الشأن العربي

بالتنسيق مع حماس.. إسرائيل تسمح بزيادة عدد العمال الغزيين في أراضيها

زادت إسرائيل عدد التصاريح لدخول عمال فلسطينيين من غزة للسماح لهم بالعمل في أراضيها بالتنسيق مع حماس. يبدو هذا هو سبب الهدوء النسبي السائد على حدود القطاع مؤخراً. ومثل تسهيلات أخرى صادقت عليها إسرائيل مؤخراً للفلسطينيين من خلال تفاهمات تم التوصل إليها بوساطة مصر وقطر والأمم المتحدة، فإن قرار المستوى السياسي وجهاز الأمن، لم ينشر رسمياً في إسرائيل.

رئيس الغرفة التجارية في غزة، ماهر طباع، قال في نهاية الأسبوع إن إسرائيل تعهدت بأن تزيد بصورة كبيرة عدد تصاريح الدخول لرجال الأعمال من القطاع إلى أراضيها. وحسب أقواله، عدد التصاريح ارتفع بنسبة 66 في المئة، من 3 آلاف إلى 5 آلاف تصريح. وعمر الحد الأدنى المسموح له بدخول إسرائيل تم تخفيضه من 30 سنة إلى 20 سنة، وهذه مناورة قديمة تتبعها إسرائيل بين الفينة والأخرى منذ بضع سنوات. الحاصلون على التصاريح يُعدون أصحاب مصالح تجارية، لكن فعلياً يبدو أن معظمهم عمال يعملون في حرف يدوية. قبل أن تبدأ جولة التصعيد في آذار هذا العام كان هؤلاء العمال يعتبرون منظراً نادراً جداً في مدن الجنوب.

إن عرض العمال كرجال أعمال يؤطر العملية كمصلحة اقتصادية وليس إعادة من البوابة الخلفية للعمل الغزي في إسرائيل، ولو بأرقام رمزية. حتى العام 1991 وحتى نهاية الانتفاضة الأولى وحرب الخليج الأولى اعتمد اقتصاد إسرائيل على عشرات آلاف العمال من القطاع. وبعد عملية الجرف الصامد أوصى الجيش بإدخال 5 آلاف عامل من القطاع في المرحلة الأولى إلى بلدات غلاف غزة كجزء من إعادة إعمار القطاع. في الحكومة خافوا من التداعيات السياسية، وفي الشاباك حذروا من أن التنظيمات الإرهابية في القطاع يمكن أن تستغل الدخول الجماعي للعمال من أجل جمع المعلومات وإدخال إرهابيين.

الحل الجزئي الذي تم التوصل إليه هو منح تصاريح لعدد قليل نسبياً من رجال الأعمال، الذين في معظمهم في الأساس هم عمال. من ناحية الغزيين أيضاً يعدّ هذا تقدماً كبيراً؛ لأن كل عامل من هؤلاء يساعد في إعالة عائلة كثيرة الأولاد في القطاع. مواطن إسرائيلي وجد بالصدفة في حاجز إيرز، صباح الإثنين، وقد تحدث للصحيفة عن التغيير. وحسب أقواله: “منذ سنوات لم أشاهد الحاجز بهذا القدر من النشاط والاكتظاظ. في كل لحظة يمر عبر البوابة من غزة فلسطيني، كثيرون منهم من الشباب الذين يحملون الأكياس ويرتدون ملابس العمال بصورة واضحة. في الجانب الإسرائيلي تنتظر قافلة طويلة من سيارات أغلبية سائقيها عرب إسرائيليون. ومكان الوقوف مليء تماماً. كل من يتواجد هناك يعرف ما الذي يجري”.

التدهور الحالي في القطاع بدأ في نهاية آذار 2018 عندما بادرت حماس إلى “مسيرات العودة” ضد الحصار المفروض على القطاع. مظاهرات شعبية أسبوعية قرب الحدود رافقها أعمال العنف التي قتل خلالها منذ ذلك الحين أكثر من 200 فلسطيني بنار جنود الجيش الإسرائيلي. أدى القتل إلى جولات تصعيد، أطلقت فيها مئات الصواريخ على الأراضي الإسرائيلية. ورداً على ذلك، هاجم سلاح الجو أهدافاً كثيرة لحماس في القطاع. في الجولة الشديدة الأخيرة في بداية أيار قتل ثلاثة مواطنين إسرائيليين وعامل فلسطيني في الجانب الإسرائيلي و25 فلسطينياً في القطاع.

بعد انتهاء كل جولة، تم التوصل إلى تهدئة مؤقتة بوساطة دولية، التي تعهد الفلسطينيون في إطارها بوقف العنف مقابل تسهيلات كبيرة في الحصار على القطاع وضخ أموال من قطر لحكومة حماس. ولكن بعد التفاهمات في بداية أيار وجد الطرفان صعوبة في التوصل إلى تسوية ملزمة وثابتة.

حماس لم تكن راضية عن الأموال التي تم تحويلها من قطر، والتي لم تشمل في عدد من الحالات الدفعات التي تم التعهد بها لموظفي حماس والعائلات المحتاجة. في غزة أيضاً خاب أملهم من وتيرة تنفيذ التسهيلات ووتيرة تحريك المشاريع الكبيرة التي تم الوعد بها في مجال البنى التحتية. على هذه الخلفية، يبدو أن حماس سمحت بمظاهرات أكثر عنفاً قرب الحدود إلى جانب زيادة جديدة في عدد الأحداث التي أطلقت فيها البالونات الحارقة التي تسببت بالحرائق في حقول بلدات غلاف غزة وأثارت خيبة أمل كبيرة من الحكومة في أوساط السكان.

ردت إسرائيل في عدد من الحالات بتقليص منطقة الصيد المسموحة للفلسطينيين أمام شواطئ غزة. قلصت منطقة الصيد وتم توسيعها بين الحين والآخر، لكن بتوجيه من المستوى السياسي امتنع الجيش الإسرائيلي وجهاز تنسيق عمليات الحكومة في المناطق من الإبلاغ الكامل للجمهور عن الخطوات التي اتخذت. في معظم الحالات تم نشر بيانات عن تقليص منطقة الصيد. وعندما تم توسيعها من جديد مقابل تعهد آخر من حماس بالهدوء، لم يتم إبلاغ الجمهور في إسرائيل عن ذلك.

هذه سياسة واضحة للحكومة: بالنسبة لتحويل الأموال القطرية إلى القطاع كان هناك تعتيم متعمد إلى أن تسرب في وقت قريب من استقالة وزير الدفاع افيغدور ليبرمان من الحكومة على خلفية خلافات بخصوص السياسة المطلوبة تجاه غزة، فتسربت بشكل ما لوسائل الإعلام صورة وثقت حقائب الأموال أثناء نقلها للقطاع. جرّ النشر خلافات سياسية شديدة وانتقاداً شديداً لسياسة رئيس الحكومة نتنياهو بذريعة أن تحويل الأموال يعكس خضوعاً مخجلاً لحماس. جاء الانتقاد أيضاً من جهة أحزاب يمينية ومنافسي الليكود من الوسط واليسار خلال الحملة الانتخابية الأخيرة.

في الأسبوع الماضي الذي ساد فيه هدوء نسبي على حدود القطاع، انخفض عدد البالونات وامتنعت حماس عن تجديد المظاهرات الليلية العنيفة التي جرت أحياناً على طول الحدود. وكذلك مرت مظاهرة يوم الجمعة الأخير بهدوء نسبي. أما الآن فيمكن فهم السبب.

مصادر أمنية أكدت أنه تم بالفعل زيادة عدد تصاريح الدخول من غزة إلى إسرائيل. وحسب أقوالها أيضاً فإن حل المشاكل المتعلقة بالأهداف التي تحول إليها الأموال القطرية ساعد على تهدئة النفوس. مع ذلك، قالت المصادر إن الوضع على حدود القطاع بقي متوتراً ويمكن أن يعود للانفجار. وأعلن الجيش أمس أنه كشف عن مسار نفق آخر حفرته حماس تحت الحدود، وتم اكتشافه خلال بناء الجدار الجديد على طول الحدود، وهو النفق الـ 18 الذي تم كشفه منذ بداية المشروع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى