تقارير وتحليلات

إيران تواجه العقوبات بـ “ميزانية الظل” التي وضعتها قبل الاتفاق النووي

يبدو أن إيران لديها خطط قوية لتجاوز الأزمات الاقتصادية الناجمة عن العقوبات الأمريكية، ظهران تستعد جيداً بعدة حلول لكن أبرزها ما يسمى «ميزانية الظل».

قال رئيس منظمة الإدارة والتخطيط الإيرانية علي طيب نيا، في مؤتمر صحافي، إن العام الفارسي المقبل (مارس 2019) سيكون هو العام الأصعب في تاريخ الجمهورية الإسلامية الإيرانية المعاصر، مضيفاً أنه تم الإسراع بوضع ميزانية العام الجديد.

وقال رئيس هذه المنظمة المسؤولة عن إعداد الميزانية السنوية للبلاد: «وضعنا ميزانية الظل التي من شأنها مواجهة الآثار السلبية للعقوبات الأميركية».

وبحسب وكالة «إيرنا» الإخبارية، فإن «ميزانية الظل» هي شيء استثنائي للغاية، وضعها عدد من الاقتصاديين والخبراء لمواجهة أكثر السيناريوهات التشاؤمية خلال الأشهر الثمانية المقبلة.

ومنذ أن انسحب الرئيس الأميركي دونالد ترمب رسمياً من الاتفاق النووي الإيراني، في شهر مايو 2018، وأعاد على إثرها فرض عدد من العقوبات، والأمور من سيئ إلى أسوأ في إيران. أخذ الريال الإيراني في الانهيار أمام الدولار، إلى أن فقد حوالي 60% من قيمته، مما أثر بالسلب على كل شيء في إيران.

لدينا أمل في الخروج من تلك الأزمة

كان المساعد السياسي للرئيس حسن روحاني ذكر أن بلاده تتوقع «أياماً صعبة» خاصة بعد تطبيق المرحلة الثانية من العقوبات الأميركية في شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2018، التي تستهدف القطاع النفطي.

لكنه أضاف قليلاً من الأمل: «نعمل ليلاً ونهاراً من أجل التحدث مع الدول المجاورة، لمواجهة تلك العقوبات، وتم نقل رسائل من الرئيس روحاني إلى تلك الدول».

لاتزال إيران مصممة على عدم الحوار المباشر مع الولايات المتحدة

ويرى مجيد روانجي، المساعد السياسي لروحاني، أنه إذا استطاعت الدولة أن تخفف من استيرادها لمختلف السلع، أو اعتمدت نظام المقايضة (النفط مقابل الغذاء والأدوية)، مع بعض الدول المجاورة، فسيكون لدى إيران فرصة للخروج من النفق المظلم للعقوبات، ولكن هذا لا يمنع أن الأشهر المقبلة ستكون صعبة على الجميع.

ميزانية الطوارئ

حسين راغفر أحد الخبراء الاقتصاديين المشاركين في وضع «ميزانية الظل»، يقول لـ «عربي بوست»، إن تلك الميزانية هي باب خروج الطوارئ، وقد تم وضعها قبل المباحثات النووية مع الدول الست العظمى، لاستخدامها في حال عدم التوصل للاتفاق النووي.

وبحسب راغفر فقد تم وضع بعض التعديلات على تلك الميزانية لتناسب الوضع الحالي وانهيار العملة المحلية، وفي انتظار أن يعتمدها البرلمان لتكون جاهزة خلال الأسابيع القادمة.

لن نعلن كافة التفاصيل

تم الكشف عن نقاط قليلة تتضمنها الميزانية المخصصة لمواجهة العقوبات، ولكن ماذا عن باقي التفاصيل وطرق تطبيقها؟

يجيب عن هذه التساؤلات الصحافي الاقتصادي مجد حسيني، الذي أوضح أن المتحدث باسم الحكومة لم يعلن أي تفاصيل أخرى حتى الآن، «من المتوقع أن تعلن التفاصيل بعد مناقشة الميزانية من قبل البرلمان واعتمادها».

تراجع كبير في قيمة الريال الإيراني منذ تطبيق العقوبات الأميركية

ويقول حسيني إن النقطة الأبرز في الميزانية إلى الآن هي إصرار الحكومة على دعم مستوردي الأغذية والأدوية، من خلال توفير الدولار أمامهم بسعر 420 ألف ريال إيراني، حتى لا يحدث خلل في الأسواق.

هذا بجانب تحديد النفقات الحكومية وترشيدها إلى أقصى درجة، ومراقبة النظام المصرفي، والسوق السوداء للعملات.

هل ستساعد «ميزانية الظل» الاقتصاد الإيراني؟

في 6 أغسطس/آب، دخلت المرحلة الأولى من العقوبات الأميركية على طهران حيز التنفيذ، التي تستهدف قطاع السيارات والمعادن والسجاد، وقدرة إيران على شراء الدولار الأميركي.

وتحاول الحكومة الإيرانية بشتى الطرق معالجة الآثار السلبية المترتبة على تلك العقوبات، وخاصة أنها تنتظر العقوبات على القطاع النفطي بعد أشهر قليلة، ومن المفترض أن ميزانية الظل تعالج كل تلك الأمور إلى حد ما.

لكن على الجهة المقابلة هناك من يرى أن تلك الميزانية والإعلان عن خطط اقتصادية لمواجهة الأسوأ لن تساعد بشيء، فيقول الخبير الاقتصادي وحيد شقاقي لـ «عربي بوست»، إنه لا يستطيع القول إن ميزانية الظل عديمة الفائدة تماماً «بل إنها ستساعد قليلاً في تثبيت سعر صرف الدولار على الأقل، ولكننا نعاني من تضخم هائل وركود في الأسواق».

ويرى شقاقي إنه إذا ركّزت تلك الميزانية بشكل كبير على نظام الدعم الحكومي للتجار والنظام المصرفي، حينها يستطيع توقع نجاحها بنسبة تتجاوز 70%.

التعاون مع تركيا: طوق النجاة للبلدين

انخفاض سعر الليرة التركية أمام الدولار فتح باباً للأمل في إيران من جديد، فيرى الخبراء الاقتصاديون في إيران أن ذلك الأمر يمكنه أن يؤثر بالإيجاب على الاقتصاد التركي والإيراني، إذا استطاعت القيادة السياسية في كلا البلدين الاستفادة من هذا الأمر.

تشير آخر الإحصاءات الواردة من إيران، أنه في عام 2017 بلغ حجم التعاون التجاري بين إيران وتركيا 10.7 مليار دولار، بزيادة قدرها 11% عن عام 2016.

وتعتمد إيران بشكل كبير على استيراد الأخشاب والمنتجات المعدنية وبعض السلع الغذائية من تركيا، بينما تستورد الأخيرة النفط والغاز والمنتجات النحاسية من إيران.

التعاون التركي الإيراني يمكن أن يمثل طوق النجاة لكلا البلدين

ويقول الخبير الاقتصادي وحيد شقاقي، إن البلدين في العامين الماضيين وقعا اتفاقية لزيادة التعاون التجاري بينهما، ليصل إلى 30 مليار دولار، بجانب اتفاقيات لتسهيل نقل البضائع والتعريفة الجمركية.

وفي حين أن العملة المحلية لتركيا وإيران تعرضت لضغوطات كبيرة من قبل الولايات المتحدة، وهناك توقعات بارتفاع التضخم، فإن التوقعات الاقتصادية للبلدين متشابهة إلى حد كبير، لذلك رأى بعض الخبراء أنه من الضروري استيراد أغلب السلع التي تحتاجها إيران من الجار الغربي، لتعم الفائدة على الجميع.

يقول شقاقي إنه تم التحرك في هذا الاتجاه بالفعل من قبل الحكومة الإيرانية، فقد تم إرسال رسالة من الرئيس روحاني إلى نظيره التركي رجب طيب أردوغان، ولكن إلى الآن لم يتم الإعلان عن فحوى تلك الرسالة.

ويتوقع شقاقي أن حركة التصدير والاستيراد بين البلدين ستشهد نمواً كبيراً في الأشهر المقبلة، ويأمل أن يكون انهيار العملة في تركيا وإيران سبباً في نهضة اقتصاد البلدين، ومواجهة الضغوطات الأميركية المستفزة، على حد تعبيره.

التحدي الأهم للحكومة الإيرانية

يعتبر التحدي الأهم الآن أمام الحكومة الإيرانية هو توفير السلع الغذائية والأدوية، لذلك أعلنت أنه تم توفير 2500 مليار تومان لمزارعي القمح، تجنباً لحدوث أي أزمات.

بجانب توفير الأسمدة اللازمة لجميع المزارعين، صرَّح وزير الزراعة أن الرئيس روحاني في اجتماعه الأخير مع الوزراء، أكد على توفير العملات الأجنبية لوزارة الزراعة بسعر ثابت (420 ألف ريال)، لتوفير السلع الغذائية للشعب الإيراني.

كما أمر روحاني وزير الداخلية بمراقبة الأسعار في الأسواق، والإبلاغ عن كل التجار المخالفين للأسعار التي حدَّدتها الحكومة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى