وجوه

البوصيري .. إمام المديح النبوي.. صاحب البردة

 

استطاع الإمام البوصيري أن يخط اسمه بحروف من نور لا يخفت ضياؤها أبدا في تاريخنا الإسلامي، مقدما قصيدة ظلت مصدر إلهام الشعراء في مختلف العصور، وبقصيدته “البردة” صار البوصيري إمام المداحين وأحد أعلام المديح النبوي، يكفي هذا البيت الذي أضحى قيثارة دعوية في الصلاة على سيد الأنام :”مولاي صلي وسلم دائما أبدا /على حبيبك سيد الخلق كلهم”.

والإمام البوصيري هو “محمد بن سعيد بن حماد البوصيري”ولد بأول شوال من العام 608 هـ ، كان مولده بقرية “دلاص” ببني سويف، لأسرة ذات أصول أمازيغية، أما نشأته فكانت في “بوصير” ومنها أمه، وتوفي في 696 أو 697هـ -وفقا للمقريزي- وذلك بالإسكندرية.

وقد شكل البوصيري بقصيدته “البردة” علامة فارقة على طريق المديح النبوي حيث أجمع الباحثين على أنها من أهم وأعجب قصائد المديح النبوي، وهو ما دفع د.زكي مبارك أن يقول في كتابه المدائح النبوية في الأدب العربي بأن” البوصيري ببردته هو الأستاذ الأعظم لجماهير المسلمين، ولقصيدته أثر في تعليمهم الأدب والتاريخ والأخلاق”

وقد عنه يقول الشيخ عبدالرحمن حسن محمود في تقديمه لشرح شيخ الأزهر الإمام الباجوري للبردة :” كان الإمام البوصيري من أبرز البارزين في المدح النبوي، إمام أئمة المدح، والذي نال بقصيدته “الهمزية”، “الكواكب الدرية “، والمشهورة بـ “البردة” شرف الإمامة في هذا المضمار.

وقد عارض البردة عدد كبير من الشعراء كان من أبرزهم قصيدة “أمير الشعراء” نهج البردة، وللبردة الكثير من الشروح قدمها علماء أجلاء من مختلف أرجاء العالم الإسلامي.

وللبردة ونظمها حكاية يشير إليها الشيخ عبدالرحمن محمود إذ قد خرجت القصيدة خلال مرض شلل نصفي قد أصاب البوصيري فنظمها خلال مرضه واستشفع الله بها ولما نام رأى الرسول “صلى الله عليه وسلم” في منامه فمسح بيده المباركة بدنه المعلول، فرفع الله عنه المرض وخرج من بيته ولم يعلم أحد بما جرى، فقابله بعض الفقراء فقال له: أريد أن تعطيني القصيدة التي مدحت بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فسأله : أي قصيده؟ فذكر له أولها وقال:والله إني سمعتها البارحة وهي تنشد بين يدي الرسول، فأعطاها له وجرى ذكرها في الناس.

أما عن سبب شهرتها بالبرده فيقال أنه أصاب “سعد الدين الفارقي” رمد عظيم/ أشرف على العمى فرأى في منامه قائلا يقول له:امض إلى الصاحب “بهاء الدين” وخذ منه البردة، واجعلها على عينيك تفيق إن شاء الله، فجاءه وقص عليه رؤيته فقال له ما عندي شيء يقال له البردة إنما عندي مديحه النبي أنشأها البوصيري، فنحن نستشفى بها وأخرجها له، وما أن وضعها على عينه حتى غاب عنه الرمد، و الصاحب “بهاء الدين” هو وزير الملك الظاهر، وكان يتبرك بها هو وأهله، يذكر أنها عندما وصلته نذر الا يسمعها إلا حافيا واقفا مكشوف الرأس.

ويقول الامام الباجوري”شيخ الأزهر” في شرحه للبردة :”وقد اشتملت هذه القصيدة على أنواع التغزل وتوبيخ النفس والوعظ، ومدحه صلى الله عليه وسلم وذكر بعض معجزاته، ومدح القرآن، ومدح الصحابة، وذم الكفار، والإقرار بالذنب، وختمها بالدعاء ثم الصلاة على النبي”.

وعنه أيضا يقول الشيح العلامة قاضي الجماعة بتونس “محمد الصادق النيفر”في كتابه “أم القرى في مدح خير الورى”  الذي يقدم فيه شرح البردة “والبوصيري في قصيدته يثبت أنه في مدحه للرسول الكريم يساجل – أي يفاخر- الشعراء المادحين له عليه الصلاة والسلام، وحين يفاخرهم قال:تسلم دلاؤهم لدلوي أي أفوز عليهم”، ويضيف النيفر أن الناظم ولفرط حبه للنبي ومحبته ذكر أن له حمية أي غيرة تدعوه لأن يحب ألا يسبقه أحد غيره في صوغ المديح النبوي.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى