تقارير وتحليلات

إسرائيل اليوم: نتنياهو يفوز بسياسته وليس بشخصيته

يتركز قسم كبير من دعاية اليسار في السنوات الأخيرة على عدم الشرعية المزعومة لحكومة نتنياهو، أو “نظام” نتنياهو مثلما باتوا يسمونه في الوسط التاريخي. أذننا باتت فظة بتعابير المعارضة المتطرفة “قيصر”، “بلفور”، “نهاية الديمقراطية” وكل معزوفة الجاز هذه، والسطر الأخير حالياً في هذه السيمفونية يتركز في الصراع (المتردد والمتأخر جداً) من جانب اليمين ضد ظاهرة التزوير في الانتخابات، ومحاولته عرضه كعملية مضادة، ويا للمفاجأة.. ضد الديمقراطية!

أما الحقيقة فهي معاكسة تماماً، نتنياهو ليس المنتصر الوحيد بشكل ديمقراطي، وهو رئيس الوزراء الذي حظي بالتأييد الجماهيري الأوسع والأكثر مواظبة في التاريخ القصير للدولة، والمنتصر بسبب الديمقراطية، وفقا لصحيفة “إسرائيل اليوم” العبرية.

صحيح أن شخصيته الاستثنائية تجتذب اهتماماً كبيراً، وأن الخطاب السياسي يصممه أساساً رجال الدعاية، وهؤلاء يفضلون الاهتمام بالشخصية وليس بالسياسة، لكن يخيل أن “الخطاب السياسي” في الدولة يتركز في السنوات الأخيرة على مسألة إذا كنت تتماثل مع الصورة الشخصية لرئيس الوزراء أم تعارضها. ولكن مع أنهم يتحدثون في التلفزيون عن الحملات إلا أن نتنياهو ينتصر، قبل كل شيء، بسبب السياسة التي يتخذها، وليس بسبب هذه الشخصية أو تلك أو هذا البث الدعائي أو ذاك.السياسة التي يتخذها نتنياهو ليست يسارية على نحو خاص وليست يمينية على نحو خاص، فحكومات نتنياهو تتخذ سياسة حذرة، صبورة ومنضبطة في كل الجبهات، مع ميل طفيف (تعزز في عصر كحلون في المالية) للشعبوية الاقتصادية. بتعابير أخرى، يتخذ نتنياهو سياسة متوسطة ومركزية، وهذا هو السبب المركزي الذي يجعله يحظى بثقة أغلبية الشعب المرة تلو الأخرى. هذه ليست الحملة ليست “السيطرة على الإعلام” (بلا شك الاتهامات المدحوضة والسخيفة التي وجهها له معارضوه في أي وقت كان)؛ بل هي السياسة ببساطة.

في الأمن: حزم تجاه محاولات المحاصرة الإيرانية التي لا تتوقف، واحتواء واستقرار لا يتوقف للإرهاب من الداخل، في الضفة وغزة، بما في ذلك تجلد مبالغ فيه واستسلام موضعي حقيقي هنا وهناك للحفاظ على الوضع الراهن. ليس هناك أي ادعاء بتغيير الوضع من أساسه. لا احتلال وضم، لا “اتفاق سلام” مزعوم كأسلافه في المنصب، بل قص عشب يومي ومضن انطلاقاً من فرضية أن الزمن في صالحنا.

في الاقتصاد: حزم (وهن مع السنين) تجاه محاولات المحاصرة التي لا تتوقف من اعداء الصندوق العام من الداخل: اللجان ومجموعات الضغط المختلفة، وعلى رأسها الهستدروت، بما في ذلك تجلدات مبالغ فيها هنا وهناك واستسلام موضعي حقيقي للحفاظ على الوضع الراهن، انطلاقاً من الفرضية بأن الزمن يعمل لصالح الاقتصاد الإسرائيلي.
إذن، صحيح أن معسكر اليسار تكبد فشلاً عميقاً وذريعاً بتنصيب شخصية ذات وزن يمكنها أن تتنافس أمام نتنياهو كمتساو بين متساوين، ولكن سر انتصار يمين نتنياهو يكمن في سياسة متوازنة وحذرة هي حقاً تجسد الديمقراطية (ولهذا، كره أفلاطون شكل النظام هذا وتمنى حكم “ملك فيلسوف”): حكم قريب قدر الإمكان من أن يكون متوسط عموم الإرادات عند الشعب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى