تقارير وتحليلات

أين ستقف روسيا في حال اندلاع حرب بين أمريكا وإيران؟

مع تصاعد التوترات الحاصلة في منطقة الخليج، وتزايد التهديدات الأمريكية لإيران، خاصة مع بدئها العودة لتخصيب اليورانيوم، وما يمثله من خرق واضح للاتفاق النووي، تبرز الأسئلة عن الموقف الروسي من هذه الأزمة، وما الدور الذي يمكن أن يلعبه بوتين في أي مواجهة محتملة مع إيران.

يرى موقع Lobe Log الأمريكي أن التدخل المحتمل لروسيا كقوة نووية منافسة، من شأنها تأجيج الصراع، خاصة أنها كانت تحاول زعزعة استقرار الولايات المتحدة عن طريق التدخل في الانتخابات الرئاسية الأمريكية وباستخدام وسائل أخرى خفية.

طبيعة التدخل الذي يمكن أن يقوم به بوتين في هذه الأزمة، يتمثل في غالباً في صورة نقل سري للأسلحة، وقد يصل ربما نشر علني للقوات الروسية، مثلما حدث في سوريا، إذا طلبت إيران هذا وإذا قدرت روسيا أن الولايات المتحدة تحاول فرض تغيير للنظام الإيراني بالقوة.

يعلم بوتين جيداً أن أي هجوم أمريكي على إيران قد يتسع ليشمل العراق، وسوريا، ولبنان، وإسرائيل، والخليج، وفي ظل المنافسة الأمريكية الروسي في العالم بشكل عام، ومنطقة الشرق الأوسط بشكل خاص، فإن روسيا تنظر لإيران كعائق جيوسياسي مهم أمام هيمنة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.

روسيا لا ترغب في الدخول بمواجهة مع أمريكا بسبب إيران

قال رسلان محمدوف، منسق برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مجلس العلاقات الدولية الروسية، في حوارٍ حديث معه، إن روسيا تأمل بتجنب الدخول في مواجهة مع الولايات المتحدة بشأن إيران. 

غير أن روسيا تريد أن يطبق الاتحاد الأوروبي آلية دعم التبادل التجاري «إينستكس» لتمكين الشركات الأوروبية من التحايل على العقوبات الأمريكية ضد إيران.

ووصف محمدوف آلية الدعم ليس فقط بأنها وسيلةٌ ممكنة لإنقاذ الاتفاق النووي الإيراني، بل أيضاً بأنها تمهيد لنهاية الهيمنة الأمريكية على النظام المالي العالمي.

روسيا لديها مصالح مختلفة عن إيران، إذ تريد روسيا جيشاً سورياً «مستقراً، وعلمانياً، وقوياً» ولا تريد ترسيخ وجود قوات إيرانية وكيلة هناك، أو في لبنان، أو في العراق، بحسب ما يقوله محمدوف.

في نفس الوقت لروسيا مصالح في العقوبات الأمريكية على إيران.. ولكن!

وقال إن روسيا تنتفع من العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران لأنه كلما تقلصت موارد إيران، قلت قدرتها على الحفاظ على نفوذها في سوريا. وتفيد العقوبات أيضاً شركات النفط الروسية.

وخفف محمدوف من حدة وجهة النظر تلك بالتأكيد على أنه رغم وجود اختلافات بين الأهداف الإيرانية والروسية، فإن زعزعة استقرار إيران ليس من مصلحة روسيا. ويعد بقاء إيران مستقرةً أمراً مهماً بالنسبة لروسيا ليس فقط في منطقة الشرق الأوسط بل أيضاً في منطقة القوقاز وأفغانستان.

تتفهم روسيا وتحترم مصالح إسرائيل في مقابل الوجود الإيراني في سوريا، رغم أن إسقاط إسرائيل لطائرة حربية روسية في المجال الجوي السوري في سبتمبر 2018 ولَّد خلافاً بين الطرفين. ويبدو أن لدى روسيا مصلحةً واضحةً في التخفيف من حدة التوتر بين إيران وإسرائيل. لكن إذا نشب نزاع عسكري شامل بين الدولتين، ربما «تُعيد روسيا تقييم رد فعلها»، بحسب محمدوف.

وفقاً لستيفن بلانك، الذي كان يحاضر في الأمن القومي الروسي في الكلية الحربية للجيش الأمريكي من 1989-2013: «أعتقد فعلاً أن (بعض المسؤولين الأمريكيين) يريدون إطاحة الحكومة في  إيران».

الخلاصة 1: «لا أعتقد أن المسؤولين الأمريكيين يريدون فعلاً حرباً مع إيران لكنهم ربما يضغطون على إيران، وحينها لا أحد يدرى ما الذي قد يفعله الإيرانيون. ربما تشن إيران هجمات ضد إسرائيل من خلال حزب الله وحماس وتحاول فتح جبهة ثانية».

إذاً ما الذي ستفعله روسيا؟ 

«ستحاول روسيا منع إيران من مهاجمة إسرائيل لأنها لا تريد رؤية إيران وهي تدخل في حربٍ ستخسرها. ما ستفعله روسيا هو دعم إيران ضد الولايات المتحدة دبلوماسياً، واقتصادياً، وربما يكون هناك نقل أسلحة، سواءً بشكلٍ سري أو معلن، بما فيها أسلحة جوية، وأسلحة دفاع جوي، وصواريخ متوسطة وقصيرة المدى». بحسب بلانك.

كتب بلانك تحليلاً في أكتوبر/تشرين الأول 2017 لمؤسسة جيمس تاون يقول فيه: «تكمن المصالح الروسية الاستراتيجية الرئيسية في تأجيج العداء الأمريكي – الإيراني، لا دعم التعاون بينهما… يعيق العداء الأمريكي – الإيراني (الهيمنة الأمنية الأمريكية على الشرق الأوسط) ويسمح لروسيا بممارسة نفوذها عن طريق دعم استمرار نظام توترات تخضع للتحكم يستفيد منه الكرملين».

روسيا ستقطف الثمار في النهاية

في فعالية تابعة لمركز التقدم الأمريكي في 11 يونيو الماضي، أكد شلومو بروم، وهو عميد متقاعد وباحث أقدم في معهد دراسات الأمن القومي لدى جامعة تل أبيب، أن روسيا لن تتدخل عسكرياً في حالة نشوب حرب مع إيران لكنها ستسعى إلى استغلال الفوائد المحتملة بعد انتهائها.

وأضاف أن نشوب حربٍ أمريكية – إيرانية – إسرائيلية، والتي قد تشمل اشتباكات عسكرية في سوريا ولبنان، سيكون له تأثيرٌ كبير على المصالح الروسية في سوريا نظراً لاعتماد روسيا على القوات البرية الإيرانية للحفاظ على حكم الأسد. وهذا سيزيد من التكلفة التي تتكبدها روسيا في ما يتعلق بتوسيع التزاماتها العسكرية في سوريا.

وأضاف بروم: «إن تخصيص روسيا مساعدات عسكرية لإيران سينتهك شروط الاتفاق النووي. وأقر بأن إيران قد تحصل على هذا الدعم سراً لكنه جادل بأن فعل هذا دون اكتشافه سيكون أمراً صعباً.

الخلاصة 2: في ضوء تجارب الحروب السابقة، يجب أن يعي صانعو السياسة الأمريكية أن أي جهود عدائية أخرى تسعى لمواجهة إيران قد تمتد خارج السيطرة الأمريكية لتشمل قوى نووية منافسة مثل روسيا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى