آراء

رأس المال الاجتماعي للمرأة بقلم: بلرتا أليكو

رأس المال الاجتماعي للمرأة، تنتشر المفاهيم والعبارات المتعلقة بالشمول المالي للمرأة بشكل متزايد في مجالس الإدارة والمجتمعات المحلية على حد سواء، فإن الفجوة بين الجنسين في الوصول إلى النظام المالي الرسمي ما زالت مستمرة على الصعيد العالمي.

ووفقًا لأحدث بيانات  المؤشر العالمي للشمول المالي ، فإن نسبة النساء اللاتي لا يملكون حسابا بنكيا تصل إلى 56٪ من 1.7 مليار شخص على المستوى العالمي ، وتظهر البيانات عن نسبة إمتلاك الحسابات المصرفية فجوة بين الجنسين بنسبة 9٪ لصالح الرجال في جميع الاقتصادات النامية.

في مصر يتم بذل جهود كبيرة لزيادة وصول المرأة إلى المنتجات والخدمات المالية، ووفقا لقاعدة بيانات المؤشر العالمي للشمول المالي،فإن نسبة إمتلاك الحسابات المصرفية الرسمية بين النساء قد زادت ثلاثة أضعاف بين 2011 و2017 ( من 7% إلى 27%) ولكن بالرغم من ذلك تظل هذه النسبة أقل من نسبة الرجال (39% في 2017).

الشمول المالي: مفتاح ريئسى للهروب من الفقر

تم تحديد الشمول المالي كمفتاح للحد من الفقر وتعزيز النمو الاقتصادي وهو أمر مهم لتحقيق سبعة أهداف من أهداف التنمية المستدامة. يعرف الشمول المالي بشكل عام بالوصول الفعال إلى مجموعة من المنتجات والخدمات المالية التي تتلاءم مع احتياجات الناس المتعددة (من حيث الأعمال التجارية ، الاقتصاد المنزلي ، التعليم ، الصحة ، إلخ.) وإلى مختلف السياقات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي يلجؤون إليها.

أظهرت الأبحاث أن الشمول المالي يمكن أن يعزز الاستهلاك، والعمل الحر، بالإضافة إلى تعزيز نمو المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتراكم المدخرات ،والتخفيف من المخاطر، وخلق الثروات السريعة. لذلك ، تم تحديده أيضًا كأداة قيمة لتعزيز التمكين الاقتصادي للمرأة من خلال إدمجها في أنشطة اقتصادية قابلة للقياس، ووضع الأساس للتنمية الاقتصادية المستدامة على نطاق واسع  حتى يتم تعزيز قدرة الإدارة المالية والاستقلال الاقتصادي للمرأة.

عند تصميمها باستخدام نهج مراعي للنوع الاجتماعي، توفر الخدمات المالية الرقمية (المتاحة من خلال التكنولوجيا المالية الرقمية والاستخدام الواسع النطاق للهواتف المحمولة) أدوات إضافية لتعزيز التمكين الاقتصادي للمرأة. سهلت عملية التحويل الرقمي توسيع نطاق الوصول إلى الخدمات المالية للأشخاص الذين يصعب الوصول إليهم (ومعظمهم من النساء) والأعمال التجارية الصغيرة (التي غالباً ما تكون مملوكة للنساء) بتكلفة منخفضة ومخاطر قليلة. تعالج التكنولوجيا المالية عوائق مهمة في الوصول إلى المنتجات والخدمات المالية ، مثل قلة حركة النساء بسبب العمل المنزلي غير المدفوع الأجر والقيود الزمنية والمعايير الاجتماعية وتكلفة الانتقال.

مجموعات الاقراض والإدخار كمنصة اجتماعية للشمول المالي للمرأة في مصر

توفر البيئة الحالية إمكانيات هائلة للشمول المالي للمرأة في مصر. وتوضح الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة في مصر والمحور المصاحب لها بشأن التمكين الاقتصادي للمرأة أن وصول المرأة إلى الموارد الاقتصادية ، من خلال زيادة إمكانية الوصول إلى الخدمات المالية ، هدف في غاية الأهمية. ﺗﺑدو اﻹرادة اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ اﻟﻘوﯾﺔ ﻹﺻﻼح اﻟﺗﻧظﯾﻣﺎت واﺿﺣﺔ ، ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻊ اﻟﻣواﻓﻘﺔ ﻋﻟﯽ ﻗﺎﻧون نشاط التمويل متناهي الصغر (رﻗم 141 ﻟﻌﺎم 2014) ، اﻟذي ﯾﻌزز اﻟﻟواﺋﺢ اﻟﺗﻧظﯾﻣﯾﺔ ﺑﺷﺄن اﻟﻘروض اﻟﺻﻐﯾرة اﻟﺗﻲ ﯾوﻓرھﺎ اﻟﻣﻣوﻟون ﻏﯾر اﻟﻣﺻرﻓﯾﯾن ﻣﻣﺎ ﯾﺗﯾﺢ ﻟﮭم اﻟدﺧول في ﻗطﺎع اﻟﺗﻣوﯾل متناهي الصغر اﻟرﺳﻣﻲ كما يظهر الالتزام السياسي من قبل “المجلس القومي للمدفوعات” ، الذي يدعم أنظمة الدفع الإلكترونية. وقد تم الاعتراف بهذه الجهود دوليا في يوليو 2017 عندما تم اختيار مصر كنموذج في المبادرة العالمية الجديدة للشمول المالي للبنك الدولي. ومع ذلك ، لا تزال هناك تحديات يتعين معالجتها ، مع وجود حاجة إلى لوائح جديدة بشأن المحافظ الجماعية النقالة والخدمات المالية الأخرى التي تلبي احتياجات النساء المهمشات بشكل خاص.

وتنضم المؤسسات المالية والهيئات التنظيمية أيضا إلى مجموعة واسعة من الجهات الفاعلة التي تدعم الشمول المالي. في عام 2016 ، وافق البنك المركزي المصر على لوائح جديدة لـ “لوائح خدمات الدفع عبر الهاتف المحمول” مما يسمح للعملاء بتحويل الأموال والتحويلات عبر حسابات الهاتف المحمول الخاصة بهم. كما دعم البنك المركزي المصري الحكومة المصرية لاستضافة مؤتمر السياسة العالمية للتحالف من أجل الشمول المالي لعام 2017 ، والذي شارك فيه أكثر من 94 دولة و 119 مؤسسة دولية. ونتج عن ذلك ، إتفاق البنك المركزي والمجلس القومي للمرأة على العمل بشكل مشترك على تعزيز الشمول المالي للمرأة.

تماشيا مع الجهود المشتركة المنفذة ، دعا كل من المجلس القومي للمرأة وهيئة الأمم المتحدة للمرأة بمصر لتطبيق وتوسيع نموذج مختبر للوصول إلى أكثر النساء ضعفا وتهميشا في المجتمع من خلال دعم وتحويل رأس المال الاجتماعي لمجموعات الإقراض والإدخار إلى منصة الشمول المالي للمرأة المصرية. وتستهدف هذه المجموعات المرأة الفقيرة والمهمشة في المجتمعات الريفية ، و تعمل على تمكينها من خلال المشاركة في مجموعات الادخار والقروض، ودعمها لتحسين إدارة الأموال المنزلية من خلال الاستثمار في الأنشطة المدرة للدخل. عن طريق برنامج واحد فقط ، بالشراكة مع هيئة كير الدولية وبتمويل من الاتحاد الأوروبي ، دعمت هيئة الأمم المتحدة للمرأة في مصر إقامة 1,036 مجموعة إدخار وإقراض في أسيوط، المنيا و بني سويف  تضم 18،844 عضوًا (92٪ منهم من النساء) مع توفير إجمالي 4،577،190 جنيهًا مصريًا ، إلى جانب تدريبات محو الأمية المالية والخدمات غير المالية.

تطبيقا لمبدأ أهداف التنمية المستدامة “دون استثناء أحد” ، وتعزيز رأس المال الاجتماعي للمرأة ضروري لتقدم أصحاب المصلحة العامة أو الخاصة. تقدم مجموعات الإقراض والإدخار منصة جاهزة للوصول إلى الأكثر تهميشا أولا مما يستهوي المؤسسات المالية الصغرى بسبب التكلفة الأقل للمشتريات لأنها تطور زبائن من أسفل الهرم. كما أنها جذابة للبنوك لأن النهج يعتمد على مفهوم الادخار وليس على القروض التي تحمل مخاطر الدين المتوقعة.

إن البيئة ملائة الآن لاتخاذ قرار واسع النطاق بشأن الشمول المالي للمرأة. ومن جهتها ، تعمل هيئة الأمم المتحدة للمرأة على حشد دعوة لأصحاب المصلحة المهتمين من أجل العمل معاً جنباً إلى جنب في إطار إستراتيجية موحدة ، يتم فيها تنفيذ نماذج مختبرة ومحددة للتوسع في تنفيذ مجموعات الإدخار والإقراض، مما يؤدي إلى الشمول المالي من خلال الحلول الرقمية التكنولوجية مع التركيز على تطوير وضع القوانين والسياسات التنظيمية وأنشطة التوعية التي يمكن أن تزيد من الإدماج المالي للمرأة بسرعة.


  • بلرتا أليكو، ممثلة هيئة الأمم المتحدة للمرأة بمصر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى