تقارير وتحليلات

كيف يمكن أن تتعامل أوروبا مع أزمة اللاجئين الجديدة على حدودها؟

تواجه أوروبا الآن موجة جديدة من اللاجئين تعيد إلى الأذهان أزمة مشابهة قبل خمس سنوات، فهل هناك سيناريوهات محددة سلفاً للتعامل مع ما يمكن أن يصل للملايين من الهاربين من جحيم الحرب في إدلب؟ القصة تشمل الشق القانوني واللوجيستي، إضافة بالطبع للبعد الإنساني الذي لا يمكن إغفاله.

وكالة أسوشيتدبرس الأمريكية نشرت تقريراً بعنوان: “مادة شارحة: أزمة الهجرة الجديدة على حدود أوروبا”، أجاب عن الأسئلة الرئيسية بشأن تلك المأساة.

فتحت تركيا، التي تواجه موجة تتألف من حوالي مليون شخص تقريباً يفرون من القتال في شمالي سوريا، حدودها مع اليونان أمام آلاف اللاجئين والمهاجرين الآخرين الذين يحاولون دخول أوروبا، وهددت بإرسال “ملايين” آخرين.

ردت اليونان على ذلك بإغلاق حدودها البرية، وسارعت بتعزيزات للجيش والشرطة، وحاولت منع قوارب المهاجرين الساعية لعبور قصير ولكن محفوف بالمخاطر من الساحل التركي إلى جزرها الشرقية.

دعت منظمات حقوق الإنسان إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لوقف تردّي الوضع، محذرة من أزمة إنسانية تتكشف، وفيما يلي نظرة على الوضع على الحدود، وما إذا كانت هذه بداية لأزمة هجرة أخرى تتعرض لها أوروبا.

من هم المهاجرون الذين تجمعوا عند الحدود اليونانية؟

تستضيف تركيا 4 ملايين لاجئ، حوالي 3.6 مليون منهم من سوريا. في ما مضى، كانت تحركاتهم داخل تركيا منظمة بصرامة، وبموجب اتفاقية أُبرمت مع الاتحاد الأوروبي عام 2016 شددت تركيا من إجراءات السيطرة على الحدود. ومنذ أن أعلنت أنقرة الأسبوع الماضي أنها لن تقف عائقاً أمام أولئك الذين يسعون لدخول أوروبا، فقد هرع الآلاف من الأفغان والإيرانيين والسوريين والباكستانيين وغيرهم من إفريقيا وآسيا لتجربة حظهم.

على الرغم من أن هذا الضغط نابع ظاهرياً من الصراع في جنوب تركيا، يقول المسؤولون اليونانيون إن نسبةً قليلة للغاية من الوافدين حديثاً هم سوريون. إذ كان معظم المعتقلين يوم الإثنين 2 مارس/آذار هم من الأفغان والباكستانيين والمغاربة، وتشير الأرقام التي جُمعَّت في شهر يناير/كانون الثاني الماضي، قبل القتال المكثف في سوريا، إلى أن 35٪ من الذين دخلوا اليونان عبر تركيا كانوا أفغانيين، في حين يمثل السوريون 14% فقط.

كيف عبر الكثيرون إلى اليونان؟

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان/رويترز

بحلول وقت متأخر من يوم الإثنين، كانت السلطات اليونانية قد ألقت القبض على 183 شخصاً واتهمتهم بالدخول غير القانوني بعد عبورهم الحدود البرية مع تركيا، وأُحبطت حوالي 24 ألف محاولة لعبور الحدود منذ يوم السبت 29 فبراير. في حين وصل ما يقرب من ألف مهاجر إلى الجزر اليونانية في غضون 24 ساعة حتى صباح الإثنين. ووفقاً للمنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، تجمع حوالي 13 ألف شخص على الحدود التي يبلغ طولها 212 كيلومتراً بحلول مساء السبت. في الوقت ذاته، تقول تركيا إن أكثر من 100 ألف لاجئ  قد غادروا أراضيها، لكن ليس هناك من دليل يدعم هذا الادعاء. وتركيا واليونان، عضوا حلف الناتو، هما خصمان إقليميان تاريخياً أوشكا على خوض حروب ضد بعضهما البعض ثلاث مرات في نصف القرن الماضي، وحتى من قبل هذه الأزمة، فإن العلاقات بين البلدين متوترة بسبب النزاع على حقوق استكشاف البحر.

لماذا فتحت تركيا الحدود؟

لطالما أبدت تركيا شكواها من قلة الدعم الذي تتلقاه من أجل تحمل عبء رعاية أكبر عدد من اللاجئين في العالم. على الرغم من وعد الاتحاد الأوروبي بإمداد تركيا بـ 6 مليارات يورو لدفع تكاليف الخدمات للسوريين، فإن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يريد إعادة التفاوض على الصفقة مع الاتحاد الأوروبي، إذ يقول إن تركيا أنفقت 40 مليار دولار حتى الآن على استضافة اللاجئين.

على جانب آخر، تسعى أنقرة أيضاً للحصول على دعم لسياستها في سوريا، حيث تُعارض الرئيس السوري بشار الأسد والمقاتلين الأكراد الذين هم على صلة بحزب العمال الكردستاني، الذي خاض تمرداً دام 35 عاماً في تركيا. يريد أردوغان استخدام بعض الأراضي التي استولى عليها الأكراد في أكتوبر/تشرين الأول لإعادة توطين اللاجئين الموجودين في تركيا، لكن تلك الخطة حظيت بدعم دولي ضئيل.

هل يمكن لهذا أن يكون تكراراًَ لأزمة الهجرة التي حدثت عام 2015؟

كما استخدمت السلطات اليونانية، القنابل الصوتية والمسيلة للدموع، ورشّ المياه على اللاجئين

في عام 2015، وصل مليون لاجئ إلى أوروبا، وعبروا بشكل أساسي من تركيا إلى اليونان، وعبروا بنسبة أقل من بلدان مثل من ليبيا إلى إيطاليا. على الرغم من أن أردوغان قال يوم الإثنين إن “الملايين” قد تكون قريباً في انتظار عبور الحدود اليونان، فقد سارعت الدول الحدودية بالاتحاد الأوروبي مثل اليونان وبلغاريا إلى حشد عناصر الشرطة وحرس الحدود والجيش للتعامل مع السيناريو ويبدو أنها أفضل استعداداً لكبح العبور البري على نطاق واسع مما كانت عليه عام 2015.

ومع ذلك، فإن كبح محاولات العبور عبر البحر أصعب، نظراً لأن خفر السواحل التركي لا يفعل شيئاً لإيقاف قوارب المهاجرين المتجهة إلى الجزر اليونانية، ما أن تصبح السفن الواهية المكتظة داخل المياه اليونانية، لا يمكن إرجاعها. ففي كثير من الأحيان، يلزم إنقاذ من على متن تلك القوارب من الغرق، وفي أواخر العام الماضي، بلغت نسبة الوافدين إلى اليونان أعلى مستوياتها منذ عام 2016، حتى من قبل تخلي تركيا عن إجراءاتها على الحدود، من ثم، نمت مخاوف لدى الاتحاد الأوروبي من تكرار الأزمة التي أشعلت انقسامات بين الدول الأعضاء.

ماذا يعني هذا بالنسبة لليونان؟

لطالما عانت اليونان من أجل التأقلم مع عشرات الآلاف من المهاجرين الذين دخلوا إليها من تركيا، حتى من قبل الأزمة الحالية. يرغب معظمهم في مواصلة الزحف نحو دول الاتحاد الأوروبي الأكثر رخاءً مثل ألمانيا، لكنهم عالقون في اليونان بعد إغلاق الدول الأخرى حدودها على طول طريقهم.

وتعج مخيمات المهاجرين في الجزيرة بما يفوق سعتها بمراحل، إذ تؤوي ليسبوس وحدها أكثر من 20 ألف إنسان، كما أن الظروف المعيشية هناك مريعة. بموجب الاتفاق بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، يجب أن يمكث الوافدون الجدد في الجزر لحين تولّي أمر طلبات اللجوء الخاصة بهم، لكن عملية البت المطولة في طلبات اللجوء أدت إلى تكدس كبير. وبعد خمس سنوات من تحمل وطأة تدفق المهاجرين في أوروبا، ينفد الآن صبر سكان الجزيرة، من ثم، فإن جهود الحكومة اليونانية في الأسبوع الماضي لبناء مخيمات احتجاز جديدة في جزيرتي ليسبوس وشيوس أثارت أعمال شغب فيهما.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى