آراء

غزة أولاً… وفي الضفة بعد 10 سنوات من التجربة!

ثمة فرضيتان أساسيتان ينبغي تبنيهما، الأولى هي أن من الأسهل حل مشكلة قطاع غزة من حل المشكلة في الضفة. والثانية هي أن المصلحة الإسرائيلية تستوجب السماح بإقامة كيان مستقل في القطاع في ظل الحفاظ على إمكانيات عمل كاسحة لإسرائيل في حالة تحول الدولة التي ستقوم إلى دولة إرهاب.

انطلاقاً من هذه القاعدة، ينبغي الوصول إلى اتفاق مع مصر لتوسيع قطاع غزة باتجاه الجنوب، في منطقة تسمح باستيعاب مئات آلاف الأشخاص. إسرائيل ومصر تعترفان بغزة ككيان مستقل، وتسمحان لهذه السلطة بأن تقيم لنفسها ميناء، وهكذا تقطع إسرائيل ومصر على حد سواء عن الحاجة للاهتمام بتوريد البضائع والخدمات لسكان القطاع.

مصر بالطبع ستتوقع مقابلاً لقاء الأرض التي ستخليها. يمكنها أن تتلقى تعويضاً من جهات مثل السعودية، ممن سيساهمون في الموضوع أساساً في شكل مساعدة في تنمية الزراعة والاقتصاد في مصر. إضافة إلى ذلك، فإنها ستتحرر من الحاجة إلى مساعدة سكان غزة فتقام منطقة فاصلة تمنع الاتصال المباشر بين القطاع وجهات معادية في سيناء. مكانة مصر في العالم العربي ستتعزز.

ما الذي سيحصل عليه الفلسطينيون؟ حتى لو كان الحديث يدور عن أرض جزئية، على الأقل في المرحلة الأولى، فإنهم سيحققون الحلم الفلسطيني في نيل سلطة سياسية واستقلال اقتصادي. سيحصلون على الإمكانية لإسكان مئات آلاف اللاجئين ممن سيحصلون على مساعدة سخية لإقامة بيوتهم. وسيوفر الميناء اقتصاداً وأماكن عمل. أما إسرائيل، فكبادرة جيرة طيبة، ستوزع بشكل كبير دخول العمال من غزة. هذه مصلحة الطرفين.

سيكون للفلسطينيين بالطبع التزامات أيضاً – أولاً وقبل كل شيء، سيلتزمون بتسليم الأسلحة التي في حوزتهم إلى جهة دولية، بتصفية الأنفاق، بالحفاظ على التجريد من السلاح وبالامتناع عن الأعمال ضد إسرائيل ومصر. وكشرط أساس للتوقيع على الاتفاق أو التفاهمات، لا بد من إجراء انتخابات حرة في غزة، برقابة دولية. إذا تبين أن قيادة القطاع غير قادرة على السيطرة على محافل الإرهاب في داخلها، فسيحفظ للدولتين الخيار بتنفيذ أعمال كاسحة أيضاً مثل هدم بنى تحتية حيوية في القطاع، بما في ذلك الميناء الذي سيبنى بعمل جم، أو وقف تشغيل سكان القطاع في إسرائيل.

عندما سيرتفع مستوى المعيشة، فإن كل عمل للقيادة المحلية ضد إسرائيل، والذي سيجر عقاباً من جانب إسرائيل، سيؤدي إلى اضطراب شديد لدرجة التمرد ضد تلك القيادة. بعد عدة سنوات يثبت فيها الفلسطينيون في القطاع قدرتهم على العيش معنا بسلام، سيكون ممكناً الوصول إلى تسوية في الضفة أيضاً وحل (أو فصل) مشكلة الصلة بين غزة والضفة.

حتى الآن، زعم ضد إسرائيل أنها فرضت حصاراً على القطاع، وبالتالي فإنها مسؤولة عن كل أمراض غزة. هذه الخطة ستحررنا “من عبئها”. إلى جانب ذلك، سترسم وتتقرر الحدود الدائمة للكتل الاستيطانية الكبرى الثلاث في الضفة، وتتعهد إسرائيل ألا تبني، في الفترة الانتقالية، مستوطنات جديدة خارجها، كل هذا لضمان أفق سياسي لسكان الضفة ولتقليص -حتى وإن كان قليلاً- معارضتهم للخطة في القطاع. الوضع الانتقالي سيسمح بتنفيذ تجربة من نوع جديد على الأرض، ولا يستوجب التوقيع على اتفاق نهائي منذ الآن، مع كل المصاعب والتنازلات التي ستضطر الأطراف لتقديمها في المستقبل. هذا حل مؤقت، مع فضائل لكل الأطراف.

الأمر الأسهل هو القعود وعدم عمل شيء. ولكن يستوجب مثل هذا الوضع تدخل جهات دولية لاقتراح حلول خاصة من جانبنا ليس لنا تحكم بها. والمخاطرة التي تأخذها إسرائيل على عاتقها في السيناريو المقترح هنا مجدية، بل قابلة للتراجع أيضاً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى