تقارير وتحليلات

لماذا مقترح بريطانيا بتشكيل قوة عسكرية أوروبية في مضيق هرمز مآله الفشل أكثر من النجاح؟

أعلنت بريطانيا عن تشكيل قوة عسكرية بحرية أوروبية لحماية السفن المحملة بالنفط في مضيق هرمز، في أعقاب تبادل احتجاز السفن بينها وبين إيران، لكن هذا المقترح سيجد تحفظا من طرف عدد من الدول الأوروبية التي لا ترغب في الانجرار الى أزمة يريد البيت الأبيض فرضها على الأوروبيين.

وتمر العلاقات بين لندن وطهران بأزمة حقيقية بعدما احتجزت بريطانيا حاملة نفط في صخرة جبل طارق بداية الشهر الجاري، وردت لاحقا إيران باحتجاز حاملة نفط بريطانية الأسبوع الماضي. وتمزج بريطانيا بين التهديد والدبلوماسية في البحث عن حل، فقد تحدث وزير خارجيتها جريمي هانت، الإثنين من الأسبوع الجاري، عن رغبته في التوصل الى حل سلمي، ولكنه كشف عن عزم تشكيل قوة عسكرية أوروبية لتوفير الحماية لحاملات النفط من دون ربطها بسياسة الولايات المتحدة في المضيق.

وتحاول بريطانيا الانطلاق من تجارب سابقة للأوروبيين، وأهمها تشكيل قوة أوروبية رفقة الحلف الأطلسي عام 2008 لمواجهة الهجمات التي كان ينفذها الصوماليون ضد سفن الصيد والنفط الدولية في القرن الإفريقي، وعلى رأسها الأوروبية.

فقد نجحت القوة الأوروبية إلى حد ما في احتواء خطر السفن الصومالية في الماضي، لا سيما في ظل تعاون كبير من طرف سفن عسكرية روسية وصينية وهندية وجنسيات أخرى. لكن الآن يواجهون قوة عسكرية إقليمية، إيران، التي برهنت على قدرات عسكرية مفاجئة، منها إسقاط طائرة التجسس غلوبال هاوك الأمريكية الشهر الماضي، علاوة على إجبار حاملة الطائرات أبراهام لنكولن على عدم المغامرة بالدخول إلى مياه الخليج العربي، بل البقاء في بحر العرب خوفا من الصواريخ الإيرانية.

وعسكريا، وأمام قدرات إيران الصاروخية والتكتيك العسكري البحري القائم على آلاف الزوارق الصغيرة المحملة بالصواريخ، لا يمكن للسفن الحربية الأوروبية مواجهتها، وكل مواجهة ستسفر عن خسائر جمة في صفوف الطرفين.

ويسود الاعتقاد لدى العواصم الكبرى مثل باريس وبرلين ومدريد وروما انجرار لندن إلى مخطط أمريكي استفزازي، إذ إن احتجاز بريطانيا لحاملة النفط غريس 1 في مستعمرة جبل طارق، تحت مبرر تطبيق العقوبات الأوروبية ضد نظام دمشق بحكم أن السفينة كانت متوجهة إلى سوريا، جاء بعد تنسيق مع واشنطن، وليس مع الدول الأوروبية، خصوصا إسبانيا التي وقعت الحادثة بالقرب من مياهها السيادية.

ووفق معطيات الواقع، يعود التحفظ الأوروبي على المقترح البريطاني بتشكيل قوة عسكرية أوروبية إلى ثلاثة أسباب رئيسة، هي:

في المقام الأول، أقدمت بريطانيا على احتجاز حاملة النفط الإيرانية بتنسيق مع الولايات المتحدة من دون إخبار شركائها في الاتحاد الأوروبي.

في المقام الثاني، القوة العسكرية الأوروبية لن تكون رادعة لإيران، بل قد تدفع طهران إلى التطرف والمواقف الراديكالية أكثر، لا سيما أن الأوروبيين يرغبون في إنقاذ الاتفاق النووي الذي انسحبت منه إدارة دونالد ترامب. ومما يزيد من صعوبة الموقف الأوروبي هو موقف الصين وروسيا المناهض للسياسة الغربية في مياه الخليج، خصوصا مضيق هرمز.

وفي المقام الثالث، بريطانيا التي تلوح بتطبيق راديكالي للبريكسيت تصبح الآن أوروبية في مقترحاتها، بعدما تورطت في مأزق حاملة النفط وتخلت عنها الولايات المتحدة. ولهذا، يتجنب قادة الاتحاد الأوروبي التلميح إلى ما هو عسكري في هذا النزاع، والتركيز فقط على المساعي الدبلوماسية والحوار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى