تقارير وتحليلات

آلاء صلاح أيقونة الثورة السودانية تقود حملة لزيادة التمثيل النسائي في المناصب العليا

كانت صورة الناشطة السودانية آلاء صلاح، المعروفة بالكنداكة -وهي تقف بملابس بيضاء فوق سيارة تقود الهتافات وسط حشد من المتظاهرين– سبباً في شهرتها في جميع أنحاء العالم، وساعدت في تأجيج الثورة التي أطاحت بالرئيس عمر البشير، بعد 30 عاماً من الحكم الاستبدادي. هذه الصورة جاءت كرمز للدور المتكامل الذي تلعبه النساء في الخطوط الأمامية للاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية، حيث فاقت أعداد النساء أعدد الرجال في كثير من الأحيان.

لكن بعد ستة أشهر، تقول آلاء صلاح إن النساء يُستبعَدن في الوقت الذي يكافح فيه السودان لتشكيل حكومة ديمقراطية. سافرت الناشطة السودانية آلاء صلاح البالغة من العمر 22 عاماً، وغيرها من المدافعات عن حقوق المرأة إلى الأمم المتحدة في مدينة نيويورك، هذا الأسبوع، لطلب الدعم الدولي لمسيرة نضالهن، من أجل التمثيل المتساوي للنساء في الحكومة الجديدة.

وقالت آلاء صلاح في اجتماع لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن المرأة والسلام والأمن، يوم الثلاثاء 29 أكتوبر 2019: «قادت النساء لجان الأحياء والاعتصامات، وخطَّطن لمجال تحرُّك الاحتجاجات، وتمرَّدن على حظر التجول حتى في أثناء حالة الطوارئ المعلنة، التي تركتهن عرضة لقوات الأمن. تعرَّضت الكثيرات منهن للغاز المسيل للدموع وللتهديدات والاعتداءات، وأُلقين في السجن دون أي تهمة أو محاكمة عادلة. وأضافت: «على الرغم من هذا الدور الواضح، ومن شجاعتهن وقيادتهن، فقد تم وضع النساء على الهامش من العملية السياسية الرسمية التي تلت الثورة».

Joyce Karam

@Joyce_Karam

Don’t know her name, but this Woman in #Sudan is leading rallies, standing on car roofs, and pleading for change against autocratic Bashir.

Here she is singing “Thawra” (Revolution). Remember this voice: https://twitter.com/alllthingssam/status/1115364695270207490/video/1 

تمثيل نسائي بنسبة 50% 

قالت آلاء صلاح إنه بعد خلع البشير تفاوض قادة الجيش والمعارضة على اتفاق لتقاسم السلطة، في أغسطس/آب، لكن امرأةً واحدة فقط شاركت في تلك المحادثات. تشغل النساء الآن منصبين من بين ستة مناصب مدنية، في مجلس سيادي يتألف من 11 عضواً، يحكم السودان حتى تُجرى الانتخابات في غضون فترة تزيد قليلاً عن ثلاث سنوات، حسبما ذكرت وكالة Reuters. في عهد البشير تم تخصيص 25% من المقاعد في البرلمان السوداني للنساء، لكن لم تشغل أي امرأة منصباً وزارياً في مجلس الوزراء. وتضغط آلاء صلاح وغيرها من الناشطات لتحقيق تمثيل نسائي بنسبة 50% في الحكومة الجديدة.

في حديث أجرته آلاء صلاح مع مجلة Time الأمريكية، قالت إنها تريد من الحكومة «الاستماع إلى النساء كذلك» من أجل تحقيق «السودان الذي نتصوره جميعاً».

آلاء صلاح في الأمم المتحدة/ مواقع التواصل

آلاء صلاح في الأمم المتحدة

أصبحت آلاء صلاح، طالبة في الهندسة المعمارية في العاصمة السودانية الخرطوم، رمزاً للثورة، عندما ظهرت صورتها في أبريل 2019. تقول آلاء صلاح للمجلة: «لقد تغيَّرت حياتي بعد تلك الصورة، فكلما أتيحت لي الفرصة لمساعدة وخدمة شعبي سوف أستغلها».

تقول آلاء إنه من الواضح أن الحركة المؤيدة للديمقراطية ستكون ناجحة، عندما تشغل النساء نصف الأدوار القيادية في صنع القرار داخل الحكومة، وعندما تشمل العملية السياسية أشخاصاً من مختلف الأديان والأعراق.

جدير بالذكر أن النساء اللائي عانَين من عقود من القمع في ظل نظام البشير، كنَّ في طليعة أشهر من المظاهرات الجماهيرية في السودان.

كنداكات السودان 

تقول سماح جاموس، وهي ناشطة سودانية أخرى حضرت حدث الأمم المتحدة، لمجلة TIME: «كانت الحكومة منذ 30 عاماً تهاجم النساء بشكل منهجي، من خلال القوانين والسياسات التمييزية. وتضيف: «لقد وصلت الحكومة إلى النقطة التي لم يتمكنوا فيها من التعامل، والطريقة الوحيدة للعيش حقاً في الحياة التي نستحقها كانت من خلال خلع هذا النظام».

بدأت الاحتجاجات في ديسمبر/كانون الأول الماضي، عندما خرج السودانيون إلى الشوارع بسبب الصعوبات الاقتصادية -بما في ذلك الارتفاع الحاد في تكلفة الخبز ونقص الغذاء والوقود والقيود المفروضة على عمليات السحب المصرفي- والإحباط من نظام البشير، وهو مجرم حرب متهم أصبح الآن يواجه اتهامات بالفساد وغسل الأموال. وخُلع البشير في 11 أبريل 2019.

النساء شاركن بقوة في الثورة التي أطاحت بالبشير/ مواقع التواصل

النساء شاركن بقوة في الثورة التي أطاحت بالبشير

لكن القادة العسكريين استولوا على السلطة في غياب البشير، مما قلَّص الشعور بالنصر بين المتظاهرين السودانيين. واستمرّت الاحتجاجات، حيث حرّض الجنرالات ضد النشطاء المؤيدين للديمقراطية الذين طالبوا بحكومة مدنية. اشتعل هذا التوتر خلال حملة قمعية عنيفة من قبل القوات شبه العسكرية، في أوائل يونيو 2019، عندما قُتل أكثر من 100 شخص، وتعرّض عشرات منهم للاعتداء الجنسي، وفقاً للجنة أطباء السودان المتحالفة مع المتظاهرين المعارضين.

وقالت آلاء صلاح في الأمم المتحدة: «بالنظر إلى الدور المحوري للمرأة في العمل من أجل السلام والتنمية، ولتعزيز حقوق الإنسان، وفي تقديم المساعدة الإنسانية للمجتمعات المحتاجة، لا يوجد عذر لعدم الحصول على مقاعد متساوية على كل طاولة، بعد عقود من النضال، وكل ما خاطرنا به لإزالة ديكتاتورية البشير بطريقة سلمية، فإنَّ عدم المساواة في النوع الاجتماعي أمر ليس ولن يكون مقبولاً أبداً بالنسبة للفتيات والنساء في السودان».

بالإضافة إلى التمثيل المتساوي، دعا تحالف من الجماعات المدنية والسياسية للمرأة السودانية إلى وضع قوانين تحمي حقوق النساء والفتيات، ودعا إلى مساءلة الأفراد عن العنف الجنسي والجنساني المرتكب، قبل وأثناء وبعد الثورة.

تفاؤل حذِر

تقول سماح جاموس: «إننا نرى كلَّ يوم لجنة تتشكل واحدة ​​تلو الأخرى، لكن كلها من الرجال، وهذا أمر محبط للغاية. على الرغم مما يقولونه فإنه عندما يتعلق الأمر بالتنفيذ فإنهم يعودون إلى العقلية نفسها، التي لا ترى النساء حولها، أو لا يرونهن كمرشحات مناسبات لشغل مثل هذه المناصب».

وتعد الاحتجاجات السودانية واحدة من العديد من الاحتجاجات الجماهيرية التي وقعت هذا العام في بلدان حول العالم. فقد واصل مئات الآلاف من الأشخاص في هونج كونج الاحتجاج حتى الشهر الخامس، وفي لبنان، استقال رئيس الوزراء سعد الحريري، يوم الثلاثاء 29 أكتوبر 2019، بعد حوالي أسبوعين من المظاهرات المناهضة للحكومة. تقول آلاء صلاح: «كل ثورة تُلهم ثورةً أخرى».

وتعبِّر آلاء وناشطات أخريات عن تفاؤلهن بحذر بشأن المكان الذي يتجه إليه السودان الآن، على أمل أن تحصل البلاد في نهاية المطاف على حكومة مدنية قاتَلن من أجلها، لكن إذا لم يكن الأمر كذلك -تقول سماح- فإنهم على استعداد للاحتجاج مرة أخرى: «الشوارع موجودة».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى