تقارير وتحليلات

بوليتكو: فنزويلا ساحة جديدة للحرب بالوكالة بين روسيا وأمريكا

يبدو أن فنزويلا تحولت لساحة حرب الوكالة بين الولايات المتحدة وروسيا، حيث تسير إدارة دونالد ترامب نحو معركة بالوكالة مع روسيا حول فنزويلا، وهي المواجهة الأخيرة التي تهدد بالعودة إلى سنوات الحرب الباردة.

وبحسب مجلة  “بولتيكو” الأمريكية، تبادل الطرفان الإتهامات بعدما دعا زعيم المعارضة خوان جوايدو الجيش الفنزويلي الإنتفاض على الرئيس نيكولاس مادورو. واتهم وزير الخارجية مايك بومبيو روسيا بإقناع مادورو البقاء في السلطة بدلا من الهروب إلى كوبا وهدد بعمل عسكري. وبدورها وبخت روسيا بومبيو على نشره أخبار كاذبة كجزء من “حرب معلومات”.

وترى المجلة أن الخلاف أثر على مكالمة جرت بين وزيري خارجية البلدين حيث اتهم بومبيو روسيا بتصرف “مزعزع” للإستقرار. فيما وصف الكرملين رد وزير الخارجية الروسي الغاضب الذي اتهم فيه أمريكا “بخرق وقح للقانون الدولي”.

وتقول المجلة إن المواجهة التي تدعم فيه كوبا مادورو هو مواجهة متفجرة بشكل ممكن في وقت يحضر فيه الرئيس للحملات الإنتخابية لولاية ثانية. وتهدد في الوقت نفسه الجهود لتخفيف التوتر في العلاقة بين البلدين في أعقاب نشر تقرير مولر ونتيجته التي توصل فيها إلى أن حملة ترامب لم تتوطأ مع الروس للتأثير على انتخابات عام 2016 رغم محاولات موسكو الجادة.

وقال جون بولتون، مستشار الأمن القومي: “هذه منطقتنا ويجب أن لا يتدخل فيها الروس”، مضيفاً “هذا خطأ ولن تؤدي إلى تحسين العلاقات”.

ويقول المحللون إن روسيا والولايات المتحدة تقومان بفحص التزام كل منهما للبلد الغني في النفط. وفي ضوء استعداد روسيا لإرسال قواتها لمناطق مثل سوريا وأوكرانيا فالرهان الأفضل هو روسيا.

وقال فريناندو كاتز،المسؤول البارز في مجلس الأمن القومي في ظل ترامب “لقد توصل الروس إلى نتيجة وهي مواجهتنا” و “عندما يرسلون قوات إلى جورجيا وأوكرانيا وسوريا وفنزويلا فماذا سنفعل؟ فهم سيعقدون من حساباتنا وتصبح لهم اليد العليا”.

ووسط الإضطرابات التي شهدتها فنزويلا بين مؤيدي زعيم المعارضة والرئيس عول الرئيس ترامب على مغادرة مادورو الحكم وعلى روسيا لوقف دعمها للزعيم الفنزويلي، خاصة بعدما اعترف بجوايدو كرئيس انتقالي. وتبعت عدة دول أوروبية في أمريكا اللاتينية القرار وقالت إن مادورو الذي دمر اقتصاد البلاد وقاد حملة قمع لم يفز بانتخابات نزيهة. ولكن روسيا وكوبا والصين وعدد آخر من الدول التي تعارض عادة أمريكا على المسرح الدولي دعمت مادورو.

ولدى كوبا قوات عسكرية في فنزويلا فيما أرسلت روسيا 100 مستشار عسكري. ونفت كوبا وروسيا المزاعم وقالت موسكو إنها أرسلت “خبراء عسكريين” ضمن عقود موقعة بين البلدين. وليس من الواضح إن كانت الولايات المتحدة قد جهزت نفسها لتدخل روسي في الأزمة الفنزويلية إلا أن المراقبين ليسوا مندهشين. وتعد موسكو أكبر مقرض لفنزويلا وقلع عين أمريكا في القارة اللاتينية هو خيار غير مكلف لبوتين الطامح لإعادة التاثير الروسي العالمي.

وتقول مولي ماكيو، الخبيرة في شؤون روسيا “تعد فنزويلا دولة غنية في موقع استراتيجي. وتريد روسيا حماية مصالحها هناك وستكون مترددة للخروج من حديقة أمريكا الخلفية”. لكن موقف إدارة ترامب من فنزويلا اشتمل على تقريع لموسكو التي اتهمهما بومبيو يوم الثلاثاء بإجهاض محاولة رحيل مادورو التي كانت تنتظره طائرة لتقله إلى هافانا حسب قوله. ولم يستبعد في تصريحات لفوكس بيزنس نتوورك عملا عسكريا إن اقتضى الأمر. وألغى القائم بأعمال وزير الدفاع باتريك شانهان، زيارة لأوروبا للتركيز على فنزويلا. وأخبر المشرعين أنه يأمل بالحل الدبلوماسي وإجبار الضغوط الإقتصادية مادورو على الرحيل.

واستهدفت واشنطن فنزويلا بسلسلة من العقوبات الإقتصادية خاصة قطاع النفط. ولم يستبعد شانهان خيارات أخرى. وتشير المجلة إلى أن الولايات المتحدة تواجه روسيا في عدد من النقاط الساخنة حول العالم. ففي سوريا أرسلت أمريكا قوات لمحاربة تنظيم الدولة فيما دعمت روسيا نظام بشار الأسد. ولكن البلدين حاولا عدم تجنب المواجهة. وفي أوكرانيا أرسلت أمريكا سلاحا لدعم الجماعات المحلية التي تقاتل الإنفصاليين الذين تدعمهم روسيا.

وأكد بولتون على أهمية فنزويلا للمصالح الأمريكية واستخدم عقيدة مونرو التي تؤكدعلى عدم تسامح أمريكا مع أي تدخل بالجزء الغربي من الكرة الأرضية الذي يعتبر مساحة تأثير أمريكي. ومن اللافت للإنتباه أن ترامب لم يقل شيئا حول روسيا ولكنه ذهب خلف كوبا وهدد بفرض عقوبات على هافانا لدعمهما مادورو. ومع أنه دعا في الماضي لخروج روسيا من فنزويلا إلا أنه صمته ينم عن أمل على حصول تقارب مع روسيا. وربما كان ترامب قلقا من تداعيات التدخل الأمريكي في فنزويلا.

ومع أنه هدد بإرسال قوات إلى فنزويلا لكنه لم يفعل خشية أن يغضب الجناح الإنعزالي في قاعدته الرافض التدخلات الخارجية. وبالمقابل فتحرك كهذا قد يعزز من موقفه بين الأمريكيين الكوبيين والفنزويليين في انتخابات عام 2020 خاصة ولاية فلوريدا. لكن وجود قوات أمريكية في فنزويلا قد يثير غضب دول امريكا اللاتينية التي دعمت حتى هذا الوقت نهج امريكا. ولا يزال مواطنوا القارة اللاتينية واعين لدروس التدخل الأمريكي السابق في قارتهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى