منتدى الفكر الاستراتيجي

هل تضطر أمريكا لسحب قواتها من العراق؟

قالت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، إن باتريك شاناهان القائم بأعمال وزير الدفاع الأمريكي أجرى زيارته الأولى إلى العراق اليوم الثلاثاء 12 فبراير لمناقشة «مستقبل الجيش الأمريكي في البلاد»، في أعقاب تصريحات ترامب التي تهدد بإفساد خطط استمرار الوجود العسكري الأمريكي هناك.

ومن المتوقع أن يلتقي شاناهان رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي وغيره من المسؤولين العراقيين والأمريكيين. إذ يدرس مسؤولو البنتاجون نقل بعض الجنود الأمريكيين من سوريا إلى العراق بعد إعلان ترامب غير المتوقَّع في ديسمبر أنه سيسحب جميع أفراد الجيش الأمريكي المتركزين في سوريا، والبالغ عددهم 2000 فرد. وجديرٌ بالذكر أنَّ هناك نحو 5000 جندي أمريكي في العراق يدعمون السلطات المحلية، في سعيها «لضمان عدم قدرة خلايا داعش المتبقية على تنظيم تمرُّد كامل».

وتأتي زيارة شاناهان القصيرة إلى العراق في أعقاب يومٍ واحد من زيارته أفغانستان، وتجري في الوقت الذي يبحث فيه البيت الأبيض تعيينه على رأس البنتاغون ليصبح ثاني وزير دفاع في عهد ترامب.

وسيكون تعيين شاناهان، الذي شغل منصب نائب مدير البنتاغون منذ منتصف عام 2017، بمثابة تحوُّلٍ نظراً إلى أنَّه من قدامى المتخصصين في مجال الصناعة ووافدٌ جديد نسبياً إلى السياسة العسكرية. وهو أول شخصٍ منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر2001 لم يزر العراق أو أفغانستان -اللتين استهلكت حروبهما المضادة للتمرُّد انتباه الجيش على مرِّ عقدين تقريباً- قبل تولِّي مسؤولية البنتاجون.

هل ينجح بامتصاص نقمة العراقيين على التواجد العسكري الأمريكي؟

وتأتي محادثاته في بغداد عقب احتجاجٍ سياسي أثاره اقتراح ترامب الأخير بأنه قد يُبقي على الوجود العسكري الأمريكي في العراق «لمراقبة إيران»، الخصم الرئيسي لإدارته في الشرق الأوسط.

إذ قال ترامب في حوارٍ صحفي مع شبكة CBS: «قد نُبقي القوات الأمريكية (في العراق). وأحد أسباب ذلك هو أنني أريد مراقبة إيران، لأنَّها تُمثِّل مشكلةً حقيقية».

وأجَّج هذا السبب المذكور، الذي اختلف عن السبب الذي ذُكِر سابقاً حين قيل إنَّ القوات الأمريكية ستبقى هناك لمنع عودة تنظيم داعش، الجدل المُثار حول الوجود العسكري الأمريكي، ودفع بعض الساسة العراقيين إلى السعي لتمرير تشريع من شأنه أن يحد من دور واشنطن.

ويُذكَر أنَّ التساؤل حول مستقبل القوات الأمريكية في العراق أُثير لأول مرة في مطلع العام الماضي 2018 بعدما أعلنت بغداد انتصارها على تنظيم داعش عسكرياً، لكنَّه تحوَّل إلى محل نقاشٍ متكررة في أثناء الانتخابات العراقية التي أُجريت في شهر مايو الماضي. إذ ذكر عدة مرشحين متحالفين مع قوائم انتخابية لديها تاريخ طويل من معارضة الوجود الأمريكي في العراق بشدة أنَّ القوات الأمريكية لم تعد هناك حاجةٌ إليها وأنَّ الولايات المتحدة يجب عليها ألَّا تُبقي سوى عدد قليل من المستشارين في البلاد لمواصلة تدريب قوات الأمن العراقية.

ترامب زار العراق ولم يقابل الرئيس العراقي

وفي ديسمبر الماضي، حوَّلت زيارة ترامب السرية إلى القوات الأمريكية في غرب العراق القضية إلى هاجس وطني. إذ صُدِم العديد من العراقيين من مختلف تيارات الطيف السياسي بأنَّ ترامب ذهب إلى العراق ولم يقابل قادة البلاد، قائلين إنَّ هذا التصرُّف إهانةٌ لسيادة العراق.

وأسفرت تصريحات ترامب الأخيرة عن دعواتٍ جديدة إلى طرد القوات الأمريكية، وأثارت إداناتٍ من جانب علي السيستاني المرجع الشيعي الأعلى في العراق، والرئيس العراقي برهم صالح، ورئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، مع أنَّ صالح والعبادي يعتبران حليفين مقربين إلى واشنطن.

 

ودعت عدة فصائل سياسية عادةً ما تكون متنافرة -ومن بينها فصائل يدعمها رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر وائتلافٌ يمثل العديد من الميليشيات الموالية لإيران- إلى التعجيل بمشروع قانون من شأنه أن يوصي بتقليل عدد القوات الأمريكية في العراق ونشاطها إلى حدٍّ كبير عند عودة البرلمان العراقي إلى الانعقاد في الشهر المقبل مارس.

وفي حديثه للصحفيين قبل وصوله إلى العراق، قال شاناهان إنَّ هدفه الأساسي من محادثاته في بغداد هو الاستماع مباشرةً لوجهات نظر القادة العراقيين. وقال: «نحن في العراق بدعوةٍ من الحكومة، ومصالحنا هي تعزيز قدراتٍ أمنية عراقية».

ويقول الأمريكيون إن جزءاً من الجيش العراقي -الذي بُنيَ بأكمله من الصفر بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن- انهار في عام 2014 في مواجهة هجوم داعش.

وسيكون شاناهان، الذي سيجتمع في ألمانيا في وقتٍ لاحق من الأسبوع الجاري مع قادة دول غربية أخرى تقاتل تنظيم داعش، من بين القادة الأمريكيين المسؤولين عن ضمان عدم قدرة مسلحي التنظيم على العودة مرة أخرى فور انسحاب القوات الأمريكية من سوريا. إذ قال قادة عسكريون إنَّ القوات السورية التي يهيمن عليها الأكراد والتي كانت الشريك الرئيسي للولايات المتحدة هناك تحتاج إلى دعمٍ خارجي كبير قبل أن تتمكن فعل ذلك بمفردها.

وقال شاناهان: «المخاطر يمكن أن تكون كبيرة وقد تكون صغيرة. لذا أعتقد أنَّ مخاوف بعض الأشخاص مبنيةٌ على أنَّهم طوال فترات التاريخ رأوا مدى صعوبة استئصال الإرهاب.. المتابعة والدعم والأمن.. كل هذه النقاط ستكون جزءاً مهماً من المناقشات (التي ستجري في أوروبا)».

ومن المتوقع الإعلان في غضون أسابيع أنَّ الميليشيات الكردية السورية المدعومة من الولايات المتحدة استعادت آخر المناطق الواقعة تحت سيطرة داعش في شرق سوريا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى