تقارير وتحليلات

كركوك: حزب بارزاني يسعى لتطبيع الأوضاع وعودة البيشمركه

عادت الخلافات في محافظة كركوك إلى الواجهة، بعد اتفاق الحزبين الكرديين الرئيسين على حسم منصب المحافظ لصالحهم، وسط رفض التركمان وإصرارهم أيضاً على عدم عودة قوات البيشمركه الكردية مجدداً، وإشراكها في الملف الأمني للمدينة الغنيّة بالنفط.
ويتبنى الحزب «الديمقراطي الكردستاني»، بزعامة مسعود بارزاني، مفاوضات تطبيع الأوضاع في كركوك، الممهدة لتعين محافظ «كردي» وعودة قوات البيشمركه إلى المدينة مجدداً بعد انسحابها منها، إبان أحداث 16 أكتوبر/ تشرين الأول 2017 (خطة فرض القانون).
قال نائب رئيس مجلس قيادة الحزب «الديمقراطي الكردستاني» في كركوك ـ كرميان، دياري حسين، في تصريح أورده إعلام الحزب، إن «لجنة تطبيع الأوضاع في كركوك مستمرة في حواراتها واجتماعاتها من أجل إخراج القوات والمسلحين المتواجدين في المدينة، وإعادتهم الى ثكناتها الأولية، وتشكيل قوات جديدة تضم جميع مكونات المدينة لحمايتها»، مبيناً أن اللجنة تعمل أيضاً على «تشكيل قوات مشتركة من الجيش العراقي والبيشمركه بحيث تضم جميع المكونات لحماية أطراف المدينة والدفاع عنها».
وأضاف أن «ما يجري العمل عليه كان من اقتراحنا، ونحن ماضون في مطلبنا كون ذلك السبيل الوحيد لحماية المدينة وإرضاء جميع المكونات»، مشيراً إلى أن حزبه «متفائل بنتائج المناقشات والاجتماعات، فبعد زيارة رئيس إقليم كردستان (نيجرفان بارزاني) إلى بغداد، غيرت الأخيرة من سياستها تجاه الإقليم، وهي تعمل على معالجة المشاكل القائمة بين الجانبين، ونأمل أن تثمر الحوارات القائمة عن نتائج جيدة».
يأتي ذلك بالتزامن مع «تبرئة» القضاء العراقي الاتحادي، رئيس مجلس محافظة كركوك، ريبوار طالباني، من التهم الموجهة إليه على خلفية أحداث استفتاء انفصال الإقليم، ورفع علم كردستان العراق فوق المباني الرسمية في المحافظة.

تهم كيدية

وقال طالباني، في مؤتمر صحافي عقده في أربيل، عاصمة الإقليم، إن «ملف المحاكم الصادرة بحقي قد انتهى وتمت تبرئتي من جميع التهم التي كانت موجهة إلي»، مبيناً أن «تلك التهم كانت كيدية وتفتقر إلى الأدلة، وعلى أثره صدر الحكم من المحكمة ببراءتي».
وعبر رئيس مجلس محافظة كركوك عن شكره لزعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، مسعود بارزاني، وجميع الأطراف والأحزاب السياسية التي ساندته، إضافة إلى القضاء العراقي على «الحكم العادل».
وبشأن عودته لمزاولة عمله بمنصبه في مجلس المحافظة، قال طالباني: «ننتظر حكومة إقليم كردستان والحكومة الاتحادية أن يتوصلا إلى تفاهم واتفاق مشترك حول كركوك وباقي المناطق المتنازع عليها، لكي أعود إلى ممارسة عملي في منصبي كرئيس لمجلس محافظة كركوك».
وأضاف: «التهم الموجهة إلي كانت بسبب تأييدي للاستفتاء ورفع علم كردستان، ورفض الأوضاع التي تبعت أحداث السادس عشر من أكتوبر/ تشرين الأول2017»، لافتاً إلى أن سيعمل في المستقبل على «إلغاء القرارات غير القانونية التي صدرت من المحافظة».
وأكمل: «لقد مورست أعمال غير قانونية في محافظة كركوك خلال الأشهر الماضية، وتقدمت بشكوى قانونية إلى المدعي العام وأنتظر الرد والنتيجة».
وعزا طالباني سبب تسجيل الدعاوى عليه إلى «إجراء الاستفتاء في المحافظة ورفع علم كردستان على المباني الحكومية، والمطالبة بحقوق مواطني المحافظة من جهة، ورفض الأوضاع التي استجدت في كركوك والمشاكل التي عانت منها المحافظة بعد أحداث السادس عشر من أكتوبر من جهة أخرى»، لافتاً: «لو كنت قبلت بأحداث السادس عشر من أكتوبر/تشرين الأول وما تبعه من أحداث في كركوك وبقيت في كركوك كمن بقي فيها، وقبلت بالأمر الواقع، لما تعرضت إلى ما تعرضت إليه من تهم وافتراءات، لكني رفضت الأوضاع وصمدت وتمكنت من تجاوز الأزمة».

وأكد أن «منذ أحداث 16 أكتوبر/تشرين الأول، سعيت إلى توحيد صفوف الكرد وقائمة التآخي والتعايش في كركوك وعقدنا اجتماعات»، مشيراً إلى أن «من مهام المجلس أن يجتمع، وإلغاء جميع القرارات غير القانونية الصادرة خلال هذه الفترة بشكل رسمي، لذا، فهو ينتظر عقد اجتماع المجلس ليتمكن من العمل على إلغاء تلك القرارات المجحفة».
في الطرف المقابل، أعلن التركمان رفضهم عودة القوات الكردية إلى محافظة كركوك، بالإضافة إلى إصرارهم على أن يكون المحافظ تركمانياً لحين انتخاب محافظ جديد.
جاء ذلك خلال اجتماعٍ للهيئة التنسيقية ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ ﻟﻠﺘﺮﻛﻤﺎﻥ، عُقد ﻓﻲ ﺑﻐﺪﺍﺩ ﻭﺑﺤﻀﻮﺭ أﻋﻀﺎﺋﻬﺎ، لبحث ﻣﻠﻔﻲ ﻛﺮﻛﻮﻙ ﻭﺍﻟﺪﺭﺟﺎﺕ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ.
بيان للهيئة ذكر بأن «تم خلال الاجتماع بحث ﻣﻠﻔﻲ ﻛﺮﻛﻮﻙ ﻭﺍﻟﺪﺭﺟﺎﺕ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ، وقد ﻗﺪﻡ ﻣﻤﺜﻞ ﺍﻟﺘﺮﻛﻤﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻟﻤﻜﻠﻔﺔ بإﻳﺠﺎﺩ ﺣﻠﻮﻝ ﻟﻜﺮﻛﻮﻙ ﺷﺮﺣﺎً ﻣﺨﺘﺼﺮﺍً»، ﻣﻮﺿﺤﺎً أﻥ «ﺍﻟﻤﻠﻒ الأﻣﻨﻲ ﻭالإﺩﺍﺭﻱ ﻣﻦ أﻫﻢ ﺍﻟﻤﻠﻔﺎﺕ ﻓﻲ ﻛﺮﻛﻮﻙ، ﻭﺍﺳﺘﻐﺮﺏ أﻋﻀﺎء ﺍﻟﻬﻴﺌﺔ ﺍﻟﺘﻨﺴﻴﻘﻴﺔ ﻣﻦ إﺻﺮﺍﺭ ﺍﻟﻜﺮﺩ ﻋﻠﻰ إﺑﻌﺎﺩ ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺎﺕ الأﻣﻨﻴﺔ ﺍﻻﺗﺤﺎﺩﻳﺔ ﻟﺘﺸﻜﻴﻞ ﺑﺪﻻً ﻋﻨﻬﻢ ﻣﺆﺳﺴﺎﺕ أﻣﻨﻴﺔ أﺧﺮﻯ ﻣﻦ ﻣﻜﻮﻧﺎﺕ ﻛﺮﻛﻮﻙ».

مؤامرة

وأضاف بيان الهيئة أن «هناك ﻣﺆﺍﻣﺮﺓ ﺗﺤﻮﻡ ﺣﻮﻝ ﻛﺮﻛﻮﻙ، ﻭأن ﻫﻨﺎﻙ إﺻﺮﺍﺭاً ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺰﺑﻴﻦ ﺍﻟﻜﺮﺩيين ﻟﻌﻮﺩﺓ ﺍﻟﺒﺸﻤﺮكة ﻭﺍلأﺳﺎﻳﺶ إﻟﻴﻬﺎ»، موكدةً «موافقتها ﺘﺸﻜﻴﻞ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺑﺸﺮﻁ أﻻ ﺗﻜﻮﻥ ﺑﺪﻳﻠﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍلأﻣﻨﻴﺔ ﺍﻻﺗﺤﺎﺩﻳﺔ ﻭﺍﻟﺤﺸﺪ».
وأكدت ﺍﻟﻬﻴﺌﺔ ﺍﻟﺘﻨﺴﻴﻘﻴﺔ ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ ﻟﻠﺘﺮﻛﻤﺎﻥ «ﺗﻮﺍﻓﻖ ﺟﻤﻴﻊ ﺍلأﺣﺰﺍﺏ ﻭﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﺘﺮﻛﻤﺎﻧﻴﺔ على ﺭﻓﺾ ﻋﻮﺩة ﺍﻟﺒﺸﻤﺮكة والأسايش إﻟﻰ ﻛﺮﻛﻮﻙ، ﻭﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﻧﺴﺤﺎﺏ ﺍﻟﺒﺸﻤﺮكه والأسايش إﻟﻰ ﺧﺎﺭﺝ ﺍﻟﺤﺪﻭﺩ ﺍلإﺩﺍﺭﻳﺔ ﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻛﺮﻛﻮﻙ».
وشدد ﻋﻠﻰ «ﺭﻓﺾ ﻋﻮﺩة ﻋﻘﺎﺭﺏ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ إﻟﻰ ﺍﻟﻮﺭﺍء»، مبينةً أﻥ «ﺍﻟﻘﻮﺍﺕ ﺍلأﻣﻨﻴﺔ ﺍﻻﺗﺤﺎﺩﻳﺔ ﻛﻔﻴﻠﺔ ﺑﺎﻟﺤﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻠﻒ الأﻣﻨﻲ مع ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺯﻳﺎﺩﺓ ﺍﻟﺘﻌﺰﻳﺰﺍﺕ ﺍلأﻣﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ».
وطالبت أن «يكون ﻣﺤﺎﻓﻆ ﻛﺮﻛﻮﻙ ﺗﺮﻛﻤﺎﻧﻴﺎً ﻟﻐﺎﻳﺔ ﺍﻧﺘﺨﺎﺏ ﻣﺠﺎﻟﺲ ﺍﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺎﺕ»، مشيرة في الوقت عينه إلى أن على ﻣﺠﻠﺲ ﺍﻟﻨﻮﺍﺏ «ﺍﻟﺤﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ ﺧﺼﻮﺻﻴﺔ ﻛﺮﻛﻮﻙ ﺑﻤﺎﺩﺓ ﺗﺮﺍﻋﻲ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﻭﺗﻤﻨﻊ ﺍﻟﺘﺰﻭﻳﺮ، ﻭإﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﻨﻈﺮ في سجل ﺍﻟﻨﺎﺧﺒﻴﻦ ﻭﺗﺪﻗﻴﻘﻬﺎ ﻭﺗﻮﺯﻳﻊ ﺍﻟﻤﻨﺎﺻﺐ ﻭﺍلإﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﺘﻮﺍﻓﻘﻴﺔ ﻓﻲ ﻛﺮﻛﻮﻙ ﺩﻭﻥ ﻫﻴﻤﻨﺔ أﺣﺪ، ﻭﺑﻨﻮﺩ أﺧﺮﻯ ﺗﺼﺐ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻻﺗﺠﺎﻩ».
ﻓﻲ الختام، ﺍﻋﺘﺒﺮﺕ ﺍﻟﻬﻴﺌﺔ ﺍﻟﺘﻨﺴﻴﻘﻴﺔ ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ ﻟﻠﺘﺮﻛﻤﺎﻥ، ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻉ بأنه «مهم ﻭﺍﻟﺘأﻛﻴﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﺘﻨﺴﻴﻘﻴﺔ ﻟﻤﺎ ﻟﻬﺎ ﺗأﺛﻴﺮ إﻳﺠﺎﺑﻲ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻣﻄﺎﻟﺐ ﺷﻌﺒﻨﺎ ﻭﺣﺼﻮﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﺣﻘﻮﻗﻪ»، مطالبة بـ«ﺗﻔﻌﻴﻞ ﻭﺗﻮﺳﻴﻊ ﻧﺸﺎﻃﺎﺕ ﺍﻟﻬﻴﺌﺔ ﺍﻟﺘﻨﺴﻴﻘﻴﺔ ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ ﻟﻠﺘﺮﻛﻤﺎﻥ ﻟﺘﺸﻤﻞ ﻛﻞ الأحزاب ﻭﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺍﺕ ﻭﺍﻟﺸﺨﻮﺹ ﺍﻟﺘﺮﻛﻤﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﻭﺍﻟﻤﺆﺛﺮﺓ، لأﻥ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﻤﻮﺣﺪﺓ ﺗﺒﻌﺚ ﺭﺳﺎﻟﺔ الأﻣﻞ ﻭﺍﻟﻄﻤﻮﺡ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺘﺮﻛﻤﺎﻥ، ﻭﺭﺳﺎﻟﺔ ﻭﺣﺪﺓ إﻟﻰ ﺍﻟﺠﻬﺎﺕ ﺍﻟﻤﻌﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﺸﺒﺚ ﺩﺍﺋﻤﺎً بأﻥ ﺍﻟﺘﺮﻛﻤﺎﻥ ﻣﺨﺘﻠﻔوﻦ».
في الأثناء، أكدت الجبهة التركمانية أن كركوك ليست مدينة كردية لتكون مشكلة بين الحزب «الديمقراطي الكردستاني» و«الاتحاد الوطني» أو تحل مشاكلها باتفاق الحزبين الكرديين.
وقال الناطق الرسمي باسم الجبهة، علي مهدي، في بيان صحافي، إن «كركوك مدينة تسكن فيها مكونات العراق وذات خصوصية تركمانية تاريخياً وثقافياً واجتماعياً وعمرانياً».
وأضاف أنها «عانت 15 سنة من هيمنة الحزبين الكرديين وشهدت دماراً في بنيتها الاجتماعية وسرقت مواردها النفطية».
وأوضح أن «الحل الوحيد للاستقرار في المحافظة من النواحي كافة هو الإدارة المشتركة الفعلية وبنسبة 32٪ بين التركمان والعرب والكرد، و 4٪ للمكون المسيحي، دون أن يكون هناك أي دور للقوات غير الاتحادية في حفظ الأمن داخل حدود المحافظة».
وتابع أن «من المعيب أن توصف كركوك بالمحتلة أو تدار بشكل غير دستوري أو غير قانوني من قبل الخارجين عن القانون»، على حد تعبيره.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى