تقارير وتحليلات

يصومون 20 ساعة ويجتمعون في خيم رمضانية روسية.. الصائمون هنا يصالحون خصومهم في رمضان

يشتاق عزيز الذى يعمل سائقا فى موسكو الى أجواء رمضان التى عهدها فى بلده اوزبكستان . ويقطن فى شقة مستأجرة  فى ضواحى موسكو، يقول انه يفتقد روح التقارب والمودة التى اعتاد عليها فى كل جوانب الحياة من جيران بيته الذين تعودوا فى هذه الايام المباركة على تبادل الوجبات والأكلات المحببة ،  إلى الشوارع المكتظة بالحركة ومشهد التسوق الذى يفتقد فيه المواد التى تعود على رؤيتها فى بلده . يعيش في روسيا التى جاء اليها عزيز قبل ثلاث سنوات نحو 23 مليون مسلم منهم مليون ونصف المليون فى موسكو،  جزء كبير منهم من العمالة الوافدة من جمهوريات سوفيتية سابقة.

نكهات مختلفة..

رمضان له نكهات متعددة فى روسيا التى تضم أقاليم يشكل المسلمون الغالبية السكانية فيها   أبرزها جمهوريات منطقة شمال القوقاز،الشيشان، وإنغوشيتيا ،وداغستان،وكابردينا بلكاريا وكاراتشايفا تشيركيسيا ، إضافة إلى جمهوريتي باشكرستان وتتارستان الذاتيتى الحكم فى إطار الدولة الفيدرالية.

عادات مستحدثة

وبالرغم من اختلاف العادات والتقاليد، يزداد حرص  المسلمين بالمجتمع الروسي في الشهر الفضيل على أداء الصلوات في المساجد خصوصاً صلاة التراويح ، التى تشهد اقبالا كثيفا ، وكأن  المسلمين فى روسيا يعوضون ما فاتهم من حرمان خلال العهد الشيوعى . لا تقتصر الفوارق بين الماضى والحاضر على مشاهد الاكتظاظ فى المساجد ، بل تمتد الى فعاليات رمضانية برزت خلال السنوات الاخيرة ، وشكلت حالة فريدة بالنسبة الى المجتمع الروسى منها خيمة رمضان

خيمة رمضانية

تقام الخيمة  سنوياً قرب احد اكبر مساجد العاصمة الروسية واحدثها عمرا ، اذ شيد منذ عقدين فقط ، والخيمة لا تقتصر على كونها منصة لاقامة الافطارات الجماعية او الخيرية كما جرت العادة فى بعض البلدان العربية ، بل اتخذت طابعا ثقافيا وادبيا وبرزت لها ملامح قومية فى حالات عدة ، اذ اعتاد مرتادو الخيمة على التعرف  فى كل يوم من أيام الشهر الكريم على ثقافة ومطبخ بلد يكون هو ضيف الشرف فى الخيمة ، فضلاً عن تنظيم مسابقات للأطفال في حفظ القرآن الكريم .

تعكس الخيمة التنوع الثقافى الواسع بين القوميات المختلفة  فى روسيا ، تشتهر المدن الاخرى بعادات وطقوس رمضانية خاصة بها  ففي داغستان يجتمع المسلمون في المسجد الكبير في محج قلعة المدينة التى وصل اليها صحابة رسول الله مبشرين بالدين الحنيف منذ اكثر من 1300 عام ، لكى يكسروا صيامهم بالتمر والفواكه المجففة ، ثم بعد ذلك يتناولون الحساء والخبز وأطباق محلية مختلفة مثل( كورما) وهو عبارة عن طبق من الخضار يتم تقطيعه جيداً ثم طبخه وتُقلى معه قطع من القلب والكبد والبصل ،و(كورز) وهى عبارة عن قطع عجين  مضفورة بضفيرة ثم تحشو باكلات مختلفة مثل: اللحوم والخضروات والجبن والبيض والبطاطس والبصل ، بالإضافة إلى الأعشاب المختلفة.

تجمعات الصلح

أما في الشيشان فالأطباق المفضلة لديهم  في شهر رمضان، تلك المصنوعة من نبات الرامسون والقراص، والتي تدخلها التوابل الحارة والبصل والثوم والفلفل،وتفضل العائلات تناول الأكلات الشعبية في رمضان، لأنها صحية أكثر، حيث تحتوي على الفيتامينات والخضراوات ذات اللون الأخضر ، وبالعادة تقوم لجان شعبية بالتعاون  مع الحكومة الشيشانية بدعوة العائلات المتخاصمة إلى التصالح وتسوية النزاعات بينهم في هذا الشهر الكريم .

وتختلف مواعيد الإفطار في روسيا على امتداد مناطقها الزمنية، حيث  يوجد مناطق بها نصف العام نهار والنصف الاخر ليل ولعل هذا من اكثر الامور خلافا فى روسيا على تحديد بداية رمضان وأوقات الإفطار مما جعل المفتيين الروس يلجأون الى تحديد شهر رمضان فلكيا من دون تحرى رؤية الهلال كما يحدث فى غالبية البلدان العربية  فى السنوات اللاحقة.

واثار طول ساعات الصيام فى روسيا فى بعض المناطق( 22 ساعة) سجالات حول ما اذا كان يتوجب على المسلمين أن يتبعوا اقرب دولة لا تزيد فى ساعات الصيام عن 17 ساعة ، وبرزت دعوات فى بعض الاحيان الى التعامل مع توقيت مكة المكرمة ، لكن كل هذه النقاشات لم تغير فى الواقع شئ واتخذت هيئات المسلمين الروس العليا قرارت مشابهه فى مضمونها  لقرارات مجالس المسلمين فى شمال اوروبا حول ضرورة الالتزام بساعات الصيام مهما طال النهار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى