تقارير وتحليلاتمنتدى الفكر الاستراتيجي

كتالونيا تهدد أسبانيا بحرب أهلية جديدة تحرق أوروبا

 

نجح كارلس بوجديمون، رئيس إقليم كتالونيا المطارد بتهمة الخيانة والتمرد في إسبانيا، في الهروب ولاوصول إلى بلجيكا، التي تعهدت بحمايته وحذرت مدريد من المساس به.

وتمثل هذه التطروات سابقة خطيرة تنذر ليس فقط بحرب أهلية في اسبانيا لكنها قد تعبر الحدود إلى أوروبا وتمدد إلى صراع سياسي ودبلوماسي وربما يتحول إلى حرب بالوكالة مع دخول دولا أوروبية على خط دعم الانفصاليين، مثلما حدث من قبل إبان الحرب الأهلية الاسبانية منتصف القرن الماضي.

وعلقت وزارة الداخلية الإسبانية، أنّه لا يقلقها سفر حاكم إقليم كتالونيا، مضيفة أنّ ما يهم الأنّ هو عدم تواجده بمقر الحكومة الإقليمية فى كتالونيا، وفقاً لصحيفة “بانجوارديا”.

وجاء ذلك بعد قليل من تسريب مصادر بالحكومة الكتالونية نبأ عن هروب بوتحديمون وأفراد من حكومته لبروكسل، بعد يومين من مطالبته بالصمود السلمى والصبر لتحيق الاستقلال.

ومن جانبها قالت بلجيكا أنها ستحمي المسؤولين الكتالونيين، خاصة أنه في ظل الحملة الحالية ضدهم لا توجد ضمانات لحصولهم على محاكمهم عادلة في أسبانيا.

وقال وزير الهجرة البلجيكي، تيو فرانكين، إن بلاده قد تمنح حق اللجوء السياسي للزعيم الانفصالي بوجديمون، وهو الأمر الذي ستجد إسبانيا صعوبة في منعه.

وكان من المتوقع أن يحضر بوجديمون مباراة لكرة القدم في جيرونا، معقل الحركة المؤيدة للانفصال، والتي فاز فيها فريق جيرونا على النادي الملكي ريال مدريد، الذي يدعمه رئيس الوزراء راخوي، بهدفين لهدف، لكن الزعيم الانفصالي لم يحضر المباراة واختفى تماما عن الأنظار.

ورغم تصريحات مدريد غير القلقة إلا أن الوضع سيسوء مستقبلا ومن المرجح اشتعال صراع بينها وبين بلجيكا، خاصة في ظل حملة القمع والملاحقة والمطاردة التي أطلقتها الحكومة الأسبانية ضد مسؤولي كتالونيا في كل مكان.

حرب أهلية جديدة

وحذر خبراء غربيون من أن القمع في كتالونيا والاجراءات العنيفة قد تؤدي إلى حرب أهلية وخرج تمرد مسلح في كتالونيا، على غرار ما كان يحدث في إقليم الباسك والتمرد المسلح الذي استمر لعقود من حركة ايتا الانفصالية، والتي نفذت العديد من العمليات المسلحة ضد اسبانيا.

وقالت سارة رينزفورد، مراسلة بي بي سي في مدريد، إن اعتقال بوجديمون على الأرجح سيثير احتجاجات، وربما هذا هو أحد الأسباب التي دفعت وزير الداخلية لتوجيه الخطاب إلى ضباط الشرطة.

وقال كبار ضباط الشرطة لبي بي سي إنهم بالفعل استجابوا للأوامر التي صدرت بإزالة صور زعيم كتالونيا المُقال بوجديمون من جميع مراكز الشرطة المنتشرة في الإقليم.

وتتزايد المخاطر أيضا من وقوع مصادمات مسلحة وحرب على غرار تلك التي وقعت إبان الحرب العالمية الثانية واستمرت من 1936 إلى 1939 وكانت حربا بين الجمهوريين، الموالين للديمقراطية، والجمهورية الإسبانية الثانية ذات الاتجاه اليساري، والوطنيين، وهي مجموعة فلانخية تحت قيادة الجنرال فرانسيسكو فرانكو. على الرغم من أنها صورت كصراع بين الديمقراطية والفاشية، فإن التاريخ يصفها بالضبط كصراع بين الثورة اليسارية والثورة المضادة اليمينية.

احتلال الإقليم

وسحبت أسبانبا اعترافها بالحكم الذاتي للاقليم، ونشرت قوات من الجيش والشرطة وطالبت القوات الأمنية في الاقليم بالانصياع لأوامرها واعلان الولاء بالقوة لحكومة مدريد.

وأصدر المدعي العام الإسباني، خوزيه مانويل مازا، أمرا بملاحقة جميع أعضاء حكومة كتالونيا، وهناك اتهامات خطيرة من بينها الخيانة والتمرد والتحريض والتي قد تزج بهم في السجن لعقود طويلة.

يأتي هذا بعد أن بدأت الحكومة في مدريد اتخاذ إجراءات لفرض الحكم المباشر على كتالونيا، ومنها استبدال موظفي الخدمة المدنية في الإقليم بمسؤولين إسبان.

وفي وقت سابق، أكد وزير الخارجية الإسباني، الفونسو داستيس، موقف بلاده بأن زعيم إقليم كتالونيا المُقال، كارلس بوجديمون، يمكنه الترشح في الانتخابات الجديدة المُقررة في الإقليم في ديسمبر المقبل، إذا لم يُسجن.

وتزامنت تصريحات وزير الخارجية الإسباني مع انطلاق مظاهرة حاشدة مؤيدة لوحدة إسبانيا ورافضة للانفصال في مدينة برشلونة، أكبر مدن كتالونيا.

بوجديمون يتحدى

وقبل هروبه من كتالونيا أعلن يوجديمون عن رفضه لاجراءات مدريد وتحديها بشكل كامل ولا يملك أحد أن يقيله من منصبه، وما يحدث هو انتزاع للسلطة الشعبية واحتلال لكتالونيا.

ودعا بوجديمون إلى “معارضة ديمقراطية” للحكم المباشر من مدريد.

لكن وزير خارجية أسبانيا قال لشبكة سكاي نيوز “إننا لا ننتزع الحكم الذاتي من كتالونيا، لكننا في الواقع نعيد تأسيسه فقط.”.

وأضاف داستيس “لقد اتضحت الحقيقة وستتضح أكثر (لمؤيدي الانفصال)، وسيعلمون أنه لا يمكنهم فعل شيء دون سلطة القانون وأنهم يغتصبون السلطة”.

وعلى صعيد متصل، وجه وزير الداخلية، خوان إيجناسيو زويدو، خطابا إلى جميع ضباط الشرطة في كتالونيا يطلب منهم تأكيد ولائهم للحكومة مع بدء “حقبة جديدة” في الإقليم.

وأوضح أنه يجب على ضباط شرطة الإقليم، التي تخضع الآن للسيطرة المباشرة من الحكومة المركزية في مدريد، أن يتذكروا واجبهم بالانصياع للأوامر وضمان “حقوق وحريات الجميع”.

 

 

بداية الانفصال

وتشهد إسبانيا أزمة دستورية عاصفة منذ إجراء كتالونيا استفتاءً للانفصال، نظمته حكومة بوجديمون المؤيدة للانفصال، في وقت مبكر من هذا الشهر، وذلك في تحدٍ لقرار المحكمة الدستورية التي قضت بعدم قانونية الاستفتاء.

وتقول الحكومة الكتالونية إن 90% من المشاركين في الاستفتاء، الذين بلغت نسبتهم 43% من الناخبين المسجلين، أيدوا الانفصال عن الدولة الأم.

وأعلن برلمان كتالونيا الانفصال يوم الجمعة، وردت مدريد باعتبار هذه الخطوة غير قانونية.

وأعلن رئيس الوزراء الإسباني، ماريانو راخوي، بعد ذلك حل برلمان الإقليم وإقالة بوجديمون من منصبه، وأصدر قرارا بإجراء انتخابات جديدة في 21 ديسمبر المقبل.

وقبل أن تفرض مدريد حكمها المباشر على حكومة كتالونيا، كان الإقليم يتمتع بأحد أعلى مستويات الحكم الذاتي في إسبانيا.

وتحظى كتالونيا ببرلمانها الخاص وجهاز شرطة وهيئة بث إذاعي وتلفزيوني بالإضافة إلى حكومة ورئيس للإقليم، لكن كل هذا جرى حله وأصبح خاضعا للأوامر المباشرة من الحكومة المركزية.

ويتمتع مواطنو كتالونيا بمجموعة من الصلاحيات في العديد من المجالات بدءا من الثقافة إلى البيئة والاتصالات والنقل والتجارة والسلامة العامة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى