تقارير وتحليلات

اتفاق إدلب يواجه خطر الانهيار بسبب الخلاف على حدود

اتفاق إدلب الذي تم التوقيع عليه في سوتشي، الشهر الماضي، بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، مهدد بالفشل، بسبب الضبابية التي تحيط بمكان تطبيق المنطقة، فالمعارضة السورية رفضت أن تقام المنطقة بشكل كامل على مناطق سيطرتها، وطالبت النظام بالتراجع عن جزء من الأراضي التي يسيطر عليها لصالح المنطقة منزوعة السلاح المتفق عليها.

وردَّ النظام على ذلك بالتهديد من جديد باستعادة المدينة «حرباً أو سلماً».

فقد عادت مدينة إدلب إلى واجهة الأحداث في سوريا، مع اقتراب يوم 10 من شهر أكتوبر الجاري، وهو موعد تطبيق المنطقة منزوعة السلاح بين قوات النظام السوري والمعارضة المسلحة.

ارتباك في صفوف المعارضة المسلحة

الفصائل التي كانت قد رحَّبت اتفاق إدلب ، باتت تخشى أن تكون المنطقة منزوعة السلاح بالكامل ضمن الأراضي التي تسيطر عليها، وأكد أحد مسؤوليها أنهم لن يسمحوا للقوات الروسية بالتواجد ضمن المنطقة.

وأوضح الناطق الرسمي باسم «الجبهة الوطنية للتحرير» ناجي مصطفى، لـ «عربي بوست» أنهم اجتمعوا مع حلفائهم الأتراك، وبحثوا بنود الاتفاق وكيفية تطبيقه وعلى الخصوص المنطقة العازلة.

وقال: «لا يمكن لنا أن نوافق على سحب جميع الآليات من مناطقنا فقط والسماح لروسيا بنشر قواتها»، وأضاف أنهم حصلوا على وعود بعدم حصول ذلك من تركيا، مبيناً أن نقاط وجود عناصر المعارضة ستبقى مكانها دون أي تغيير على الجبهات الفاصلة مع قوات النظام، مع الاحتفاظ بالسلاح المتوسط وتراجع السلاح الثقيل إلى الخلف.

وكانت الجبهة الوطنية للتحرير قد تأسست مطلع شهر أغسطس الماضي، وتضم غالبية الفصائل غير الجهادية والمقربة من أنقرة، وأبرزها حركة أحرار الشام، وفيلق الشام، وحركة نور الدين زنكي، وجيش الأحرار، ويبلغ عدد مقاتليها قرابة 30 ألفاً، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وسبق لجيش العزة، وهو أحد الفصائل المنتشرة ضمن المنطقة التي من المفترض إقامة جزء من المنطقة العازلة عليها في ريف حماة الشمالي، أن أعلن السبت، في بيانٍ له عن رفضه إقامة المنطقة على مناطق سيطرة المعارضة فقط، وأبدى خشيته من أن يشكل اتفاق إدلب مقدمة «لقضم المناطق المحرَّرة».

والنظام السوري يلوّح من جديد بشنِّ عملية عسكرية

فيما أكد وزير الخارجية السوري وليد المعلم، في مقابلة مع قناة «آر تي» الروسيةفي نيويورك، أن اتفاق إدلب «بدأ تنفيذه وما زلنا نفضل حل الملف سلمياً»، مشيراً أن الحل في إدلب «ممكن وتركيا تعرف جيداً هوية المسلحين الموجودين هناك»، وأضاف: «من حق سوريا أن تستخدم السبل كافة لاستعادة إدلب سواء بالمصالحة أو غيرها… اتفاق المنطقة العازلة في إدلب بدأ تنفيذه في سوريا وما زلنا نفضل الحل سلمياً».

اتفاق إدلب لم يذكر الأراضي التي تسيطر عليها قوات الأسد

وأشار الباحث في الأزمات الدولية سام هيلر، إلى أنه «من الواضح أن الاتفاق الأولي ينص على أن تكون المنطقة داخل أراضي المعارضة فقط»، معللاً ذلك بأن الاتفاق ذكر منطقة خفض التصعيد وهي التي تضم مناطق المعارضة المسلحة، ولا تشمل أراضي الحكومة السورية، وقال لـ «عربي بوست»: «أماكن وجود قوات الحكومة المحيطة بإدلب لا تعتبر منطقة خفض تصعيد».

واستبعد هيلر دخول القوات الروسية إلى تلك المناطق، ولكنه توقع «تكثيفاً للوجود التركي في تلك المنطقة»، ولفت إلى أنه من المفترض أن تنسحب الفصائل الجهادية المصنفة على قوائم الإرهاب نحو عمق إدلب، مقابل بقاء مقاتلي الفصائل المعتدلة غير المصنفة، وهي التي تتعاون مع أنقرة.

وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان قد أعلن صباح الأحد، عن بدء أول عملية سحب آليات ثقيلة لمجموعات من «فيلق الشام». وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن، إن «مجموعات من فيلق الشام تسحب منذ صباح أمس آلياتها الثقيلة من دبابات ومدافع في ريف حلب الجنوبي وضواحي مدينة حلب الغربية الواقعة ضمن منطقة نزع السلاح»، وأشار إلى أنه «أول فصيل ينسحب منذ التوصل إلى الاتفاق».

وفي حال تأكيد ذلك فإن حدود المنطقة العازلة ستكون من الجهة الشرقية لإدلب إلى حدود دارة عزة، الأتارب، سراقب، معرة النعمان. أما في الجنوب فتغطي مدينة خان شيخون، كفرزيتا، مورك، وصولاً إلى كفرنبل، بينما من الجهة الغربية تشمل مدينة جسر الشغور حتى بلدة محمبل والبارة في جنوبها.

العقبة الأبرز أمام تنفيذ اتفاق إدلب

وتشكل «هيئة تحرير الشام» التي تضم عناصر من تنظيم القاعدة، العقبة الأبرز أمام تنفيذ اتفاق إدلب ، بسبب سيطرتها إلى جانب مجموعات متشددة متحالفة معها، على نحو 70% من المنطقة العازلة المرتقبة.

وعلى الرغم من أنها لم تصدر حتى الآن أي موقف رسمي من الاتفاق، فإنها كانت قد أعربت عن رفضها «المساومة» على سلاحها، معتبرة الأمر «خطّا أحمر»، في حين أعلن تنظيم «حراس الدين» قبل أسبوع في بيان جرى تناقله على مواقع التواصل الاجتماعي، وأكد المرصد رفضه «لهذه المؤامرات وهذه الخطوات كلها».

وذكر الباحث في الأزمات الدولية سام هيلر، أن الفصائل الجهادية المصنفة على قوائم الإرهاب عليها الانسحاب من المنطقة نحو عمق إدلب، مقابل بقاء الفصائل المعتدلة التي من المفترض أن تتعامل مع الجانب التركي للحفاظ على تنفيذ الاتفاق.

تباين في وجهات النظر بين تركيا وروسيا

ولفت هيلر إلى أن مرحلة تنفيذ اتفاق إدلب ستوضح النقاط الغامضة، وقال: «لم أر خريطة رسمية للمنطقة المنزوعة السلاح، ولا أعرف أين سيتم ترسيم حدود تلك المنطقة التي تتراوح بين 15 20 كيلومتراً حسب الاتفاق».

فيما أشار أحد أعضاء المعارضة السورية إلى أن تصريحات الجانبين التركي والروسي متباينة، وأضاف أنها أظهرت «عدم التوافق على بعض التفاصيل» بشأن منطقة إدلب، وقال المعارض السوري الذي رفض الإفصاح عن هويته إن «هذا التباين لا يصل إلى مرحلة الخصام»، مشيراً إلى أن «مصالح البلدين أكبر من الخلاف على مسألة كهذه».

محاولات إيرانية لإفشال الاتفاق

وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان قد كشف عن صفقة وصفها بالـ «قذرة»، جرت بين إيران والنظام السوري من جهة وتنظيم «الدولة الإسلامية» من جهة أخرى، وتفيد بنقل 400 عنصر من عناصر التنظيم من بادية منطقة البوكمال إلى الريف الشرقي لمحافظة إدلب، حيث نقلوا إلى مناطق قريبة من سيطرة فصائل جهادية عاملة في محافظة إدلب، وهو ما من شأنه تدعيم وجود تلك الفصائل في المنطقة.

واعتبر عضو الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني السوري المعارض، وعضو وفد أستانا ياسر الفرحان، أن طهران لا تريد نجاح الاتفاق وتحاول إفشاله، وأشار في تصريحات سابقة لـ «عربي بوست» أن الهدف واضح من عملية نقل عناصر تنظيم «الدولة الإسلامية» إلى إدلب، وقال: «إيران تريد حجز مقعد في اتفاق إدلب، لذلك تعمل على تخريب الاتفاق الأخير والوصول إلى اتفاق جديد».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى