تقارير وتحليلات

نقطة ضعف إيران الوحيدة التي ستكلفها الكثير إذا ما اندلعت الحرب مع أمريكا

رغم أن فكرة الحرب ضد إيران في ذاتها الآن لا يمكن الاقتناع بها، لكن ربما يكون هذا الأمر خياراً في المستقبل لدى إدارة الرئيس الأمريكي الذي لا يمكن توقع الكثير من قراراته.

ولذلك استعرضت مجلة The National Interest الأمريكية الخطة التي قد يلجأ إليها البتاغون اذا ما قرر خوض حرب ضد طهران قائلة: إن واحدةٌ من الحقائق البديهية في الحياة هي أنَّ الحرب البرية في آسيا تُعَدُّ فكرةً عقيمة. إذ إنَّ اتِّساع القارة يسمح للمُدافعين بمقايضة المساحة من أجل كسب المزيد من الوقت، حتى تتمدَّد شرايين الحياة اللوجستية للغزاة وتصل إلى نقطة الأنهار.

نقطة ضعف إيران

وبحسب المجلة الأمريكية تنطبق هذه الحجة على إيران، التي يبلغ عدد سكانها ربع سكان الولايات المتحدة، فضلاً عن أنَّ طول ساحلها الغربي أكبر من أن تستطيع أحدث الجيوش احتلاله. ولكن ماذا عن غارةٍ برمائية ضد أهدافٍ مُختارة بطول الساحل الإيراني؟ ليس العمل العسكري ضد الجمهورية الإسلامية أمراً وشيكاً أو يُمكن رؤيته في المستقبل القريب بأي صورةٍ من الصور، ولكن من المهم أن يُدرك الرأي العام الأدوات التي يعتقد البنتاغون -والبيت الأبيض- أنَّها بحوزته داخل صندوق أدواته.

اعتراض ناقلة بريطانية
خمسة زوارق، يُعتقد أنها تابعة للحرس الثوري الإيراني، اقتربت من ناقلة نفط بريطانية بالخليج، وطلبت منها التوقف في المياه الإيرانية بالقرب من موقعها، لكنها انسحبت بعد تحذير فرقاطة بريطانية

وذكر موقع The National Interest الأسبوع الماضي أنَّ إيران تتمتَّع بخطٍ ساحلي مُترامي الأطراف. إذ يصل طول الخط الساحل الجنوبي إلى 1,550 ميل (2,494 كم). ورغم فائدة هذه الحدود البحرية الطويلة في فرض النفوذ على الخليج الضيق، لكنها تُعَدُّ سلاحاً ذا حدين. والسلبية هنا هي أنَّ إيران لديها خطٌ ساحلي يصل طوله إلى 2,500 كم تقريباً، ويتعيَّن عليها حمايته من قوةٍ برمائية عالية القدرة مثل سلاح مشاة البحرية الأمريكية.

وتتدرَّب قواة مشاة البحرية على مجموعةٍ مُتنوعة من العمليات، بدايةً من استعادة الطيارين وأطقم الطائرات، ووصولاً إلى الهجمات البرمائية والهجمات المنقولة جواً على نطاقٍ واسع. وتُعَدُّ الغارات البرمائية واحدةً من العمليات التي تتخصص فيها تلك القوات: باستخدام قوة هبوطٍ صغيرة لالتقاط هدفٍ ما، أو احتلاله لبرهةٍ من الوقت من أجل غرضٍ معين، قبل إخلاء المكان عائدين إلى البحر.

منشآت عرضة للهجوم

وفي حال استمر تصاعد التوترات مع إيران، ستكون الغارة البرمائية ضد المنشآت العسكرية الإيرانية في البر أو البحر هي أحد الخيارات المُتاحة. وتمتلك إيران عدداً كبيراً من المنشآت العسكرية بطول خطها الساحلي، والتي تنتمي إلى البحرية الإيرانية والسلاح البحري التابع للحرس الثوري. وتُدير البحرية عملياتها عادةً شرق مضيق هرمز، في حين ينشط الحرس الثوري غرب المضيق وبطول الخليج عادةً. وتُدير البحرية الإيرانية سُفناً أكبر وأكثر قدرة، في حين تميل القوة البحرية التابعة للحرس الثوري إلى تشغيل مركباتٍ مائية أصغر، إلى جانب خطوطٍ من الزوارق البخارية المُسلَّحة بأسلحة المشاة الثقيلة، بحسب المجلة الأمريكية.

طائرة استطلاع أمريكية

وستستهدف الغارة البرمائية جزيرةً، أو منصةً نفطية، أو منشأةً ساحلية ذات أغراضٍ عسكرية. ومن الناحية المثالية، سيكون الهدف مسؤولاً مسؤوليةً مُباشرة عن بعض الاستفزازات، مثل زرع الألغام البحرية أو القبض على موظفين بحريين غربيين أو شنِّ هجماتٍ بالقوارب الصغيرة. ومن الناحية التاريخية، كان الحرس الثوري أكثر قابليةً لتدبير حوادث ضد البحريات الغربية في البحر، مما يزيد احتمالية أن تكون قواعد الحرس الثوري هدفاً للغارة. وربما تختار الولايات المتحدة عمداً استهداف الحرس الثوري الأكثر عدوانية، بدلاً من البحرية الإيرانية المُحافظة، بغرض إذلالهم وإضعافهم سياسياً.

وستشمل الغارة نشر مجموعةٍ مُجهَّزةٍ برمائياً من سفن الهجوم البرمائية، ومُرافقاتها من المدمرات، مدعومةً بواحدةٍ على الأقل من مجموعات حاملات الطائرات الهجومية. وتتنقَّل كل واحدةٍ من المجموعات المُجهَّزة برمائياً مع كتيبةٍ من مُشاة البحرية والأصول البرمائية التي ستنقلهم إلى الشاطئ، إلى جانب المدرعات المرافقة وفرق المدفعية والاتصالات والدعم والفرق الطبية. وإجمالاً، قد يتجاوز عدد القوة المُغيرة 16 ألفاً من مُشاة البحرية والبحارة.

كيف ستكون العملية

وبحسب المجلة الأمريكية، قد تبدأ العملية بتحييد الدفاعات الجوية المحلية للعدو. إذ ستُدمِّر صواريخ Tomahawk الجوالة الدفاعات الجوية الثابتة ومراكز القيادة والتحكُّم التي قد تُجهِّز الهجوم المُضاد، في حين قد تضرب المدافع التي يبلغ عرضها خمس بوصاتٍ، فوق المدمرات المُبحرة مع المجموعة المجهزة برمائياً، الهدف بنفسها. ومؤخراً، اختبر مشاة البحرية إطلاق الصواريخ بنظام الصواريخ الموجهة متعددة الإطلاق (راجمة الصواريخ) من فوق أسطح السفن البرمائية، مما يمنح المشاة سلاحاً موجَّهاً دقيقاً على متن السفن. وربما تقصف طائرات F/A-18E/F، وF-35C التابعة للبحرية الأمريكية، ومقاتلات F-35B التابعة لمشاة البحرية الأهداف عن بعد باستخدام قنبلة الانزلاق في مختلف الأحوال الجوية GBU-53/B (هازمة العواصف).

وبمجرد إضعاف الهدف باستخدام الصواريخ والمدفعية والضربات الجوية، يحين وقت إطلاق الغارة نفسها. إذ تستطيع وحدةٌ مشاة البحرية الهجوم على أهدافها جواً باستخدام مروحيات MV-22 أوسبري وCH-53E سي ستاليون، مع دعم من طائرات هليكوبتر AH-1Z الهجومية. في حين ستهبط قوات المشاة بحراً باستخدام مركبات الهجوم البرمائية، وحوامات LCAC، ومركبات هبوط LCU، حاملين معهم المدفعية والعربات المدرعة وعدداً صغيراً من دبابات أبرامز في بعض الحالات. وفي غضون بضع ساعات، تستطيع وحدة مشاة البحرية نشر الآلاف من أفرادها لتحقيق الهدف. وبعد فترةٍ زمنية مُحدَّدة مُسبقاً، ستنسحب القوة المُغيرة عائدةً إلى سفن المجموعة المجهزة برمائياً، بحسب المجلة الأمريكية.

إيران لم تستفز واشنطن حتى الآن

وتُعَدُّ الغارة البرمائية عمليةً بالغة الخطورة، إذ يكون مُشاة البحرية مُعرضين لنيران الأسلحة المضادة للطائرات، والأسلحة المضادة للسفن، والمدفعية، وخطر الاشتباك عن قرب مع وحدات مُشاة إيرانية. ولا شك في سقوط قتلى من الجيش الأمريكي. ومن المُؤكَّد أنَّ الهبوط والاستيلاء على الأراضي الإيرانية، وإن كان مُؤقتاً، سيُمثِّل خطوةً تصعيديةً كبيرة. ولم تفعل إيران شيئاً يُبرِّر تنفيذ عمليةٍ من هذا النوع حتى وقتنا هذا، أو خلال الثلاثين عاماً الماضية.

ومع ذلك، سيكون هذا الخيار مُفيداً في حال قرَّرت إيران التصعيد وبدأ التفكير في تنفيذ عمليةٍ عسكريةٍ كُبرى. ورغم عدوانية إيران وموقفها، فإنَّ قواتها المسلحة غير مجهزةٍ جيداً وستجد نفسها مرهقةً للغاية في حال مواجهته تحدياً من البحر. ومجرد التفكير في غارةٍ برمائية سيُجبر الإيرانيين على الاندفاع للدفاع عن خطهم الساحلي الطويل للغاية، وهي فكرةٌ غالية الثمن وستستهلك وقتاً طويلاً، مما سيُلهي إيران عن ارتكاب الأذية في مكانٍ آخر. وفي النهاية، فإنَّ مجرد التهديد بغارةٍ برمائية سيُفيد الولايات المتحدة، ويُثني إيران عن التصرفات التي ستُؤدي إلى تنفيذ عمليةٍ مُعقَّدةٍ بهذا الحجم، أكثر من الغارة نفسها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى