تقارير وتحليلات

فيديو حارس ماكرون تتسبب له في أزمة بالأليزيه

يتعرض الرئيس إيمانويل ماكرون لموجة غضب شعبي وسياسي قد تؤثر علي شعبيته وهي اخطر أزمة يواجها منذ توليه منصبه بسبب حارسه الشخصي الكسندر بينالا، المسؤول في الرئاسة الفرنسية، الذي ظهر في مقطع فيديو وهو يضرب متظاهراً، ما جعل لا شيء ييشغل الإليزيه في الوقت الراخن إلا قضيته التي قد لا تنتهي بإقالته.

 

وفي مقطع الفيديو يظهر رجل يرتدي خوذة وشعار تعريف الشرطة، وهو يجر امرأة بعيداً، ثم يضرب متظاهراً يوم الأول من مايو/أيار، حيث كانت هنالك تظاهرات في فرنسا بمناسبة يوم عيد العمال، وجرى التعرف على الرجل في وقت لاحق، وتبيّن أنه أحد موظفي الرئاسة الفرنسية، بل والحارس الشخصي لماكرون.

وهيمنت الواقعة المثيرة للجدل على التغطية الإعلامية في فرنسا خلال الساعات الأربع والعشرين الأخيرة فيما انتقد زعماء المعارضة ماكرون لأنه لم يفصل الرجل على الفور والتزم الصمت، بحسب ما ذكرته وكالة رويترز.

وعكست الصحف الفرنسية حجم ضخامة القضية التي يبدو أنها لن تقف عند مجرد توقيف بينالا، مسلطة الضوء على خفايا وتداعيات جديدة. وتصدرت صورة ماكرون وحارسه الشخصي بينالا صحيفة leparisien الفرنسية، وقالت إن قضية اعتداء بينالا على المتظاهر ستضعف ماكرون.

وعلى الرغم من أن ماكرون يكره اتخاذ القرارات تحت وقع الضغوط، إلا أنه كان مضطراً للاستماع لتذمر الساسة، والقانونيين، وأجهزة الأمن الفرنسية، فقرر طرد حارسه الشخصي نهائياً وهو الآن يخضع للتحقيق، وفقاً لما نقلته إذاعة Monte Carlo الفرنسية.

وبحسب وسائل الإعلام الفرنسية، فإن قضية بينالا تمثل أخطر قضية يواجهها ماكرون منذ بداية عهدته الرئاسية، حيث انتقدت صحيفة leparisien طريقة إدارة قصر الإليزيه لهذه الأزمة واصفة إياها «بالكارثية».

والذي زاد من غضب الإعلام والفرنسيين، تصريح باتريك ستزودا، مدير مكتب الرئيس الفرنسي، الذي قال إن ماكرون كان على علم بالقضية، وبالتالي من المحتمل أن يطرد أيضاً مدير مكتب ماكرون.

وذهبت الصحيفة نفسها إلى القول، بأنه من المحتمل أن تؤدي قضية بينالا إلى إقالة وزير الداخلية جيرار كولومب، في انتظار ما ستفسر عنه التحقيقات التي طالت جميع الضالعين في فلك بينالا.

واليوم السبت، قالت وكالة الأنباء الفرنسية، إن كولومب سيدلي يوم الإثنين المقبل بشهادته بقضية بينالا، أمام لجنة القوانين التابعة للجمعية الوطنية، مشيرةً إلى أن الجلسة ستكون علنية، وسيعاد بثها على التلفزيون.

وكان بينالا أوقف قيد التحقيق أمس الجمعة، وقال مصدر قضائي للوكالة الفرنسية، إنه «متهم بأعمال عنف ارتكبها شخص مكلف الخدمة العامة، واستغلال مهامه واستخدام رموز مخصصة لسلطة عامة والتواطؤ للاستيلاء على صور جاءت من كاميرات مراقبة».

ماكرون في وجه العاصفة

وفي تعليقها على الحادثة، قالت صحيفة Le Figaro الفرنسية، إن ماكرون يواجه أخطر قضية سياسية له، متحدثة عن جهود ماكرون لتجاوز العاصفة التي واجهته بعد تسليط الضوء على ما فعله بينالا.

وأضافت الصحيفة أن أخطر ما في القضية أن تقدم التحقيقات يكشف المعاملة الخاصة والتفضيلية التي يتمتع بها بينالا، بعدما حصل على شقة فخمة في حي كي برونلي، وسيارة فخمة مع سائق خاص، كما تبين أن شخصيته متجبرة عنيفة وعدوانية، وأشارت الصحيفة إلى أن كل ذلك يسيء إلى صورة إيمانويل ماكرون.

وتساءلت الصحيفة: «كيف لماكرون أن يختار واحداً مثل بينالا كحارس شخصي، ولماذا يحظى واحد من أصول عربية بهذا المنصب الحساس»، وفق تعبيرها.

ليبيراسيون: حريق في قصر الإليزيه

بهذا العنوان تحدثت صحيفة ليبراسيون (Libération) عن أزمة ماكرون بسبب حارسه، وقالت إنه على الرغم من فصل الحارس، إلا أن هناك زوايا مظلمة في القضية تحولت إلى فضيحة دولة.

ووصفت الصحيفة قضية بينالا «بالحريق الذي شب في قصر الإليزيه والذي لم تخمده الإقالة»، نظراً للمعلومات التي تكشفها التحقيقات وأيضاً لتناقض الحجج التي يدافع بها قصر الإليزيه عن نفسه، وفقا لما نقلته إذاعة Monte Carlo عن الصحيفة.

واعتبرت الصحيفة أن رائحة الخوف تفوح من «حزب الجمهورية إلى الإمام» الذي ينتمي إليه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مشيرةً أن «حارس الرئيس الشخصي الذي يحظى بثقته يجد نفسه محتجزاً، ثم إن الرجل الثاني في الإليزيه ومدير مكتب الرئيس الفرنسي هو أيضاً يخضع للتحقيق كشاهد رئيسي في القضية».

ووفقاً لصحيفة Le Monde فإن عدداً من مستشاري الرئيس حذروا ماكرون من الطبع المتهور لحارسه الشخصي لكن ماكرون تمسك ببينالا، الأمر الذي يضع ماكرون أمام مزيد من الضغوط.

وهذه الصحيفة هي التي فجرت قضية بينالا، وذلك غداة نشرها يوم الأربعاء الفائت مرفقاً بفيديو، وقالت فيه إن «ألكسندر بينالا، المستشار المقرب من رئيس الجمهورية (…) هجم على شاب كان طريح الأرض أثناء تظاهرة بمناسبة عيد العمال». ولفتت إلى أن مدير مكتب ماكرون، أكد أن «بينالا هو الرجل الذي ظهر في الفيديو».

وأظهر استطلاع أجرته صحيفة Le Figaro أن قضية بينالا ستحمل معها مزيداً من المشكلات لماكرون حتى بعد فصله، إذ رأى 81.35 % من المشاركين بالاستطلاع أن فصل الحارس الشخصي للرئيس لن ينهي الأزمة، فيما قال 18.36 % إن هذا الإجراء كفيل بإنهاء الأزمة.

من طالب حقوق إلى حارس للرئيس

ولم يكن اسم بينالا متداولاً في فرنسا ولا معروفاً على نطاق واسع قبل أن تتفجر فضيحة الفيديو، وبحسب ما ذكرته وسائل إعلام فرنسية، فإن بينالا يبلغ من العمر 26 عاماً، وولد في حي مادلين بمدينة إيفرو الواقعة بمنطقة النورماندي في شمال فرنسا.

وأشار موقع تلفزيون France24 إلى أن بينالا كان طالب حقوق بباريس قبل أن يتحول إلى عالم الأمن وحراسة الشخصيات.

وبدأ بينالا يمارس مهنته بين عامي 2009 و2010 في الحزب الاشتراكي. ورصد موقع مجلة لونوفيل أوبس شهادة المسؤول السابق عن الأمن في الحزب اليساري إريك بلوميه، والذي شدد على أن الشاب أبدى رغبة شديدة في ممارسة مهنة الحراسة الشخصية.

وبعد انتخاب الرئيس السابق فرانسوا هولاند مرشحا رسمياً للاشتراكيين، قرر إريك بلوميه على حد قوله تحويل بينالا للفريق الأمني المكلف بحراسة هولاند. وفي وقت لاحق، أصبح سائقاً خاصاً لوزير الاقتصاد السابق أرنو مونتبور.

وبعد إعلان إيمانويل ماكرون نيته الترشح للانتخابات الرئاسية، التحق بينالا بمرشح حركة «الجمهورية إلى الأمام» كمسؤول أمني مقابل راتب شهري يقدر بـ3500 يورو، ليصبح مع مر الأيام أحد المقربين من الرئيس الفرنسي المنتخب في أيار/مايو 2017، ومن ثم حارسه الشخصي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى