كتب ودراسات

روايات نادرة كتبها زعماء وقادة جيوش وعلماء رياضة، لكنهم أدباء مجهولون

في خضم دخان المعركة ورغم حصار الأعداء الذي يهدد حياته، هرول لقلمه ليسجل كلمات خطرت لتوها بذهنه، وهو يتساءل هل تبقى هذه السطور خالدة كسيرته في الحروب والغزوات؟

للقادة مهما ازداد بأسهم وللعلماء مهما احتدت عقلانيتهم، جوانب مختلفة في حياتهم، تتوارى خلف مظهرهم الجاد، وشهرتهم التي تدوي في الآفاق.

فأول رواية خيال علمي في التاريخ (صومنيوم) نشرت في عام 1634، ولاقت انتشاراً كبيراً بين الناس.. لكن المثير للدهشة أن كاتب هذه الرواية لم يكن أديباً وإنما كان عالم رياضيات ألمانياً يدعى جوهانس كيبر!.

فالعديد من القادة العسكريين البارزين والسياسيين الحازمين والعلماء والمفكرين الذين صنعوا علامات فارقة في تاريخ البشرية كانت لديهم في الأصل موهبة الكتابة الأدبية ولهم محاولات لتأليف الروايات.

ولكن أمجادهم وشهرتهم طغت على هذه الأعمال التي قد يكون الناس قد أقبلوا عليها رياءً أو خوفاً منهم أو قرأوها لشهرة أصحابها، ولكن في كل الأحوال لم تنل هذه الأعمال نفس حظ مؤلفيها.

في هذه السطور سنعرض لبعض الشخصيات الشهيرة التي نشرت أعمالاً أدبية رومانسية أو خيالية تبدو متناقضة مع شخصياتهم الجادة والمجالات الحازمة التي برزوا فيها، ولكن سيظل الجدل الأكبر الذي يطاردهم، هل كانت أعمالهم خالدة حقاً أم أن هيبتهم وسلطاتهم هي التي فرضت علينا هذا الخلود؟.

صدام حسين البابلي: رواياته مفعمة بالحب ومبيعاتها المليونية تثير الأقاويل

كانت بابل الساحة المفضلة لروايته، إذ كتب الرئيس العراقي الراحل صدام حسين العديد من الروايات قبل وفاته، بيع كل منها ملايين النسخ وأحب القراء في جميع أنحاء العراق كتبه، وتم تحويل واحدة إلى مسلسل تلفزيوني من 20 جزءاً.

ويقول موقع listverse متهكماً إن الملايين في العراق أحبوها حتى أنهم لم يكونوا يضعونها جانباً خوفاً من وطأة الموت غالباً.

روايات صدام حسين كانت رومانسية مع احتوائها على مغزى سياسي، فمثلاً رواية “زبيبة والملك” التي صدرت عام 2000 وهي تحوي قصة حبّ خيالية بين ملك عراقي ويرمز إلى صدام نفسه، وقروية تُدعى زبيبة، وخلال زياراتها الليلية إلى قصر الملك، تتحدث معه لساعات عن الدين، والمحبة، والقومية، وإرادة الشعب.

وفي عام 2001، صدر كتاب القلعة الحصينة وتحدث عن بطل عراقي من أفراد الجيش العراقي الذي تم تأجيل زفافه بسبب الحرب التي دارت بين العراق وإيران وكانت العروس هي محبوبته الفتاه الكردية.

في عام 2002، صدر كتاب “رجال ومدينة” الذي حكى فيه عن  الظروف التي عاش فيها والتي صنعت فيه شخصية محيرة ومتناقضة حيرت العالم كله.

وهناك رواية كتبها صدام حسين في عام 2003 بعنوان “اخرج منها يا ملعون” وصف فيها صدام المأساة التي عاشها العراق والشعب العراقي من التدخلات الأميركية المتعجرفة في شؤون بلاده.

كارل ماركس المادي: أبو الشيوعية يؤلف رواية كوميدية

قبل أن يصبح أبو الشيوعية كتب رواية كوميدية تدعى (العقرب وفليكس) عام 1837، وهي القصة الخيالية الكوميدية الوحيدة التي كتبها كارل ماركس وكان عمره وقتها 19 عاماً.

فعندما كان طالباً للحقوق في جامعة بارين، كانت طموحته أدبية محضة حتى أنه ألف ديواناً شعرياً ومسرحية شعرية ورواية كوميدية بعنوان (العقرب وفيلكس) متأثراً فيها بسحر الرواية الكوميدية المشهورة (تريستان سانديالتي) التي ألفها الروائي البريطاني لورنس ستيرن عام 1713، وقام بإهداء الثلاثة كراسات الأدبية لخطيبته جيني (زوجته فيما بعد).

أدرك ماركس سريعاً أنه غير مؤهل لأن يكون كاتباً كوميدياً واعترف بالفشل بعد هذه التجارب، لكنه استفاد من موهبته الأدبية في تدوين أفكاره الفلسفية والسياسية بشكل أفضل.

إليوت روزفلت نجل الرئيس: ألغازه كلها تدور في البيت الأبيض

إليوت روزفلت هو سياسي أميركي وهو  ابن  الرئيس الأسبق فرانكلين روزفلت، وقد ألف سلسلة روايات ملغزة بدت فيها أمه إليانور روزفلت مكتشفة ومحللة للجرائم والألغاز.

عاشت إليانور روزفلت بصفة السيدة الأميركية الأولى في البيت الأبيض مع زوجها فرانكلين الذي حكم أميركا 12 عاماً وهو على كرسي متحرك.

ألف إليوت 20 كتاباً في هذه السلسلة من بينها (قاتل في المكتب البيضاوي) (قاتل في غرفة نوم لينكولن) (قاتل في الجناح الغربي)، وبعد وفاة إليوت عثروا على روايات مستقبلية كان يخطط لكتابتها.

تشرشل صاحب نوبل: أعماله روجت بالصدفة لأمجاده

تمتع وينستون تشرشل ببلاغة كبيرة وقدرة هائلة على حبك الكلمات مما جعله مصدر إلهام للشعب البريطاني.

وبجانب الحملات العسكرية التي كان يشارك فيها، قام تشرشل بكتابة المقالات في الصحف البريطانية التي تتحدث عن هذه الحملات، وبعد عودته من السودان ألف كتاب “حرب النهر” يحكي فيه عن حملته العسكرية في السودان، وفي عام 1906 قام بتأليف كتاب (لورد راندولف تشرشل) يتحدث فيه عن حياة والده.

وكتب تشرشل قصة تاريخية بديلة حول ما كان سيحدث لو فاز الجيش الكونفدرالي الذي يضم الولايات الأميركية الجنوبية التي أعلنت انفصالها خلال الحرب الأهلية بالولايات المتحدة خلال منتصف القرن التاسع عشر – وهو عمل عنصري ضد الأفارقة الأميركيين الذين تحرروا من الرّق بفضل هذه الحرب.

وخلال عزلته السياسية التي قضاها بعد ابتعاده عن السياسة عام 1931 صدرت أهم أعماله الأدبية، وحازت كتاباته على شهرة واسعة، فقد ألف كتاب أعمال مارلبورو (حياته وعصره) ، وكتاب (الشعوب الناطقة باللغة الإنكليزية).

وقد حصل تشرشل على جائزة نوبل في الآداب عام 1953 بعد كتابته سِتَّ مُجلداتٍ عن تاريخ الحرب العالمية الثانية.

نابليون العظيم في الحرب والحب: رومانسية مؤثرة أضاعها رفاقه

مزج نابليون بونابرت التراجيديا بالرومانسية في رواية كتبها عام 1795 بعنوان “كليسون ويوجيني”، والغريب أنها لم تنشر إلا بعد أكثر من قرن من تأليفها وتحديداً في عام 1920.

ويعتقد المختصون أن رفاق بونابرت ومعارفه تقاسموا الصفحات كتذكار بعد وفاته. لذا فإن قسماً من صفحات الرواية ضاع، وتوزع عبر العالم بما في ذلك روسيا والولايات المتحدة، ما بين اقتناء خاص أو ملكية للمتاحف العامة. ولكن الصفحة الأولى ظهرت قبل سنتين وبيعت في مزاد علني بـ 17 ألف جنيه إسترليني.

تكشف القصة المأساوية أن نابليون كان أيضاً كاتباً روائياً بارعاً، بالإضافة إلى عبقريته العسكرية.

وتقدم فكرة رائعة عن نظرته للحب والمرأة والحياة العسكرية، وتعكس الكم الكبير من المشاعر الرومانسية التي كان يتمتع بها هذا القائد.

بطل قصته هو كليسون الذي وقع في حب يوجيني ويتزوج العاشقان ويكونان أسرة، ثم تدب الخلافات بينهما بسبب غيرة أوجيني على زوجها. وتصل الرواية إلى مداها عندما يقود كليسون جيش بلاده إلى النصر، بعد أن يتمزق جسده في الحرب.

قبلها، كان قد أرسل للحبيبة رسالة يقول فيها: “وداعاً. قبّلي الأولاد بالنيابة عني. عسى أنهم لا يملكون روح أبيهم المحتدمة! سيكونون عندها ضحية للرجال، للمجد، وللحب”.

جوهانس كيبلر أستاذ نيوتن: عبقري الرياضيات رائد الخيال العلمي

عالم رياضيات ألماني، اكتشف أن الكواكب تدور في مدار إهليجي (وليس دائرياً) ووضع أدق الجداول الفلكية كما اكتشف ظاهرة انكسار الضوء في الفضاء ووضع قوانين فلكية وتجاذبية كادت توصله إلى قوانين الجاذبية والحركة التي اكتشفها نيوتن لاحقاً.

وقد اعترف نيوتن  بتأثير كيبلر عليه حين قال: ما قمت به من اكتشافات تم لأنني صعدت فوق أكتاف العمالقة، وكيبلر واحد منهم.

ولكنه لم يكن عالماً عبقرياً فقط، فما بين عامي 1620 و1630، ألف جوهانس  رواية “صومنيوم” وهي  أول رواية خيال علمي في التاريخ ، ونشرت لأول مرة في عام 1634، تدور أحداثها حول طالب يتم نقله بقوى غامضة إلى القمر، ومن خلال القصة يقدم كيبلر وصفاً دقيقاً لطبيعة القمر وما تبدو عليه الأرض حين ننظر إليها من هناك.

القذافي الأخ القائد: مثير للجدل في السياسة والأدب

لم يلفت القذافي الأنظار بملابسه وتصريحاته فحسب، بل أيضاً بكتبه المثيرة للجدل والتي ترجمت إلى عدد كبير من اللغات.

في عام 1975 أصدر الكتاب الأخضر  والذي كان مقدساً بالنسبة له وفيه يعرض أفكاره حول أنظمة الحكم وتعليقاته حول التجارب الإنسانية كالاشتراكية والحرية والديمقراطية.

لم يكتف الزعيم الليبي بكتابه الأخضر، فأعقبه بمجموعة قصصية لعل عنوانها هو الأطول في تاريخ الأدب: “القرية القرية.. الأرض الأرض.. وانتحار رائد الفضاء”، وهو عنوان يبرز حبه للتكرار الذي تجلى في خطبه الأخيرة التي أضحت شهيرة، مثل “بيت بيت، زنقة زنقة”.

البعض أعجب بهذا الكتاب والبعض الآخر انتقد ضعف الإطار والمحتوى الأدبي والفلسفي لهذه المقالات أو القصص، الذي جعلها أقرب، لخواطر وهواجس مراهق في محاولاته الأولى للتعبير عن ثوران روحه وعنفوان شبابه وهيجان أفكاره.

بعد هذه المجموعة القصصية صدر للقذافي كتاب آخر لا يقل عنوانه طرافة (تحيا دولة الحقراء) وهو يصف حالة العجز العربي والإسلامي عن تحقيق النهضة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى