عالمنا الآن

ما الذي حصل عليه محمد صلاح في جروزني؟.. في حين لا توجد مواطنة شيشانية

دعاه الرئيس الشيشاني رمضان قديروف للقصر الرئاسي في العاصمة الشيشانية غروزني مع المنتخب المصري، ومنحه “المواطنة الفخرية الشيشانية”. هكذا تناقلت وسائل الإعلام خبر تكريم محمد صلاح، لاعب المنتخب المصري ونجم نادي ليفربول الإنكليزي.

وأضافت تقارير إعلامية، أن وسام “المواطنة الفخرية الشيشانية” يسمح لحامله التمتع بكافة مزايا المواطنين الشيشانيين، لكن هل هذا صحيح؟

أولاً: لا وجود لدولة مستقلة اسمها “جمهورية الشيشان”

لا يوجد دولة مستقلة اسمها “جمهورية الشيشان” ولا توجد لها سفارات ولا جوازات سفر ولا جنسية ومواطنة خاصة.

إنه “الاتحاد الروسي” أكبر دولة في العالم، وتضم 83 كياناً فيدرالياً (اتحادياً)، بينها 21 جمهورية روسية تتمتع معظمها بنوع من الحكم الذاتي. و46 أوبلاست(أقاليم)، و9 كرايات (مقاطعات)، و4 أوكروجات (منطقة ذات استقلال ذاتي)،ومدينتين فيدراليتين.

و”جمهورية الشيشان” هي إدارة فيدرالية تابعة لروسيا، ولا تملك سفارات ولا تمثيلاً دبلوماسياً ولا مواطنة مستقلة، ويحمل سكانها جوازات سفر روسية عادية كبقية المواطنين الروس الذين يسكنون إحدى ولايات (جمهوريات) روسيا الاتحادية.

روسيا الاتحادية

وليس لها وثائق خاصة ولا مواطنة

ويحمل سكان غروزني عاصمة جمهورية (ولاية) الشيشان، وسكان موسكو عاصمة الاتحاد الروسي نفس جوازات السفر الروسية، ونفس الأوراق الرسمية، ويمكن لمواطني الاتحاد الروسي الانتقال بين ولايات وجمهوريات وأقاليم الاتحاد الروسي بحرية تامة.

إنه وسام روسي لا أكثر

إذن، فإن ما حصل عليه اللاعب المصري هو وسام شرفي، سبق وأن حصل عليه شيخ الأزهر أحمد الطيب وشخصيات أخرى، ولا يعني ذلك تمتعهم بحقوق المواطنة الروسية، ولا يمكنهم الحصول على جوازات سفر ولا التصويت في الانتخابات على سبيل المثال.

وتبعد جمهورية الشيشان نحو 1,000 ميل جنوباً من العاصمة الاتحادية موسكو، ويعيش فيها أكثر من مليون مواطن.

وبالنسبة لروسيا التي بدأت بالفعل في العودة بقوة على الساحة العالمية، فإن النفوذ المتزايد في الشرق الأوسط، الذي يضم شبكة من التحالفات تعود إلى الحقبة السوفياتية، أمر حاسم بالنسبة إلى الكرملين لمواجهة الهيمنة الغربية وحماية المصالح الروسية.

إذن ما الذي حصل عليه محمد صلاح على وجه التحديد؟

توجَّهنا بالسؤال لأكاديمي روسي -فضل عدم ذكر اسمه- عما يعنيه حصول اللاعب المصري على “المواطنة الفخرية الشيشانية”، فقال لنا “إنها تشبه المواطنة الفخرية التي تمنحها الجامعات للشخصيات العامة المؤثرة”، وأنه لا يعتقد أن صلاح قد حصل على شيء يعطيه حقوقاً قانونية في الاتحاد الروسي، بخلاف التكريم الشرفي وحفل العشاء.

وأضاف لـ “عربي بوست” : إنها “إقامة شرفية”، لكنها لا تبدو إقامة حقيقية، سواء في الشيشان أو أي مكان آخر في جمهوريات وولايات الاتحاد الروسي، ولا يعتقد أن صلاح بإمكانه أن يعيش في غروزني أو موسكو بهذه “المواطنة الفخرية”، وإضافة لذلك “لا يوجد شيء يسمى جنسية شيشانية، أو جواز سفر شيشانياً، إنه مجرد عنوان شرفي لا يمنحه أية حقوق”، وفق الأكاديمي الروسي.

الجمهورية المستقلة اختفت من الوجود

وكانت جمهورية إتشكيريا الشيشانية قد انفصلت عن روسيا الاتحادية في أواخر سنة 1991، على يد الجنرال جوهر دوداييف، وذلك بعد تفكك الاتحاد السوفيتي، وأصبح دوداييف أول رئيس لها، وخاض ضد روسيا الحروب لرفضها الانفصال لكنها انهارت بعد الحرب الشيشانية الثانية، وأصبحت جزءاً من الاتحاد الروسي منذ 2003.

وقامت روسيا بتعيين أحمد قاديروف كرئيس لدولة الشيشان بعد حروب دموية مع المقاومة الشيشانية، أسفرت عن تدمير غروزني وعدد كبير من القتلى والجرحى المدنيين، ولم يعد هناك “جمهورية شيشانية” مستقلة، بل إدارة فيدرالية روسية ليست لها سيادة خاصة.

والاتحاد المصري أيضاً غير دقيق

وقال الاتحاد المصري في بيانٍ عبر صحفته الرسمية على موقع “فيسبوك”، الجمعة 22 يونيو/حزيران 2018: “لبَّت بعثة المنتخب الوطني دعوة رئيس جمهورية الشيشان على تناول العشاء في القصر الرئاسي”.

وأضاف أن هذه الدعوة جاءت “في ختام إقامتها بمدينة غروزني عاصمة الشيشان، كمقر إقامة وتدريب لها خلال مشاركتها في بطولة كأس العالم لكرة القدم 2018″.

 

وهذا ثاني استقبال رئاسي شيشاني لصلاح.

ففي 10 يونيو/حزيران 2018، حضر قديروف أول تدريب للمنتخب المصري في بلاده، استعداداً للمونديال، معرباً في تصريحات صحفية آنذاك عن “فخره بصلاح”.

وتسبَّب الموقف بغضب ليفربول

وكشفت بعض المصادر أن أحد مسؤولي ليفربول هاتف محمد صلاح صباح السبت، 23 يونيو، وأكد له أن قبول التكريم كان “خطأً كبيراً جداً”، لأن قديروف ينظر له على نطاق أوروبي وعالمي واسع، كمتعد على حقوق الإنسان ومجرم حرب.

وأوضحت المصادر أن محمد صلاح شعر بصدمة شديدة حينما تلقَّى المكالمة، وأكد لمسؤول ليفربول أنه “لا يفقه أي شيء في السياسة”، ولم يكن يعلم أياً من هذه المعلومات.

وغضب محمد صلاح أيضاً

وأشار صلاح لمسؤول النادي الإنكليزي أن الاتحاد المصري لكرة القدم هو الذي أصرَّ أن يحضر اللاعب ورفاقه هذا الحفل ويتلقَّى هذا التكريم، الذي اعتبره النجم المصري مثل أي تكريم، ولم يكن يعلم أنه سيقع ضحية أي دعاية سياسية.

وأبدى مسؤول ليفربول لصلاح تخوفه الشديد من أن تفتح الصحف الإنكليزية النار على اللاعب بعد هذا التكريم، ما سيكون سبباً في زعزعة شعبيته الكبيرة للغاية في المملكة المتحدة.

وكشفت المصادر، أن صلاح ووكيل أعماله يشعران بالغضب الشديد بعد هذا الموقف، ويريان أن اتحاد الكرة المصري أوقع اللاعب في فخ خدعة سياسية، قد تكون عواقبها وخيمة على مسيرته المهنية.

والزعيم الشيشاني يستخدم كأس العالم لتوسيع نطاق وصوله إلى الشرق الأوسط

من علاقته المميزة بالإمارات إلى تدخله العسكري بسوريا، يهدف قاديروف إلى الانخراط في العالم الإسلامي أكثر، حيث يعمل كمبعوث شبه رسمي للكرملين. وقبل بضع سنوات فقط، اعتبرت موسكو وجوده قوة ضرورية في قمع أي تمرد إسلامي في الشيشان التي شهدت حربين كبيرتين من أجل الاستقلال عن موسكو، في العقود الأخيرة، حسب تقرير لصحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية.

ويظهر قاديروف حالياً كواجهة لأقلية روسيا الكبيرة، التي يبلغ تعدادها 20 مليون مسلم، ومنحه بوتين صلاحيات كاملة لبناء نظام حكم ديكتاتوري وشخصي للغاية، ويوصف بالإقطاعي، وتميزت فترة ولايته التي امتدت لعقد من الزمن بالتعذيب والعقوبات الجماعية، وانتهاكات واسعة لحقوق الإنسان.

ويقول ألكسي مالاشينكو، كبير الباحثين في معهد أبحاث حوار الحضارات ومقره موسكو، إن دوره المتسع يخدم الكرملين بشكل جيد.

وأضاف مالاشينكو: “هذه حملة علاقات عامة ذكية للغاية”. “مصر تمثل لرمضان نافذة للخروج بشكل يبدو كمستقل إلى الفضاء الإسلامي العالمي”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى