تقارير وتحليلات

نيويورك تايمز: لماذا لم يغضب العالم العربي من تصريحات نتنياهو لضم وادي الأردن؟

تساءلت صحيفة “نيويورك تايمز” عن السبب الذي لم يعبّر فيه العالم العربي عن الغضب من تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ضم الضفة الغربية.
وفي تقرير أعده مراسلها في بيروت، بن هبارد، قال: “في وقت كان تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي ضم وادي الأردن في الضفة الغربية المحتلة فإن القرار الأحادي كان سيثير غضبا في العالم العربي، ولكن ليس اليوم”.
وأسباب الرد الصامت على وعد رئيس الوزراء نتنياهو يوم الثلاثاء كثيرة، فقد نظر إليه على أنه محاولة من نتنياهو لجذب الناخبين المتطرفين للتصويت له في انتخابات الثلاثاء المقبل، ولأن إسرائيل تسيطر بشكل فعلي على الأراضي التي وعد بضمها، وأخيرا والأهم هو أن القضية الفلسطينية لم تعد تثير المشاعر في أنحاء العالم العربي. ويعلق الصحافي الفلسطيني داود كُتّاب على الرد العربي قائلا: “نعم يهتمون ولكن سيحركون جيوشهم؟ لا وهل سيسحبون أموالهم من الولايات المتحدة؟ لا”.
ويقول بن هبارد إن وعد نتنياهو يأتي بعد إستراتيجية تحولات أدت لتغيير واقع القضية الفلسطينية من أولوية للقادة العرب وشعوبهم. وتأتي بعدما صادق دونالد ترامب على سلسلة من القرارات الأحادية التي اتخذتها إسرائيل تجاه المناطق المحتلة.

ولا تزال عدد من الدول العربية مثل مصر وسوريا واليمن والعراق تعيش آثار الربيع العربي والانتفاضات ومواجهة تنظيم الدولة، مما جعلهم يركزون على القضايا الداخلية. أما دول الخليج التي دعمت الفلسطينيين فهي تخشى اليوم من تأثير إيران الإقليمي، وهو قلق تشترك فيه مع إسرائيل.

وتركت هذه التغيرات الفلسطينيين بعدد قليل من الحلفاء العرب ممن لديهم استعداد للدفاع عن قضيتهم. ويقول خالد الجندي، الزميل الباحث في معهد بروكينغز، مؤلف كتاب عن دور الولايات المتحدة في الصراع: “لقد تراجعت القضية الفلسطينية من الأجندة. وربما حاول القادة العرب تجنب شجب نتنياهو لأنهم غير مستعدين أو غير قادرين على مواجهته”. وهم بهذا كما يقول الجندي “يزيدون من التوقعات” و”لو قالوا نحن نعارضهم، وهذا رهيب، فهناك توقعات من الناس وأنهم سيقومون بعمل شيء”.

ويرى الكاتب أن هذا لا يعني أن الرأي العام العربي لم يعد يهتم بالموضوع الفلسطيني؛ فدعم قيام الدولة الفلسطينية هو الموضوع الوحيد الذي يدفع على الإجماع في العالم العربي حتى ولو لم يخرج الناس في تظاهرات واحتجاجات.
ويعتبر الموضوع حساسا بشكل خاص في الأردن، البلد الحليف للولايات المتحدة، والذي وقّع معاهدة سلام مع إسرائيل التي تقف على الجانب الآخر من المنطقة التي وعد نتنياهو بضمها. وانتقد يوم الإثنين أيمن الصفدي، وزير الخارجية الأردني، في تغريدة تصريحات نتنياهو باعتبارها “تصعيدا خطيرا سيقوض كل جهود السلام”. وحذر من أنها “ستقود إلى مزيد من العنف والنزاع”.

كما أدى دعم ترامب للمواقف الإسرائيلية دورا مهما. وفي الوقت الذي حاول فيه الرؤساء الأمريكيون السابقون الحفاظ على موقف محايد في النزاع، ورحبوا بالمسؤولين الفلسطينيين كجزء من دعمهم لحل الدولتين، إلا أن ترامب عبّر عن تحيز واضح لإسرائيل، ولم يلتق مع المسؤولين الفلسطينيين، وأمر بإغلاق مقر بعثة منظمة التحرير في واشنطن.

وغيّر ترامب سياسة الولايات المتحدة تجاه المناطق المحتلة، وصادق على القرارات الأحادية التي اتخذتها إسرائيل هناك. واعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إليها، وهو ما أغضب الفلسطينيين الذين يعتبرون القدس الشرقية عاصمة لهم. كما اعترف ترامب بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان السورية المحتلة منذ عام 1967.

وتقول لينا خطيب، مسؤولة برنامج الشرق الأوسط في تشاتام هاوس بلندن، إن جاء الرد صامتا على قرارات ترامب، فإن وعد نتنياهو بشأن وادي الأردن لن يثير مشاعر الغضب بالمنطقة على أكبر احتمال. وقالت إن “العالم العربي سيتعامل مع الوعد على أنه تصريح في الحملة التي يديرها للانتخابات الإسرائيلية، والتي يحتاج فيها نتنياهو لفوز حاسم يسمح له بتشكيل الحكومة”.

ويعيش في وادي الأردن 11.000 إسرائيلي في مستوطنات بُنيت وسط مدينة أريحا والقرى الزراعية المحيطة بها، والبالغ عدد سكانها 65.000 نسمة.

وتقع نسبة 90% من أراضي المنطقة تحت إدارة إسرائيل وسيطرة الجيش، ويمنع الفلسطينيون من استخدام نسبة 85% من الأراضي فيها. وتقول إسرائيل إن وادي الأردن مهم لأمنها، ووصفه نتنياهو بحدود إسرائيل الشرقية.

وقال رئيس السلطة الوطنية، محمود عباس، إن كل الاتفاقيات التي وقعت مع إسرائيل ستنتهي لو ضمت إسرائيل غور الأردن. ويرى آخرون أن ضم المنطقة سيترك معظم مناطق الفلسطينيين مقسمة بشكل يقضي على حل الدولتين بشكل كامل.

ويقول كُتّاب إنه لا يزال يدعم فكرة الدولة الفلسطينية، إلا أن أبناءه يرون أنها غير قابلة للتطبيق: “يقولون إن المستوطنات كثيرة في الضفة الغربية، ولم يعد هناك مجال للدولة.. والأحسن هو القتال من أجل المساواة على المدى البعيد”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى