تقارير وتحليلات

متى يدرك يساريو إسرائيل أن عليهم تتويج نتنياهو لأنه “الأنفع” للفلسطينيين؟

لا صلة بين رفع الجماهير لأعلام فلسطين –أعلام م.ت.ف، إذا كنتم ولدتم قبل التسعينيات– وبين مسألة السيادة. عندما رفع بواقي اليسار الإسرائيلي هذه الأعلام، فهم لا يبثون اهتماماً بالسكان الفلسطينيين في يهودا والسامرة ولا يعانقون عرب إسرائيل، بل يعلنون عن أنفسهم أخيراً، وينتقلون إلى الطرف الآخر. وهذا لا يعني أنهم لم يعودوا يحبون البلاد، بل لا يزالون تماماً، ولكن وببساطة، من الجهة الأخرى. والمشروع هو تحت سيادة أجنبية.

من تابع مجريات الميدان والمعاذير التي طرحوها، اصطدم بتضارب عسر على التسوية. جماعة ميرتس يحذرون من أن يؤدي الضم إلى أغلبية عربية في دولة إسرائيل، وفي الوقت نفسه يحتقرون من يخيفهم استخدام علم كي وعي الكثيرين منا كرمز لمنظمة قتلة: فالأنسنة لا تعمل إلا تجاه الفلسطينيين تحت الاحتلال. أما المستوطنون الذين نزفوا حتى الموت باسم العلم فلا يؤبه بهم، وفقا لصحيفة “إسرائيل اليوم” العبرية.

“اليمين بدأ حرباً عالمية؛ إذ إنهم هناك يخافون مما رأوه أمس في تل أبيب ومن شراكة إسرائيلية – عربية”، هكذا غرد الداد ينيف، الذي نسي على ما يبدو من الذي يقدس اليوم الفصل بين إسرائيل وفلسطين؛ “من لا يريد أن يرى أعلام فلسطين، لا يريد أن يرى ملايين الفلسطينيين الذين سيكونون بعد قليل جزءاً من دولة إسرائيل”، هكذا حذر نيتسان هوروفيتس، الذي لا يريد على ما يبدو إلا أن يرى أعلام فلسطين، ولكنه لا يريد أن يرى ما ينشأ عن ذلك؛ “لسنا شرطة أعلام”، هكذا صغرت تمار زندبرغ رأسها، وتنكرت لمن أهين بسبب الاستخفاف بالرموز. ومن تلك اللحظة، لم تتذكر التحفظ الذي رفعه ميرتس على قانون القومية الذي ركز على موضوع واحد: الحاجة إلى تغيير النشيد القومي.

وبالفعل، وصلنا إلى لحظة الحقيقة، لحظة تستوجب فهم ما يسمعه المرء وذرة العقل. صحيح، كانت خمس وحدات رياضيات هي مشروع بينيت، ولكن يجدر باليساريين أن يركزوا: فالعلم السياسي القديم كان يؤيد التعايش. متى تغير هذا؟ عندما فهم اليسار أيضاً بأن مجسدي هذا المبدأ في العالم الحقيقي هم المستوطنون. وعندها تبنت هوامش اليسار الفكر العنصري وهم يؤيدون الآن الفصل بيننا وبين الفلسطينيين.

يخيل أنه حتى لو كان هناك توافق عام على أن بسط السيادة جيد للفلسطينيين، فسيواصل بقايا اليسار تبني حل آخر. اليمين يفعل التعايش على نحو أفضل من اليسار، ولكن حتى المثاليين في العزل يحتاجون إلى سبب يدفعهم للنهوض صباحاً.

لم يكن لتلك المظاهرة التي حدثت في الميدان دافع أيديولوجي ولا خلفية رومانسية أيضاً، لقد كانت جولة لمن تبقى من اليسار. جملة من الناس المتنوعين مع قاسم مشترك أدنى: فراغ يؤدي إلى تبني رواية فلسطينية.

لقد اختار عرب إسرائيل ويساريو تل أبيب علم م.ت.ف. يخيل أن هذين الطرفين لم يتشاورا مسبقاً مع سكان المناطق التي قد تصبح جزءاً من دولة إسرائيل. قفزة صغيرة إلى منطقة بيت لحم أو جولة في القرى في ضواحي الخليل ستبين لهم بلاداً غير معروفة: الشراكة العربية الإسرائيلية تنسج هذه الأيام بعيداً عن العيون المحدقة لمن هم مستعدون لأن يجتازوا الخط الأخضر كي ينبطحوا على قبر الإستراتيجي عرفات. جموع بيت فلسطين يفضلون الديمقراطية الإسرائيلية على طغيان السلطة الفلسطينية.

عندما يتوج أواخر زعماء حزب العمل بنيامين نتنياهو، فإن فتات الأيديولوجيا يجدون صعوبة في خلق بديل جوهري، ويختارون الانسحاب من الحركة الصهيونية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى