آراء

تحرير الجنسوية الاجتماعية.. نوبهار مصطفى

“لم يُدوَّن بعد تاريخ عبودية الأنوثة. أما تاريخ الحرية، فلا يزال ينتظر التدوين”

تتصدر المرأة ونظام العلاقات في المجتمع والتناقضات المتشكل حولها قائمة الظواهر الواجب معالجتها بشكل منفرد.

كافة المواقف تزعم أن معاناة المرأة آتية من طبيعتها، والمرأة بدورها قبلت هذه النظريات، حفرت في ذهنيتها وتصرفاتها، فهي عصفور القفص إما لجمال شكله كالكناري، أو ذو صوت جميل كالبلبل، أو كالقطة التي تموي فيغذيها صاحبها ببقايا طعامه.

أما اغتصاب الرجل للمرأة يعتبر بطولة وهي تقبل ذلك بخنوع، فيتباهى الرجل بعضوه الجنسي أما الاعضاء الجنسية للمرأة هي مصدر عار.
ساهمت الفامينية (الحركات النسوية) في إظهار حقيقة الأنوثة في الربع الأخير من القرن الأخير. ولكن لم يكن مكتملا، فما تزال الفامينية بعيدة عن تجاوز والتخلص من مفاهيم الديمقراطيات الغربية ولم تستطع فهم الرأسمالية.

وأثر ذلك على مواقفها ومفاهيمها الايديولوجية في تعريف قضية المرأة والتعريف السليم للحرية. فواقع المرأة لها أبعاد اقتصادية واجتماعية وسياسة تتعدى نطاق الجنسية.

لا جدال في أن للمرأة طبيعتها كموجود جنسي بيولوجي ولكن العلوم البيولوجية اثبتت في المراحل الاخيرة أن المرأة هي عضو مركزي، فجسد المرأة يشمل الرجل أما جسد الرجل فلا يشمل الرجل، أي ان الرجل مخلوق من المرأة على خلاف ما يدعونه ان المرأة مخلوقة من الرجل، حتى الدورة الشهرية (الحيض)، التي ينظر لها كنجاسة تؤشر الى على حساسية علاقة المرأة مع الطبيعة فالحياة المعقدة تجري في رحم المرأة، ويؤكد أن جسد المراة هي النواة وتتسم بالذكاء العاطفي اللا منقطع عن الحياة.

لكن الرجل لقّب المرأة بصفات سلبية كالمحتالة والفاحشة، ولو تركت المرأة لشأنها فإن كيانها البيولوجي لا يتلاءم لممارسة الفحوش، بل الرجل هو الذي ابتكر الدعارة وأسس أول بيت دعارة في نيبور في عاصمة السومريين في أعوام 2500ق.م، ومن ثم يقوم الرجل بقتل المرأة على جرم هو ابتدعه، لكنه يلقي المسؤولية على المرأة ويقتلها باسم الشرف.
لهذا لابدمن …

أولاً: من التصدي للهجوم الفكري للرجل وذلك بأن تتسلح المرأة بالوعي، وتعزز قدراتها الذهنية إزاء ذهنية الرجل، والتخلص من العواطف الاستسلامية.

ثانياً: أن تتنشط أكثر في الميدان السياسي الذي يشكل أشد جوانب الصراع، وانتصارها في الميدان السياسي هو استهداف الديمقراطية، مثل البناء والعمل في منظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان والإدارات المحلية.

ثالثاً: مشاكل المساواة والمشاكل الاقتصادية ستحل لدى تحقيق عملية الدمقرطة وإن لم تحقق السياسة الديمقراطية فكيفما تحقق بناء المجتمع الاقتصادي بريادة المرأة بحكم مسؤوليتها في قضية تنشئة الاطفال، فالكلمة اللاتينية (أكونومي) المرادفة لكلمة الاقتصاد تعني “قانون المنزل، قواعد إعاشة المنزل”، فإعادة بنائه سيكون بقوة المرأة ذلك أن الاقتصاد مهنة المرأة.

وإخراج الاقتصاد من يد المرأة شكل ضربة قوية بالحياة الاقتصادية الذي بات سببا في نشوب الحروب والازمات.

رابعاً: إن المجتمع الديمقراطي يحتاج إلى ذهن وإرادة المرأة الحرة، بناء عليه يجب طرح مشاريع وبناء مؤسسات متينة اللازمة للمرأة، إنها مشاريع بمثابة ثورات. كبناء تنظيمات سياسية، وعلى نساء المدن تكوين “منتديات الثقافة النسائية الحرة” تكون تعليمية وانتاجية وخدماتية خاصة للفتيات اللواتي تعجز عوائلهن عن تعليمهن، ونضال حرية المرأة سيسير بشكل متداخل، كتأسيس تنظيمات سياسية وحركات جماهيرية ومنظمات المجتمع المدني.

وبقدر ماتتخلص من هيمنة الرجل والمجتمع الذكوري ستكتسب شخصية حرة مستقلة قوية.
النظام الذكوري يشهد الأزمة حاليا ويعاني الانهيار لا يمكن إصلاحه بل يلزم قفزة نوعية للمرأة بما يليق بتاريخها العريق.

مجتمع الشرقِ الأوسط بحاجة إلى ثورة نسائية ثانية فكيفما أن عبودية المرأة هي أعمق العبوديات، فثورة المرأة أيضا ستكون اعمق الثورات في الحرية بتميزها بانطلاقات جذرية نظريا وعمليا، ولابد من بناء حياة قيّمة بمشاعر الجمال والسمو، وعيش المرأة والرجل للحياة المثالية معاً، تحتاج الى وعي وارادة لدى كلا الجنسين، وعدم النظر لبعضهما من زاوية الملكية والتملك.

*ناشطة نسوية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى