آراء

معاريف: يجب توسيع إطار الاقتصاد الفلسطيني لحفظ أمن إسرائيل

كان الاستقرار الاقتصادي في مناطق يهودا والسامرة في العقد الأخير السبب المركزي للهدوء الذي ساد في هذه المنطقة، وذلك رغم الأزمات الحادة التي وقعت، مثل “انتفاضة السكاكين”، والمعركة العسكرية في غزة، ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس، ونشر “خطة القرن”. فالذاكرة الصادمة المتعلقة بأحداث الانتفاضة الثانية والاعتراف بأن الوضع في المناطق جيد بالنسبة لباقي الشرق الأوسط في عصر الهزة أدت بمعظم الفلسطينيين إلى التركيز على تطوير نسيج حياتهم والامتناع عن الانضمام إلى الكفاحات العنيفة.

ولكن في ظل كورونا تتعرض هذه “اللبنة الأساسية” من الاستقرار لصدمة شديدة: نحو 100 ألف من أصل 140 ألف عمل تجاري في المناطق أوقفت أعمالها؛ ونحو 450 ألف عامل بلغوا عن مصاعب عيش لعائلاتهم، بعد أن فقد معظمهم مصادر دخلهم؛ وعدد العمال العاملين في إسرائيل هبط من نحو 113 ألفاً إلى 30 ألفاً؛ وانخفض الناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني بـ14 في المئة في الأشهر الأخيرة مقارنة بالفترة الموازية من العام الماضي و120 ألف عائلة في المناطق أضيفت إلى دائرة الفقر.

إن الإحباط المتزايد والقلق الجماعي مما سيأتي يتشكلان على خلفية أزمة سياسية حادة، في ضوء التخوف الفلسطيني من ضم حكومة الوحدة للمناطق. لا يزال معظم الجمهور الفلسطيني يبدي اهتماماً متدنياً بالدراما السياسية، ولكن في ضوء تغيير الظروف الاقتصادية فقد ينضم جزء واسع من هذا الجمهور إلى الكفاحات العنيفة. وتشبه موجة العنف في الأسبوع الأخير في المناطق على نحو ظاهر موجات عديدة صعدت وهبطت في السنوات الأخيرة، ولكنها تجري في سياق جديد ينطوي على إمكانيات تفجر أكبر مما كانت في الماضي.

لقد أظهرت إسرائيل حتى الآن حساسية وحذراً جديرين بالثناء على سلوكها تجاه الساحة الفلسطينية في عصر كورونا، ويبدو بارزاً تفهم مركزية الاقتصاد في الحفاظ على الاستقرار الاستراتيجي. وعلى هذه الخلفية تم تحويل نحو 3 مليارات شيكل للفلسطينيين في الأشهر الأخيرة بهدف دفع الرواتب وتزويد الجمهور بالاحتياجات الأساسية، والسماح بإقامة طويلة تعدّ سابقة للعمال في الأراضي الإسرائيلية.

نوصي إسرائيل بأن تواصل بل وتوسع هذه السياسة، مع إعطاء تشديد على دعم مالي طويل للسلطة، وتشجيع للمساعدة الدولية للفلسطينيين، واستئناف سريع لعمل العمال في إسرائيل، ويحتمل أيضاً التفكير في تعليق خطوات العقاب (المحقة) على تحويل الأموال إلى عائلات المخربين. ومثل هذه السياسة كفيلة بأن تسمح بالهدوء في المناطق حتى لو نشأت بالتوازي أزمات سياسية، ولا سيما حول مسألة الضم.

 

بقلم: ميخائيل ميلشتاين

رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية في مركز موشيه دايان في جامعة تل أبيب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى