تقارير وتحليلات

كورونا يصل لمعتقلات سوريا والنظام يتكتم

يبدو أن الوضع في سوريا يتفاقم ويتجه نحو الأسوأ فيما يتعلق بانتشار فيروس كورونا، بعدما استطاع الفيروس الوصول إلى داخل معتقلات النظام السوري مهدداً حياة آلاف المعتقلين هناك.

وذكرت مصادر خاصة لـ”عربي بوست” أن فيروس كورونا الجديد أو كوفيد-19، أصاب العشرات من المعتقلين في 3 سجون تابعة للنظام، والتي يشارك في إدارتها وحمايتها ميليشيات تابعة للحرس الثوري الإيراني مباشرة.

عشرات الوفيات ورعب في السجون

وذكر مصدر في سجن “عدرا المركزي”، أن هناك حوالي 200 حالة وفاة بين المعتقلين من مختلف أقسام السجن الأكبر في سوريا، وهو سجن مدني مختص بسجن السوريين في قضايا متنوعة منها، ويضم أيضاً معتقلي الرأي وسياسيين.

وأوضح المصدر أن أعراض المرض ظهرت على عدد آخر من المعتقلين، وأنه لم يتم عزلهم حتى الآن مما ينذر بانتشار الفيروس في مختلف أرجاء السجن ويهدد ذلك بوقوع كارثة إنسانية ما لم تسارع الجهات المسؤولة عن إدارة السجن بعزل المصابين وتخصيص أجنحة خاصة بهم.

وقال إن المعتقلين في السجن حالياً يعيشون حالة من القلق والذعر والخوف من انتشار فيروس كورونا في السجن، وبالمقابل حذرت القوات الأمنية وإدارة السجن المعتقلين من أي تمرد أو فوضى، ووعدت بتطويق انتشار الفيروس.

إصابة بين عناصر المخابرات العسكرية

وكشف مصدر خاص داخل مشفى “المزة 601” العسكري، في العاصمة دمشق، فضل عدم الكشف عن اسمه خوفاً من الملاحقات الأمنية، وصول 12 عنصراً من المخابرات العسكرية التابعة للنظام السوري، الذين يعملون ضمن “الفرع 235” بمنطقة القزاز في العاصمة دمشق، في ساعة متأخرة من ليلة الأربعاء 18 مارس، مصابين بفيروس كورونا الجديد.

وأضاف المصدر أن العناصر المصابين وصلوا إلى قسم الإسعاف بحالة صحية متردية للغاية، ونقلوا بعدها إلى قسم خاص أنشئ مؤخراً لمعالجة المصابين بفيروس كورونا داخل المشفى الوسط تشديد أمني وطبي.

وأوضح المصدر أن هؤلاء المصابين ضمن العناصر الأمنية المسؤولة عن إدارة الفرع والزنازين، وبالتالي هناك احتمالية كبيرة لنقلهم الفيروس بين المعتقلين المحتجزين في ظروف صحية سيئة حيث لا عناية طبية ولا نظافة ولا تهوية ولا غذاء مناسب.

ويعتبر الفرع 235 أو ما يسمى عند السوريين “فرع فلسطين” التابع للمخابرات العسكرية للنظام في دمشق، من الأجهزة الأمنية ذات السمعة السيئة في تعاملها مع المعتقلين وتحديداً الموقوفين سياسياً، والذي شهد مئات الوفيات للمعتقلين خلال السنوات الماضية بسبب انتشار أمراض جلدية وتنفسية معدية، فضلاً عن الموت نتيجة الجوع والعطش، حسب ما ذكر مئات المعتقلين الذين أخلي سبيلهم بموجب صفقات تبادل أسرى للنظام ومعتقلين مدنيين سابقاً.

تحذيرات من تفاقم الوضع

وكانت منظمة هيومان رايتس ووتش قد حذرت يوم 16 مارس، من انتشار الفيروس بين المحتجزين والنازحين. ووصفت المنظمة وضع هؤلاء بـ”الكارثي” في سوريا التي تضم أعداداً هائلة من كلا الفئتين.

وذكرت المنظمة عشرات آلاف المحتجزين يقبعون في السجون السورية. اعتُقل الكثير منهم تعسفياً بسبب مشاركتهم في احتجاجات سلمية، أو بسبب التعبير عن رأي سياسي معارض.

وضع مأساوي في مشفى اللاذقية

بينما في مشفى اللاذقية الوطني، حشر عشرات المصابين بفيروس كورونا ضمن مستودع أرضي تم تجهيزه مؤخراً ليكون مركزاً للحجر الصحي للمصابين، وسط تشديد أمني كبير ومنع أي زيارات.

وقالت مصادر في مدينة اللاذقية منهم عاملون في مشفى اللاذقية الوطني، إن لجاناً من مديرية الصحية في اللاذقية وأخرى من المشفى قامت في الأسبوع الماضي بإفراغ المستودع الخاص بالمعدات المستهلكة في المشفى وتجهيزه بمعدات بسيطة من أسرة وأجهزة، مع عزل ما لا يقل عن 3 مصابين لتلقي العلاج بواسطة كادر خاص من المشفى.

احتواء الأخبار وليس المرض

وبالرغم من خطورة الموقف وتفاقم الوضع، لم يعلن النظام السوري وجود أي حالات إصابة بفيروس كورونا الجديد، رغم إعلانه أكثر من مرة الاشتباه ببعض الحالات التي أظهرت التحاليل سلبيتها.

تقارير إعلامية محلية وعالمية تحدثت، نقلاً عن مصادر طبية وشهود عيان، عن مئات الإصابات المنتشرة في دمشق، والتي يصر النظام على إنكار وجودها.

وبحسب مصادر، فإن النظام السوري يتبع سياسة “الإنكار واحتواء الأخبار” حول انتشار فيروس كورونا الجديد.

وذكرت المصادر أن بعض الحالات التي تذهب للمستشفيات يكون عليها أعراض متطابقة بالفعل مع أعراض فيروس كورونا الجديد. لكن الأطباء يتعاملون معها دون ذكر حقيقة الأمر للمريض بل يخبرونه أن الحالة هي دور إنفلونزا.

ومع مرور الوقت يمكن أن تتدهور حالة المريض ويصل إلى الموت دون معرفة حقيقة ما أصيب به. أو في المقابل تتحسن الحالة بشكل طبيعي ليتم إخبار بعض هؤلاء أن تشخيصهم الفعلي هو فيروس كورونا الجديد، لكن يُطلب منهم عدم الحديث إلى محيطهم حول إصابتهم بالفيروس.

انتقادات وسخرية

أظهر مقطع فيديو مصور من داخل العاصمة السورية دمشق سقوط رجل على الأرض وسط المارة، مثيراً شكوكاً بإصابته بفيروس كورونا، في وقت لا يزال فيه نظام بشار الأسد يقول إن الأراضي السورية لم تسجل أية إصابة بالفيروس، الأمر الذي أثار قلق منظمة الصحة العالمية من إخفاء الحقائق.

يُظهر الفيديو رجلاً وقد سقط أرضاً بجانب شجرة، بينما اقترب منه اثنان من عناصر الشرطة، أما الرجل الذي كان يصور الفيديو فكان يقول إنه لن يقترب من جسد الشخص لأي سبب كان، مشيراً بذلك إلى مخاوفه من أن يكون الرجل مُصاباً بفيروس كورونا.

بعد الحادثة وصلت سيارة للإسعاف إلى المكان ونقلت الرجل المغشي عليه، وقالت صفحة “شاهد من قلب الحدث” إنه تم تعقيم المكان فيما بعد.

ونشر نشطاء وإعلاميون يوم الثلاثاء 18 مارس، صوراً للكوادر الطبية في حكومة النظام والتي تقوم بأعمال الوقاية من فيروس كورونا الجديد. ولاقت الصور سخرية من الشارع السوري حول كيفية تنفيذ الإجراءات عبر رش مبيدات حشرية وليست معقمات.

وانتشرت أيضاً فيديوهات في منطقة الدوير بريف دمشق لحجر صحي أعدته وزارة الصحة مؤخراً، والذي من المفترض أن يكون مكاناً لإقامة المصابين أو المشتبه بإصابتهم بفيروس كورونا، حيث أظهرت الصور حالة المكان “السيئة للغاية”.

التصريحات الرسمية قالت إن المركز يحوي 134 شخصاً، جرى الحجر عليهم بعد وصولهم إلى سوريا عبر مطار دمشق الدولي قادمين من إيران.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى