تقارير وتحليلات

إسرائيل توقف خطة لإنشاء مركز في القدس لتشغيل الفلسطينيين

بضغط من الجيران اليهود، تحديداً من وزير شؤون القدس “الكين” وبلدية القدس، توقف إنشاء مركز لتشغيل العرب. رئيس بلدية القدس، موشيه ليئون، جمد في الأسبوع الماضي خطة لإنشاء منطقة تجارية وخدماتية في الحي الفلسطيني، أم طوبا، جنوب شرق القدس، بسبب معارضة سكان يهود من حي “هار حوما” (جبل أبو غنيم) المجاور، وفقا لصحيفة “هآرتس” العبرية.

وضمن أمور أخرى، قال المعارضون بأن إنشاء المركز سيؤدي إلى “اختلاط بين السكان” وسيعرض فتيات الحي للخطر. مصادر عملت على الخطة قالت بأن اقتراب موعد الانتخابات والتخوف من ردود أفعال الجمهور اليميني في أوساط السياسيين، ومنهم وزير شؤون القدس زئيف الكين، يمنعهم من التدخل في محاولة إنقاذ الخطة. أحد الأشخاص قال إن المخططين تلقوا مؤخراً توجيهات لوقف إنشاء المشروع. وأضاف: “هذا أمر فظيع، لقد دمرنا قدرة حي كامل على التطور. لا يوجد للسكان أي فرصة دون مساعدة الحكومة”.

في السنوات الأخيرة، أصبح أحد المشاريع الرئيسية لوزارة شؤون القدس هو إنشاء أربعة مراكز تشغيل في الأحياء العربية في شرقي القدس. أحد المراكز الكبرى، الذي كان من المخطط له أن يمتد على مساحة 134 ألف متر بناء، كان يتوقع أن يقام في المنطقة المحاذية لحي أم طوبا. استثمرت وزارة شؤون القدس، بواسطة شركة تطوير شرقي القدس وبمشاركة البلدية، نحو 2.5 مليون شيكل لإعداد خطة إنشاء مركز يشمل مشاريع تجارية ومكاتب وخدمات، مثل البنوك وصناديق المرضى. وحسب الخطة، كان يتوقع للمركز أن يخدم مستوطنة هار حوما (حومات شموئيل). وقد تم تخطيط المركز في نصفه على أرض فلسطينية خاصة، والنصف الآخر على أرض تمت مصادرتها من الفلسطينيين عند إقامة مستوطنة “هار حوما” في التسعينيات.

تقدمت الخطة في مراحل التخطيط، وفي الأسبوع الماضي عرضت في لقاء للسكان في مستوطنة “هار حوما”. السكان عارضوا الخطة بشدة، والأشخاص الذين حضروا اللقاء قالوا لنا بأن بعضهم طرحوا “ادعاءات عنصرية”. قال شخص حضر اللقاء إن “هناك من قالوا بأن هذا سيبدو خطيراً على الفتيات، وأنه يجب العيش على انفراد، ويجب إبعادهم (سكان أم طوبا) عنا، وأنهم سيمسون بالأطفال ويجب إقامة جدار بيننا وبينهم”. وقال مشاركون آخرون إن إحدى السكان قالت بأنها “تريد رؤية العرب عن قرب فقط كرعاة مع قطعانهم”. وشخص آخر قال إن “دولة إسرائيل لليهود فقط، وعلى العرب يجب أن يكونوا سقّائين وحطابين”. ” كان هذا أمراً مقرفاً حقاً”، قال أحد المشاركين في اللقاء. ومن الحي سكان طرحوا مبررات مشابهة من خلال التعليقات في مجموعات على “واتساب” التي وصلت إلى الصحيفة. “لا نريد اختلاطاً بين الطوائف. ثمة خوف على الفتيات اليهوديات. يجب تسمية المولود باسمه”، كتبت مواطنة في إحدى المجموعات. “لا أعرف لماذا يجب أن نقيم لهم مراكز كهذه، فهم يتواجدون بجموعهم في جميع مراكز الشراء”، كتبت مواطنة أخرى. وشخص آخر أضاف: “إن تقليص الفجوات في شرقي المدينة يجب ألا يكون على حسابنا… يمكن أن يتم هذا في قراهم”. وأحد المعلقين عبر عن خشية أن تخرجهم صحيفة “هآرتس” عنصريين”.

رئيس الإدارة المجتمعية في “هار حوما”، شلومو غولبري، كتب لرئيس البلدية ليئون، بأن الإدارة تعارض الخطة بسبب الاعتبارات الأمنية. “عرض السكان تجارب قاسية بشكل خاص من السنوات الأولى للحي (التي وجدت تعبيرها بعمليات الاقتحام والسرقة في وضح النهار). وهناك خوف متزايد من السكان العرب الكثيرين الذين سيكونون في المكان، بشكل خاص في الوقت الذي يتم فيه التخطيط لبناء مدرسة ومركز للشباب”. غولبري طلب من ليئون إلغاء الخطة ويدفع قدماً مكانها بخطة على قطعة الأرض نفسها “لصالح سكان هار حوما فقط”. وطلب أيضاً من ليئون أن تبقى الأرض التي هي بملكية عربية كمنطقة مفتوحة ولا يتم الدفع قدماً بخطة أخرى للبناء عليها.

وقد احتجوا أيضاً ضد المشروع بأن سكان جبل أبو غنيم اعتادوا على الحصول على الخدمات في المنطقة الصناعية “تلبيوت”، وسيؤدي هذا البناء إلى المس بالنصب التذكاري لجندي الجيش الإسرائيلي. وجهات مطلعة على الأمر قالت إن الاحتجاج على الخطة تم على أيدي أعضاء المدرسة الدينية “هار همور”، وهي مدرسة حريدية وطنية مرتبطة مع حزب اليمين المتطرف “ناعم”. هذه المدرسة انتقلت إلى الحي قبل سنتين تقريباً وانتقل معها إلى الحي الكثير من خريجيها.

أما عضو المجلس من اليمين، آريه كينغ، فذكر اسمه على اعتباره الشخص الذي يقف من وراء الاحتجاج على الخطة. وقال كينغ للصحيفة بأنه ليس من المبادرين من المعارضة، “لكنني بالتأكيد أعارض”. وحسب قوله، “إن جهة غير بلدية، التي هي وزارة شؤون القدس، تخطط هذا الشيء وتتصرف مثل فيل في محل قيشاني. من الخطأ وضع خطة كهذه قرب الأحياء اليهودية”. وادعى كينغ بأن هناك مكاناً آخر مناسباً أكثر لإقامة المركز، شرق أم طوبا.

نضال السكان القصير أتى أكله بسرعة استثنائية مقابل معارضات أخرى للسكان لخطط بناء وتطوير. بعد بضعة أيام على اللقاء، نشرت البلدية رداً جاء فيه بأن “رئيس البلدية لن يؤيد الخطة التي لا تتلاءم مع موقف سكان المنطقة”. وجاء أيضاً بأن “وزارة شؤون القدس هي التي طرحت الخطة. ورئيس البلدية موشيه ليئون طلب إجراء تعاون واسع من قبل السكان حولها، وسماع موقف سكان حومات شموئيل بشأن تأثيرها على الحي”.

الوزير الكين، الذي أيد رجال مكتبه بالخطة، قرر عدم التدخل لصالحها. “لسنا جسماً تخطيطياً”، قال للصحيفة، “لا نقرر الموقع، هذا قرار للبلدية ولا يوجد لدينا أي سبيل كي أفرض الخطة على رئيس البلدية. الأمر المهم هو الرؤية المبدئية بأن هذه المراكز مهمة جداً من أجل تطوير المدينة. ومن حسن الحظ أن هذه المعارضة طرحت في المرحلة الأولية نسبياً للخطة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى