آراء

حدود الاحتجاج في إسرائيل… بين عنف إثيوبي وغايات سياسية وتعليمات مارتن لوثر

لا أدري إذا كان ضابط الشرطة عمل حسب القانون أم وقعت علة جنائية في سلوكه، ولكني أعرف أنني لم أستطب الاحتجاجات التي جاءت بعد أن قتل الشاب، ابن الطائفة الإثيوبية بنار الشرطي؛ برأيي لم تكن أصيلة. كان فيها شيء ما غير حقيقي، فهي لم تستهدف تحقيق أي غاية. كان هناك من دفعها، رأيتهم يشاركون في أحداث عنيفة في أماكن أخرى، وعلى خلفية أخرى تماماً. العنف الفظ على ما يبدو ليس غريباً عليهم. له هدف واحد في نظري: ضعضعة أساسات النظام الديمقراطي في إسرائيل على خلفية سياسية.

إلى جانب ذلك، لم أجد كثيراً من الأسباب لضبط النفس من جانب الشرطة. عشرات آلاف المواطنين دفعوا ثمن ضبط النفس هذا أو عدم جاهزية الشرطة، سيارات أحرقت، زجاجات حارقة رشقت، ممتلكات تضررت، مواطنون ضربوا، سيارات شرطة تضررت، أفراد شرطة أصيبوا بجراح، محاور سير أغلقت على مدى ساعات. لا أدرى من كان مسؤولاً عن عدم تدخل الشرطة لساعات طويلة. ولكن لم يكن لهذا في نظري سبب عقلاني. من جلس في القيادة ببساطة لم يكن على ما يبدو في الدروس التي جرى فيها الحديث عن نسبية الحقوق في المجتمع الحر. فحق الاحتجاج معترف به كحق أساسي؛ ولكنه هو الآخر محدود مثل حقوق أساسية أخرى، مثل حق حرية التعبير الذي يتوقف في المكان الذي فيه مس بالسمعة الطيبة للإنسان، وكذا حق التظاهر الذي يتوقف في المكان الذي يتضرر فيه حق الآخرين في التحرك بحرية. ويحتمل أن نائب المفتش العام اعتقد أنه يساهم في شيء ما في متانة سلطة القانون بسماحه لآلاف مشاغبي القانون بأخذ القانون في أيديهم، ولكن هذا خطأ.

ولكن ادعاءاتي لا تتلخص في هذا. لم يكن أي شيء بريء في نظري في تغطية المظاهرات إعلامياً. فكذلك المشاركون في الاستديوهات لم يكونوا موضوعيين. فاسم نتنياهو ذكر المرة تلو الأخرى كمن هو “مسؤول” عن إغلاق الطرقات. سمعت محللين يشرحون بشكل غير نزيه جذور الاحتجاج، وقد انضموا إلى بعض من المراسلين في الميدان ممن شاركوا عملياً فيما يجري على الطرقات بل وشجعوا -على الأقل من وجهة نظري- وتيرة الأحداث.

ليس مفاجئاً، بالمناسبة، من رأى في بنيامين نتنياهو مسؤولاً عما يحدث في الطرقات كان بالضبط أولئك الذين لا يكفون في الأيام العادية للحظة عن التحريض الشخصي ضده. بل إن أحد الساخرين ادعى بأن رئيس الوزراء “منشغل”، ظاهراً، في حدث يجري بالسفارة الأمريكية في القدس بمناسبة يوم الاستقلال الأمريكي. بالفعل، كان هذا حدثاً استثنائياً. فلأول مرة في تاريخ الدولة احتفل الأمريكيون بيوم استقلالهم في القدس، عاصمة إسرائيل، ولكن كيف كان يرتبط هذا بالشكل الذي تتصرف فيه الشرطة؟ فهل من مهمة رئيس الوزراء أن يوجه الشرطة كيف تتصرف؟ وماذا كان سيقول كل أولئك الذين سكبوا السم لو كان رئيس الوزراء أمر الشرطة حقاً كيف تتصرف مع المتظاهرين. أفلن يطرحوا الادعاء بأننا أصبحنا دولة شرطة تعمل فيها الشرطة وفقاً لتعليمات رئيس الوزراء؟

شاهدت المظاهرات في اليوم التالي، وقد كانت أكثر هدوءاً. ورأيت هناك بعض “المتظاهرين المختصين”، أولئك الذين اعتادوا على التهييج للفلسطينيين في أماكن أخرى في نهايات الأسابيع. احتجاجاتهم تسعى لأن تمس بأساسات البيت اليهودي والتشكيك بشرعية الدولة اليهودية. كان هناك أيضاً أعضاء في منظمات يسارية متطرفة تعمل برعاية محافل سياسية. وقد سمعتهم يروجون فكرة لا وجود للاحتجاج بلا عنف. ليس هذا ما اعتقده مارتن لوثر كينج

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى