تقارير وتحليلات

المبعوث الأمريكي لأفغانستان: استضافة قطر للحوار الأفغاني تدفع للنهوض بعملية السلام

قال مطلق بن ماجد القحطاني مبعوث وزير الخارجية القطري الخاص لمكافحة الإرهاب والوساطة في تسوية المنازعات، إن قطر تؤمن بعدم جدوى الحل العسكري للأزمة الأفغانية وأنه لا بد من إيجاد حل سلمي لهذا الصراع وبدعم من الدول الإقليمية والمجتمع الدولي. فيما أكد زلماي خليل زاد المبعوث الأمريكي الخاص لأفغانستان، أن استضافة قطر للحوار الأفغاني-الأفغاني تدفع للنهوض بعملية السلام، معتبرا أن هذه الاستضافة خطوة جيدة وإيجابية للغاية تصب في صالح النهوض بعملية السلام في أفغانستان.

وقال مطلق القحطاني في كلمته بافتتاح المؤتمر الأفغاني للسلام الذي تحتضنه الدوحة ليومين، أن قطر ما زالت تواصل جهودها ومساعيها الحميدة كوسيط نزيه في الأزمة الأفغانية من أجل إرساء أسس السلام بين الفرقاء في أفغانستان وبناء الثقة بين الأطراف عبر تحقيق وقف إطلاق النار الشامل والدائم وحماية المدنيين وإطلاق سراح الأسرى والسجناء والرهائن والتقريب بين وجهات نظر الأطراف المعنية في الصراع للتوصل إلى حل سياسي يضمن تحقيق السلام والاستقرار والازدهار للشعب الأفغاني، الأمر الذي سينعكس إيجابا على تعزيز السلم والاستقرار الإقليمي والدولي.

ووصف مطلق القحطاني المؤتمر الأفغاني للسلام بأنه اجتماع تاريخي، منوها بشجاعة ممثلي الشعب الأفغاني في تحمل هذه المسؤولية الكبيرة من أجل هذا الهدف النبيل وحرصهم على تحقيق السلام في أفغانستان لحقن دماء الشعب الأفغاني الذي عانى ويلات الحروب والدمار لعقود.

وأضاف إنه: “منذ بداية المفاوضات الحقيقية والجادة في الدوحة مع بداية العام الجاري بدأنا نرى بأن هناك نورا بدء يشع في نهاية النفق وشعرنا بأن هناك أملا حقيقيا وجادا في تحقيق السلام”، لافتا إلى أن اجتماع اليوم جزء لا يتجزأ من هذه العملية السلمية ودليل ملموس على الرغبة الجادة والحقيقية في مواصلة الحوار لتحقيق السلام في أفغانستان.

وأضاف “لقد قمنا خلال هذا العام بعدة زيارات مكوكية إلى كابول ولكثير من عواصم العالم والتقينا مع الكثير من مكونات الشعب الأفغاني ومن الرجال والنساء والشباب والقادة السياسيين والمجموعات الحزبية وزعماء القبائل وشيوخ الدين ومؤسسات المجتمع المدني، ولمسنا بأن هناك رغبة حقيقية للحوار لتحقيق السلام الذي يحقق تطلعات الشعب الأفغاني”.

وأكد مبعوث وزير الخارجية القطري الخاص لمكافحة الإرهاب والوساطة في تسوية المنازعات “إن الشعب الأفغاني يمر اليوم بمرحلة تاريخية حاسمة تفصل بين خيارين إما المضي قدما في تعزيز العملية السياسية وضمان كافة حقوق الشعب الأفغاني وتحقيق تطلعاته في الأمن والاستقرار والازدهار أو انهيار الأوضاع واستمرار دوامة العنف والدمار وتلاشي أحلام الأجيال القادمة الأمر الذي يحتم على جميع الفرقاء في أفغانستان والجهات الفاعلة تحمل مسؤولياتها وتغليب لغة العقل والمنطق وتغليب المصلحة الوطنية العليا على المصالح الأخرى، والعمل على تحقيق المصالحة الوطنية وبناء دولة المؤسسات التي تقوم على مبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون ومكافحة الفساد وحماية حقوق المرأة والأقليات”.

وأكد على أن دولة قطر قيادة وشعبا وحكومة ستبقى قوة سلام ومحبة وتعاون مع الشعب الأفغاني والمجتمع الدولي والشعوب الأخرى المحبة للسلام.

من جانبه، أكد زلماي خليل زاد المبعوث الأمريكي الخاص لأفغانستان، في تصريح صحفي أدلى به المبعوث الأمريكي الخاص لأفغانستان، على هامش استضافة دولة قطر للمؤتمر الأفغاني للسلام الذي بدأت أعماله اليوم بالدوحة، وتستغرق يومين، أن استضافة المؤتمر الأفغاني للسلام تعتبر واحدة من الخطوات التي يتم قطعها في مسيرة إحلال السلام في أفغانستان، مبينا أن الخطوة التالية هي الدخول في مرحلة التفاوض، لافتا إلى أنه لابد من إجراء سلسلة من الحوارات والنقاشات قبل الدخول في المفاوضات، والحوار الأفغاني-الأفغاني يأتي في إطار التوصل لاتفاق على شروط السلام فيما بين الفصائل الأفغانية.

ونوه بمشاركة العنصر النسائي في الحوار الأفغاني-الأفغاني مؤكدا أهمية وجود العنصر النسائي في هذه المحافل كونه يبرز البيئة الصحية للحوار. وأعرب عن تفاؤله بشأن النتائج الممكن التوصل إليها من المؤتمر الأفغاني للسلام.

وكان زلماي خليل زاد المبعوث الأمريكي الخاص إلى أفغانستان قد أعلن في وقت سابق أن الجولة السابعة من محادثات السلام التي تجريها الولايات المتحدة مع حركة طالبان كانت “الأكثر إنتاجية” حتى الآن، واصفا الأيام الستة الأخيرة بأنها كانت الأكثر إنتاجية من بين الجولات التي تم إجراؤها مع طالبان، مشيرا إلى أنه قد تم إحراز تقدم في كافة المسائل التي تتم مناقشتها، لاسيما الجوانب الأربعة لاتفاقية السلام وهي وجود ضمانات بمكافحة الإرهاب، وانسحاب القوات، والمشاركة في الحوار والمفاوضات الأفغانية الداخلية، ووقف دائم وشامل لإطلاق النار.

ومن المقرر أن يستأنف مسؤولون من الولايات المتحدة وحركة طالبان الأفغانية الثلاثاء المقبل محادثات السلام التي وصفها المبعوث الأمريكي بأنها “أكثر جلسة بناءة”، حيث كان الطرفان قد بدءا جولة سابعة من محادثات السلام في الأسبوع الماضي بهدف الاتفاق على جدول زمني لانسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان مقابل ضمانات من طالبان بألا تستخدم الجماعات المتشددة الدولية الأراضي الأفغانية قاعدة لشن هجمات.

ويتمركز نحو 20 ألف جندي أجنبي أغلبهم أمريكيون في أفغانستان في إطار مهمة لحلف شمال الأطلسي بقيادة الولايات المتحدة لتوفير التدريب والمساعدة والمشورة للقوات الأفغانية. وتقوم بعض القوات الأمريكية بعمليات لمكافحة الإرهاب.

وكانت أعمال المؤتمر قد انطلقت اليوم بالدوحة، برعاية قطرية ألمانية، بحضور العديد من الشخصيات الأفغانية التي تمثل الكثير من الأطراف المختلفة في أفغانستان، وذلك في إطار الجهود المبذولة لدعم عملية السلام في أفغانستان.

وأعرب ماركوس بوتزل المبعوث الألماني لأفغانستان وباكستان، في كلمته خلال افتتاح المؤتمر، عن الامتنان لكافة الفصائل الأفغانية المشاركة في هذا الحوار الأفغاني – الأفغاني والذي يصب في صالح الجهود المبذولة للحد من المعاناة التي يواجهها الشعب الأفغاني.

وأفاد بأن ألمانيا وقطر اتخذتا زمام المبادرة لإجراء هذا الحوار لرغبتهما في القيام بدورهما من أجل فتح الطريق لإحلال السلام في أفغانستان، وقال “إن المحادثات الجارية بين الولايات المتحدة وطالبان وفرت فرصة تاريخية لإجراء هذا الحوار الأفغاني – الأفغاني البناء الذي نأمل أن يتحول إلى مفاوضات بناءة”، مشددا على أن مستقبل أفغانستان لا يمكن فرضه من الخارج لكن يمكن تحقيقه فقط من قبل الأفغانيين أنفسهم.

ولفت إلى أن اليومين القادمين سيوفران الفرصة لبناء تفاهم مشترك والوقوف على القضايا الواجب حلها وفتح المجال أمام الدخول في مفاوضات أفغانية مشتركة، آملا في أن يتم التوصل إلى تفاهمات مشتركة خلال الحوار الأفغاني -الأفغاني.

وأشار المبعوث الألماني إلى أن طاولة الحوار الأفغاني- الأفغاني تجمع ألمع العقول التي تمثل نسبة كبيرة من أطياف الشعب الأفغاني، واصفا هذا الأمر بأنه بمثابة فرصة ومسؤولية مميزة تأتي في إطار البحث عن طرق تسهم في تحويل النزاع والقتال إلى نقاش سلمي.. قائلا إن “التاريخ سيتذكر الذين استطاعوا وضع خلافاتهم جانبا من أجل مصلحة بلادهم”.

كما أكد على أحقية الشعب الأفغاني في إحلال السلام الذي يحمي حقوق كافة أطيافه وخاصة النساء والأطفال، والذي يحقق أيضا المزيد من الاستقرار في العالم، مشددا في الوقت ذاته على متانة العلاقات الألمانية الأفغانية والتي تمتد لأكثر من مائة عام، ومبينا أن ألمانيا تعتبر أحد أكبر المتبرعين لأفغانستان وتجمعهما علاقات قوية.

من جانبه، أكد الدكتور سلطان بركات، مدير مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني في معهد الدوحة للدراسات العليا، على أهمية المؤتمر الأفغاني للسلام المنعقد في الدوحة لإسهامه في التواصل بين مكونات الشعب الأفغاني، ولأنه يعمل على إيجاد تواصل مباشر بينهم، مشيرا إلى أن قطر حاولت عقد هذا المؤتمر للحوار الأفغاني في شهر أبريل الماضي، والآن هذه هي المحاولة الثانية والناجحة.

وأضاف في تصريحات صحفية على هامش المؤتمر، أن هذه هي المرة الأولى التي يجتمع فيها كافة مكونات وأطياف الشعب الأفغاني وهذا إنجاز مهم قامت به الدوحة، معربا عن تمنياته بأن يخرج المؤتمر بنتائج جيدة ومرضية للجميع وأن يكون هناك حوار يحقق تقدما كما حدث في مباحثات السلام بين الولايات المتحدة وحركة طالبان.

ولفت إلى أن المؤتمر عبارة عن جلسة للأفغان فقط لكي يتحدثوا مع بعضهم البعض من أجل الوصول إلى مخرجات تؤدي لمصالحة أفغانية أفغانية، مشيرا في الوقت ذاته إلى ارتباط الحوار الأفغاني الأفغاني بالمحادثات بين الولايات المتحدة الأمريكية وحركة طالبان.

وبشأن المحادثات بين الولايات المتحدة الأمريكية وحركة طالبان، أفاد الدكتور بركات بأن الولايات المتحدة الأمريكية لا تلعب أي دور في الحوار الأفغاني- الأفغاني، لكن كانت هناك محادثات بين واشنطن وحركة طالبان امتدت على مدار أسبوع، وتمددت لأيام أخرى، وستتواصل بعد انتهاء الحوار الأفغاني- الأفغاني، وإجمالا، هناك تقدم ممتاز في المحادثات، حسبما صرح به السفير الأمريكي زلماي خليل زاد، ومسؤولو حركة طالبان.

وأشار إلى أن التقدم يبرز في استمرار الطرفين الأمريكي وطالبان في الحوار مع بعضهما، بغض النظر عما يحصل في أفغانستان، وهذا مظهر مهم جدا في تقدم المفاوضات، كما أن الطرفين أحرزا تقدما جيدا بشأن النقاط الأربع التي اتفقا بشأنها، وهذه الأمور لا ينبغي أن يستهان بها، لأن أي كلمة يمكن أن يحدث بشأنها خلاف.

جدير بالذكر أن أفغانستان تقف على مفترق طرق مهم لاغتنام الفرصة الرامية لتحقيق السلام، لذا يعتبر التوافق المباشر بين الأطراف الأفغانية أحد أهم العناصر اللازمة لأي عملية تقود إلى هذا الهدف، فالأفغان وحدهم قادرون على تقرير مستقبل بلدهم، ومن الممكن أن يساعد الحوار الأفغاني الداخلي على توضيح الخيارات والفرص التي يشتمل عليها هذا التوافق المباشر.

وتأمل دولة قطر وألمانيا بأن يسهم هذا المؤتمر في بناء الثقة بين الأطراف الرئيسة التي تمثل السواد الأعظم للشعب والمجتمع الأفغاني، بغرض دعم السلام والاستقرار في أفغانستان والمنطقة بشكل عام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى