تقارير وتحليلات

نيويورك تايمز: ترامب يلهب العنصرية بالإصرار على تسمية “كورونا” بـ”الفيروس الصيني”

علقت صحيفة “نيويورك تايمز” في افتتاحيتها على ما رأتها تحيزات عنصرية ولدّها انتشار فيروس كورونا المستجد، وبدت في لغة وتصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي أصر على تسمية الفيروس بـ”الصيني”.

وقالت الصحيفة: “سرنا على هذا الطريق من قبل وأكثر من مرة، ففي القرن الرابع عشر، أثار وباء الطاعون عنفا شديدا ضد اليهود والكتلان ورجال الدين والمتسولين. وعندما انتشر مرض السفلس في القرن الخامس عشر، أطلق عليه المرض النابوليوني والفرنسي والبولندي والألماني، وهذا يعتمد على من تقوم بتحميله المسؤولية. وعندما ضرب الوباء هونولولو في عام 1889 قام المسؤولون بحرق المدينة الصينية فيها. ونفس الأمر في العصر الحالي عندما انتشرت أمراض مثل إيبولا وسارز وزيكا والتي أدت إلى تحيزات عنصرية ضد مناطق أو شعوب.

ولكننا اليوم في عام 2020 والذي يتعرض فيه الآسيويون لهجمات في الولايات المتحدة وحول العالم لأنهم مصدر “الإنفلونزا الصينية” و”فيروس ووهان” أو “الفيروس الأجنبي”. ومرة أخرى يقوم فيروس غامض وينتشر بسرعة بإثارة العنصرية والكراهية، وبمساعدة البوق الإعلامي الضخم- منصات التواصل الاجتماعي. ومع انتشار فيروس كورونا من مدينة ووهان في الصين عادت التحيزات القديمة معه من الإشاعة الكاذبة عن “الخطر الأصفر” التي قادت لسحل الصينيين في سبعينات القرن التاسع عشر إلى الصورة النمطية عن “الصيني القذر والضعيف”.

وكما كشف تقرير للصحيفة يوم الإثنين، فقد وضع العنصريون الصينيون والآسيويون في أمريكا في سلة واحدة، وتعرضوا للضرب والبصق عليهم والصراخ والإهانة من الساحل الأمريكي إلى الساحل الآخر. وهو ما دفع أعضاء من الأقلية المتضررة لشراء السلاح توقعا للأسوأ مع استمرار انتشاره في الولايات المتحدة”.

ومعاداة الأجانب ليست مقتصرة على الولايات المتحدة، فقد نشرت وكالة الأنباء اليابانية “كيودو” أوصافا لحوادث مشابهة عن المشاعر المعادية للآسيويين في أي مكان انتشر فيه الفيروس. فقد تم رمي الطلاب الآسيويين بالبيض في منطقة ليسترشر بإنكلترا. وصرخ مصريون على مارة آسيويين في الشارع ونادوهم “كورونا”. وفي منشورات شريرة على منصات التواصل الاجتماعي تم تهديد الآسيويين بسبب فيروس كورونا.

ورغم الغموض الذي يحيط بالفيروس، إلا أننا لا نعيش في العصور المظلمة، ولا حاجة للتذكير بأن هذا الفيروس الرهيب لا يفرق بين الأمم والأعراق. ورغم أن النصيحة الطبية جيدة وهي الحفاظ على بعد كاف في المناطق التي سجلت فيها حالات عالية من الوباء، فمن الحمق والخبث تحميل الصينيين أو أي جماعة المسؤولية عن انتشار الفيروس أو افتراض أن أي شخص يحمله. ففي أوقات الخوف والخطر هناك حاجة إلى الإنسانية والتضامن والتضحية والأمل وليس الهستيريا أو الكراهية. ويجب أن تكون هذه هي الرسالة للعالم السياسي والاجتماعي والديني وقادة الشركات الذين يسابقون الزمن للبحث عن طرق للتعامل مع هذا الفيروس القاتل.

وللأسف كما تقول الصحيفة أن يختار الرئيس ترامب وعدد من أعضاء إدارته وبعض السياسيين المحافظين إثارة التعصب من خلال استخدام مصطلح “فيروس ووهان” عن قصد. ودافع الرئيس ترامب الذي ظل يستخدم الاسم العلمي للفيروس في الأشهر الأخيرة، عن تسميته كورونا بالفيروس الصيني.

وكشفت صور لملاحظاته أنه شطب “كورونا” ووضع بدلا منها “الصيني”. ورغم التغريدة التي كتبها ترامب يوم الإثنين دعما للآسيويين- الأمريكيين ولكن أنصاره على الإنترنت تبنوا الصيغة التي يستخدمها الآن. فبربطه الفيروس بالصين، تبنى الرئيس رأي وزير خارجيته مايك بومبيو الذي أشار لكورونا بـ”فيروس ووهان” كردٍ على حملة التضليل التي قامت بها بكين وتأخرها في إخبار العالم بظهور الفيروس. ويمكن انتقاد الحكومة الصينية على تعاملها مع الفيروس وحملة التعمية الإعلامية حول مستويات انتشاره.

وترى الصحيفة أن العداء للأجانب والتحيزات العنصرية نبعت من تسمية الفيروس باسم المكان، الأشخاص أو الحيوانات وكانت سببا لحث منظمة الصحة العالمية على عدم الوقوع في هذه المصيدة واستخدام “فيروس كورونا”. وقالت المنظمة إن أسماء مثل “متلازمة الشرق الأوسط التنفسية” أو “الإنفلونزا الإسبانية” وإنفلونزا الخنازير أو جدري القرود تترك تداعيات خطيرة من خلال إثارة ردة فعل سلبية ضد أعضاء مجتمع بعينه أو ذبح حيوانات.

وفي النهاية فإن انتشار المشاعر المعادية للآسيويين لم تظهر نتيجة للسياسة وحدها ولكن المخاوف العميقة التي ترافق انتشار الأوبئة. وهنا يجب على الأمريكيين الوحدة والتعاطف معا في وقت ينتشر فيه الفيروس.

وضمنت الصحيفة ما يتعرض له الشبان والشابات الصينيات- الأمريكيات من عنصرية من المجتمع ونشرت ما كتبته شابة قالت إنها سمعت أوصافا مثل “كل واحد يعرف أن الشعب الصيني مقرف” و”يأكلون أي نوع من الحيوانات” و”هم قذرون”. وقالت إن كلام زملائها في المدرسة بعد تسجيل أول حالة كورونا في المدرسة “كان بمثابة الطعنة في صدري”.

وتقول: “أنا صينية- أمريكية وهذا شيء عانيت منه من زميلة في المدرسة اعتبرتها صديقة وعلى مدى السنوات الثلاث الماضية”. وتقول إن “الشبان الآسيويين – الأمريكيين يشعرون بأن عدوى الكراهية تصيب كل جزء من حياتنا”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى