوا تضحيات ودماء عزيزة وغالية نتذكر جهدهم البطولي والشجاع في بعض المناطق الغربية ومنها (حديثة والبغدادي والخالدية والحبانية وعامرية الفلوجة وغيرها من المناطق».)
وأشار إلى أن، العشائر العربية في تلك المناطق «قدموا الشهداء تلو الشهداء ولم يسمحوا للعصابات الإرهابية تدنيس أرضهم»، لافتاً إلى أن «أهالي هذه المناطق حافظوا على الانتصارات التي تحققت بجهودهم وجهود الأجهزة الأمنية كافة ومازالت مناطقهم تنعم بالأمن».
ودعت وزارة الدفاع «من حاول تحريف كلام السيد الوزير إلى ضرورة توخي الدقة في نقل المعلومات وليكن شعار الجميع أن العراق الواحد هو من دحر الإرهاب، حفظ الله العراق وشعبه».

كلمة حقّ

وخلافاً للموقف السنّي الرافض لتصريحات الوزير، اعتبرت حركة «عصائب أهل الحق»، بزعامة قيس الخزعلي، تصريحات وزير الدفاع أنها «كلمة حق للتاريخ والوطنية»، متهمة «أبواق الفتنة» بمهاجمة الوزير.
وقال المتحدث باسم المكتب السياسي للحركة محمود الربيعي في «تغريدة» على صفحته بـ»تويتر» أمس، إن «وزير الدفاع العراقي يهاجم من قبل أبواق الفتنة الطائفية لأنه فضح شعار (وينهم) وكشف عن حقيقة لا جدوى من استخدام أسلوب النعامة معها».
وأضاف أن «المشكلة أن (البعض) انساق مع هجمة بعوض الأبواق وبدأ يهاجم الوزير لأنه قال كلمة حق للتاريخ والجغرافية والوطنية».
الشدّ والجذّب بشأن تصريحات وزير الدفاع العراقي، يأتي مزامناً لإعادة إنتاج «الخطاب الطائفي» في تصريحات السياسيين العراقيين، إذ حمّل النائب عن تحالف «القوى» «السنّي» عبد الله الخربيط، أول أمس، ما أسماها بـ «الدولة العميقة» سبب فشل العراق، فيما عول على رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، بإعادة هيكلة الدولة.
وقال الخربيط، في حديث متلفز، إن «الدولة العميقة مِن أسباب فشل العراق، ونعول على رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في إعادة هيكلة الدولة».
وأضاف أن «الدولة الفاشلة لا تحاسب المخطئين»، لافتاً إلى أن «رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي وحكومته يتحملون مسؤولية المغيبين»، في إشارة إلى أبناء المحافظات السنّية ممن اختفوا في أثناء الحرب ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» ولم يُحسم ملفهم حتى وقت إعداد التقرير، وفقاً لتصريحات سياسية.
وأشار إلى أن «نواباً من القوى السنية زاروا جرف الصخر مع محافظ بابل السابق ولم يعثروا على سجون سرية».
وردّاً على ذلك، انتقدت النائبة عن ائتلاف «دولة القانون»، عالية نصيف، تصريحات الخربيط، مشيرة إلى أن الأخير هاجم من خلال تلك التصريحات شخصيات سياسية بهدف «افتعال أزمة داخلية» بالتزامن مع عدة أزمات يمر بها البلد حالياً، قائلة: «ما هكذا تورد الإبل يا ابن خربيط».
وقالت في بيان صحافي، إن «ملف المغيبين هو محل اهتمام الجميع بعيداً عن المزايدات السياسية والتسقيط، مع الأخذ بنظر الاعتبار أن ثمانين في المئة من الدواعش كانوا عراقيين والبقية أجانب حسب تصريحات عبد الوهاب الساعدي ووزير الدفاع الحالي جمعة عناد».

افتعال أزمة

وأضافت في بيانها: «من المؤسف أن النائب عبد الله الخربيط شن هجوماً غير مبرر على شخصيات سياسية محاولاً افتعال أزمة داخلية بالتزامن مع عدة أزمات يمر بها البلد حالياً، حيث يواجه العراق محنا عدة سياسية واقتصادية ومؤامرات تقسيم من قبل دول خارجية تتبنى رعاية جهات بعينها على غرار تجربة المجلس الإنتقالي في جنوب اليمن الذي ترعاه تلك الدولة وتوفر له الدعم ليرسخ مبدأ فصل عدن وتوابعها عن بقية اليمن والمحافظات الاخرى».
واعتبرت أن «ملف المغيبين من كل أطياف الشعب العراقي هو محل اهتمام الجميع بعيدا عن المزايدات السياسية، لكننا نرفض استغلاله لتمزيق البلد وإعادة مشروع الأقاليم إلى الواجهة، مما قد يفتح الباب على مواجهات داخلية بين المكونات قد تستدعي تدخلا خارجيا ليس في مصلحة العراق وشعبه الصابر، ومن جهة أخرى يجب أن نأخذ بنظر الاعتبار تصريحات السيدين عبدالوهاب الساعدي وجمعة عناد أن ثمانين في المئة من الدواعش عراقيون والبقية أجانب، ومن هنا تأتي صعوبة القضية». ومضت النائبة عن ائتلاف نوري المالكي، قائلة: «هناك قضايا مهمة تحدث عنها رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي وهي محل نقاش طويل تتعلق بالمغيبين الذين يمكن المضي بموضوعهم وفقا للسياقات القانونية، وحسب إشارات مطمئنة من الكاظمي حيث يمكن إنجاز هذا الملف بما يحقق العدالة دون الحاجة الى ممارسة التسقيط والدخول في متاهة من التصريحات الاستعراضية غير ذات قيمة ولا تقدم فائدة لأحد، بل هي تزيد النار استعارا وتبعث على القلق من تطورات لا يريدها أحد، فالتصريحات المغلوطة وغير المسؤولة من قبل الخربيط هي جزء من التصعيد ورفع حدة التوتر وصناعة الازمة التي لم يعد العراق بحاجة إليها مطلقا».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى