تقارير وتحليلات
أخر الأخبار

أسرار أزمة الأردن.. تصدع داخل المملكة الإستراتيجية بسبب الزيارة القاتلة للأمير حمزة

زيارة مفاجئة قام بها الأمير حمزة أججت الصراع مع الملك عبدالله

اندلع صراع علني داخل الأسرة الهاشمية التي تحكم الأردن لول مرة منذ وفاة الملك حسين عام 1999 وتولي الملك عبدالله الثاني حكم المملكة الصغيرة جغرافيا والهامة استراتيجيا لمنطقة الشرق الأوسط.

وتفجر الخلاف بعد إعلان الأردن بشكل مفاجئ عن إحباط مخطط كان يستهدف أمن واستقرار المملكة مشارك فيه مسؤولون كبار سابقون وأعضاء من الأسرة الهاشمية أبرزهم الأمير حمزة بن الحسين، الأخ غير الشقيق للملك عبدالله وولي عهده السابق.

وتزايدت التكهنات حول دور الأمير حمزة في مخطط الانقلاب المزعوم، خاصة بعد تسريب فيديوهات للقائه مع رئيس أركان الجيش الأردني يوسف الحنيطي، والذي طلب منه صراحة عدم إجراء لقاءات خارجية أو الخروج من قصره أو حتى التغريد على تويتر، وهو ما اعتبره حمزة تهديدا.

وحتى الآن يلف الموقف غموض كبير حول حقيقة الانقلاب وما فعله الأمير حمزة ليثير قلق الملك عبدالله ويعامله بهذه الطريق.

لكن مسؤولون حاليون وسابقون كشفوا تفاصيل الزيارة القاتلة التي قام بها الأمير حمزة وأججت مخاوف القصر الملكي وأدت إلى اندلاع الأزمة المفاجئة التي أحدثت ضجة في العالم.

الزيارة القاتلة

وقال المسؤولون إن الأمير حمزة زار أقارب مرضى كوفيد-19 الذين لقوا حتفهم بعد نفاد الأكسجين في أحد المستشفيات، وهو ما اعتبره البعض تحدي للملك عبدالله وتحميله لمسؤولية موتهم، وهو ما نقلته تقارير المخابرات للملك  نفسه.

وأجرى حمزة الزيارة يوم 14 مارس الماضي إلى مدينة السلط،  وبحسب رويترز قال أحد المسؤولين الكبار إنها كانت”القشة التي قصمت ظهر البعير”، لأنها جاءت بعد ساعات من زيارة الملك عبد الله للمستشفى وتوبيخ الإدارة علنا بسبب الوفيات التسع.

وجاءت زيارة الأمير حمزة المستشفى لتعزية المكلومين قبل ستة أيام من توجه ولي العهد الأمير الحسين إلى المدينة لفعل الشيء نفسه، وهي خطوة قال بعض المسؤولين إنها سعت لاقتناص الأضواء منه.

وتحدثت رويترز مع أكثر من عشرة من المسؤولين الحاليين والسابقين والملمين بشؤون القصر حول الأحداث التي أدت إلى الاتهامات ضد الأمير حمزة.  بشرط عدم الكشف عن هويتهم لحساسية الموضوع.

هز صورة الملك عبدالله

وقال ثمانية أشخاص مطلعين على الوضع إن زيارة الأمير حمزة تسببت في هز صورة الملك عبدالله، ودفعت السلطات إلى وضعه قيد الإقامة الجبرية واتهامه بالتورط في أنشطة تهدف إلى زعزعة استقرار البلاد.

ورغم أن الملك عبد الله والأمير حمزة أعلنا انتهاء الخلاف، كشفت الأحداث التي وقعت في مطلع الأسبوع عن صدوع داخل العائلة المالكة التي تشكل صمام الأمان لحماية الأردن من اضطرابات كتلك التي عصفت بسوريا والعراق.

ويشعر بعض الخبراء بالقلق من أن يندلع الخلاف مجددا، نظرا للمشاكل الأساسية في الأردن مثل الفقر والبطالة وتزايد وفيات فيروس كورونا، والتي ساهمت في خروج التوتر على السطح.

وقال جواد العناني، آخر رئيس للديوان الملكي الأردني في عهد الملك الراحل الحسين بن طلال، لرويترز “الخصومة العائلية انتهت لكن يتعين علينا معالجة القضايا التي أدت إليها مثل البطالة وإدارة كوفيد-19 والفقر”.

وأضاف “هذه أسباب.. الاحتقان يدفع الناس لخلق أوثانها”.

وقال مسؤولون إن ما بين 14 و 16 شخصا اعتقلوا لصلتهم بالمؤامرة المزعومة.

علاقات مع العشائر النافذة

قوبل الأمير حمزة (41 عاما) بترحيب حار من أسر المتوفين في السلط خلال زيارته لهم في مارس الماضي.

واندلعت احتجاجات صغيرة في أنحاء الأردن على نقص الأكسجين بالمستشفى وكان بعض المشاركين يهتفون باسم الأمير حمزة ويدعونه لإنقاذ البلاد.

ويرى بعض السياسيين البارزين أن أنشطة الأمير حمزة كانت مصدر قلق للملك قبل وقت طويل من وصول الأحداث إلى ذروتها الشهر الماضي..

وأقام الأمير حمزة، نجل الملك الراحل الحسين والملكة نور، علاقات وثيقة مع بعض أفراد العشائر الأردنية التي تهيمن على قوات الأمن وتشكل حجر الأساس لدعم النظام الملكي الهاشمي في المملكة.

وكثف هذا العام رحلاته إلى المناطق الريفية والعشائرية للقاء شيوخ عشائر ساخطين شكلوا حركة معارضة فضفاضة تسمى الحراك. وكثير من أعضاء هذه الحركة متقاعدون من الجيش وأجهزة الأمن.

وظهر على وسائل التواصل الاجتماعي جالسا في خيام بدوية يحتسي الشاي ويتحدث مع شيوخ العشائر الذين انتقدوا الملك لتقاعسه عن توفير ما يكفيهم من الوظائف والعطايا.

وقالت عدة مصادر مطلعة إن الأمير حمزة نادرا ما يعبّر عن رأيه علنا، لكن القصر رأى  في تحركاته محاولة لتقويض الملك عبد الله وصورة ولي عهده  الأمير الحسين.

رقابة أمنية

وأضاف ثلاثة مسؤولين بالديوان أن التحركات انتهكت كذلك القواعد التي تتطلب من أي فرد من أفراد العائلة إبلاغ القصر بزيارات الأماكن العامة.

وكانت قوات الأمن تتابع كل خطوة من خطوات الأمير حمزة وتبلغ الملك بأنشطته في وقت يتصاعد فيه السخط العام بسبب البطالة والفقر اللذين وصلا لمستويات قياسية، وفقا لثلاثة أشخاص مطلعين على الوضع.

ولدى سؤاله عن هذه المتابعة، قال مسؤول أمني إن مهمة الأجهزة الأمنية هي حماية سلامة البلاد.

وعلى مدى العقد الماضي، فجر الغضب ضد السلطات بسبب تدهور مستويات المعيشة ومزاعم الفساد اضطرابات مدنية كبيرة في الأردن، لا سيما في المحافظات والمناطق البدوية التي كان يتحرك فيها الأمير حمزة للقاء شيوخ العشائر.

تقليد الملك الراحل

تذكر عبد الله الحويطات، أحد أفراد العشائر، زيارة قام بها الأمير حمزة في وقت سابق من هذا العام إلى تجمع في جنوب الأردن حيث أخبرهم أن والده، الذي كان على صلة قوية بالعشائر، لم يكن ليسمح بتدهور الأوضاع على النحو الذي وصلت إليه في الأردن.

وقال اثنان من الحاضرين إن الأمير حمزة أبدى تعاطفا مع انتقادات عن سوء إدارة البلاد. ولم يتسن لرويترز التأكد من روايتهما بشكل مستقل.

وعلى مدى العشرين عاما الماضية، اكتسب الأمير حمزة تأييدا متصاعدا من خلال محاكاة طريقة والده في الكلام وصوته وسلوكه وحتى ملابسه. وقالت مصادر من العشائر إن الأمير الدمث الذي تلقى تعليمه في الغرب حرص على تعلم لهجات كل عشيرة.

ومع تزايد شعبيته، شعرت السلطات أن الوقت حان للتدخل.

وقال أحد الشخصيات السياسية البارزة “لم يترك لنا أي خيار”.

تفاصيل اللقاء العاصف

ووصل رئيس أركان الجيش يوسف الحنيطي إلى قصر الأمير حمزة في عمان حوالي الساعة الثانية من ظهر يوم السبت الماضي.

وقيل للأمير حمزة إن التواصل مع أفراد العشائر الساخطين “خط أحمر” ينبغي ألا يتجاوزه.

ورد الأمير غاضبا في تسجيل صوتي سربه على مواقع التواصل الاجتماعي “إنت يا سيدي سامحني وين كنت قبل 20 سنة؟ أنا كنت ولي لعهد هذه البلاد بأمر من والدي الله يرحمه. أنا أقسمت له أن أظل أخدم وطني وشعبي ما حييت”.

كما قال الأمير حمزة في تسجيل فيديو أرسله محاميه إلى هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) إنه قيد الإقامة الجبرية وطُلب منه البقاء في المنزل وعدم الاتصال بأي شخص.

وقال الأمير الذي تحدث بالإنجليزية في الفيديو إنه لم يكن جزءا من أي مؤامرة أجنبية وندد بالفساد في النظام الحاكم.

وأضاف أن تحسين معيشة الأردنيين “موضوع في المرتبة الثانية من نظام حاكم قرر أن مصالحه الشخصية ومصالحه المالية وفساده أهم من حياة وكرامة ومستقبل العشرة ملايين الذين يعيشون هنا”.

وذكر إحصاء بحثي أن الأمير حمزة بن الحسين أجرى ما يزيد على 30 زيارة خلال 2020 و2021؛ أي في الفترة التي انتشرت فيها جائحة كورونا.

وكشف الإحصاء الذي أشار إليه موقع “عمون” الأردني أن تلك الزيارات كانت إلى جهات محددة، ومن ثم فإنه من المتوقع حصول تغييرات مهمة، خصوصا أن جزءا من الأزمة ما زال مستمرا باستمرار احتجاز شخصيات بارزة على خلفية الأزمة.

تعليق الملك عبدالله

وكان ملك الأردن أعرب عن شعوره بـ”صدمة وألم وغضب” بسبب قضية أخيه غير الشقيق، الأمير حمزة، المتهم بـ”التآمر على سلطات البلاد”.

وقال الملك عبد الله الثاني، في خطاب للأمة بثه التلفزيون وقرأه مذيع بقناة “المملكة”، إن: “أطراف الفتنة كانت من داخل بيتنا الواحد وخارجه”.

وأضاف: “لا شيء يقترب مما شعرت به من صدمة وألم وغضب، كأخ وكولي أمر العائلة الهاشمية، وكقائد لهذا الشعب العزيز”.

وسعى الملك إلى طمأنة الأردنيين، قائلا إن “البلد آمن ومستقر”، وأن “الفتنة وئدت”.

admin2

موقع الديوان هو موقع إخباري تحليلي يهدف إلى تقديم الأخبار برؤية عصرية وأسلوب صحفي جذاب، هدفه الرئيسي البحث عن الحقيقية وتقديمها للجمهور.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى