الولايات المتحدة تحتفظ بقاعدة المثلث الاستراتيجي بسوريا رغم الانسحاب

على الرغم من تعهد الولايات المتحدة، في ديسمبر الماضي، بسحب جميع القوات الأميركية من سوريا، تدرس إدارة دونالد ترامب خطة لإبقاء بعض جنودها في قاعدة عسكرية نائية تابعة لها، تقع في جنوب سوريا، لمواجهة النشاط الإيراني، حسبما ذكرت مصادر لفورين بوليسي.

وتأسست قاعدة التنف الاستراتيجية، الواقعة على الحدود مع العراق والأردن، للمساعدة في محاربة مقاتلي تنظيم داعش المتشدد في شرق سوريا. لكن بعد طرد المتشددين من هناك اضطلعت التنف بدور في إطار استراتيجية أميركية لاحتواء تعزيز الوجود العسكري الإيراني في شرق سوريا.

وبحسب مجلة فورين بوليسي، فإن هذه القاعدة تعد حاسمة في مقاومة النفوذ الإيراني في المنطقة، حيث تقع في منطقة استراتيجية قرب معبر التنف الحدودي السوري مع العراق، على تقاطع طريق رئيس سريع يربط بغداد بدمشق، وهو الطريق البري الأساسي لنقل إمدادات الأسلحة من إيران إلى سوريا ومقاتلي ميليشيات حزب الله اللبنانية.

وقال أحد كبار القادة العسكريين الأميركيين السابقين: “التنف عنصر حاسم في الجهود الرامية إلى منع إيران من إنشاء خط اتصال بري يمتد من أراضيها ويمر عبر العراق وسوريا إلى جنوب لبنان لدعم حزب الله”.

وأضاف المصدر أن “الهدف المنطقي الوحيد” الذي تعمل بمقتضاه قاعدة التنف هو السماح للولايات المتحدة “بمراقبة وتعطيل تدفق الميليشيات المدعومة من إيران”.

ويساعد وجود الولايات المتحدة في التنف على إعاقة آمال إيران في “الهلال الشيعي”، وهو جسر بري يمتد من إيران عبر العراق وسوريا إلى لبنان. ومن هذا الموقع تتمكن إيران من تهديد إسرائيل.

وبموجب خطة الانسحاب الحالية، فإن 200 جندي أميركي كانوا يقدمون الاستشارات للمقاتلين السوريين المحليين خارج منطقة التنف هم آخر من سيغادرون البلاد، كما يقول المسؤولون.

وتتركز الغالبية العظمى من القوات الأميركية في شمال شرق سوريا، على بعد مئات الكيلومترات من التنف. لكن نظرا لأهمية القاعدة الاستراتيجية، قالت المصادر إن الحكومة الأميركية تدرس خطة للحفاظ على بعض القوات على الأقل هناك.

ولا تنبع أهمية قاعدة التنف من موقعها الاستراتيجي فقط، بل إعلانها من قبل واشنطن على أنها “منطقة عدم اشتباك” نصف قطرها 55 كيلومترا، مما يسمح للقوات الأميركية بالدفاع عن نفسها في مواجهة القوات الإيرانية أو غيرها ممن تتحرك عبر تلك المنطقة، بحسب ما قال مصدر قريب من المناقشات الحكومية.

وكان الرئيس دونالد ترامب قرر، في شهر ديسمبر الماضي، سحب جميع القوات الأميركية من سوريا، والبالغ قوامها 2000 جندي.

وجاء قرار ترامب في وقت كانت تجهز فيه تركيا لشن هجوم على وحدات حماية الشعب الكردية السورية، المدعومة من واشنطن، شرقي نهر الفرات بشمال شرق سوريا بعد سيطرتها على مناطق غربي النهر في عمليات سابقة.

علا سعدي

Share
Published by
علا سعدي

Recent Posts

دار أم الدنيا تحتفل بباكورة أعمالها في أجواء فنية نقدية

يقام في السادسة من مساء اليوم احتفال بأول إصدارات دار أم الدنيا للدراسات والنشر والتوزيع…

سنتين ago

بقلم/ أنطونيو جوتيريش*                إذا كان الغزو الروسي كابوسا حقيقيا يعيشه الشعب الأوكراني بسبب…

سنتين ago

السعودية تتيح لحاملي تأشيرتها السياحية أداء مناسك العمرة

الرياض  13  أبريل 2022: أتاحت التأشيرة السياحية السعودية للحاصلين عليها أداء مناسك العمرة إلى جانب…

سنتين ago

التشكيلي سموقان محمد أسعد: هوية جمالية ثابتة بين ملاحم التاريخ وملامح الواقع

يحتاج التأمل في أعمال التشكيلي السوري محمد أسعد الملقّب بسموقان إلى يقظة شرسة تجعلنا قادرين…

سنتين ago

الأقصر: “بيت الشعر” يناقش ما وراء الفكاهة عند شعراء العصر المملوكي

  في حلقة جديدة من برنامجه "تراثنا الشعري" استضاف بيت الشعر بالأقصر الأستاذ الدكتور محمد…

سنتين ago

مناقشة كتاب “النسر والعصفور” في المركز الدولي للكتاب.. الاثنين

يقيم المركز الدولي للكتاب، خلف دار القضاء العالي، ندوته الشهرية لمناقشة أعمال (سلسلة سنابل) للأطفال،…

سنتين ago