حوارات

«بجار مختار».. يروي ذكريات زيارة «أوجلان» الأولى لكوباني

لم يكن بجار مختار، سوى طفل صغير لم يتجاوز عامه السادس عندما قابل القائد عبدالله أوجلان في 1979 في مسقط رأسه كوباني، وقتها لم يكن لا هو ولا والده الذي استقبله في منزله وأعد له مسكناً للإقامه هو وسبعة آخرين من رفاقه يعرفون حقيقة الضيف الكريم الذي كان الجميع يُطلق عليه “هفال علي”.

في رحلة البحث عن من عايشوا القائد عبدالله أوجلان، الذي يحتفل الكرد حول العالم بميلاده الـ 71، توصلت إلى “بجار مختار”، المقيم في ألمانيا، والذي التقى أوجلان مراراً، وكان وقتها طفلاً يتطلع إلى الغد الذي كان غالبية الكرد وقتها يرونه بصورة قاتمة.
لم ينس بجار ابن كوباني، وسليل العائلة التي استقبلت أوجلان بعد خروجه باتجاه سوريا ذكريات اللقاء الأول بآبو، الذي تعرف هو وأسرته عليه للمرة الأولى في 1979 تحت اسم مستعار هو هفال علي، كان عمره آنذاك ست سنوات، وكان والده اسماعيل مختار، هو الذي استقبله آنذاك.

ويسرد بجار في حديثه، كيف كانت كوباني وقتها منطقة نائية وصغيرة، وذلك كون أحد أصدقاءه من الطرف الآخر من سروج ويدعى أكم، واستشهد في 1985، على صلة بوالده، وتم استقبال أوجلان كصديق، ومكث فيها قرابة شهر، حيث استضافه والده هو وسبعة من رفاقه في منزل فارغ كانت تملكه أسرته.

وحول هذه الفترة يقول بجار مختار: “كان الوضع الأمني في كوباني غاية في السوء، وكانت المخابرات السورية ناشطة في الأنحاء بصورة كبيرة وتضغط على الشعب الكردي بشكل كبير”.

ويستطرد: “كان أوجلان معروف لدينا وقتها باسم هفال علي، ولم يكن معروفاً أنه قائد للمجموعة، وبعد ذلك نُقل ورفاقة إلى حلب، وكان والدي يملك سيارة نقل كبيرة، لنقل البضائع من حلب إلى كوباني. فتم نقلهم في مجموعات صغيرة، إلى منزل عمي “عمر مختار”، ومن ثم تم نقلهم إلى البقاع اللبناني حيث انضموا هناك إلى منظمة التحرير الفلسطينية آنذاك بقيادة ياسر عرفات، ومكثوا في البقاع أربع أو خمس سنوات”.
وأوضح: “خلال وجودهم في البقاع شاركوا في مقاومة الاحتلال الاسرائيلي في قلعة شقيف، واستشهد عدد من رفاقه هناك. وفيما بعد عاد إلى سوريا مجدداً”.

وحول ذكرياته عن أوجلان خلال الفترة التي قضاها في كوباني يقول: “أتذكر أنه كان شهر رمضان، وقبيل الإفطار كانت جدتي تُرسلني بالإفطار بصورة يومية، وكنت يومياً آخذ الإفطار إلى ذلك المنزل المجاور لمنزلنا، ووقتها كان القائد أوجلان يداعبني لساعات طويلة”.
ويستطرد: “بعد هذا بعامين أو ثلاث صعد اسم حزب العمال الكردستاني بكثرة والشعب الكردي في سوريا أصبح يقتنع بفكرة الحزب وأيدولوجية القائد عبدالله أوجلان”.
ويتابع: “كل هذا ونحن لا نعرف صورة أو شكل القائد أوجلان، آبو، حتى عاد بعدها إلى كوباني في 1984 لنتفاجأ به، وبأنه هو هفال علي الذي عرفناه قبل سنوات”.
بعد هذا التوقيت وكما يسرد بجار في حديثه معنا، تكررت زيارات القائد أوجلان إلى حلب، وكان يعتبر أن عائلة المختار هم أسرته وعائلته في كردستان سوريا، وكان يزورهم في السنة مرتين أو ثلاثة ويجتمع بنا كصديق للعائلة وأحد أفرادها.

ويعود بجار مختار إلى زيارة أوجلان الأولى إلى كوباني، حيث كان يقول آبو، الذي لم يكن أحد من أهل المختار قد تعرفوا عليه بعد، لوالده (إسماعيل مختار) في ذلك الوقت: سنساند القضية الكردية وسنرفع من شأن القضية الكردية وسنسعى لاستقلال كردستان.
وبالمقابل كان والده إسماعيل مختار لا يتصور ذلك ولا يصدق أنه بثماني أفراد يمكن تحرير كردستان، وإنشاء حزب لمساندة الشعب الكردي، لكن بعد فترة أثبت آبو أنه قادر على انشاء قاعدة جماهيرية كبيرة، تساند الشعب الكردي ومتطالباته.
ويقول: “جاء أوجلان إلى كوباني في 1984، وقال لأبي: قلت لك إننا سننشئ حزب كبير وسنناضل ووقتها كنت لا تلق لحديثي بالاً، وتقول لي أكمل طعامك وبعدها نتحدث، لكن الأمر الآن أصبح حقيقة”.
ويتابع بجار مختار: تفاجأ والدي بهذا الحزب وهذه القاعدة الجماهيرية وبالفعل اقتنع الشعب الكردي بأفكار أوجلان ومبادئه وأيدلوجيته.
وتكررت زيارات أوجلان إلى عائلة مختار، بمعدل زيارتين أو ثلاثة سنوياً، وحتى أنه ذكر في مذكراته، وقال: إذا نسيت فضل عائلة مختار فإن كردستان لن تنسى مساندة هذه العائلة لهذا الحزب”.
ويستطرد: ” وذات يوم، وفي عام 1998 أتى القائد أوجلان في زيارة خاطفة إلى حلب، والتقى والدي، وقال له إنني سأغادر سوريا، وتفاجأ والدي مستفسراً عن السبب، فرد عليه قائلاً: هناك ضغط إقليمي ودولي على حافظ الأسد لترحيلي أو لخروجي من سوريا”.
ويُشير إلى أن والده اقترح على أوجلان آنذاك أن يذهب إلى جبال كردستان في منطقة قامشلي وعبور نهر دجلة باتجاه قنديل، وهو ما رفضه أوجلان آنذاك ورد على والده قائلاً: إذا هربت من سوريا وذهبت إلى جبال كردستان سأصبح ابن لادن جديد وسأصنف بالإرهاب، كوني صعدت إلى الجبال.
ويتابع بجار: “وقال القائد أوجلان وقتها: لقد حصلت على وعود لاستقبالي في أوروبا، أنا غير مقتنع بأن أحداً سيستقبلني لكنها المحاولة الأخيرة عسى أقف ولو على متر واحد من الأرض في أوروبا وأدافع عن قضية الشعب الكردي هناك”.

وأضاف “في أوئل فبراير 1999، خرج القائد أوجلان من سوريا باتجاه إيطاليا لأيام، ثم غادرها بضغط تركي دولي بعد رفض طلب لجوءه، ومنها الى روسيا ورفض طلبه أيضا، ليتوجه إلى اليونان، التي طلب منه التوجه إلى سفارتهم في كينيا لعل وعسى يتم حل الموضوع، إلا أن المخابرات الاسرائيلية مع المخابرات التركية ألقوا القبض على القائد عبدالله أوجلان”.
وعن الحراك الجماهيري المتصاعد في أوروبا ضد العزلة يقول: إنه يتصاعد يوماً بعد آخر، والكثير من الرفاق هنا انضموا إلى الإضراب عن الطعام وهم بالمئات، بل بالآلاف، لديّ بعض الرفاق ممن تجاوز إضرابهم يومه الخمسين، وغداً لنا وقفة تضامنية مع المضربين في مدينة إيسن ونسعى ليل نهار لفك العزلة عن القائد، الذي يعود الفضل لأفكاره ونضاله وأيدولوجيته في ثورة روج آفا، فهو أول من رفع شعار أخوة الشعوب بين جميع مكونات شعوب الشرق الأوسط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى