تقارير وتحليلات

قوات النظام السوري تكسر الهدنة في إدلب

يشهد ملف منطقة إدلب شمال غربي سوريا تسخيناً دولياً عالياً، من جديد، وهو ما برز في إعلان وزارة دفاع النظام، التي أعلنت استئناف قصف آخر منطقة للمعارضة، وخرق اتفاق التهدئة المبرم قبل نحو أربعة أيام في العاصمة الكازاخية نور سلطان، حيث جددت قواتها قصف أرياف إدلب وحماة والساحل.
ميدانياً، زعمت القيادة العامة لقوات النظام المسلحة، أن خرق اتفاق وقف إطلاق النار، المبرم الجمعة، جاء رداً على هجمات جديدة لقوات المعارضة، وذكر البيان «على الرغم من إعلان الجيش العربي السوري الموافقة على وقف إطلاق النار في منطقة خفض التصعيد في إدلب في الأول من شهر آب الحالي، فقد رفضت المجموعات الإرهابية المسلحة، المدعومة من تركيا، الالتزام بوقف إطلاق النار وقامت بشن العديد من الهجمات على المدنيين في المناطق الآمنة المحيطة» وزعم النظام السوري وقوف أنقرة وراء تلك الهجمات حيث قال «انطلاقاً من كون الموافقة على وقف إطلاق النار كانت مشروطة بتنفيذ أنقرة لأي التزام من التزاماتها بموجب اتفاق سوتشي، وعدم تحقق ذلك، على الرغم من جهود الجمهورية العربية السورية بهذا الخصوص، فإن الجيش والقوات المسلحة ستستأنف عملياتها القتالية ضد التنظيمات الإرهابية، بمختلف مسمياتها، وسترد على اعتداءاتها، وذلك بناء على واجباتها الدستورية في حماية الشعب السوري وضمان أمنه».

المتحدث الرسمي باسم الجيش الوطني المقرب من انقرة، الرائد يوسف الحمود، نفى لـ»القدس العربي» حدوث أي خرق من جانب فصائل المعارضة المنتشرة شمال غربي سوريا، وقال «لم يكن هناك خرق من جهة في المعارضة الثورية» أما عن سبب عودة القصف وخرق النظام للاتفاق، أوضح القيادي «النظام السوري مسلوب القرار وهو منفذ لتعليمات دولية، سواء كانت روسية أو إيرانية وحتى أمريكية، فهذه الدول من يضبط ويدير الواقع العسكري حتى الآن في سوريا».

تصعيد روسي – سوري

ورجح الحمود معاودة موسكو قصف المنطقة، ومواصلة عمليات التهجير ومحاولات التقدم وقضم المنطقة، لافتاً إلى «نتائج الاجتماعات التركية – الأمريكية بخصوص المنطقة الشرقية»، واعتبر ان «هناك ضوءاً أخضر للنظام بإعادة تهديد المنطقة». وقال القيادي البارز في الجيش الحر «الأمر سواء، في حال كانت المفاوضات متعثرة فواشنطن ستعطي الضوء الأخضر للنظام، أما اذا كانت المفاوضات تسير في طريق إيجابي فالروس سيحاولون عرقلتها ضمن حجج ودواعٍ زائفة». وقالت مصادر محلية لـ»القدس العربي»، ان 11 طائرة حربية ومروحية، تحوم في أجواء ادلب وحماة، كما أكد المصدر ان «طائرات النظام ومروحياته، عاودت قصف ريف إدلب، حيث نفذ الطيران المروحي عملياته، في خان شيخون»، فيما رصد ناشطون سبع مروحيات وأربع مقاتلات حربية للنظامين الروسي والسوري في أجواء المنطقة.
وقال المرصد السوري لحقوق الانسان ان قوات النظام جددت ضرباتها البرية بشكل مكثف على أرياف إدلب وحماة، وقصفت بلدة الزكاة ومحيطها في ريف حماة الشمالي، في خرق متواصل منها لاتفاق وقف إطلاق النار ضمن منطقة خفض التصعيد، ليرتفع عدد القذائف الصاروخية التي استهدفت بها قوات النظام أماكن في كل من خان شيخون والهبيط وحرش عابدين في ريف إدلب الجنوبي، وبلدة الناجية وأطرافها ومحيط قرية مرعند بريف جسرالشغور الغربي، إلى 160 قذيفة، بالإضافة إلى كفرزيتا واللطامنة والزكاة بريف حماة الشمالي، وذلك في اليوم الرابع من بدء تطبيق وقف إطلاق النار في المنطقة.

المنطقة الأمنية

من جهة أخرى جددت تركيا الاثنين دعوتها الولايات المتحدة كي تكفّ عن دعم الفصائل الكردية في شمال سوريا، في وقت تعمل واشنطن لمنع هجوم تهدد أنقرة بشنّه ضد هذه الفصائل.
وصرّح وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو خلال مؤتمر صحافي في أنقرة «ننتظر من الولايات المتحدة ان تردّ إيجابياً على دعوتنا الكفّ عن التعاون» مع وحدات حماية الشعب الكردية. وتعتبر تركيا وحدات حماية الشعب الكردية «تنظيماً إرهابياً» يهدد أمنها القومي لكن الولايات المتحدة ودول غربية أخرى على غرار فرنسا دعمت هؤلاء المقاتلين الأكراد ضد تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا.
وتأتي تصريحات تشاوش أوغلو فيما كان مسؤولون أتراك وأمريكيون يجرون محادثات في أنقرة بشأن احتمال إنشاء «منطقة آمنة» في شمال سوريا تهدف إلى فصل الحدود التركية عن بعض مواقع وحدات حماية الشعب الكردية. وأعلنت وزارة الدفاع التركية أن المباحثات في هذا الخصوص ستستأنف الثلاثاء في العاصمة التركية.
وحسب الصحف التركية تتعثر المفاوضات حالياً حول عمق «المنطقة الأمنية» المحتملة اذ تطالب أنقرة بشريط عرضه 30 كلم أكبر من الاقتراح الأمريكي. كما تريد تركيا أن تسيطر وحدها على هذه المنطقة. وفي الأيام الأخيرة، أكدت تركيا مرات عدة أنه إذا لم تكن المقترحات الأمريكية «مرضية»، ستشنّ عملية في سوريا لإقامة «منطقة آمنة» بشكل أحادي.
وهدّد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الأحد بشنّ عملية عسكرية ضد مواقع وحدات حماية الشعب الكردية شرق نهر الفرات. وقال اردوغان «لقد دخلنا عفرين وجرابلس والباب. سنتوجّه لاحقاً شرقي الفرات»، في إشارة إلى المناطق التي سيطرت عليها فصائل معارضة سورية تدعمها تركيا. وفي الأسابيع الأخيرة، أفادت وسائل إعلام تركية عن إرسال آليات عسكرية ووحدات كوماندوز إلى مناطق تركية قريبة من الحدود السورية. ودعمت القوات التركية الفصائل السورية في إطار عملية شنتها عام 2016 ضد تنظيم الدولة الإسلامية ووحدات حماية الشعب الكردية. وفي مطلع العام 2018، طردت الفصائل السورية الموالية لأنقرة من عفرين المقاتلين الأكراد.

«مأساة جديدة»

حذر تشاووش أوغلو، أمس، من أن أي مأساة إنسانية تشهدها محافظة إدلب جراء هجمات النظام السوري وحلفائه، ستكون أشد وقعاً من سابقاتها. جاء ذلك خلال كلمة له في افتتاح مؤتمر السفراء الأتراك الحادي عشر المنعقد في العاصمة أنقرة حسب وكالة الاناضول. وقال تشاووش أوغلو إن «تركيا تقود الجهود الدولية الرامية لإنهاء الصراع السوري وقدمت مساهمات ملموسة في سبيل ذلك». وأضاف «نبذل جهودنا لتحقيق الهدوء في الميدان من خلال مواصلة التعاون مع روسيا وإيران في إطار مساري أستانة وسوتشي».
وأردف قائلاً «لم نأل جهداً لمنع هجمات النظام السوري وحلفائه ضد المدنيين في الآونة الأخيرة، وأدعو العالم بأسره لدعم جهودنا، وأود أن أحذر الجميع من أن أي مأساة إنسانية ستشهدها إدلب ستكون أفظع مما حدث في 2015». من جهة أخرى، أوضح أن أحد الأهداف الرئيسية للسياسية الخارجية التركية هو إنشاء حزام سلام وتنمية مستدام في محيطها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى