تقارير وتحليلات

سيناريوهات إسرائيلية تناقش رد نصر الله وسط حالة ترقب وتوتر

تؤكد تقديرات إسرائيلية أن الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، جاد في تهديداته، مرجحة أنه يبحث عن هدف عسكري وسط مخاوف من تدهور وتصعيد إقليمي.

وترجح أوساط أمنية أنه في حال كانت إسرائيل قد هاجمت فعلا، فإن الهجمة الأولى داخل الضاحية في بيروت منذ 13 عاما قد استهدفت موقعا إستراتيجيا يستحق المخاطرة المترتبة على تغيير قواعد اللعبة وتحاشي الحرب على الأراضي اللبنانية.

وأشارت الأوساط الأمنية لصحيفة “يديعوت أحرونوت”، الثلاثاء، إلى أن جيش الاحتلال قد نشر بطاريات “القبة الحديدية” في الشمال لكنه لم يعزز قواته تحاشيا لمنح حزب الله فرصة لاستهدافها بسهولة، كما أنه قلل عدد الدوريات الحدودية. ونقلت الصحيفة عن الجهات الأمنية قولها إن إسرائيل تحاول “دخول رأس” نصر الله، وتوقع ما يخطط له والاستعداد له، منوهة إلى أن نصر الله في الستين من عمره وهو لا يكذب و سيفي بوعده ويرد.

وتابعت الصحيفة: “الناطق بلسان حزب الله حاول إعطاء نصر الله سلما كي ينزل عن شجرة تهديداته بتحاشيه القول إن ضحايا الهجمة الإسرائيلية في سوريا ليسوا من قوات القدس الإيرانية”.

يشار إلى أن نصر الله قال إن هؤلاء عملوا تحت رعايته ووعد بالرد، ولذا ترجح الجهات الأمنية أن يستهدف نصر الله هدفا عسكريا كما فعل في 2015 يوم هوجمت دورية للجيش الإسرائيلي في السفوح الغربية لجبل الشيخ، وقتل في العملية جنديان إسرائيليان، ردا على قتل عناصر من حزب الله في الجولان السوري، مضيفة أن نصر الله يأخذ بالحسبان أن ردا عنيفا من طرفه من شأنه أن يقود لرد إسرائيلي متطرف وأكثر شدة على خلفية إدراكه أن إسرائيل مستعدة كفاية لتغيير المعادلة، كما تجلى بحقيقة مهاجمتها في بيروت كما قال هو بنفسه.

حرب أدمغة

وأضافت الجهات أن نصر الله ملتزم بالحكومة اللبنانية وهو غير معني بالمساس باقتصاد لبنان، خصوصا مرافق السياحة، وتابعت: “كما يدرك نصر الله أن نتنياهو الموجود عشية انتخابات عامة يستطيع الرد بقوة لا يتوقعها”.

وبشأن التفجير في بيروت، ترجح الجهات الأمنية المذكورة أن نصر الله الذي قال إن هناك سياسة واضحة بمنع نشاط جوي إسرائيلي في سماء لبنان، سيقوم بمحاولة إسقاط واحدة من طائرات إسرائيلية مسيرة تجمع بشكل دائم معلومات استخباراتية. ولا تستبعد هذه الجهات الإسرائيلية محاولة حزب الله إدخال طائرات مسيرة لسماء الجليل في عملية ثأرية، و”في حرب الأدمغة بين الطرفين، هناك حاجة لأعصاب من حديد وأعصاب باردة، وعلى إسرائيل الاستعداد لكل سيناريو بما في ذلك سيناريوهات غير متوقعة، وينبغي عدم نسيان تجربة 2006 عندما نجح حزب الله بمفاجئة القوات الإسرائيلية عدة مرات. صحيح أن إسرائيل طورت قدراتها الاستخباراتية لكن شيئا واحدا لم يتغير: نصر الله عدو ذكي”.

 

لكن المحلل العسكري ألكس فيشمان يعتبر أن نصر الله حشر في الزاوية وعليه أن يكون قلقا، لأن الهجمات الإسرائيلية ترمز لفقدانه قوة الردع، لافتا إلى أنه لم يتلق منذ زمن بعيد مثل هذه الصفعة، فالضربة ليست في سوريا إنما على الأرض اللبنانية.

وتابع: “بعد ساعات من تهديداته بأنه سيسقط طائرات إسرائيلية تدخل المجال الجوي اللبناني، تحدثت الأنباء عن هجمة جوية إسرائيلية في البقاع اللبناني.. بحال كانت الهجمة إسرائيلية فعلا فإن هذا حدث مؤسس في ميزان العرب المتشكل بين إسرائيل وبين حزب الله منذ حرب لبنان الثانية”.

مكتسبات نصر الله
أوضح فيشمان أن إسرائيل خرقت القرار الأممي 1701 بعودتها للتحليق بسماء لبنان، لكن حزب الله أيضا فعلها بمواصلة تعزيز قوته العسكرية، لكنهما تحاشيا الاحتكاك في السنوات الأخيرة عدا في سوريا.

وتابع: “الآن ينبغي أن يكون نصر الله قلقا؛ فسلسلة الأحداث الأخيرة من شأنها أن تعني تغييرا للوضع القائم من ناحيته وقوة ردعه، مقابل إسرائيل لم تعد تعمل. في ولاية قائد الجيش كوخافي، يبدو الجيش واثقا من قدراته بحسم التهديدات واتخاذ قرارات عالية المخاطرة. إسرائيل تدرك أن نصر الله بعد انتهاء الحرب في سوريا، سيتفرغ للحدود معها ولا بد من تذكيره بنقاط ضعفه”. وعلل رؤيته بالقول إن اقتصاد لبنان مأزوم وعلى حافة الإفلاس، علاوة على ذهابه بعد شهرين لتسوية النزاع على حقول النفط في البحر المتوسط برعاية أمريكية.

ويعتبر فيشمان أن حربا مع إسرائيل الآن تعني محو كل مكتسبات نصر الله السياسية، بعدما تحول فعليا إلى صاحب القرار في لبنان، الذي يشمل أوساطا تعارض نشاطاته، ولا تريد تدمير المرافق السياحية، مرجحا أن إسرائيل تعمل على استغلال نقاط ضعف حزب الله لبناء ميزان ردع جديد، محذرا من احتمال تورطها بمغامرة خطيرة، ومتسائلا عما إذا كانت محسوبة أو متهورة.

ويضيف: “لا بد أن نصر الله اليوم يفكر مع أسياده الإيرانيين: هل الضربة الإسرائيلية لمرة واحدة أم أن هناك تغييرا إستراتيجيا؟ هل الضربة في البقاع هي رسالة لحكومة لبنان كي تكبح جماح حزب الله وتحول دون تطبيقه تهديداته؟ أم أن هناك سياسة جديدة مقابل تسلح حزب الله ليس فقط في سوريا والعراق بل في لبنان أيضا؟” ويخلص فيشمان المقرب للأجهزة الأمنية للقول: “إن أحداث الأيام الأخيرة تدفع بالاحتكاك بين إسرائيل وإيران وحليفاتها لذروة جديدة، والآن الكرة في ملعبهم”.

انتشار على الحدود
ومع ذلك، وربما بسبب ذلك، قالت مصادر عسكرية في إسرائيل إن جيشها قام بتكثيف قواته في منطقة الحدود الشمالية منذ ثلاثة أيام، فيما تتواصل الحياة في المنطقة الحدودية كالمعتاد رغم أجواء توتر.

يشار الى أن رئيس حكومة الاحتلال قد كشف الإثنين أن الجيش الإسرائيلي أحبط عملية إيرانية وحال دون تنفيذ اعتداء على الأراضي الإسرائيلية، وذلك بفضل جهود استخباراتية مكثفة. كما قام بجولة أمنية في شمال إسرائيل، وعقد جلسة لتقويم الوضع مع رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي، وقائد المنطقة العسكرية الشمالية، وقادة كبار آخرين، مهددا بضرب لبنان كله لا حزب الله فقط.

وبخلاف الماضي، أضاف نتنياهو: “من الآن فصاعداً سنكشف النقاب عن كل محاولة تقوم بها إيران لمهاجمتنا، وعن كل محاولة إيرانية للاختباء وراء ذرائع متعددة. وأود أن أؤكد أننا لن نتحمّل هجمات على إسرائيل من أي دولة في المنطقة”.

واتهمت جهات إسرائيلية نتنياهو بخلط الأوراق ومحاولة استثمار العملية لأغراض انتخابية، لا سيما أن حالة التوتر تخدمه انتخابيا، كما تظهر استطلاعات رأي عدة. يشار إلى أن نتنياهو قام قبل يومين بخطوة استثنائية باستدعاء رئيس المعارضة بيني غانتس لاجتماع أمني طارئ.

‎لماذا كشفت إسرائيل عن هجماتها؟
ويرى المحلل العسكري البارز رون بن يشاي أن إسرائيل اختارت الكشف عن عملية الإحباط لردع الإيرانيين عن القيام بمثل هذه المحاولات في المستقبل، وليظهروا لهم أن نشاطهم مخترق استخباراتيا.

 

وقال إن ثمة سببا آخر هو أن يُظهروا للروس وللعالم استمرار الاستخدام الإيراني الأراضي السورية لتصفية حسابات مع إسرائيل، أيضا من مسافة 80 كيلومترا من حدود الجولان، المنطقة التي وعد الروس بمنع القيام بعمليات فيها ضد إسرائيل. بالإضافة الى إعلام المرشد الأعلى في إيران آية الله علي خامنئي بفشل سليماني، إذ درج قائد “فيلق القدس” على إخفاء إخفاقاته عن المرشد الأعلى الذي يعتقد أنه ينجح في كل الجبهات.

ويرى يشاي في مقال نشره موقع “واينت” أن المواجهة المستمرة بين إسرائيل وإيران تتوسع، والعمليات المركزة في العراق في الأيام الأخيرة أدت إلى محاولة هجوم غير مسبوقة على إسرائيل من الأراضي السورية، وأن عملية الإحباط الناجحة للجيش الإسرائيلي وقرار الكشف عنها هما رسالة موجهة إلى قائد “فيلق القدس” في الحرس الثوري قاسم سليماني باتجاه الفصول المقبلة المتوقعة في المواجهة الإقليمية. وتابع: “بعد هذا الصعود في درجة المواجهة والتمركز الإيراني في العراق، من الواضح أن الكلمة الأخيرة لم تُقل بعد. ومن الممكن الافتراض أن الإيرانيين سيدركون أنهم مخترقون استخباراتيا، لكنهم لن يتخلوا عن القيام بهجوم انتقامي، وسيبحثون عن صيغة أُخرى”.

ويتفق معه زميله المعلق العسكري يواب ليمور الذي يدعو هو الآخر للاستعداد لعملية ثأرية من حزب الله، ويقول إنه ليس واضحا ما الذي دفع الجيش الإسرائيلي إلى عملية بيروت، إذا كان صحيحا أنه فعل ذلك، وإذا كان ما جرى يبرر الرد المتوقع لحزب الله. وتابع في مقال نشرته “معاريف”: “صحيح أن نصر الله نشر في السنوات الأخيرة عددا غير قليل من الأكاذيب في خطاباته، لكن هذه المرة يجب أن نأخذه بجدية: الرد آت. وهذا يتطلب من الجيش حالة عالية من التأهب، لكن الأخطاء في نهاية الأمر قد تحدث، وإذا تمسك نصر الله بكلامه -قتيل مقابل قتيل- من المتوقع الآن بداية مرحلة من التوتر على طول الحدود في الجولان وفي الجليل إلى أن يحقق هدفه”.

وخلص ليمور للقول: “حسنا تفعل إسرائيل إذا أوضحت له أنها لن تقبل هجوما على سيادتها. وهذا يفرض، بالإضافة إلى العمليات العسكرية، أيضا خطوات إعلامية، في الأساس سياسية، لضمان الحصول على تأييد دولي واسع في حال حدوث تصعيد في الشمال”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى