تقارير وتحليلات

نيويورك تايمز: أمريكية وإيرانية حائزتان على نوبل تدعوان لتجنب المواجهة بين البلدين

نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” مقالا لشيرين عبادي وجودي ويليامز، الحائزتين على جائزة نوبل للسلام، ناقشتا فيه الكيفية التي يمكن من خلالها وقف الحرب مع إيران. وقالت الكاتبتان إن طهران أعلنت الأحد أنها قامت بتجاوز الحد المسموح لها بتخصيب اليورانيوم حسب الاتفاقية النووية عام 2015، الذي وقعت عليه الولايات المتحدة والقوى الدولية، وهددت باتخاذ إجراءات إضافية.

وقال الرئيس حسن روحاني، الأربعاء، إن إيران ستخصب اليورانيوم الذي تحتاجه ردا على سياسة “أقصى الضغط”، التي تقوم من خلالها إدارة دونالد ترامب بتشديد العقوبات على إيران، حتى توقف طموحاتها النووية وتصرفاتها المؤذية في المنطقة. وقالتا إنهما كمواطنتين واحدة من الولايات المتحدة وأخرى من إيران “كرستا حياتهما من أجل السلام، فنحن نشعر بالقلق الخطير من التصعيد في التوتر بين البلدين”.

وأشارتا إلى أن ضغط الحد الأقصى وضع البلدان على حافة المواجهة العسكرية، وزادت من حالة الاشتعال في منطقة الخليج. ومع أن إيران بعيدة عن إنتاج السلاح النووي إلا أن الفشل في تحقيق اتفاق مع واشنطن قد يقودها إلى مواصلة مشروعها النووي وبقسوة. وهو ما سيؤدي إلى سابقة دولية خطيرة تؤدي إلى انتشار غير منظم للسلاح النووي. وتحتاج واشنطن وطهران لتخفيف التوتر مباشرة من خلال الدبلوماسية العالية، وبدعم من الموقعين على الاتفاقية النووية والبدء بكتابة مسودة اتفاق مناسب للطرفين.

وتريد إيران رفع العقوبات الاقتصادية عنها، أما الولايات المتحدة فتريد تأكيدات في الحد الأدنى أن طهران لن تطور السلاح النووي. وتقتضي الحكمة التزام الولايات المتحدة وإيران باتفاق يعالج مظاهر القلق المتبادلة. وكان روحاني واضحا بأن الإجراءات التي أعلنت عنها إيران لا رجعة فيها، وقال: “كل جهودنا يمكن أن تعود إلى الظروف السابقة خلال ساعة واحدة”.

وترى الكاتبتان أن تصريحات روحاني تفتح الباب أمام فك النزاعات، ويجب استثمارها حالا من خلال الخبراء والتعاون الدبلوماسي. وبالمقابل، يمكن أن تلتزم الولايات المتحدة بالحوار، فالإستمرار بسياسة أقصى ضغط قد يؤدي إلى “مزيد من السلوك المؤذي” من جانب إيران، خصوصا في العراق وسوريا واليمن. وترى الكاتبتان أن ما هو على المحك كبير ويجب اللجوء إلى هذه الخطوات المانعة حالا. وذكرتا أن موعد الـ60 يوما الذي حددته إيران لبقية الدول الموقعة على الاتفاقية، وهي روسيا والصين وألمانيا وفرنسا وبريطانيا الالتزام ببنود الاتفاقية التي رفضتها الولايات المتحدة.

ولن تتراجع إيران عن إنذارها. وفي داخل إيران فقد زاد الضغط الأمريكي من سطوة التيار المتشدد، الذي صور المدافعين عن حقوق الإنسان كإرهابيين وخونة. وحكمت إيران على الناشطة في مجال حقوق الإنسان نسرين سوتده بـ38 سنة وستة أشهر في السجن و138 جلدة، بعد محاكمتين غير عادلتين. وتم سجن نرجس محمدي، نائبة مدير مركز المدافعين عن حقوق الإنسان لمدة 21 سنة؛ مكافأة لها على نشرها قيم حقوق الإنسان في إيران. وقد عانت الناشطتان من القمع بسبب مطالبتهما باحترام حقوق الإنسان الأساسية. ومع تزايد التوتر مع الولايات المتحدة، قامت طهران بتشديد الخناق على المدافعين عن حقوق الإنسان، حتى لا تظهر بمظهر المتسامح مع من يتهمون بالتآمر مع الولايات المتحدة ونشر “القيم الغربية”.

ولن تدمر المواجهة العسكرية دعاة الحرية والديمقراطية، بل الاقتصاد الإيراني، الذي يعاني من وطأة العقوبات الأمريكية. وتأثرت العملة الإيرانية التي خسرت 60% من قيمتها، فيما زادت نسبة البطالة وارتفعت أسعار المواد الغذائية بشكل لم يعد فيه الناس العاديون قادرين على شراء اللحم والخضروات. فيما يستفيد المرتبطون بالنظام من الفساد الذي يتغذى على العقوبات.

وبعيدا عن الحدود الإيرانية، فمواجهة عسكرية ستغمر إسرائيل والسعودية واليمن وسوريا، وستضع منطقة الخليج المنقسمة أصلا على طريق أخطر. ومن بين دول المنطقة، فقد تحول اليمن إلى ساحة حرب بالوكالة بين إيران التي تدعم الحوثيين والسعودية التي تدعمها الولايات المتحدة. وتوتر بين الولايات المتحدة وإيران سيعرض جهود التسوية السلمية في اليمن للخطر، وقد يؤثر في موانئ البحر الأحمر التي تمر منها المساعدات الإنسانية للمتضررين في اليمن.

وتقول الكاتبتان إن الثمن سيكون باهظا على الأمريكيين أيضا، لأن إيران تحضر ومنذ سنين للهجوم على القوات الأمريكية في الشرق الأوسط كجزء من إستراتيجية الدفاع. ولدى طهران قدرات صاروخية متقدمة، وهي مسلحة جيدا لتحدي المصالح الأمريكية وحلفاء واشنطن في المنطقة. وسيدفع المواطنون العاديون في اليمن والولايات المتحدة وإيران، ومعظمهم من النساء والأطفال، الثمن الباهظ في نزاع لا يمكن تجنبه. وحان الوقت لتحكيم العقل في كل من واشنطن وطهران، وتبني إستراتيجية قائمة على دبلوماسية في مصلحة المواطنين تحمي التوازن الهش بين البلدين. ولم تكن الدعوة للسلام في المنطقة أكثر إلحاحا منها في الوقت الحالي، فالرهانات عالية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى