تقارير وتحليلات

نيويورك تايمز: حرب الظل الإسرائيلية – الإيرانية تخرج للعلن وتطال الممر البري من طهران إلى لبنان

تحت عنوان “حرب الظل بين إسرائيل وإيران تخرج للعلن” نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرا أعده عدد من مراسيلها أشاروا فيه إلى قيام إسرائيل بعدد من الهجمات الجوية بمناطق عدة في الشرق الأوسط استخدمت فيها صواريخ موجهة بدقة وطائرات بدون طيار وأسلحة متقدمة أخرى.

وتمثل الهجمات تصعيدا جديدا في حرب الظل بين إيران وإسرائيل وتهدد بمواجهة أوسع. وعلى مدى 18 ساعة قام الطيران الإسرائيلي بقتل عنصرين في ميليشيا تدعمها إيران في سوريا وتفجير طائرة بدون طيار قرب مكتب لحزب الله بالضاحية الجنوبية ببيروت وقتل قائد في ميليشيا عراقية قرب القائم غرب العراق. وتتهم إسرائيل إيران بمحاولة إقامة ممر بري لنقل السلاح عبر العراق إلى شمال سوريا ومن ثم لبنان. وكانت الهجمات جزءا من عدد كبير نفذه الطيران الإسرائيلي الهادفه إلى وقف إيران وتحذير جماعاتها الوكيلة أن إسرائيل لن تتسامح بوجود اسطول من الصواريخ على حدودها.

وتقول سيما شاين، المديرة السابقة للمخابرات الإسرائيلية والباحثة الآن في معهد الأمن القومي بتل أبيب “تحاول إيران بناء شيء في المنطقة” و “ما تغير هو أن العملية وصلت إلى مستوى لم يكن أمام إسرائيل إلا التحرك”. ويقول المسؤولون الإيرانيون إن الهجمات الإسرائيلية لن تمر بدون رد. ووصف الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس والوجه المعروف للتأثير الإيراني في المنطقة إن “أفعال الصهيونية مجنونة وستكون الأخيرة”. وفي الوقت الذي لم تعلن فيه إيران علنا عن نقل الأسلحة وتكنولوجيا الصواريخ إلا أن إيرانيا على معرفة بالجهود الإيرانية بالمنطقة قال في العام الماضي إن إيران قد حولت جهود تدريب الجماعات الوكيلة على المعارك في سوريا والعراق إلى تزويدها بالسلاح التكنولوجي العالي والتدريب. وتقول الصحيفة إن كل الأطراف لا تبحث عن حرب إلا أن زيادة وتيرة العنف والغارات من خلال الطائرات المسيرة والتكنولوجيا السرية زادت من إمكانية تحول حادث هامشي إلى نزاع كبير.

وتسهم عمليات السخرية والتلويح بالحرب والسياسة الداخلية في خلق أجواء من الحرب. واعترفت إسرائيل أنها قامت بغارة جوية يوم السبت على سوريا قالت إنها كانت محاولة لمنع عناصر مؤيدة لإيران من إطلاق طائرات بدون طيار قاتلة على إسرائيل.

أما الطائرة بدون طيار التي انفجرت في بيروت يوم الأحد فقد أصابت ما يقول الإسرائيليون إنه مركز لإنتاج الصواريخ الدقيقة. وكانت صحيفة “التايمز” البريطانية أول من أشار إلى هذا وأكده مسؤولان يعرفان عن العملية الإسرائيلية.

وتعرضت القواعد العسكرية التابعة للميليشيات الشيعية لضربات في الأسابيع القليلة الماضية، ولم يعلن أحد مسؤوليته عنها، مع أن قادة الميليشيات اتهموا إسرائيل بها قائلين أن طائرة بدون طيار أصابت قافلة في القائم وقتلت قائدا. وقامت إسرائيل بهجوم واحد في 19 تموز (يوليو) قرب بغداد.

وقال المسؤولون الأمريكيون أن إسرائيل هي التي نفذته. وقال الجيش اللبناني إنه أطلق النار ثلاث طائرات مسيرة اخترقت الأجواء اللبنانية وأجبرتها على العودة إلى إسرائيل. ويكشف التصعيد على أن التوسع الإيراني في الشرق الأوسط بات يواجه ردة فعل إسرائيلية.

وتقول رندا سليم، المحللة في معهد الشرق الأوسط بواشنطن إن “المسرح العسكري وسعته إسرائيل فيما يتعلق بالهجمات” و “لم يعد الأمر متعلقا بالوجود الإيراني في سوريا ولكن بشبكة إيران في المنطقة”. وبعد الربيع العربي الذي أضعف عددا من الدول العربية تحركت إيران للإستفادة من الوضع وأقامت علاقات رعاية مع الجماعات المحلية. ورعت إيران ولادة حزب الله ودربته ومولته حيث بات يملك أكثر من 100.000 صاروخ موجهة على إسرائيل. وفي الفترة الأخيرة قوّت إيران من شبكتها من خلال تقديم الخبرات العسكرية إلى الجماعة الحوثية في اليمن والميليشيات العراقية والقوات الموالية للنظام في دمشق. وقوت إيران التعاون بين الجماعات الوكيلة نفسها. فعناصر حزب الله دربوا مقاتلين في العراق واليمن وأرسلوا المساعدات لجماعات الجهاد الفلسطينية. ونقلت إيران آلاف المقاتلين من العراق ومناطق أخرى للقتال مع قوات الحكومة السورية. والمقاتلان اللبنانيان اللذان قتلا نهاية الأسبوع يعبران عن طبيعة الشبكة الإيرانية التي لا تعرف الحدود. ونشأ المقاتلان حسن زبيب وياسر ظاهر في لبنان ودرسا الطيران في إيران وعادا إلى لبنان للعمل مع حزب الله. وتصف إيران شبكتها “بمحور المقاومة” ومع أن عناصر يعملون باستقلالية في بلدانهم إلا أنهم يشتركون في هدف مواجهة أمريكا وإسرائيل والتأثير السعودي في الشرق الأوسط. كما أن وجود حلفاء مسلحين بالمنطقة يعني ردعا لإسرائيل وأمريكا ومنعهما من ضرب إيران. وظل تركيز إسرائيل في السنوات الماضية للحد من التوسع الإيراني مقتصرا على سوريا، وشنت منذ عام 2017 أكثر من 200 غارة، شملت قوافل سلاح وقواعد عسكرية وأهداف أخرى مرتبطة بالجهود الإيرانية. وتجنبت إسرائيل قتل مقاتلي حزب الله في سوريا وتوجيه ضربات في لبنان قد تؤدي إلى هجمات مضادة. وأدى هذا إلى اتفاق غير مكتوب عرف بقواعد اللعبة. وكسرت الهجمات قواعد اللعبة من خلال قتل عنصرين للحزب في سوريا وضرب مقرات الحزب بالضاحية الجنوبية ببيروت.

 

ومما زاد من حرارة المواجهة، التصريحات المتهورة من الطرفين والتي تهدف إلى إقناع الرأي العام المحلي. فمن ناحية قام الجيش الإسرائيلي بالسخرية من أعدائه الإيرانيين والتقليل من قدر الجنرال سليماني. ودشن الجيش الإسرائيلي يوم الثلاثاء حسابا على التويتر بالفارسية يهدف للتقليل من شأنه أمام الرأي العام الإيراني. وبالمقابل تعهد زعيم حزب الله حسن نصر الله بالإنتقام، ورد بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي ساخرا ومطالبا نصر الله بالهدوء “وأقول نفس الشيء لقاسم سليماني كن حذرا عندما تتكلم وحتى في أفعالك”.

ويقول المحللون إن اقتراب موعد الإنتخابات شجعت نتنياهو بأن بالظهور بمظهر الحازم أما نصر الله فلا يريد أن يظهر بمظهر الضعيف في وقت باتت تؤثر فيه العقوبات الأمريكية على حزبه. ويقول طلال عتريسي الباحث الإجتماعي الذي يدرس حزب الله في الجامعة اللبنانية إنه يتوقع ردا من الحزب لمنع تكرار الهجمات الإسرائيلية. والمح إلى الإنتخابات الإسرائيلية “هناك انتخابات ويريد نتنياهو إظهار أنه يحمي إسرائيل. ولكن إن لم يكن هناك رد فسيواصل الهجمات، ولن تكون مجرد حملة انتخابية ولكن استراتيجية جديدة”. ويقول محللون إن توسيع الهجمات إلى لبنان والعراق هي رد على التعديل في الإستراتيجية الإيرانية. وتقوم على بناء خط إمدادات السلاح من إيران. وحتى سنوات قليلة استخدمت إيران طائرات بدون علامة لنقل الأسلحة إلى دمشق، إلا أن الضربات الإسرائيلية المستمرة أجبرت إيران لتحويل النقل إلى مطارات عسكرية في شمال سوريا وعندما ضربت إسرائيل هذه المطارات قام سليماني بإنشاء الخط البري من طهران عبر العراق وسوريا إلى لبنان. ففي 19 تموز (يوليو) ضرب الطيران الإسرائيلي شحنات من الصواريخ الدقيقة قرب بغداد كانت في طريقها إلى سوريا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى