تقارير وتحليلات

رئيس المكسيك فتح قصر الرئاسة على مصراعيه أمام المواطنين ويتنقل بسيارة متواضعة

احتفل الرئيس المكسيكي الجديد، أندريس مانويل لوبيز أوبرادور، بتولي مهام منصبه الجديد أمس السبت الأول من ديسمبربين حشدٍ من مؤيديه في أجواء احتفالية في الساحة الرئيسية بالعاصمة أمام القصر الوطني الذي يعود تاريخه إلى قرون من الزمن والذي سيجعله مقراً لحكمه.

حسب تقرير صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية يستخدم الزعيم اليساري البالغ من العمر 65 عاماً سيارة مدمجة (سيارة عائلية صغيرة)، ويتجنَّب استخدام الحرس الشخصي العسكري، ويرفض العيش في المقر الرئاسي الفاخر شديد الحراسة الذي يقع على بعد 9 كيلومترات باتجاه الغرب. وسيقيم بدلاً من ذلك في منزله المتواضع في الطرف الجنوبي من المدينة.

كان أول إجراء رسمي اتخذه لوبيز أوبرادور هو فتح بوابات مقر الإقامة الرئاسية المترامي الأطراف والمعروف باسم  Los Pinos على مصراعيه، ويقع هذا المقر في ركن أضخم حديقة في العاصمة مكسيكو سيتي. وسيُستخدم المُجَّمع الآن لإقامة الفعاليات العامة، بعد أن ظلّ مغلقاً أمام الجمهور منذ بُنيَت الأجزاء الأولى منه في ثلاثينيات القرن الماضي.

كانت غابرييلا باريينتوس، وهي سكرتيرة متقاعدة، وخيسوس بازيليو، وهو بائع في السوق، من بين أوائل مئات الأشخاص الذين اصطفوا عند البوابة للدخول إلى ما أطلق عليه بازيليو «بيت الشعب، مكاناً رمزياً سنتمكن من دخوله لأول مرة».

وأعربت يانيث فييرو، وهي ربة منزل من أكابولكو جنوب غربي مدينة مكسيكو سيتي، عن خيبة أملها حيال إفراغ العديد من الغرف من محتوياتها بالكامل. إذ قالت: «أردنا أن نرى الأثاث، لكنَّ «غوفياتا» (لقب السيدة الأولى السابقة أنجليكا ريفيرا) أخذت كل شيء».

وذهب آلان خيمساني، وهو باحث في التسويق يعيش في حيٍ راقٍ يقع بالقرب من المجمع، إلى بوابة أخرى لإلقاء نظرة على المكان قبل فتح أبوابه.

قال خيمساني: «إنَّه أمرٌ محزن بعض الشيء. كان من الجميل أن يعيش الرئيس في مكان جيد، مثل القادة في البلدان الأخرى».

قال خيمساني إنَّه قلق بشأن تأثير سياسات لوبيز أوبرادور على الاقتصاد، مشيراً إلى أنَّ أسعار الأسهم وقيمة البيزو المكسيكي انخفضت في الأسابيع الأخيرة. وأضاف خيمساني: «يشعر الناس بالتوتر، بمَن فيهم أنا».

وداخل المجمع، شيَّد الرؤساء المتعاقبون عدة منازل، تراوحت بين الفخمة والعادية.

كانت هناك دلائل واضحة على الفخامة: الرخام، والأعمال الفنية، وخزائن الملابس بحجم الغرفة والمكاتب والمكتبات الخشبية. وكانت هناك سينما صغيرة في الطابق السفلي من أحد المباني.

«لم يكن أحدٌ يعرف أنَّ رؤساءنا عاشوا بهذه الطريقة»

قال هوميرو فيرنانديز، الذي يعمل مشرفاً على المجمع لدى الحكومة الجديدة: «لم يكن أحدٌ يعرف أنَّ رؤساءنا عاشوا بهذه الطريقة، الأمر أشبه بإزالة القناع. كان كل شيء غامضاً وفاخراً بحجة الأمن القومي».

صافح لوبيز أوبرادور يوم السبت الناس من نافذة سيارة متواضعة فيما كان موكبه يشق طريقه إلى القصر الوطني لتناول العشاء مع كبار الشخصيات والزعماء الأجانب بعد تنصيبه رئيساً.

كانت الأجواء الاحتفالية تسود الساحة. إذ أدَّى الراقصون الشعبيون التقليديون ومُغنّو الرانشيرا (نوع من الموسيقى الشعبية المكسيكية) عروضهم على المنصة، بينما لوَّح أنصار الرئيس لوبيز أوبرادور بأعلام تحمل صوره، وانتشر بائعو الدمى القماشية والتماثيل البلاستيكية التي تُصوِّر هيئة الرئيس الجديد.

طغت العاطفة على مشاعر سانتا فلوريس عندما كانت تستمع إلى لوبيز أوبرادور. عندما وجه لوبيز الشكر لمؤيديه على انضمامهم إلى ما وصفه بـ»الحركة» التي خاضت صراعاً طويلاً للوصول إلى السلطة، رفعت فلوريس قبضتها في الهواء وصرخت: «ها نحن ذا!». بعد ذلك، وبينما تحاول كتمان دموعها، قالت إنَّها دعمت الرئيس لأكثر من 20 عاماً، ولم تُفوِّت أي دعوة للعمل أو للمشاركة في مسيرة احتجاج.

استأجرت فلوريس، التي تعيش في مكسيكو سيتي، غرفة في فندق بالقرب من ساحة زوكالو للاحتفال بالحكومة الجديدة. وكانت تقف إلى جوارها ماريا أنطونيا فلوريس، التي قالت إنَّ لوبيز أوبرادور هو الرئيس الذي تستحقه المكسيك. وقالت: «نحن نحبه لأنَّه صادق. إنَّه يعمل بجد. لم يخذلنا أبداً. إنَّه لا يحب الفساد».

سافرت صوفيا زفالا وابنتها جاكلين فلوريس من بلدة مكسيكالي الحدودية الشمالية لتشهد تنصيب  لوبيز أوبرادور. وقالت النساء إنَّهن يشعرن بأنَّ الرئيس السابق، إنريكه بينيا نييتو، كان يهتم بنفسه فقط ويسعى للاغتناء بينما يهمل الشرائح الضعيفة مثل مجموعات السكان الأصليين الكثيرة في المكسيك.

وقالت صوفيا وهي تحمل علماً يحمل صورة الرئيس: «نأمل أن يكون هذا تغييراً للأفضل».

حضر حفل تنصيب الرئيس الجديد كذلك الرئيس الاشتراكي الفنزويلي المُحاصَر بالمشكلات نيكولاس مادورو. وهتف أنصار لوبيز أوبرادور في ساحة زوكالو عندما ظهر مادورو على الشاشات الكبيرة في الساحة، مع أنَّ مشرعين في الكونغرس المكسيكي هتفوا «ديكتاتور!». وانطلقت صيحات الاستهجان من أفواه الجماهير عندما ظهر بينيا نييتو.

وقال ميغيل أنخيل تولنتينو، وهو بائع في أحد محلات المجوهرات الصغيرة المنتشرة على أحد جانبي ساحة زوكالو، إنَّه لم يُصوِّت في انتخابات الأول من يوليو/تموز الماضي لأنَّه لم يستطع أن يُقرِّر اختيار مرشح ليدعمه. لكنَّه قدح في  بينا نييتو. إذ قال تولينتينو، بينما كان المتسوقون يتأملون الميداليات الفضية والذهبية لمريم العذراء التي ملأت نوافذ المتجر: «كان الأسوأ على الإطلاق. فازدادت أعداد تجار المخدرات وازدادت الوفيات (في عهده)».

وكان من بين تعهدات حملة لوبيز أوبرادور التي علقت بشكل أكبر بذهن تولينتينو أنَّ الرئيس سيُحدِث «تغييراً جذرياً» في المكسيك بداية بمحاربة الفاسدين وسحب المعاشات التقاعدية من الرؤساء السابقين. وقد ألغى الكونغرس المكسيكي الذي يسيطر عليه حزب «مورينا» الذي ينتمي إليه لوبيز أوبرادور بالفعل تلك المعاشات.

ورفض تولنتينو رأسه بصورة قطعية الممارسة المتمثلة في دفع رواتب للرؤساء السابقين مدى الحياة بعد «أن سرقوا الكثير منها بالفعل».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى