منتدى الفكر الاستراتيجي

هل يوشك مركب الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة على الغرق؟

بدأ كبار رجال الأعمال الجزائريون في الانشقاق عن جمعية الأعمال الرئيسية في الجزائر، في إشارة إلى التصدعات الناشئة في القاعدة الداعمة لعبدالعزيز بوتفليقة، رئيس البلاد الذي يعاني من حالة صحية حرجة، بحسب ما نشرت صحيفة “الفاينانشال تايمز” البريطانية.

وأشعلت الخطط التي وُضِّعَت لتمكين الرئيس البالغ من العمر 82 عاماً، ويتلقى الرعاية الصحية حالياً في مستشفى بسويسرا، من تولي الرئاسة لفترة خامسة، أكبر احتجاجات يشهدها البلد منذ عقود.

إذ يخشى الجزائريون من أن رئيسهم «شبه الخفي» يُستغَل كواجهة من جانب مجموعة غامضة من المتلاعبين بالسلطة لإحكام السيطرة على مصالحهم السياسية والاقتصادية وحمايتها. مثل علي حداد، أحد أقطاب مجال البناء ورئيس منتدى رؤساء المؤسسات الاقتصادية -وهي الهيئة التي تمثل الشركات الخاصة في الجزائر- والذي يعتبر حليفاً مقرباً لبوتفليقة.

القفز من سفينة بوتفليقة الغارقة

لكن وفي مواقف مغايرة، أعلن محمد العيد بن عمر، نائب رئيس منتدى رؤساء المؤسسات الاقتصادية، مؤخراً استقالته من المنتدى، وقال إنه من الخطأ «معارضة رغبات المواطنين» الذين نزلوا إلى الشارع تعبيراً عن احتجاجهم.

واشتعل الجزائريون غضباً من خطط بوتفليقة لتولي الرئاسة لفترة أخرى، على الرغم من أنه أصيب بالشلل نتيجة جلطة دماغية أصابته منذ 6 سنوات مضت، ولم يُسمَّع وهو يتحدث منذ وقتها.

ومن بين الآخرين الذين قفزوا هرباً من سفينة بوتفليقة، محمد أرزقي أبركان، المدير العام لمؤسسة Sogemetal للألومنيوم، الذي كتب في رسالة، تداولتها الصحافة الجزائرية، يقول إنه لا يستطيع البقاء جزءاً من مجموعة «تحتقر وتزدري الناس لأنهم يعبرون بحرية وبكرامة عن مطالبهم».

من جانبه، قال نادر عبدالرحيم، المدير العام لشركة IMC المُصنِعَة للمستلزمات الجراحية، في تصريح لصحيفة Financial Times الأمريكية، إنَّ الكثير من أعضاء منتدى رؤساء المؤسسات الاقتصادية يعارضون الحداد وكانوا يسعون لإيجاد بديل له. وأضاف: «يريدون تغييره لأنه استغل المنتدى في أغراضٍ سياسية لدعم الرئيس الحالي». ومحذراً من العقوبات المحتملة في حال نجحت المظاهرات في تحقيق أهدافها، قال: «أعتقد أنه إذا حدث لدينا تغيير (سياسي)، فستعقبه عملية مطاردة ضد مَن دعموا بوتفليقة».

إمبراطورية علي حداد في ظلال بوتفليقة

وإلى جانب امتلاك علي حداد شركة إنشاءات خاصة، افتتح حديثاً مصنعه الخاص لإنتاج قضبان فولاذية، إضافة إلى أنَّ لديه خططاً لإنشاء مصنعين للإسمنت وثالثاً لتصنيع الصلب. وتضم إمبراطورية أعماله أيضاً محطة فضائية خاصة وفريق كرة قدم.

ويخضع الاقتصاد في الجزائر لسيطرة الدولة، لكن تحت رعاية بوتفليقة نما القطاع الخاص الناشئ، الذي ازدادت أجزاء منه ثراءً نتيجة ضخ مليارات الدولارات من عوائد النفط في برنامج ضخم للأشغال العامة.

وقد ساهم في تحويل وجه الدولة الغنية بالغاز ذات الأربعين مليون نسمة بالطرق والمنازل الجديدة؛ وذلك على الرغم من أنها فشلت في خلق اقتصاد متنوع قادر على مجاراة الطلب المتزايد على الوظائف من سكان غالبيتهم من الشباب.

وكان رجال الأعمال في الجزائر من كبار جماعات الضغط الداعمة لبوتفليقة. فمع الهبوط الذي شهدته أسعار النفط عام 2014، وما أنشأه ذلك من ضغوط على المالية العامة للجزائر، قلَّصت الحكومة الواردات؛ وهو ما قابله انتعاش في القطاع الخاص.

وامتدت أشكال الحماية التي وفرتها الحكومة إلى الصناعات المحلية، منها: إعفاءات ضريبية، وإمكانية الحصول على العملات الأجنبية بالسعر الرسمي، ودعم على مصادر الطاقة واعتمادات من بنوك حكومية.

وبحسب تقرير لصحيفة jeune afrique الفرنسية نشر في العام الماضي، فإن هناك أحاديث تشير إلى أن نفوذ حداد يمتد حتى في تعيين وزراء جزائريين، وله كلمة في تعزيز مكانة المحافظين، فضلاً عن أنه له رجاله المقربون في قلب مراكز صنع القرار.

وبحسب الصحيفة، كان حداد مسؤولاً عن تنظيم المواعيد بين رجال الأعمال والوزراء، فضلاً عن أنه يقوم بطمأنة البعض عن وضعيتهم ومناصبهم الجديدة في حال تم الاستغناء عن خدمات بعضهم.

لكن، إذا كان قد مُنح كل هذه الصلاحيات، فإن ذلك بلا شك بسبب التعتيم المحيط بإدارة شؤون الدولة. وتظل العلاقة الوثيقة التي تربط علي حداد مع صانعي القرار في البلاد مثيرة للريبة.

 

فبالإضافة إلى كونه صديقاً مقرباً من سعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس المنتهية ولايته ومستشاره الخاص، منذ سنوات، يُعد علي حداد حليفاً قوياً لرئيس الدولة، مثل غيره من أعضاء منتدى رجال أعمال، حيث قام بتمويل الحملات الانتخابية للعديد من المرشحين من حزب بوتفليقة. كما يعتقد البعض أنه المسؤول عن نهاية المسيرة المهنية للكثير من الوزراء.

«العهدة الخامسة تعني الحفاظ على ثرواتهم»

وفي هذا الصدد، قال عبدالرحيم إنَّ رجال الأعمال الذين يؤيدون استمرار بوتفليقة في الرئاسة لولاية خامسة يسعون من خلال ذلك إلى الحفاظ على المزايا التي يتمتعون بها؛ التي دفعت بعضهم لتحقيق الثراء السريع وكنّز ثروات طائلة.

وأوضح: «إذا بنيت شركة أو مشروعاً في الولايات المتحدة أو أوروبا، فسيستغرق الأمر منك 5 إلى 10 سنوات لتنجح. لكن هنا في الجزائر، ترى بعض الشركات تتأسس اليوم ثم في غضون 3 سنوات، تصبح شركة كبرى».

ومع ذلك، يُعَّد الولاء لبوتفليقة شرطاً مسبقاً للتمتع بهذه المزايا الاقتصادية. في حين أنَّ هؤلاء المعارضين للرئيس، مثل يسعد ربراب، مؤسس ورئيس مجموعة سيفيتال الصناعية وواحد من كبار رواد الأعمال في الجزائر، يواجهون مشكلات وعقبات.

وعلا صوت ربراب، الذي انضم لصفوف المحتجين يوم الجمعة الماضية، الأول من مارس، بالشكوى من أنَّ سلطات بلاده تضع العراقيل والتأجيلات في طريق شركاته. وفي رسالة إلى بعض العمال هذا الأسبوع، كتب ربراب يقول: «على غرار جميع الجزائريين، يتعين أن نكرّس طاقاتنا لخلق جزائر جديدة حرة وديمقراطية»

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى