آراء

النساء في إسرائيل.. ديكور سياسي يرددن ما كتب لهن خلافا لثورة مثيلاتهن في الشرق الأوسط

ما المشترك بين تسيبي لفني وأييلت شكيد وأورلي ليفي وعدنا بار شالوم وتمار زندبرغ؟ وصلن إلى الساحة السياسية من أجل السياسة، وليس من أجل تزيين قوائم الرجال. أجل، فقد جرى إبعادهن عن الساحة السياسية وتلاشت مكانتهن.

تسيبي لفني اعتزلت. وأورلي ليفي وعدنا بار شالوم لم تستطيعا النجاة من عاصفة التورنيدو لابتلاع الأحزاب الصغيرة. وأييلت شكيد أخطأت عندما أبرزت جمالها في دعاية العطور، وخالفت القانون غير المكتوب الذي ينص على أن السحرة لا يكشفون الحيل التي يسحبون بواسطتها الأرنب من القبعة، والسياسيون والسياسيات لا يستخدمون الجمال والجنس إلا بصورة رمزية، كإضافة للقدرات “الجدية”. الفشل الذريع هو فشل تمار زندبرغ، التي أزيحت عن رئاسة ميرتس بعد نجاحها في جلب مقعد غير متوقع من الوسط العربي وإنقاذ حزبها من الفناء.

النتيجة متشابهة: في الانتخابات الأخيرة جرى إقصاء نساء مستقلات قمن بصياغة رسالة سياسية مميزة ومتماهية معهن، ودخلت إلى الكنيست سياسيات خاضعات يرددن الرسائل التي كتبت لهن. عدد من عضوات الكنيست الجدد وصلن إلى إنجازات مؤثرة في العالم خارج السياسة، لكن صوتهن لم يسمع في أي قرار مهم. مثلاً، عضوة الكنيست ميكي يحيموفيتش، التي عبرت عن موقفها في الحملة الانتخابية لأزرق أبيض، أنه يجب منع استخراج الغاز من حقل “لفيتان”، أُسكتت على الفور. كاتبة هذه السطور أيضاً كان لها الشرف المشكوك فيه في أن تكون عضوة للحظة في حزب الجنرال، الذي تعلمت فيه بسرعة أن التعبير عن موقف مستقل لها يعد أمراً لا يطاق.

إن قمع النساء المستقلات يناقض بشكل كبير ثورة النساء التي تجري في الشرق الأوسط: نساء من إيران غير متحجبات يغنين ويرقصن بشكل علني ويحولن عرضهن إلى نشاط احتجاجي ضد سلطة آيات الله. نساء كرديات في سوريا يقاتلن ضد داعش وضد الأسد وحلفائه ويقدن نضال الأكراد من أجل الحصول على الاستقلال. في حين أن الدولاب في إسرائيل يدور للخلف، والساحة السياسية تمتلئ بأحزاب مثل شاس وديغل هتوراة مع السيطرة الذكورية الواضحة. وعلى رأسها يقف جنرالات مع رتب لامعة، يسلكون في السياسة مثلما اعتادوا السلوك في الجيش – في مجموعات مكتظة وبدون خاتم مميز خاص بهم.

مثلما هي الحال في كل قطيع، كل مجموعة تجتمع حول ذكر واحد: إيهود باراك، مؤسس الحزب الجديد المليء بالطاقة والحماسة، لكنه يذكرنا بإخفاقاته السابقة التي جبت من مواطني إسرائيل ثمناً دموياً. في حزب أزرق أبيض، يقفز غابي أشكنازي الذي نتذكره في الأساس من قضية “هرباز”، ومن سلوكه كرئيس لشركة “شيمن” الفاشلة. مع بني غانتس، يدور الحديث عن جنرالات كانت خدمتهم العسكرية بالنسبة لهم خشبة قفز إلى عالم الأعمال. ومشكوك فيه أن يكونوا قدوة لطهارة المعايير، التي يريدون باسمها تغيير سلطة فاسدة.

من الشائع الاعتقاد بأن النساء يجلبن البعد الإنساني والرحيم إلى السياسة. هذه مسلمات غير ضرورية: النساء السياسيات لسن أكثر رحمة وشفقة من الرجال. ومن الجهة الأخرى، أهميتهن لا تقاس فقط بقدرتهن على الدفع قدماً بتشريع من أجل حقوق النساء، بل بالرسالة الأساسية للمساواة بين الجنسين التي تنبع من الوجود في وظائف عليا. نحن النساء يجب علينا الاستيقاظ والإعلان بأننا لن نصوت في الانتخابات القادمة لأي حزب تكون النساء في صفوفه مجرد ديكور سياسي، وكل وظيفتهن تتلخص في ترديد صفحة الرسائل المكتوبة لهن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى