تقارير وتحليلات

المرشّح‭ ‬الرئاسي‭ ‬محمد‭ ‬عبّو‭: ‬مشكلة‭ ‬تونس‭ ‬ليست‭ ‬في‭ ‬الدستور‭ ‬وإنما‭ ‬في‭ ‬الطبقة‭ ‬السياسية‭ ‬الفاسدة

‬يرفض‭ ‬المرشح‭ ‬الرئاسي‭ ‬محمد‭ ‬عبّو‭ ‬نعته‭ ‬بـ»بوتين‭ ‬تونس‮»‬،‭ ‬مشيراً‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬التونسيين‭ ‬يحتاجون‭ ‬إلى‭ ‬الوثوق‭ ‬بشخصية‭ ‬‮«‬محلية‮»‬‭ ‬لا‭ ‬تسمح‭ ‬بالنيل‭ ‬من‭ ‬مصالح‭ ‬الدولة‭ ‬أو‭ ‬المسار‭ ‬الديمقراطي،‭ ‬وتضع‭ ‬حداً‭ ‬للفساد‭ ‬المستشري‭ ‬في‭ ‬البلاد‭.‬
كما‭ ‬يرى‭ ‬عبو‭ ‬أن‭ ‬الأولوية‭ ‬المطلقة‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬هي‭ ‬لـ«تطبيق‮»‬‭ ‬أحكام‭ ‬الدستور‭ ‬قبل‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬تعديله،‭ ‬مشيراً‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الخلل‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬يكمن‭ ‬أساساً‭ ‬في‭ ‬الخلل‭ ‬في‭ ‬الطبقة‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬فشلت‭ ‬في‭ ‬التعايش‭ ‬مع‭ ‬الدستور،‭ ‬كما‭ ‬أساءت‭ ‬إدارة‭ ‬الشأن‭ ‬العام‭ ‬في‭ ‬البلاد‭.‬
ويصف‭ ‬فترة‭ ‬حكم‭ ‬يوسف‭ ‬الشاهد‭ ‬بـ»السيئة‭ ‬جداً‮»‬‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والصراعات‭ ‬السياسية‭ ‬واستغلال‭ ‬القضاء‭. ‬ولا‭ ‬يخفي‭ ‬أيضاً‭ ‬قلقه‭ ‬‮«‬النسبي‮»‬‭ ‬من‭ ‬عودة‭ ‬الاستبداد،‭ ‬لكنه‭ ‬يدعو‭ ‬إلى‭ ‬الحذر‭ ‬من‭ ‬عودة‭ ‬ممارسات‭ ‬نظام‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬‮«‬دون‭ ‬تخويف‭ ‬التونسيين‮»‬‭.‬
ويحدد‭ ‬محمد‭ ‬عبو‭ (‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬لحزب‭ ‬التيار‭ ‬الديمقراطي‭)‬،‭ ‬في‭ ‬حوار‭ ‬خاص‭ ‬مع‭ ‬‮«‬القدس‭ ‬العربي‮»‬،‭ ‬ملامح‭ ‬برنامجه‭ ‬الانتخابي‭ ‬الذي‭ ‬يقوم‭ ‬أساساً‭ ‬على‭ ‬قراءة‭ ‬الدستور‭ ‬بشكل‭ ‬جيد‭ ‬وتوضيح‭ ‬صلاحيات‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬‮«‬التي‭ ‬تنحصر‭ ‬بالأساس‭ ‬في‭ ‬ثلاثة‭ ‬مجالات،‭ ‬هي‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬والمؤسسة‭ ‬العسكرية‭ ‬والعلاقات‭ ‬الخارجية،‭ ‬ويمكن‭ ‬ربط‭ ‬الأخيرة‭ ‬بجملة‭ ‬من‭ ‬المشاكل،‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬وكل‭ ‬هذا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬له‭ ‬تبعات‭ ‬وتأثيرات‭ ‬على‭ ‬الجانب‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬مع‭ ‬التذكير‭ ‬أن‭ ‬التسيير‭ ‬الدولي‭ ‬لدواليب‭ ‬الدولة‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬شأن‭ ‬الحكومة‭ ‬وليس‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‮»‬‭.‬
وهو‭ ‬يرى‭ ‬عبّو‭ ‬أن‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬‮«‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتصف‭ ‬بالمرونة،‭ ‬فهو‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتعامل‭ ‬مع‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬هويته،‭ ‬علماً‭ ‬أن‭ ‬خلافاً‭ ‬كبيراً‭ ‬بين‭ ‬الطرفين‭ ‬يهدّد‭ ‬استقرار‭ ‬الدولة‭ ‬ومصالحها‭. ‬ولذلك‭ ‬أؤكد‭ ‬أن‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬مرناً‭ ‬ومنفتحاً‭ ‬وبراغماتياً‭ ‬في‭ ‬تعامله‭ ‬مع‭ ‬الآخرين،‭ ‬ومن‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يدرك‭ ‬أنه‭ ‬الحامي‭ ‬والمسؤول‭ ‬الأول‭ ‬عن‭ ‬احترام‭ ‬الدستور‭ ‬في‭ ‬البلاد،‭ ‬وبالتالي‭ ‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬يسمح‭ ‬بخرقه‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬طرف‭ (‬دون‭ ‬أي‭ ‬استثناء‭). ‬وأنا‭ ‬أتقدم‭ ‬بهذه‭ ‬الصفات‭ ‬للتونسيين‭ ‬علهم‭ ‬يقتنعون‭ ‬بذلك‮»‬‭. ‬ومحمد‭ ‬عبو‭ ‬هو‭ ‬محام‭ ‬وسياسي‭ ‬بارز،‭ ‬يُعتبر‭ ‬من‭ ‬أشد‭ ‬المعارضين‭ ‬لنظام‭ ‬الرئيس‭ ‬الأسبق،‭ ‬زين‭ ‬العابدين‭ ‬بن‭ ‬علي،‭ ‬ويصف‭ ‬بعض‭ ‬مؤيديه‭ ‬بـ«بوتين‭ ‬تونس‮»‬،‭ ‬وخاصة‭ ‬أنه‭ ‬مُولع‭ ‬بممارسة‭ ‬الرياضة‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬قدرته‭ ‬على‭ ‬ضبط‭ ‬أعصابه‭ ‬خلال‭ ‬محاورة‭ ‬خصومه‭ ‬السياسيين‭. ‬
ويعلّق‭ ‬عبّو‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬بقوله‭: ‬‮«‬نحن‭ ‬نبحث‭ ‬عادة‭ ‬عن‭ ‬شخصيات‭ ‬في‭ ‬الخارج‭ ‬لنأخذ‭ ‬منها‭ ‬الصورة‭. ‬لكن‭ ‬أنا‭ – ‬شخصياً‭ – ‬تكفيني‭ ‬صورة‭ ‬الشخص‭ ‬الذي‭ ‬يثق‭ ‬الناس‭ ‬أنه‭ ‬عندما‭ ‬يكون‭ ‬في‭ ‬السلطة‭ ‬لن‭ ‬يسمح‭ ‬بالنيل‭ ‬من‭ ‬مصالح‭ ‬الدولة‭ ‬التونسية‭ ‬ولن‭ ‬يسمح‭ ‬بالنيل‭ ‬من‭ ‬المسار‭ ‬الديمقراطي،‭ ‬ولن‭ ‬يسمح‭ ‬أيضاً‭ ‬للفساد‭ ‬بأن‭ ‬يبقى‭ ‬مستشرياً‭ ‬في‭ ‬البلاد‭. ‬فلنكون‭ ‬صورة‭ ‬تونسية‭ ‬خاصة‭ ‬بنا‭ ‬فقط،‭ ‬دون‭ ‬مقارنة‭ ‬مع‭ ‬أي‭ ‬طرف‭ ‬كان‮»‬‭. ‬ولا‭ ‬يخفي‭ ‬عبو‭ ‬تخوّفه‭ ‬‮«‬النسبي‮»‬‭ ‬من‭ ‬عودة‭ ‬أساليب‭ ‬نظام‭ ‬بن‭ ‬علي،‭ ‬ويوضح‭ ‬بقوله‭: ‬‮«‬في‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬هناك‭ ‬تخوّف‭ ‬من‭ ‬عودة‭ ‬الاستبداد،‭ ‬لكنها‭ ‬مخاوف‭ ‬صغيرة‭ ‬تبقى‭ ‬أحياناً‭ ‬في‭ ‬أدراج‭ ‬مراكز‭ ‬الدراسات‭ ‬أو‭ ‬الجامعات،‭ ‬طبعاً‭ ‬المواطن‭ ‬التونسي‭ ‬يخشى‭ ‬حدوث‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬المواطن‭ ‬في‭ ‬ألمانيا‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬مثلاً،‭ ‬لكن‭ ‬يبقى‭ ‬الحذر‭ ‬واجباً‭ ‬دون‭ ‬تخويف‭ ‬التونسيين‮»‬‭.‬

تعديل‭ ‬الدستور

ويطالب‭ ‬أغلب‭ ‬المرشّحين‭ ‬للرئاسة‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬بتعديل‭ ‬الدستور،‭ ‬وخاصة‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بتغيير‭ ‬النظام‭ ‬السياسي‭ ‬من‭ ‬‮«‬برلماني‭ ‬معدّل‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬نظام‭ ‬رئاسي،‭ ‬محمّلين‭ ‬النظام‭ ‬السياسي‭ ‬مسؤولية‭ ‬الأوضاع‭ ‬المتردية‭ ‬التي‭ ‬تعيشها‭ ‬البلاد‭.‬
غير‭ ‬أن‭ ‬عبو‭ ‬يرى‭ ‬أن‭ ‬الأولوية‭ ‬المطلقة‭ ‬حالياً‭ ‬هي‭ ‬لتطبيق‭ ‬أحكام‭ ‬الدستور‭ ‬قبل‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬تعديله،‭ ‬‮«‬أي‭ ‬أننا‭ ‬يجب‭ ‬أولاً‭ ‬أن‭ ‬نقوله‭ ‬بتركيز‭ ‬المحكمة‭ ‬الدستورية‭ ‬وتغيير‭ ‬القوانين‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬تتماشى‭ ‬مع‭ ‬الدستور‭. ‬وأذكّر‭ ‬أن‭ ‬المشكلة‭ ‬حالياً‭ ‬ليست‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬الدستور،‭ ‬وإنما‭ ‬في‭ ‬الطبقة‭ ‬السياسية‭ ‬وفشلها‭ ‬في‭ ‬التعايش‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬الدستور،‭ ‬بمعنى‭ ‬أن‭ ‬تغيير‭ ‬الدستور‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الطبقة‭ ‬السياسية‭ ‬ستنجح‭ ‬في‭ ‬عملها‭. ‬فالمشكلة‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬تكمن‭ ‬في‭ ‬تجربة‭ ‬معينة‭ ‬عشناها‭ ‬بعد‭ ‬الثورة،‭ ‬جعلت‭ ‬الناس‭ ‬تعتقد‭ ‬أن‭ ‬الخلل‭ ‬في‭ ‬الدستور،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬الخلل‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬هؤلاء‭ ‬السياسيين‭ ‬الذين‭ ‬أساؤوا‭ ‬التدبير‭ ‬وإدارة‭ ‬الشأن‭ ‬العام‮»‬‭. ‬لكنه‭ ‬يرى‭ ‬أن‭ ‬القانون‭ ‬الانتخابي‭ ‬قد‭ ‬يتسبب‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الإشكاليات‭ ‬في‭ ‬البرلمان‭ ‬المقبل‭ ‬‮«‬فقد‭ ‬يتسبب‭ ‬بوجود‭ ‬عدة‭ ‬كتل‭ ‬صغيرة‭ ‬ترفض‭ ‬التحالف‭ ‬فيما‭ ‬بيننا‭. ‬وعلى‭ ‬كل‭ ‬حال‭ ‬فتشكيل‭ ‬الحكومة‭ ‬يقتضي‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬موافقة‭ ‬الأغلبية‭ (‬50‭ ‬بالمئة‭ + ‬واحد‭) ‬من‭ ‬أعضاء‭ ‬البرلمان،‭ ‬والأصل‭ – ‬وفق‭ ‬الدستور‭- ‬أن‭ ‬يقع‭ ‬التوافق‭ ‬على‭ ‬السياسات‭ ‬العامة‭ ‬بين‭ ‬الأحزاب‭ ‬وأن‭ ‬تبقى‭ ‬هذه‭ ‬الأحزاب‭ ‬متحالفة‭ ‬طيلة‭ ‬خمس‭ ‬سنوات،‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬ينظّر‭ ‬له‭ ‬دستورنا‭ ‬وهذه‭ ‬الصورة‭ ‬المثلى‭. ‬ولذلك‭ ‬أرجو‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬إما‭ ‬أغلبية‭ ‬لحزب‭ ‬واحد‭ ‬يتحالف‭ ‬مع‭ ‬أحزاب‭ ‬أصغر‭ ‬منه‭ ‬ويتفقون‭ ‬معاً‭ ‬على‭ ‬سياسة‭ ‬واحدة،‭ ‬أو‭ ‬أحزاب‭ ‬صغيرة‭ ‬يتحالفون‭ ‬فيما‭ ‬بينهم،‭ ‬المهم‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬الأمر‭ ‬أن‭ ‬يحافظوا‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬التحالف‭. ‬بقطع‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬موقف‭ ‬التيار‭ ‬الديمقراطي‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬تحقق‭ ‬هذا‭ ‬السيناريو‮»‬‭. ‬وحول‭ ‬الأطراف‭ ‬التي‭ ‬يعوّل‭ ‬عليها‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬قصر‭ ‬قرطاج،‭ ‬يقول‭ ‬عبو‭: ‬‮«‬لا‭ ‬أعول‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬أطرف‭ ‬سياسية،‭ ‬وإنما‭ ‬على‭ ‬التونسي‭ ‬العادي‭ ‬الذي‭ ‬مل‭ ‬من‭ ‬حالة‭ ‬الفوضى‭ ‬والفساد‭ ‬والتسيّب‭ ‬والنيل‭ ‬من‭ ‬الحقوق،‭ ‬ويريد‭ ‬رئيس‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬تطبيق‭ ‬القوانين‭ ‬وضمان‭ ‬الحريات‭ ‬والحقوق‭ ‬الدستورية‭ ‬وعدم‭ ‬المس‭ ‬بها‭. ‬طبعاً‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬السلطة‭ ‬يتوقف‭ ‬على‭ ‬إقناع‭ ‬نسبة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬التونسيين‭ ‬الذين‭ ‬تضرروا‭ ‬من‭ ‬الوضع‭ ‬القادم‭ ‬ويبحثون‭ ‬عن‭ ‬تغيير‭ ‬مشروع‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يروه‭ ‬فينا‮»‬‭.‬
ويؤكد‭ ‬أنه‭ ‬سيسعى‭ – ‬في‭ ‬حال‭ ‬وصوله‭ ‬لقصر‭ ‬قرطاج‭- ‬إلى‭ ‬توضيح‭ ‬صلاحياته‭ ‬للتونسيين‭ ‬‮«‬كرئيس‭ ‬يسهر‭ ‬على‭ ‬تطبيق‭ ‬أحكام‭ ‬الدستور‭ ‬ويضمن‭ ‬احترام‭ ‬الشعب‭ ‬له‭ ‬عبر‭ ‬بعض‭ ‬القرارات‭ ‬التي‭ ‬يتخذها‭ ‬وتجعل‭ ‬الناس‭ ‬يطمئنون‭ ‬له،‭ ‬ومن‭ ‬بينها‭: ‬عدم‭ ‬تدخل‭ ‬العائلة‭ ‬في‭ ‬الحكم‭ ‬وعدم‭ ‬خدمة‭ ‬المصالح‭ ‬الخاصة،‭ ‬والشفافية‭ ‬المطلقة‭ ‬والتوجه‭ ‬بخطابات‭ ‬مستمرة‭ ‬للشعب‭ ‬والتوجه‭ ‬بشكل‭ ‬دوري‭ ‬للبرلمان‭. ‬فنيل‭ ‬الثقة‭ ‬هو‭ ‬أول‭ ‬هدف‭ ‬يجب‭ ‬الوصول‭ ‬إليه‭ ‬لتحقيق‭ ‬الإصلاحات‭ ‬الممكنة‭ ‬فيما‭ ‬بعد‮»‬‭.‬
وكان‭ ‬الوزير‭ ‬السابق،‭ ‬سليم‭ ‬بن‭ ‬حميدان،‭ ‬دعا‭ ‬المرشّحين‭ ‬محمد‭ ‬عبو‭ ‬وقيس‭ ‬سعيّد‭ ‬وسيف‭ ‬الدين‭ ‬مخلوف‭ ‬إلى‭ ‬سحب‭ ‬ملف‭ ‬ترشحهم،‭ ‬مقابل‭ ‬دعم‭ ‬الرئيس‭ ‬السابق‭ ‬والمرشح‭ ‬الرئاسي،‭ ‬منصف‭ ‬المرزوقي،‭ ‬الذي‭ ‬اعتبر‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬الأوفر‭ ‬حظاً‭ ‬والأكثر‭ ‬خبرة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬وإدارة‭ ‬شؤون‭ ‬الدولة‮»‬‭.‬
ويعلّق‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬بقوله‭: ‬‮«‬سليم‭ ‬بن‭ ‬حميدان‭ ‬أخطأ‭ ‬في‭ ‬تقديره،‭ ‬لأنه‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يقول‭ ‬إن‭ ‬من‭ ‬سمّاهم‭ ‬ينتمون‭ ‬لعائلة‭ ‬واحدة،‭ ‬لكن‭ ‬أنا‭ ‬لست‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬العائلة،‭ ‬فأنا‭ ‬لدي‭ ‬تصور‭ ‬معين‭ ‬للدولة‭ ‬لم‭ ‬أجده‭ ‬في‭ ‬الأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬ذكرهم،‭ ‬فلدي‭ ‬تصوّر‭ ‬مختلف‭ ‬للدولة‭ ‬القوية‭ ‬والعادلة،‭ ‬ولضرورة‭ ‬الالتزام‭ ‬بالشعارات‭ ‬في‭ ‬التطبيق‭ ‬والممارسة‭ ‬وبالديمقراطية‭ ‬وبإدارة‭ ‬الشأن‭ ‬العام‭ ‬بالاستقلال‭ ‬عن‭ ‬مراكز‭ ‬النفوذ‭ ‬في‭ ‬الداخل‭ ‬والخارج‮»‬‭.‬

كتبت‭ ‬رأيي‭ ‬بصراحة

وحول‭ ‬الرسالة‭ ‬المؤثرة‭ ‬التي‭ ‬كتبها‭ ‬في‭ ‬رثاء‭ ‬الرئيس‭ ‬الباجي‭ ‬قايد‭ ‬السبسي،‭ ‬يقول‭ ‬عبو‭: ‬‮«‬كتبت‭ ‬رأيي‭ ‬في‭ ‬السبسي‭ ‬بصراحة،‭ ‬وما‭ ‬كتبته‭ ‬هو‭ ‬إنساني،‭ ‬فأنا‭ ‬لم‭ ‬أقيمه‭ ‬سياسياً‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬الجانب‭ ‬الذي‭ ‬يعنيني،‭ ‬لأقول‭ ‬للتونسيين‭: ‬عندما‭ ‬قلت‭ ‬لكم‭ ‬يوماً‭ ‬إني‭ ‬أخشى‭ ‬عودة‭ ‬الاستبداد‭ ‬بنسبة‭ ‬خمسة‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬عبر‭ ‬الباجي‭ ‬قايد‭ ‬السبسي،‭ ‬فأنا‭ ‬لم‭ ‬أقل‭ ‬إن‭ ‬ذلك‭ ‬حتمي،‭ ‬ولكن‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬تخوفاً‭ ‬مشروعاً،‭ ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬الرئيس‭ ‬الراحل‭ ‬كان‭ ‬محاطاً‭ ‬بأشخاص‭ ‬لا‭ ‬يؤمنون‭ ‬بحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬ولا‭ ‬بالنظام‭ ‬الديمقراطي،‭ ‬وهذا‭ ‬الخوف‭ ‬لم‭ ‬يسمح‭ ‬لي‭ ‬بزيارته‭ ‬رغم‭ ‬أنه‭ ‬توفر‭ ‬لي‭ – ‬عبر‭ ‬بعض‭ ‬الوسطاء‭ – ‬فرصة‭ ‬للزيارة،‭ ‬وكنت‭ ‬أود‭ ‬أن‭ ‬أقول‭ ‬له‭ ‬ما‭ ‬أؤمن‭ ‬به‭ (‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشأن‭)‬،‭ ‬ولكن‭ ‬لعبة‭ ‬السياسية‭ ‬جعلتنا‭ ‬نخشى‭ ‬التأويلات،‭ ‬ولذلك‭ ‬لم‭ ‬أزره‮»‬‭. ‬من‭ ‬جانب‭ ‬آخر،‭ ‬يصف‭ ‬عبو‭ ‬فترة‭ ‬حكم‭ ‬يوسف‭ ‬الشاهد‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬سيئة‭ ‬جداً،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬تؤكده‭ ‬الأرقام،‭ ‬فالرجل‭ ‬لم‭ ‬يحسن‭ ‬تسيير‭ ‬الدولة،‭ ‬ونسبة‭ ‬التداين‭ ‬والتضخم‭ ‬ارتفعت‭ ‬في‭ ‬عهده،‭ ‬ونسبة‭ ‬النمو‭ ‬منخفضة‭. ‬ولذلك‭ ‬أقول‭ ‬إنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬إيجابيات‭ ‬تذكر‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬يوسف‭ ‬الشاهد‭. ‬هذا‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الصراعات‭ ‬السياسية‭ ‬واستغلال‭ ‬القضاء‭ ‬في‭ ‬عهده‮»‬‭.‬
ويعلّق‭ ‬على‭ ‬إيقاف‭ ‬المرشح‭ ‬نبيل‭ ‬القروي‭ ‬بقوله‭: ‬‮«‬هناك‭ ‬شخص‭ ‬ارتكب‭ ‬بعض‭ ‬الأخطاء،‭ ‬فمن‭ ‬الطبيعي‭ ‬إحالته‭ ‬للقضاء‭ ‬والزج‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬السجن‭. ‬كل‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬الأمر‭ ‬هو‭ ‬أنني‭ ‬لا‭ ‬أستطيع‭ ‬أن‭ ‬أغافل‭ ‬التونسيين‭ ‬وأقول‭ ‬لهم‭ ‬إن‭ ‬لديكم‭ ‬قضاء‭ ‬طبّق‭ ‬القانون‭. ‬قضاؤنا‭ ‬تعطّل‭ ‬كثيراً‭ ‬ولم‭ ‬يطبق‭ ‬القانون‭ ‬لعدة‭ ‬سنوات‭ ‬على‭ ‬السياسيين‭ ‬الفاسدين‭. ‬هذا‭ ‬مدان‭. ‬ومدان‭ ‬معه‭ ‬أيضاً‭ ‬من‭ ‬أعطى‭ ‬تعليمات‭ ‬لإيقاف‭ ‬السيد‭ ‬نبيل‭ ‬القروي‭ ‬بقطع‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬تورطه،‭ ‬وبرأيي‭ ‬إنه‭ ‬متورط‭ (‬نبيل‭ ‬القروي‭). ‬ورئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬أعطى‭ ‬تعليمات‭ ‬لتطبيق‭ ‬القانون‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يفترض‭ ‬أن‭ ‬يطبق‭ ‬منذ‭ ‬مدة‭ ‬طويلة‮»‬‭.‬
وكانت‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬التونسية‭ ‬أعلنت،‭ ‬قبل‭ ‬أيام،‭ ‬إيقاف‭ ‬المرشح‭ ‬الرئاسي،‭ ‬نبيل‭ ‬القروي،‭ ‬وإيداعه‭ ‬سجن‭ ‬المرناقية‭ ‬في‭ ‬العاصمة‭ ‬تنفيذاً‭ ‬لأمر‭ ‬قضائي‭ ‬صادر‭ ‬بحقه،‭ ‬ويتعلق‭ ‬باتهامه‭ ‬بغسل‭ ‬الأموال‭ ‬والتهرّب‭ ‬الضريبي‭. ‬وسارع‭ ‬حزب‭ ‬القروي‭ (‬قلب‭ ‬تونس‭) ‬وأطراف‭ ‬سياسية‭ ‬أخرى‭ ‬إلى‭ ‬اتهام‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة،‭ ‬يوسف‭ ‬الشاهد،‭ ‬بالوقوف‭ ‬وراء‭ ‬عملية‭ ‬الإيقاف،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬نفاه‭ ‬حزب‭ ‬الشاهد‭ (‬تحيا‭ ‬تونس‭)‬،‭ ‬داعيhً‭ ‬إلى‭ ‬عدم‭ ‬استغلال‭ ‬القضية‭ ‬لتشويه‭ ‬سمعة‭ ‬مرشحه‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى