تقارير وتحليلات

لماذا تفكر أمريكا بغزو فنزويلا بعد تحولها من دولة نفطية لبلدة جوعي؟

ناقشت  شبكة “سي أن أن ” الأمريكية، ما مدى تأثير الأزمة الفنزويلية على أسعار النفط العالمية،  بعد ما أصبح سؤال مطروحاً بقوة بعد محاولة الإنقلاب الفاشلة، إذ إنه يمكن أن تسفر الفوضى المتعمقة في فنزويلا عن عواقب وخيمة على أسواق النفط العالمية.

وأعلنت الحكومة الفنزويلية، أمس الثلاثاء، أن مجموعة صغيرة من العسكريين مرتبطة بالمعارضة حاولت تنفيذ انقلاب.

فنزويلا انقلاب فاشل
زعيم المعارضة الفنزويلية خوان جوايدو 

ولاحقاً أعلن وزير الدفاع الفنزويلي، فلاديمير بادرينو، أنه تمت السيطرة على محاولة الانقلاب التي شهدتها البلاد.

وظهر جوايدو، الثلاثاء 30 أبريل 2019، في مقطع مصور محاطاً بجنود مدججين بالسلاح، وإلى جانبه القيادي البارز بالمعارضة، ليوبولدو لوبيز، عند قاعدة كاراكاس الجوية. وقال جوايدو إن الجنود نزلوا إلى الشوارع «لحماية دستور فنزويلا».

ما مدى تأثير الأزمة الفنزويلية على أسعار النفط العالمية؟

ففي البداية، ارتفعت أسعار النفط الأمريكية يوم أمس الثلاثاء 30 أبريل في ظل ظهور صور تلفزيونية تعرض انتفاضةً عنيفة في فنزويلا، التي كانت سابقاً أحد أكبر موردي النفط إلى أمريكا.

لكنَّ أسعار النفط الخام تراجعت منذ ذلك الحين، بينما يحاول المراقبون معرفة ما إذا كان خوان غوايدو، زعيم المعارضة المدعوم من الولايات المتحدة، سينجح في محاولته الإطاحة بالرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، حسبما ورد في تقرير لشبكةCNN الأمريكية.

هل هو انقلاب كبير أم صغير؟

تقول هيليما كروفت، الرئيسة العالمية لقسم استراتيجية السلع في مصرف RBC Capital Markets: «لا نعرف ما يحدث على الأرض؛ لذا أتحفَّظ بشأن القول إننا في الفصل الأخير».

وأضافت كروفت، المحللة السابقة بوكالة الاستخبارات المركزية، أنَّه من غير الواضح ما إذا كانت الانتفاضة مدعومة من جانب ضباط عسكريين بارزين، قائلةً: «انقلابات الضباط الصغار تميل إلى أن تكون دموية وغير منظمة وذات فرص نجاح أقل».

جديرٌ بالذكر أنَّ الأزمة في فنزويلا تأتي في وقتٍ حرج تشهده أسواق النفط. إذ ارتفعت أسعار النفط الخام في العام الجاري 2019 نتيجةً لتخفيضات الإنتاج الحادة من جانب منظمة أوبك، والعقوبات التي فرضتها إدارة ترامب على دولتين تابعتين لأوبك: إيران وفنزويلا.

وكذلك ارتفع متوسط ​​سعر الغاز في الولايات المتحدة بمقدار 63 سنتاً للغالون الواحد منذ بداية العام، ليصل إلى 2.88 دولار، وفقاً لموقع الجمعية الأمريكية للسيارات.

كيف حدث هذا الانهيار المريع للإنتاج في أكبر دولة نفطية في العالم؟

أسفرت الأزمة في فنزويلا عن معاناة إنسانية واسعة النطاق، تشهد نقص الغذاء والدواء، بالإضافة إلى انقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع.

ومع أنَّ فنزويلا لديها احتياطيات نفطية أكثر من أي دولة أخرى في العالم، فقد انهارت معدلات الإنتاج هناك بعد سنواتٍ من نقص الاستثمار، وانقطاع التيار الكهربائي في الآونة الأخيرة، والعقوبات الأمريكية على شركة النفط الوطنية PDVSA.

إذ انخفض إنتاج النفط اليومي في فنزويلا من 1.2 مليون برميل في ديسمبر من العام الماضي 2018 إلى 750 ألف برميل في مارس/آذار من العام الجاري 2019، وفقاً لبياناتٍ ميدانية صادرة عن شركة Rystad Energy.

فنزويلا انقلاب فاشل
زعيم المعارضة الفنزويلية خوان جوايدو مدعوم من الولايات المتحدة

كما توقفت شحنات النفط إلى الولايات المتحدة، التي تعد العميل الرئيسي لفنزويلا منذ فترة طويلة، بعد العقوبات التي فُرِضَت على شركة النفط الوطنية.

وبوجهٍ عام، بلغت صادرات فنزويلا النفطية اليومية 476 ألف برميل فقط في الشهر الماضي أبريل، لتنخفض بذلك من 1.24 مليون برميل في يناير، وفقاً لشركة S&P Global Platts Analytics، وتتبع حركة ناقلات النفط ببرنامج cFlow.

ونتيجة هذه الأزمة التي أصابت أكبر بلد في العالم من حيث الاحتياطيات النفطية، فإن أغلب السكان أصبحوا يعيشون في ضائقة غير مسبوقة، ووصل الأمر إلى الحصول على المياه أصبح أمراً غير يسير.

التعافي قد يستغرق سنوات

قد يتعافى قطاع النفط الفنزويلي سريعاً إذا تولى جوايدو السلطة.

إذ كرَّرت الولايات المتحدة دعمَها للشعب الفنزويلي وجوايدو يوم أمس، وقالت وزارة الخزانة الأمريكية في بيانٍ لها إن «الطريق إلى رفع العقوبات» عن شركة النفط الوطنية وغيرها من المؤسسات هو دعم غوايدو و «أولئك الذين يسعون إلى استعادة الديمقراطية».

أي أنَّ واشنطن يُمكنها رفع العقوبات النفطية عن فنزويلا سريعاً، مما يمهد الطريق أمام وصول المزيد من براميل النفط الفنزويلي إلى السوق.

وقال ريان فيتزموريس، خبير استراتيجات الطاقة في شركة Rabobank: «إذا أُطيح بمادورو، فقد يؤدي ذلك في الواقع إلى هبوط أسعار النفط».

لكنَّ التعافي لن يكون سريعاً على الأرجح.

الشرطة الفنزويلية انقلاب فنزويلا فنزويلا
الحكومة الفنزويلية اتهمت أمريكا بقيادة محاولة الانقلاب «الفاشلة»

فحتى بعد ثلاثة أو أربعة أشهر، من المرجح أن يرتفع إنتاج فنزويلا النفطي إلى حوالي 900 ألف برميل، وفقاً لما ذكره أرتيوم تشين، المحلل البارز في شركة Rystad Energy.

وقالت كروفت: «الأزمة في فنزويلا استغرقت عدة عقود في طور التكوين. وهذا ما يحتاج الناس إلى فهمه، لذلك إذا وصل خوان غوايدو إلى السلطة، فسيكون طريق التعافي شاقاً».

وحتى إذا أُطيح بمادورو، فقد يتواصل العنف في ظل استمرار قتال أنصاره.

والولايات المتحدة قد تفرض عقوبات أشد

لكنَّ احتمالية نجاح جوايدو ما زالت غير واضحة، وإذا انتصر مادورو في هذا الصراع، فقد تضطر الولايات المتحدة إلى فرض عقوبات أشد تؤدي إلى مزيدٍ من انخفاض إنتاج النفط في فنزويلا، وسيُسفر ذلك عن ارتفاع أسعار النفط.

ومن جانبها قالت ريفا جوجون، نائبة رئيس قسم التحليل العالمي في شركة ستراتفور الاستشارية: «كان الزخم حول جوايدو يتراجع، لذا كان يجب عليه فعل شيء ما».

وأضافت جوجون أنَّ الشيء الرئيسي الذي يجب مراقبته هو ما إذا كانت القوات العسكرية المتحالفة مع غوايدو ستتحرك لتأمين منشآت النفط في فنزويلا، بما في ذلك محطة خوسيه لتصدير النفط، والبنية التحتية للحفر في حقل أورينوكو بيلت.

هل ستعوِّض أوبك أو تكساس انخفاض إنتاج النفط الفنزويلي؟

هدأت المخاوف بشأن انخفاض إنتاج النفط الفنزويلي نوعاً ما، وسط آمالٍ بأنَّ أوبك قد تتخذ إجراءاتٍ لحل المشكلة.

إذ حثَّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أوبك على منع ارتفاع الأسعار بزيادة الإنتاج.

بيد أنَّ وزير الطاقة السعودي خالد الفالح، أشار يوم أمس، إلى أنَّ المملكة العربية السعودية لن تتسرع في ضخِّ المزيد من النفط. بل وصرَّح لوكالة أنباء RIA الروسية، بأنَّ أوبك وحلفاءها قد يُمددون اتفاق خفض الإنتاج حتى نهاية العام الجاري.

الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو
الرئيس الفنزويلي مع عدد من العمال

ومن المُرجَّح أن يدفع ارتفاع الأسعار منتجي النفط الأمريكيين إلى زيادة الإنتاج. إذ قادت ثورة النفط الصخري الولايات المتحدة إلى تحقيق قفزةٍ هائلة، وتجاوز المملكة العربية السعودية وروسيا في قائمة أكبر منتجي النفط في العالم.

ومن العوامل المساهمة في تحقيق تلك القفزة حوض بيرميان، وهو حقل نفط صخري في غرب تكساس، يقع وسط حرب مناقصاتٍ للسيطرة على شركة Anadarko Petroleum.

لماذا لايمكن لأمريكا الاستغناء عن نفط فنزويلا؟

ومع ذلك، لا يمكن لمصافي ساحل الخليج الأمريكي الاعتماد فقط على الزيت الصخري عالي الجودة، الذي يُعد خفيفاً جداً. فلإنتاج كمياتٍ كبيرة من البنزين ووقود الطائرات النفاثة والديزل، تحتاج المصافي الأمريكية إلى جرعةٍ ثابتة من الخام الثقيل، وهو النوع الموجود عادة في فنزويلا.

لذا قالت كروفت: «برميل نفط حوض برميان لا يُعوِّض برميل النفط الفنزويلي».

لذا لم يكن غريبا أن لوَّح وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو باللجوء إلى الخيار العسكري في فنزويلا، التي تشهد منذ أشهر صراعاً بين الحكومة والمعارضة حول السلطة.

وقال مايك بومبيو في مقابلة تلفزيونية، الأربعاء 1 مايو 2019، إن الولايات المتحدة على استعداد للقيام بعمل عسكري لوقف الاضطرابات في فنزويلا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى