تقارير وتحليلات

موريتانيا: حرب خطابات وانشغال مرشحي المعارضة بحماية أصوات الناخبين

تواصلت في موريتانيا الحملة السياسية والإعلامية الممهدة لانتخابات الثاني والعشرين يونيو الجاري وذلك في تفاعلات يومها الخامس.

وقد غصت ساحات العاصمة الموريتانية نواكشوط بآلاف الخيم التي نصبها أنصار المترشحين، وبخاصة أنصار المرشح محمد الغزواني الذي يدعمه نظام الرئيس المنصرف محمد ولد عبد العزيز والذي ملأت صوره المكبرة أرجاء العاصمة وواجهاتها الدعائية.

وفيما لا تزال صور المترشحين الخمسة الآخرين شبه غائبة من المشهد، يجري التنافس على تأييد ولد الغزواني على قدم وساق بين الشخصيات السياسية وزعماء القبائل وقادة المبادرات الداعمة وذلك لكونه أقدر المترشحين من الناحية المالية ولأن رئيس الدولة يقف إلى جانبه بشكل قوي ومعلن، ولأن الكثيرين يعتبرون نجاحه أمرا كان مفعولا.

وقد خصص المترشحون الستة للانتخابات الرئاسية الأسبوع الأول من الحملة السياسية لعرض برامجهم في مدن وقرى الداخل حيث اتسمت خطاباتهم بالوعود وبالتعهدات والالتزامات؛ وركز المترشحون المعارضون خطاباتهم على توجيه النقد اللاذع للعشرية الأخيرة التي حكمها الرئيس ولد عبد العزيز حيث وصفوها بعشرية الجمر وعشرية الفساد، كما انتقدوا ترشيح نظام الرئيس ولد عبد العزيز للجنرال غزواني لمواصلة سياسات نظامه التي أكد المترشحون المعارضون “أن مواصلتها خطر على موريتانيا وعلى مستقبلها وعلى شعبها”.

ويرى أنصار الجنرال غزواني وبينهم قادة سابقون في المعارضة الموريتانية “أن نجاح ولد الغزواني الضابط المجرب مهم لاستقرار موريتانيا ومستقبلها، وضروري لتهيئة عوامل تنميتها”.

وأبرز مرشحو المعارضة كذلك في خطاباتهم خلال اليومين الأخيرين قلقهم البالغ إزاء الإشاعات التي تتحدث عن محاولات لتزوير الانتخابات المرتقبة.

وفي هذا الصدد دعا المرشح سيدي محمد بوبكر أبرز منافسي ولد الغزواني “المواطنين إلى حماية أصواتهم والحرص على منح أصواتهم للتغيير”، معتبرا “أن التزوير الذي تجري التحضيرات له يعتبر رزية وسرقة لأصوات الناخبين”، على حد وصفه.

وضمن تفاعلات هذا الحدث الكبير، أكد محمد فال ولد بلال رئيس اللجنة المستقلة للانتخابات في برنامج حواري “أن لجنة الانتخابات اتخذت كافة الإجراءات لتنظيم الانتخابات الرئاسية المنتظرة في ظروف شفافة ومتقنة”.

ودعا الجميع “للتعاون مع اللجنة المستقلة للانتخابات في إكمال مهمتها الصعبة التي تتطلب تنظيما لعمليات التصويت في 11 ألف مكتب انتخابي لصالح ستة مترشحين دفعة واحدة”.

وتواصل بعثة من الاتحاد الأوروبي تضم كلا من الخبيرة اري فيوليت سيزار، وخبيرة حقوق الإنسان أنجيليس موهيدوس بيريز، اتصالاتها مع المترشحين ومع السلطات الإدارية ضمن مهمة رقابية أوروبية لمتابعة وتقييم المسلسل الانتخابي لرئاسيات موريتانيا لعام 2019.

وفي نفس السياق، أعلن محمد الأمين الفاضل منسق تنظيم “من أجل موريتانيا” الذي تسيره معارضة المهجر “أن “التنظيم قرر أن يأخذ نفس المسافة من المترشحين، وأن يتفرغ للأمور الفنية والتقنية ذات الصلة بالعملية الانتخابية، ولهذا فقد أطلق التنظيم مرصدا لمراقبة الانتخابات، ونظم المرصد عدة دورات تكوينية لصالح المراقبين وممثلي المكاتب استفاد منها حتى الآن ما يزيد على مئة شاب، هذا فضلا عن تقدمه بميثاق شرف انتخابي وقعه خمسة من المترشحين، وكذلك إعلانه عن منصة رقمية تعنى بتسجيل الخروقات وبأرشفة المحاضر”.

وقال: “لقد انشغلنا في (تنظيم من أجل موريتانيا) في الفترة الأخيرة بالجوانب الفنية والتقنية للعملية الانتخابية والتي لا تجد في العادة من يهتم بها، ونحن نعمل من أجل أن تكون هذه الانتخابات انتخابات شفافة وذات مصداقية، وبطبيعة الحال فإن نجاحنا في هذه المهمة يفرض علينا أن نأخذ نفس المسافة من كل المترشحين، ولا يعني ذلك أن التنظيم لا يسمح لأعضائه باتخاذ مواقف شخصية دعما لهذا المترشح أو ذاك فلكل عضو في التنظيم الحق في أن يدعم هذا المرشح أو ذاك، وله الحق في أن يعلن عن موقفه الشخصي”.

وأضاف الفاضل: “إن ما يقوم به “تنظيم من أجل موريتانيا” من خلال مرصده للانتخابات هو بمثابة دعم للمترشحين الستة، فنحن في التنظيم نعمل من أجل انتخابات شفافة ذات مصداقية يشعر فيها الخاسر بأنه لم يخسر نتيجة لظلم أو تزوير وإنما خسر بسبب أن عدد من صوت له كان أقل من العدد الذي صوت للمرشح الفائز، ونريد للمرشح الفائز أن يفوز بطريقة تسد الباب أمام التشكيك في فوزه كمرشح، وتسد من بعد ذلك الباب أمام التشكيك في شرعيته كرئيس جمهورية انتخبه الشعب الموريتاني”.

وزاد: “قد يكون من المهم استغلال هذه الفرصة للقول بأن كل ما قمنا به في “تنظيم من أجل موريتانيا من أنشطة متنوعة”: مؤتمر التناوب السلمي على السلطة؛ إنشاء مرصد للانتخابات؛ الدورات التكوينية؛ إطلاق منصة رقمية لمراقبة الانتخابات، كل هذه الأنشطة تم تمويلها من تبرعات الأعضاء وأصدقاء التنظيم، ولقد نشرنا كشفا بتلك التبرعات ومجالات إنفاقها، ولقد فعلنا ذلك حرصا منا على الشفافية، ولنعطي مثالا يحتذى به في هذا المجال، خاصة وأننا سنعلن قريبا عن تأسيس مرصد ثان تابع للتنظيم يعني بالشفافية ومحاربة الفساد، لم نتلق حتى الآن أي دعم لا من الدولة ولا من اللجنة المستقلة للانتخابات ولا من أي منظمة وطنية أو دولية، ولا يعني ذلك بأننا لا نبحث عن الدعم، فنحن نبحث عن الدعم من أجل تنويع أنشطتنا وتوسيعها حتى تشمل كل الولايات، ولكن في حالة عدم وجود أي دعم، فإن ذلك لن يعني بأي حال من الأحوال ، بأننا سنتوقف عن العمل في مجال رقابة الانتخابات”.

يذكر أن الحملة السياسية والإعلامية الممهدة للانتخابات ستختتم مساء الخميس الموافق للعشرين يونيو الجاري، على أن يتوجه الناخبون الموريتانيون يوم السبت الثاني والعشرين يونيو 2019 لصناديق الاقتراع لانتخاب رئيس سيخلف الرئيس الحالي الذي ستنتهي مأموريته الثانية والأخيرة مستهل أغسطس/آب المقبل.

وتتميز هذه الانتخابات بأهمية خاصة لكونها أول انتخابات يجري فيها التناوب على السلطة بين رئيسين منتخبين عبر صناديق الاقتراع لا عبر الانقلابات العسكرية التي طبعت تداول السلطة في موريتانيا منذ عام 1978.

ويتنافس في هذه الانتخابات ستة مرشحين منصهرين في اتجاهين رئيسيين أحدهما يقوده محمد ولد الغزواني ويسعى لاستمرارية النظام القائم مع تحسين وتصحيح سياساته، والآخر يسعى للتغيير التام ويقوده من مواقع مختلفة، كل من سيدي محمد ولد ببكر المدعوم من الإسلاميين، ومحمد ولد مولود المدعوم من المعارضة التقليدية، وبيرام الداه المدعوم من بعثيي موريتانيا، وكان حاميدو بابا المدعوم من الأحزاب الزنجية الموريتانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى