تقارير وتحليلات

تبادل الاتهامات بين حزبي طالباني وبارزاني بالوقوف خلف اضطراب الأوضاع في كركوك

تزامنا مع تصاعد مطالبات القوى السياسية في إقليم كردستان العراق، للحكومة الاتحادية في بغداد، بتطبيع الأوضاع في المناطق المتنازع عليها، خصوصاً في محافظتي كركوك وديالى، شهدت المدينتان المختلطتان بالعرب والأكراد والتركمان، اضطراباً أمنياً، قد يمهد لعودة انتشار قوات البيشمركه الكردية مجدداً إلى تلك المناطق، بعد أن أخرجتها القوات الاتحادية قبل عدة أشهر.
وعقب سلسلة التفجيرات التي هزّت محافظة كركوك مؤخراً، وخلّفت 40 شخصاً بين قتيل وجريح، أقدمت مجموعة مسلحة «مجهولة» على إطلاق النار على 3 مدنيين في ناحية أبي صيدا التابعة لمحافظة ديالى، متسببة بقتلهم، الأمر الذي أثار الذعر في نفوس أهالي المدينة، ودفعهم إلى النزوح وترك ممتلكاتهم.
تصاعد حدّة التوتر في كركوك وديالى، دفع رئيس الوزراء عادل عبد المهدي إلى لقاء رئيس الجمهورية برهم صالح، لبحث آلية لحل المشكلات في المدينتين المتنازع عليها بين بغداد وأربيل.
وحسب بيان رئاسي، فإن اللقاء تضمن «بحث الأوضاع والتطورات في كركوك وديالى، وضرورة بذل الجهود لحل المشاكل التي تواجهها المحافظتين، ولمواجهة الإرهاب وتعزيز الأمن والسلم المجتمعي».
وسبق لقيادة عمليات ديالى، أن أعلنت توقيف عناصر سيطرتين أمنيتين بعد مقتل ثلاثة مدنيين بقرية أبو خنازير في المحافظة.

وطبقاً لقائد عمليات ديالى اللواء الركن عبد المحسن حاتم، «تم توقيف عناصر السيطرتين (جيش وشرطة) اللتين تجاوزتهما سيارة المسلحين وقتلت الـ3 مدنيين في قرية أبو خنازير في ناحية أبي صيدا، شمال شرقي المحافظة».
وأضاف: «تم تعزيز القوات الأمنية في القرية لحمايتها»، نافياً في الوقت عيّنه وجود «نزوح في القرية كون الأهالي لم يسمح لهم بمغادرة قريتهم».
وخلّف الحادث موجة من ردود الفعل لدى الأوساط السياسية السنّية، حيث طالب تحالف «المحور الوطني»، بفتح تحقيق عاجل في أحداث «أبو خنازير» في ديالى، كما طالب بعقد اجتماع عاجل لتحالف البناء بهذا الشأن.

قرارات شديدة

في حين، اعتبر النائب كريم عفتان الجميلي، ما حدث في قرية أبو خنازير أنه «معيب جدا» بحق الدولة، داعيا، عبد المهدي، إلى اتخاذ قرارات شديدة.
وقال، في بيان، إن «ما حصل في قرية أبو خنازير من قتل المواطنين وفي وضح النهار هو أمر معيب ويجب على القائد العام للقوات المسلحة اتخاذ إجراءات مشددة».
وأضاف أن «تكرار هذه الحالات يعد خرقا امنيا كبيرا وعلى الحكومة تحمل نتيجتها»، مطالباً بـ»محاسبة القيادات الأمنية في المنطقة وتنزيل أشد العقوبات بهم».
وأشار إلى «منظر النزوح مأساوي، حيث خرج أهالي القرية بحثا عن ملاذ أمن لهم تاركين كل شيء لقناعتهم أن القوات الأمنية والقانون بات عاجزا عن حماية سكان هذه المنطقة من هذا العمل، فيجب على الحكومة العراقية التدخل الفوري لإنهاء هذه المأساة».
كذلك، دعا حزب «التجمع المدني للإصلاح» (عمل) بزعامة رئيس البرلمان السابق، سليم الجبوري، القوات الأمنية لتحمل مسؤولياتها بعد ما جرى في قرية أبو خنازير في محافظة ديالى، محذراً من «تسويف» القضية.
وقال في بيان، «ندين ما قامت به الميليشيات الخارجة عن القانون من قتل وتهديد وتهجير بحق أهالي قرية أبو خنازير في ناحية أبي صيدا والتي راح ضحيتها 3 أشخاص من المدنيين العزل وعلى مرأى ومسمع من الأجهزة الأمنية».
ودعا إلى «تحمل مسؤولياتها وتقديم المجرمين إلى العدالة بالسرعة القصوى لإنزال القصاص العادل بحقهم ومن تعاون معهم سواء، بغض الطرف عن أفعالهم أو التستر عليهم فهو مشترك معهم في هذا الجرم الذي يسعى لإثارات النعرات الطائفية بين أهالي ديالى».
وطالب الحزب، «الأجهزة الأمنية وقيادة العمليات ومحافظ ديالى بإعتباره رئيس اللجنة الامنية في المحافظة بتقديم تقرير مفصل وعاجل لكشف هؤلاء المجرمين لأهالي ديالى»، محذراً من «تسويف القضية وإهمالها، كما طالب بتوفير الحماية الكافية للمدنيين في القرية المذكورة والمحافظة على أرواحهم
ورغم المعلومات السياسية التي تحدثت عن موجة النزوح في ديالى، غير إن قيادة شرطة المحافظة، نفت ذلك.
بيان للناطق الإعلامي باسم القيادة، العقيد غالب العطية، أكد أن «الوضع الآن هادئ ومستقر، وتم تعزيز القوة الأمنية الموجودة في القرية وفتح تحقيق في ملابسات جريمة قتل 3 من أبناء القرية للوقوف على آخر المستجدات والاسراع باعتقال الجناة»، مشيراً إلى أن «الجريمة كانت متزامنة مع جرائم أخرى في قرية المحولة المجاورة لها والتي أدت إلى سقوط ضحايا بينهم منتسب أمني قبل يومين».
وأشار إلى أن «هناك خيوطا مهمة حول الجرائم الأخيرة في المحولة وأبو خنازير سيتم كشفها قريباً أمام الرأي العام».

المشهدان معقدان

وفي محافظة كركوك، ما يزال المشهدان الأمني والسياسي معقداً، ففيما يحتدم الخلاف بين الحزبين الكرديين الرئيسيين (الديمقراطي، والاتحاد) على تعيين محافظ جديد للمدينة الغنيّة بالنفط، لم تتوصل القوات الأمنية المكلّفة بحفظ الأمن في كركوك إلى الجهات التي تقف خلف سلسلة التفجيرات الأخيرة التي شهدتها المحافظة.
عبد المهدي، أقرّ مساء أول أمس، بأن الأوضاع في كركوك تتطلب التعاون ما بين الحكومة الاتحادية والمحلية وحكومة الإقليم لتغليب المصلحة العليا.
جاء ذلك خلال اجتماع لمجلس الأمن الوطني، برئاسة عبد المهدي، وبحضور محافظ كركوك وقائد العمليات في المحافظ، وفقاً لبيان أورده مكتب رئيس الوزراء.
الاجتماع الذي خصّص للتداول في أوضاع محافظة كركوك، شهد «تقييم وضع المحافظة من جميع النواحي الإدارية والأمنية والخدمية»، إذ أكد أن «وضع الوضع الأمني في محافظة كركوك مسيطر عليه رغم التداخلات والتعقيدات، ويجب المضي بالحلول الأمنية، وأن تعزز بجهود سياسية وتعاون تام بين جميع الأطراف دون استبعاد لأي جهة وفي ظل العراق الواحد والإرادة الوطنية الموحدة».
وشدد على «تعزيز القانون وتمكين القوات المسلحة والأجهزة الأمنية من القيام بواجباتها، والابتعاد عن التصريحات التي لا تخدم الأمن والاستقرار في المحافظة»، مؤكداً أن «داعش هو العدو الوحيد ويجب الاستمرار بملاحقة بقاياه».
وأضاف: «تنوع محافظة كركوك والتداخلات الحاصلة فيها تستدعي التعاون مابين الحكومة الاتحادية والمحلية وحكومة الإقليم وقواه، وتغليب المصلحة العليا بما يحفظ الوحدة الوطنية ويخدم جميع مكوناتها»، لافتاً إلى أن «التفجيرات بالعبوات الناسفة تم تضخيمها بشكل كبير والمبالغة فيها الى جانب التصريحات الإعلامية التصعيدية».
في المقابل، وصف الحزب «الديمقراطي الكردستاني» الأوضاع في كركوك أنها «شاذة» ووصلت إلى مناحٍ خطيرة تهدد حياة المدنيين العزّل.
بيان لمجلس قيادة الحزب في كركوك، رأى أن «تطبيع الأوضاع في كركوك والانتهاء من الحالة الشاذة التي تمر بها المحافظة وترصين تواجد قطعات البيشمركه بالتعاون والتنسیق مع الجيش العراقي، هي السبيل الوحيد الكفيل بانقاذ المدينة من هذه التداعيات الأمنية الخطيرة ومواجهة الاٍرهاب بكافة صنوفه وأشكاله».
وأضاف: «نستقبل ومنذ أسابيع سلسلة من الأخبار السيئة عن تطورات خطيرة في الوضع الأمني في كركوك، فمن حرق مزارع وتهديد واعتداءات على المزارعين الكرد والتهجير القسري للعائلات الكردية من قراهم، إلى تداعيات الانفجارات التي عمت أهم مناطق كركوك، مما يوضح جلياً أن الأوضاع الشاذة في هذه المحافظة العزيزة قد وصلت إلى مناحي خطيرة وباتت تهدد حياة المدنيين العزل».
ومضى بالقول أن «الأحداث الاخيرة ان دلت على شي فانها تدل وبما لا يقبل الشك أن هناك وضعاً امنيا هشاً ومرتبكاً في كركوك، وتداعياته تمس أمن وحياة المواطنين الأبرياء من كل القوميات والديانات. (…) وما هذه التطورات إلا نتاج أجندات تحاول بث روح التناحر والانشقاق ومحاولات يائسة للوصول إلى مكاسب سياسية ضيقة».
وأشار إلى أن «الفراغ الأمني الذي أصبح يكبر وتتداعى تأثيراته الخطيرة يوما إثر يوم، ولد أرضية خصبة وبيئة مناسبة للإرهاب واذنابه لكي يقوموا بعمليات نوعيه تدل على ضعف إدارة الملف الأمني وتراجعه بشكل كبير».
كذلك، دعا نواب الاتحاد الوطني الكردستاني، عن محافظة كركوك، إلى شراكة حقيقية في توزيع المناصب وحسب الاستحقاق السكاني والانتخابي لضمان مشاركة الجميع في ادارة وخدمة المحافظة، فيما شددوا على ان كركوك ستكون عصية على من يحاول فرض الارادات لمصالح شخصية.

معرقلات

وقال بيان لنواب الاتحاد في المحافظة، «إننا في الوقت الذي نتطلع فيه إلى مستقبل مشرق والسعي لخلق بيئة آمنة توفر متطلبات العيش الكريم لجميع أهالي كركوك، فأننا نصطدم بالمعرقلات والتدخلات بالجوانب الإدارية»، مبينا أن «كركوك مدينة تضم قوميات ومكونات ومذاهب عديدة ورغم ذلك نسعى للعيش بسلام، وأن نتصدى لكل من يريد أن يذهب بالمحافظة الى طريق مسدود دون حلول ترضي الجميع».
وأضاف: «أننا مع الشراكة الحقيقية في توزيع المناصب وحسب الاستحقاق السكاني والانتخابي لضمان مشاركة الجميع في إدارة وخدمة المحافظة، وأن يتم إناطة المناصب لشخصيات كفوءة ومهنية وعلى كافة المستويات سواء في الملف الأمني او الاداري والمناصب في المؤسسات العامة في كركوك»، مطالبا «بوضع حد للترهل الحاصل في مؤسسات الدولة والذي وصل حدا لا يطاق ما بعد أحداث 16 تشرين الأول/ أكتوبر 2017 وما حصل من استهداف للمكون الكردي حيث تم تغيير أكثر من 70 منصبا من مدراء الدوائر والأقسام والشعب كان يشغلها موظفو الكرد».
في الأثناء، أكدت النائبة عن ائتلاف «دولة القانون» عالية نصيف، أمس الاثنين، وجود علاقة بين قرار مجلس الأمن 2470 وتفجيرات كركوك الأخيرة، فيما أشارت إلى أن «هذا القرار يخفي أجندات خاصة».
وقالت، في بيان إن «قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2470 بشأن العراق يتضمن توصيات مفخخة تخفي وراءها أجندات خاصة ستنفذ خلال السنوات الأربع القادمة»، مبينة أن «هذا القرار يخفي أجندات خاصة».
واضافت ان «التوصية المتعلقة بتقديم الدعم والمشورة لحكومة العراق ومفوضية الانتخابات بشأن الاجراءات اللازمة للانتخابات و(الاستفتاءات) هي مقدمة لإجراء استفتاء على كركوك وإجراء تعداد سكاني بهدف تطبيق المادة 140 من الدستور، أي أن الأمم المتحدة تخطط لحسم المسألة قبل عام 2023 الذي تنتهي فيه اتفاقية لوزان».
وتابعت أن «هذا القرار سيخلق أزمة بين المكونات التي تعيش في كركوك، وتكون لها تداعيات خطيرة على السلم الاجتماعي»، لافتة إلى أن «لا يخفى على أحد وجود صلة بين التفجيرات التي حصدت أرواح الأبرياء في كركوك وبين الأجندات الرامية إلى العبث بمصير هذه المدينة وعزلها عن العراق بسبب ثرواتها النفطية، وفي النهاية أهالي كركوك هم من يدفع ضريبة هذه الصراعات».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى