منتدى الفكر الاستراتيجي

فورين بوليسي: إسرائيل في حرب سرية ضد إيران في سوريا

قال جوناثان سباير، الباحث في معهد القدس للدراسات الإستراتيجية في مقالة بمجلة “فورين بوليسي” الأمريكية: إن غسرائيل دخلت  الحرب السورية وهي لا تعرف إن كانت ستحقق كل الأهداف التي تريدها.

واوضح سباير أن إدارة هذه الحرب تتم بشكل رئيسي من الجو التي ترفق بمعلومات استخباراتية تجمع من الأرض كي تسمح للطيارين بضرب المواقع التي يعتقد أنها تابعة للقوات الإيرانية أو الموالية لها. وبالإضافة لهذا هناك أدلة عن عمليات تصفية «قتل مستهدف» داخلة ضمن الحرب التي تشنها ضد إيران.

انسحاب كامل للقوات الإيرانية في سوريا

والهدف من هذه الحرب كما أوضح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه أفيجدور ليبرمان وغير من المسؤولين البارزين هو انسحاب إيراني كامل من الأراضي السورية. ويعتقد سباير أن هذا الهدف لن يتحقق في ضوء الإستراتيجية هذه. لكن تحقيق الهدف الأقل وهو منع إيران من التمترس في سوريا وتقوية مركزها بات قريباً من التحقق. وقامت إسرائيل بسلسلة من الغارات ضد النظام السوري لبشار الأسد ومقاتلي حزب الله منذ بداية الحرب الأهلية عام 2011. ومنذ بداية العام الحالي لوحظ زيادة نسبية في الهجمات وبداية لهجمات ضد المواقع الإيرانية والأفراد.

تغير الموقف الإسرائيلي

ويرى سباير أن النهاية المحتومة للتمرد السوري أدت لهذا التحول. فعندما كانت حركة التمرد ضد النظام قوية وفاعلة رضيت إسرائيل بالمراقبة والتفرج على الأحداث. واحتفظت إسرائيل بعلاقة محدودة مع فصائل مقاتلة في منطقة القنيطرة للتأكد من عدم وصول الحرب لمرتفعات الجولان والتدخل من فترة لأخرى لمنع وصول الأسلحة والمعدات الإيرانية إلى حزب الله في لبنان.

وبعيداً عن هذا اكتفت إسرائيل بمراقبة نظام الأسد وإيران والجماعات السنية المتعددة خوض حرب استنزاف طويلة. ومنذ بداية هذا العام بدا واضحاً لإسرائيل أن المعارضة المسلحة على حافة الهزيمة وهذا بسبب التدخل الروسي والإيراني. ولهذا لم تكن إسرائيل لترضى بدور المراقب والسماح ببنى تحتية وسياسية إيرانية مستقلة على التراب السوري إلى جانب قواعدها العسكرية القائمة في لبنان والعراق. ولهذا بدأت الهجمات الإسرائيلية لاستهداف البنى التحتية الناشئة بعد ذلك.

ويرى الكاتب أنه من الصعب متابعة مسار هذه الحملة خاصة رفض إسرائيل الإعلان عن مسؤولية الغارات. ومن مصلحة طهران ونظام الأسد تجنب نشر الأخبار عن الغارات الجوية الإسرائيلية هذه. ومن الواضح ان العملية الأكبر حدثت في مايو عندما ردت إسرائيل على 20 صواريخ غراد وفجر -5 على المواقع الإسرائيلية في مرتفعات الجولان المحتل حيث ردت إسرائيل بعملية جوية مكثفة استهدفت فيها مواقع إيرانية مختلفة في سوريا. وشارك في العملية 28 مقاتلة أطلقت 70 صاروخاً حسب وزارة الدفاع الروسية. وشملت عدداً من المنشآت التي يعمل من خلالها الحرس الثوري الإيراني ومجمعات عسكرية ولوجيستية تحت إدارة فيلق القدس في الكسوة في شمال العاصمة دمشق ومخازن أسلحة تابعة لفيلق القدس في مطار دمشق الدولي بالإضافة لنظام استخباراتي ومنشآت أخرى. وكما لمح نتنياهو قبل فترة فإن العملية لم تنته بعد. ففي 29 أغسطس تحدث في بلدة ديمونا قائلا: «ستواصل القوات الإسرائيلية التحرك وبتصميم كامل وقوة ضد محاولات إيران تركيز قواتها وأنظمة أسلحتها في سوريا».

حملة متقدمة

وكشفت إسرائيل عن هذا التصميم للتحرك من خلال تفجيرات عدة في مطار المزة قرب دمشق. ونسب موقع قناة «الميادين» والمرصد السوري لحقوق الإنسان الغارات لإسرائيل. ولاحقاً نفت وكالة الأنباء السورية «سانا» الأخبار. ولم يتم ذكر هجوم على قافلة إيرانية قرب قاعدة التنف في جنوب سوريا في 3 سبتمبر وقتل فيه مواطن إيراني وسبعة سوريين حسب المرصد السوري لحقوق الإنسان. وتحتفظ قوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة بوجود لها في منطقة التنف، ونفت أي علاقة لها بالهجوم.
وقاعدة التنف بعيدة عن معبر القنيطرة في الجولان مما يعني أن إسرائيل ليست معنية بالحدود ولا المنشآت الإيرانية في سوريا بل وبحركة المقاتلين الموالين لإيران بين العراق وسوريا. ويشير لغارة جوية تمت في قرية الهري، قرب البوكمال على الحدود السورية- العراقية منتصف شهر يونيو.

وكان هدف الغارة هو قاعدة لميليشيا كتائب حزب الله العراقية. وقتل في الغارة 20 عنصراً. ولم يعلن أي طرف مسؤوليته عن العملية حيث نقلت وكالة أنباء رويترز عن قيادي إيراني قوله إن الهجوم ربما نفذته أمريكا. ولو فعلت لخرقت نهجها في العراق، فهي وإن رغبت بهزيمة الميليشيات الشيعية العراقية إلا أنها تتجنب مواجهات داخل العناصر السياسية في العراق. كما أن مقتل مدير مركز الدراسات والأبحاث العلمية السوري في مصياف عزيز أسبر واحمد عيسى حبيب، مسؤول مكتب فلسطين في الإستخبارات السورية في الخامس والثامن عشر من اغسطس على التوالي قاد للتكهن بأن إسرائيل ضالعة في مقتلهما.
ويرى سباير أن ما يجري هو حملة متقدمة تهدف لعرقلة محاولات إيران تقوية وتعميق مشروعها في سوريا وخروجها بشكل كامل، والسؤال هل ستنجح؟ من الصعب التكهن خاصة إن إيران استثمرت بشكل ضخم في سوريا. وأنفقت 30 مليار دولار فيها منذ بداية الحرب. كما أن المشروع الإيراني متعدد الوجوه ويضم خلق بنى داخل القوى الأمنية السورية مثل قوات الدفاع الوطني ونشر الميليشيات والهجمات الجوية. وعليه فغارات جوية وعمليات تصفية ليست كافية لدفع إيران على الخروج من سوريا. وفي النهاية يمكن النظر للحملة الإسرائيلية على أنها جزء من جهد مشترك يضم عقوبات مالية واقتصادية أمريكية على إيران وجهوداً أخرى لدول إقليمية. وبسبب الإستثمار الإيراني الكبير والهجمات الإسرائيلية المتقطعة فإن المعركة التي أمامنا ستكون طويلة ومفتوحة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى